ذروة الحب الإلهي
  • الصلة مع الله
  • تجلي الصفات الإلهية على المتقي
  • نتيجة تجلي الصفات الإلهية على المتقي

__

إن الذين ينشئون صلة كاملة مع الله تعالى يشبهون كثيرا مَن يرى ضوء النار من بعيد أولا ثم يقترب منها حتى يدخلها فيحترق جسده كله ولا يبقى إلا النار. كذلك يظلّ صاحب الصلة الكاملة يتقرب إلى الله تعالى يوما إثر يوم حتى يدخل وجوده كله في نار حب الله ويحترق كيانه النفسي بشعلة النور ويصير رمادا وتحل محلَه النارُ؛ فتلك هي ذروة حبّ الله تعالى. إن أكبر علامة لعلاقة أحد مع الله تعالى هي أن تتولَّد فيه الصفات الإلهية، ويتولّد فيه كيان جديد بعد احتراق الرذائل البشرية بشعلة النور وتنمو فيه حياة جديدة مغايرة تماما للحياة السابقة.

عندما يوضع الحديد في النار، وتأخذ النار منه كل مأخذ يصبح على هيئة النار تماما، ومع هذا لا يسع القول إنه نار، وإن كان يُظهر صفاتها.. كذلك تماما مَن غشيته شعلة الحب الإلهي من قمة رأسه إلى أخمص قدميه فإنه يصبح مظهرا للتجليات الإلهية، ولكن لا يمكن القول إنه إلهٌ، بل ما زال عبدا غشيته تلك النار. وبعد سيطرة النار عليه تنشأ فيه ألوف من أمارات الحب الكامل. ولا تكون أمارة واحدة حتى يُخشى اشتباهها على فطين باحث عن الحق، بل تُعرف تلك الصلة من خلال مئات العلامات.

ومن تلك العلامات أن الله تعالى يُجري على لسانه بين حين وآخر كلامه الفصيح والحلو المحتوي على عظمة وبركات إلهية وقوة كاملة على الغيب ويكون مصحوبا بنور يبرهن على أنه أمر يقيني وليس ظنيا، ويرافقه لمعان رباني ويكون منـزَّها من الشوائب. وفي معظم الأوقات وغالب الأحيان يكون هذا الكلام محتويا على نبوءات عظيمة ذات نطاق واسع وعالمي، وتكون عديمة النظير كيفًا وكمًّا ولا يقدر أحد على الإتيان بنظيرها، وتكون مليئة بهيبة إلهية، ومن خلالها يتراءى وجه الله تعالى بسبب قوتها التامة. لا تكون نبوءاته مثل نبوءات المنجِّمين، بل تلاحَظ فيها أمارات الحب والقبول الإلهي وتكون زاخرة بالتأييد والنصرة الربانية. وتكون بعض نبوءاته عن نفسه وبعضها عن أولاده وأصدقائه، وبعضها عن أعدائه، وغيرُها عن الدنيا بشكل عام، ومنها ما تكون لأزواجه وذويه. تُكشَف عليه أمور لا تُكشف على غيره وتُفتح في نبوءاته أبواب الغيب التي لا تُفتح لغيره. وينـزل عليه كلام الله كما ينـزل على أنبيائه ورسله الأطهار ويكون كلاما يقينيا ومنـزّها عن الظنون. يُعطَى لسانُه شرفا إذ يُجرى عليه كلام عديم النظير كيفًا وكمًّا لا يسع الدنيا مبارزته. وتوهَب عينُه قوة على الكشوف فيرى أمورا أدقَّ وأخفى. وفي كثير من الأحيان تُعرَض عليه كلمات مكتوبة، ويقابل الأمواتَ مقابلةَ الأحياء. وكثيرا ما تمثل أمام عينيه أشياء تبعد في الواقع مئات الأميال وكأنها تحت الأقدام.   (حقيقة الوحي)

Share via
تابعونا على الفايس بوك