مجلس العرفان.. مع أمير المؤمنين

 

مجلس العرفان..

مع أمير المؤمنين حضرة مرزا طاهر أحمد -أيده الله تعالى-

الخليفة الرابع لسيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود

مع ضيوف متحدثين باللغة الفرنسية بتاريخ 3/9/1995 في ميونيخ – ألمانيا.

ترجمة: محمد منير إدلبي

سؤال: كيف وُلِدَ الإسلام؟.

جواب: وُلِد الإسلام سنة (610 م) عندما كان محمد في غار حراء -قرب مكة- يتفكر منفردا، حيث اعتاد الذهاب إلى هناك والجلوس لساعات يذكر الله تعالى. فجاءه جبريل ذات يوم، وظهر له، وضمَّه إليه، وقال له اِقرأ. ولما كان محمد أميًّا لا يعرف القراءة قال لجبريل : ما أنا بقارئ. فضمه الملاك بشدّة أكثر، وقال له: اِقرأ. فقال: ما أنا بقارئ. فضمَّه الملاك بشدّة أكثر، وقال له: اِقرأ. فقال ما أنا بقارئ. فأعاد وأعاد، ثم قال له جبريل :

اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ .

عندئذ أدرك سيدنا محمد ما كان يقصده جبريل ، وبدأ يتلو: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ… . فكان ذلك أول وحي يتلقّاه سيدنا محمد . ومنذ ذلك الوقت تابع يقرأ كلّ ما يوحى إليه من ربّه، ولذا سُمّي هذا الكتاب بـ (القرآن) أي أنه سيُقرأ كثيرًا، والدلالة على ذلك أنه ليس هناك كتاب في العالم يُقرأ بالكثرة التي يُقرأ بها هذا الكتاب العظيم (القرآن الكريم). تلك كانت بداية الإسلام، إن كان هذا ما أردتَ معرفته.

سؤال: من هو المسيح في الحقيقة؟.

جواب: إنّ (المسيح) مصطلح وُجِدَ في اليهودية بعد موسى بحوالي 1300 سنة، وتلك كانت المرّة الأولى التي يَذكر فيها كتاب سماوي مجيئا لـ (مسيح)، ولم يكن يُعرَف قبل ذلك التاريخ في أي مكان في العالم، غير أن النبوءة المتعلّقة بالمسيح كانت قبل ذلك بكثير. والمسيح أو (مساياه) أو (كرايست) أو (كريستوس)، وجميعها تعني الاسم نفسه، فـ (كرايست) تعبير لاتيني و (كريستوس) يوناني، أما (المسيح) فهو تعبير عبري أو عربي.

أما ماذا كان المسيح فهذا يتطلَّب حديثًا طويلاً لا يسعني هنا تناوله بتفاصيله. غير أنني أستطيع أن أبيّن أن دور المسيح كان قد اتّضح من مجيء المسيح الناصري . وإن الدور الذي أدّاه المسيح الناصري ، هو الدور نفسه الذي سيؤديه أيُّ مسيح. لقد قَسَت قلوب اليهود، قبل مجيء المسيح الناصري، وجعلوا رسالة التوراة أكثر صعوبة وتعقيدا بتحريفهم إيّاه، مركّزين بشدّة على مبدأ الانتقام، بحيث لم يتركوا مجالاً للعدل أو الرأفة أو المغفرة، لذا فقد انحصرت مهمة المسيح الناصري الجوهرية في تغيير تلك وليس في تغيير الرسالة الموسوية. وهذا أمر يجب فهمه بوضوح. فالهدف من مجيء المسيح لم يكن إضافة شيء إلى التوراه، وهذا ما قاله هو نفسه: أنا ما جئت لأغيّر نقطة من الكتاب، بل جئت لأكمله. فالمسيح نبيُّ من عند الله تعالى جاء ليُغير مفاهيم أهل دينٍ تحجَّرت قلوبهم فخَلَت من الرحمة والمغفرة والمحبة، وليُعلِّمهم من جديد كيف يرحمون ويغفرون ويحبّون. فكانت تلك مهمة المسيح الناصري ، التي ما زال في تأديتها طوال عمره.

وقبل أن يمضي المسيح تنبّأ بعودته ثانيةً في الأيام الأخيرة. فاعتقد المسيحيون بأنه سيكون منهم وفيهم، وساد هذا الاعتقاد الخاطئ طوال ستمئة سنة من بعده. غير أن الحقيقة هي غير ذلك، لأنّ محمداً وضَّح معنى المجيء الثاني للمسيح بقوله إنه لن يكون المسيح الناصري نفسه، بل سيولد مسيح في أمة محمد يكون تابعًا له، وسيمثِّل المجيء الثاني للمسيح الناصري، وسيؤدي دورًا مشابهًا لدوره. وبهذا ثبت خطأ توقعّات المسيحيين. إذ أنّ المسيح السابق قد مضى إلى ربّه، وما كان ليعود بشخصه ثانية مطلقًا. أما المسيح الذي وُعِدَ بمجيئه فكان واحدًا من أمة محمد  ، وكان دوره الذي عليه أن يؤديه في هذه الأمة هو الدور نفسه الذي أداه المسيح الناصري في أمة موسى عليهما السلام. أمّا مهمته فهي -كما أوضحت سابقًا- إعادة قلوب أهل الدين المتحجرة إلى إنسانيتها العامرة بالمغفرة والرحمة والمحبة.

تلك كانت مهمة المسيح التابع لمحمد حين تؤول حالة أمته إلى ما يشبه حالة اليهود قبيل مجيء المسيح الناصري، وتلك كانت نبوءة محمد عن المسيح الموعود التي لم تتحدث عن مجيء المسيح فحسب، بل عن أحوال أمته أيضا حيث ستشبه أحوال اليهود حذو النعل بالنعل.

هذا مجمل ما يعنيه مفهوم المسيح حقيقةً، وهو ما يجب على المسلمين أن يفهموه، فيدركوا ما كان مقدرًا أن يحدث.

أعود فأُذكّركم بأن المسيح الناصري جاء في أمة موسى لتغيير القلوب وتصحيح الأخطاء التي ارتكبها اليهود، وليس ليأتي برسالة جديدة. ولقد وَعَدَ سيدنا محمد بمجيء المسيح ثانية، ولكن لماذا؟. لأن محمدًا نفسه قد تنبأ بأنّ وقتًا سيجيء تصبح فيه أحوال أمته كأحوال أمة موسى . لذا فإنّ حكمة الله شاءت معالجة أحوال المسلمين بالطريقة -ذاتها- التي عالج بها أحوال اليهود. فلقد تنبأ محمد بما ستؤول إليه أحوال أمّته، لكنه طمأننا فَبشَّرَنا بمجيء مسيح خاصّ به ليبعث هذه الأمة من موتها ثانية، فينفخ فيها روحًا جديدةً وحياةً جديدة، تنبض بها قلوب المسلمين بالإنسانية الرفيقة الرحيمة من جديد. هذا هو باختصار ما يخصّ مسألة  المسيح.

سؤال: هل كان المسيح الموعود -مؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية- إمامًا دينيًا؟ وهل كان يصلّي كما يصلّي المسلمون؟.

جواب: إنك تعني حضرة ميرزا غلام أحمد الذي ادَّعى أنه المسيح المحمدي في أمة سيدنا محمد ، وتسأل عن مقامه، وهل مجرد إمام أم أنه كان نبيًّا من عند الله؟

إنَّ سيدنا محمد قد أجاب عن هذا السؤال فيما سبق، فما الذي يمكن أن أضيف إلى جواب رسولنا الكريم ؟ ففي (صحيح مسلم، كتاب الفتن) الذي يُعَدّ من أوثق مصادر الحديث المعتمدة لدى المسلمين يتحدّث سيدنا محمد عن المسيح الموعود الذي سيأتي في أمّته في آخر الزمان، فيصفه أربع مرّات بقوله: نبيّ الله، نبيّ الله، نبيّ الله، نبيّ الله. وسيندهش بعض المسلمين الذين سمعوا حديث الرسول المشهور الذي يقول فيه (لا نبي بعدي)، وسيتسائلون: هل من المعقول أن يناقض محمد نفسه، إذ كيف يقول (لا نبي بعدي) في الوقت الذي يؤكد فيه نبوّة المسيح الموعود؟

إن الاعتقاد بنبوّة المسيح الموعود ليس محصورًا بالجماعة الإسلامية الأحمدية وحدها، بل إنّ المسلمين جميعهم يتّفقون معنا على هذا الأمر، ويؤمنون بأن المسيح الموعود سيكون نبيًا من عند الله حين يأتي. أمّا فيما إذا كان ذلك يناقص النبوءة الأخرى القائلة بأن (لا نبي بعدي)، فإن الجواب عن ذلك قد ورد في حديث لسيدنا محمد يقول فيه: ( ليس بيني وبينه نبيّ)، أي أنّ المسيح الموعود سيكون نبيًا حين يأتي، ولكن لن يكون بينه وبين نبيّنا الكريم نبيّ آخر.

فهذا إذن هو المقام الحقيقي للمسيح الموعود، لذا فإنَّ سيدنا المهدي المسيح الموعود لابدَّ أن يكون نبيًا لكونه مسيحًا موعودًا، وهذا ما نعتقد به، وإلاّ فإن نبوءات محمد -والعياذ بالله- ستكون غير صحيحة. لقد تلقّى محمد من الله رسالة خاتَم النبيين ومقامه، فإذا قال -هو نفسه- إنَّ نبيًا سيأتي، فذلك يعني أنّ هذا ما سيحدث حتمًا، وما من أحد يستطيع منع ذلك. وقوله (ليس بيني وبينه نبيّ) يعني أن الفترة ما بينه وبين المسيح الموعود ستكون خالية من الأنبياء، لكنّ المسيح الموعود سيكون نبيًا حين يأتي.

ولكن ثمة مشكلة كبيرة تنشأ إن نحن اعتقدنا بأن المسيح الموعود للأمة سيكون نفسه النبي السابق -أي المسيح الناصري، لأن هذا يعني أن نبيًّا من بني إسرائيل سيأتي ليقود أمّة محمد ، وهذا ما نرفضه باعتباره هراء غير مقبول. وما نعتقد به هو أن نبوءة محمد تقول بأنّ المسيح الموعود سيولد في أمته كما وُلِد المسيح الأول من أمّة موسى، لذا فإنّ مسيحًا من أمة محمد هو من سيقود هذه الأمة، وليس نبيًا مستعارًا من أمة موسى. هذا ما نؤمن به فيما يخص المسيح الموعود ، ولاتناقض في هذا، فإن ما أوضحته لك كان بالاعتماد على كلام رسولنا الكريم الذي قال إنّ المسيح الموعود نبيّ، وقال: ليس بيني وبينه نبيّ. وهذا ما علينا قبوله. فأين المشكلة؟.

ولكنّ ثّمة أمرًا هامًا يجب إيضاحه هنا، وهو أن المسيح الناصري -كما أكّدت سابقًا- لم يغيِّر في شريعة موسى، لذا فإنّ المسيح المحمدي سيكون المسيحَ الصادقَ مالم يغيِّر –أيضًا- شريعة محمد وكتابة وكلماته. وهذا بالتحديد ما ادَّعاه حضرة ميرزا غلام أحمد الذي قال: أنا نبيّ لأنّ محمدا أعطاني هذا اللقب، وأنا لم آتِ لأغيِّر الإسلام، ولن يأتي أحد أبدًا ليُغيِّر الإسلام، بل هو الدين الباقي الخالد إلى آخر الزمن. إذن فهو نبّي تابع وهو أيضا المسيح.

وللتذكير أُشير إلى أن الحديث الذي ورد سابقًا والذي يقول فيه الرسول (ليس بيني وبينه نبيّ) هو من سنن أبي داود وهذا نَصُّه: (عـن أبي هريرة عن رسول الله قال: “ليس بيني وبينه نبيّ” أي: عيسى.

وإنّني أؤكِّد على أنّ المسيح قد جاء، ولم يأتِ بشريعة جديدة، ولابدّ أن يكون نبيًا.

أمّا فيما يتعلّق بـ (الإمام) و (المهدي) فإنهما يعنيان الشيء نفسه، ولا اختلاف بينهما. إنَّ الأئمة الذين يقيمهم الناس -كما نعرف- ليسوا أئمة حقًا، وإنما الإمام الحقّ هو نبيّ الله الذي يعيّنه الله تعالى بنفسه. فقد كان إبراهيم إمامًا، وكذلك كان سيدنا محمد إمامًا، فالإمام المهدي يكون إمامًا، والأئمة الذين عيَّنهم الله هم جميعًا أنبياء الله، ولقد بيَّنتُ ذلك سابقا، فباعتبار المسيح نبيًا تابعًا في الإسلام، وباعتباره الإمام المهدي فإنه نبيّ في الإسلام تابع لمحمد .

سؤال: هل يمكننا قبول المسيح الموعود كنبيّ في الوقت الذي يُعتَبر فيه محمد خاتَمًا للنبيّين؟.

جواب: لقد كانت معرفة سيدنا محمد ، وهو نفسه خاتم النبيين، بمصطلح (خاتَم النبيين) أوسع وأعمق من معرفة جميع مشايخ العالم به، ولو خُيّرنا بين الاستماع إليه والاستماع إلى مشايخ العالم لاخترنا بالتأكيد الاستماع إلى رسولنا الكريم ، فإنّه هو العارف بمعنى (خاتم النبيين)، وإنه الذي تنبأ بأن عيسى نبيّ الله، إذن فلا بدّ أن يكــون كذلك، ولن يقدر أحد على منع ذلك.

ثم إن الرسول الكريم يبيِّن أنه لا تناقض بين كونه (خاتَم النبيين) وكون المسيح الموعود نبيًا من عند الله، فهو نفسه يقول: (ليس بيني وبينه نبيّ)، يعني عيسى الذي سيأتي – وقد سبق أن أوضحت ذلك. فهل يُعقل أن تديروا ظهوركم، ولو للحظة واحدة، للحقيقة التي بيَّنها رسولنا بسبب ما تسمعونه من المشايخ؟.

إن الحقيقة المتعلِّقة بـ (الخاتم) هي أنَّه يمكن أن يأتي أنبياء تابعون لـ (خاتَم النبيين) ضمن دينه وشريعته، ولكن ما لا يمكن أن يحدث مطلقًا هو أن يأتي نبيّ مخالف للخاتَم وشريعته، ولسوف أُثبت لكم ذلك على ضوء آيات القرآن الكريم والأحاديث الشريفة واستخدام اللغة العربية لهذه الكلمة.

لابّد قبل ذلك من التذكير بأن موقفنا من خاتَم النبيين والإمام المهدي والمسيح الذي يأتي، لا يختلف عن موقف المشايخ مّما ذكرت، ومع ذلك فهم يعدّوننا كفرة ويزعمون أننا لا نؤمن -كمسلمين أحمديين- بأنّ محمدًا خاتَمٌ للنبيين. وسأوضِّح لك الأمر بحيث لا يستطيع أحد أن يُضلِّلك بعد ذلك. اطرَحْ سؤالك هذا على أيّ شيخ في العالم بدلاً من أن توجّهه إلي شخصيًا وليكن على الشكل التالي:

إسأله: لقد جاء خاتَم النبيين، أليس كذلك؟.

سيجيبك: بلى، لقد جاء.

ثم اسأله: هل تتوقع مجيء المسيح نبي الله إلى هذه الأمة؟.

سيجيبك أيضًا: نعم، أتوقع.

فأسأله: إذا كان المسيح الذي سيأتي نبيًّا من عند الله فكيف يكون محمد خاتمًا للنبيين؟ وما الفائدة إذن من كونه خاتَمًا للنبيين؟.

ثم اسأله: هل سيأتي الإمام المهدي؟

سيجيبك: نعم.

فاسأله: من هو الإمام المهدي؟ ومن سيجعله إمامًا، أنت أم الله تعالى؟

سيجيبك: إن الله بنفسه سيجعله إمامًا.

فاسأله: فإذا كان الله تعالى هو الذي سيجعله إمامًا فهل نستطيع رفضه؟

سيجيب: لا نستطيع.

عندئذ يمكنك أن تسأله: ما الفرق إذن بين النبي والإمام المهدي.

إن النبي في الحقيقة هو الشخص الذي يجعله الله تعالى إمامًا، ولا يُسمح لأحد برفضه. فإن مُعارضينا إذًا كالذي يمسك بأُذنه من وراء رأسه، وهي الأذن نفسها.

إننا، كمسلمين أحمديين، نتبع الحقيقة مباشرة، في حين يلف معارضونا حول الأمر، ويلوون أعناقهم تفاديًا من قبول الحقيقة.

إن معارضينا يقولون: لا نبي بعد رسول الله ، فنقول: هذا حسن، والحمد لله وبسم الله. أخبرونا بالمزيد. فيقولون: لكن المسيح الموعود سيكون نبيًا. وإن سألناهم: هل هذا كل شيء؟ يقولون: والإمام المهدي سيكون إمامًا مُعيّنًا من عند الله تعالى مباشرة. فنقول: هذا بالتحديد ما نؤمن به فما الفرق إذن بيننا وبينكم؟

لا معنى للجدل بأكمله، ولا طائل منه، لأن هؤلاء يخدعونكم، وهم ليسوا بصادقين في دعواهم.

سأخبركم الآن عن معنى (خاتم النبيين). إن تعبير (خاتم) تعبير عربي قديم معروف قبل الإسلام، وقد استُخدم لوصف الكثير من الناس.

وكلمة (خاتم) تعني الخاتَم الذي يُستخدم للختم بعد ضغطه على الحبر ثم طبعه على الورق، فيترك الشكل المحفور عليه، هذا هو الخاتم. فكيف يستخدم العرب كلمة (خاتم) وفي أي معنى؟

إنهم يستخدمون كلمة (خاتم) لمعنى الأفضل، الشخص الذي يكون في حد ذاته سلطة، وذلك لأن الخاتم يُستعمل ليعطي سلطة للأمر المكتوب على الورق. فإذا كان هناك (ختم) عليه، عند ذلك تعرف أن المكتوب صحيح وليس زائفًا. إذن فالذي يكون أفضل النبيين هو الذي يكون خاتم النبيين، فإذا شهد هو على صدق الأنبياء فإننا سنقبلهم ونصدقهم، وإن لم يفعل فلا نقبل. هذا هو المعنى الصحيح لـ (خاتم النبيين).

والبرهان على أن هذا هو المعنى المطلوب منا قبوله، هو أن سيدنا محمدًا هو النبي الوحيد، من بين جميع الأنبياء، الذي شهد على صدق جميع النبيين. وبهذا صار خاتم النبيين.. أي الأفضل والأعلى مقامًا عند الله تعالى، والذي يشهد على صدق جميع النبيين، ولم يفعل هذا الأمر أيُّ نبي قبله . هذا هو المعنى الحق لكلمة (خاتم).

والآن أبرهن من خلال استخدامات اللغة العربية على أن هذا هو المعنى الحقيقي لخاتم النبيين، أي الشخص الذي يصبح له السلطة في أمر ما، وبدون شهادته لا يُقبل أحد. هذا أولاً. وثانيًا، إذا أخذت ديوان الشاعر العربي المتنبي ستقرأ على الغلاف ما يلي: “المتنبي خاتم الشعراء”. فما معنى خاتم الشعراء؟ ألم يولد أي شاعر بعد المتنبي؟ وخذ أيضًا كتاب القانون في الطب لأبي علي ابن سينا، ستقرأ في عنوانه: “ابن سينا خاتم الأطباء”. أخبرني: ألم يأت طبيب بعده؟ حاولوا أن تفهموا المعنى. إن معنى (خاتم) هو الأفضل، صاحب السلطة النهائية. إذا فعندما نقول إن محمدًا رسول الله هو خاتم النبيين فهذا يعني أنه أفضل النبيين جميعًا، وهو السلطة النهائية في الدين وفي الشهادة على صدق النبيين. هذه كانت الاستعمالات الصحيحة في اللغة العربية لهذا التعبير.

والآن آتي إلى استخدام رسول الله لكلمة (خاتم). قال مخاطبًا سيدنا علي : (يا علي أنت خاتم الأولياء كما أنا خاتم الأنبياء). فما معنى خاتم هنا؟ حاولوا أن تفهموا بعقول هادئة، ولا تقبلوا كلام المشائخ بدون نظر وتبصر، وافهموا معنى هذه الكلمة من محمد نفسه.

ولو أنكم فسرتم معنى (خاتم) كما يقول المشايخ، أي الأخير زمنًا الذي لن يظهر نبي بعده، فهل تعلمون ماذا يصير معنى هذا الحديث؟ يصير معناه أن عليًا هو آخر ولي في الإسلام، وأنه لن يكون في أمة محمد ولي بعد علي، مثلما يزعمون بأن محمدًا هو آخر الأنبياء، وأنه لن يكون بعده نبي. فماذا إذن تفعلون بالدين؟ لن يكون هناك أي ولي في العالم بعد علي بحسب زعمهم! لماذا لا يقرأ المشائخ هذا الحديث ليفهموا كلمة خاتم؟

إن المعنى الذي نقترحه يمكن تطبيقه بشكل مقبول ودون تناقض في جميع المجالات سواء في استخدامات اللغة العربية، أو أحاديث رسول الله أو في غيرها، وذلك المعنى هو الأصح والأفضل: السلطة في التصديق والشهادة. بهذا المعنى أعطى سيدنا محمد عليًا لقب خاتم الأولياء، أي: إنك يا علي أفضل الأولياء في الإسلام، لك سلطة الشهادة والختم في الولاية، فإذا تصرف شخص بشكل مختلف عنك، فلن يكون وليًا. إذن فلكي يكون المؤمن وليًا لابد أن يُشبه في سلوكه وشخصيته عليًا. وهكذا فإن خاتم الأنبياء في هذا الحديث تعني: أنا أفضل الأنبياء وأنا صاحب السلطة في ذلك ولا أحد غيري.

وعلى ضوء ذلك نستطيع أن نفهم مسألة المسيح والإمام المهدي. لماذا نؤمن أنهما سيأتيان؟ لأن محمدًا قد شهد بقدومهما. فلو لم يشهد هو ويخبرنا بأن المسيح سيأتي لما صدقنا بمجيئه، ولو لم يخبرنا بأن إمامًا بلقب الإمام المهدي سيأتي لما صدقنا به، لأنه هو خاتم النبيين وله السلطة العليا فوق جميع هؤلاء المشائخ الذين يقولون بأننا نحن الأحمديين لا نؤمن بخاتم النبيين.

وإذا أخبرك شيخ بأن كلمة (خاتم) تعني الأخير الذي لن يأتي بعده أحد، ولو مرض هذا الشيخ وأراد الذهاب إلى الطبيب فيجب أن توقفه وتمنعه، وقل له لا تذهب إلى الطبيب. فإذا قال لك: لماذا؟ قل له: لأن أبا علي ابن سينا كان خاتم الأطباء، وليس من طبيب بعده! فلماذا تضيع وقتك؟ فليس من طبيب في العالم، فلماذا تذهب إلى أي أحد؟ عند ذلك يمكن أن يبدأ بفهم المعنى الحقيقي لخاتم النبيين.

الفرق الحقيقي الوحيد بيننا وبين المشائخ هو أننا نؤمن بأن المصلح السماوي الذي تنبأ به محمد قد جاء، في حين أنهم يعتقدون أنه لم يأت، وإذا كان لم يأت، فإنه لا بد أن يأتي. وسيأتي كإمام مهدي وكمسيح نبي من عند الله، عند ذلك سيعود الجدل كما هو، فما الفرق إذن.

سؤال: إن سؤالي ذو شقين، فالأول هو: إن أفراد الجماعة الأحمدية غير مسموح لهم بالذهاب إلى السعودية، فلماذا؟ والثاني: ما رأي السعودية بالجماعة؟

جواب: السؤال الأول هام جدًا، صحيح أن الحكومة السعودية لا تسمح للأحمديين بالذهاب إلى الحج، ولكن هذا يكون فقط عندما يثير المشائخ الضجيج، وإلا فإن المسلمين الأحمديين من جميع أنحاء العالم وخاصة أفريقيا يذهبون إلى الحج. إذن ليس صحيحًا أنه لا يذهب أحد من الأحمديين إلى الحج، إنما السعوديون واقعون تحت تأثير المشائخ الباكستانيين، ويخافون من آرائهم، لذلك فإنه عندما يقدم مشائخ باكستان تقريرًا عن أحمدي قادم للحج فإنهم يمنعونه، وهذا ما يحدث.

ثانيًا: إذا ما مُنع شخص من الذهاب إلى الحج فلم يستطع الحج أفلا يكون مسلمًا؟ فهل يجب علينا نحن الأحمديين أن نحارب بالسيف وندخل مكة لنؤدي فريضة الحج؟

من كان أول رجل في التاريخ مُنع من الحج؟ وماذا فعل؟ إن أول شخص منع من الحج هو سيدنا محمد . لكنه لم يقاتل ليحج. قال أصحابه: يا رسول الله نحن مستعدون، ولدينا سيوف، وسندخل مكة بالسيوف. فقال سيدنا محمد : لا. لأنه بحسب أمر الله تعالى إذا لم تكن السبيل إلى الحج آمنة وخالية من المخاطر فلا تجوز المحاربة للحج. إذن من كان أول رجل منع من الحج؟ إنه رسول الله . هل حاول استعمال القوة ليحج؟ لا. لقد رجع دون حج. فكيف يمكن أن نتوقع تصرفًا مختلفًا من الإمام المهدي الذي هو عبد وخادم لمحمد ؟ وإذا ما منعت جماعته من الذهاب إلى الحج فهذا تشابه مع سنته . إنه شرف، لأنه لا يمكن لأحد أن يقول إنه عندما مَنع الكفار محمدًا من الحج فإنه لم يحج لأنه لم يكن مسلمًا. هل يمكنك قول ذلك؟ لا أحد يجرؤ على قول ذلك. ولهذا إذا كان الأحمديون يُمنعون من الذهاب إلى الحج فلا شك في أنهم يتبعون في ذلك سنة محمد .

قبل النظام السعودي الحالي كان فيصل هو ملك السعودية، وقد تعرض هو أيضًا إلى الضغط، حيث طلب منه المشائخ منع الأحمديين من الحج، فكان جوابه حكيمًا جدًا. سألهم: أخبروني أولاً عن أمر واحد وهو: هل هم يعلنون أنهم مسلمون يؤمنون بالقرآن أم لا؟ فقالوا: نعم. فسألهم: أليس القرآن يفرض الحج على المسلمين؟ فقالوا: نعم. ثم سألهم: إن الذي يأذن له القرآن بالحج لا يستطيع أحد منعه منه، فمن يكون فيصل إذن حتى يمنعهم؟ لقد كان أكثر حكمة وتُقى من حكام السعودية الحاليين. ولقد دعا الملك فيصل نفسه المرحوم محمد ظفر الله خان (وكان مسلمًا أحمديًا ذا صيت عالمي) لأداء الحج، ولدينا صور يظهران فيها معًا وهما يجلسان حول طاولة واحدة. ولقد كانت تكاليف حج محمد ظفر الله خان على حساب الحكومة السعودية آنئذ. فهل تبدل القرآن منذ ذلك الوقت؟ القرآن لم يتغير. بل هم الذين قد تغيروا.

سؤال: كما أن الأحمديين يُمنعون من الحج كذلك يُمنع أيضًا الإيرانيون الذين يؤمنون بالإمام الخُميني، غير أنَّ الإيرانيين يناضلون ضدّ الحكومة السعوديّة، فما موقف الأحمديين في هذا الشأن؟.

جواب: إنَّ موقفنا واضح تمامًا. الشيعة بالنسبة إلى السعوديين غير مسلمين، ومع ذلك فهم يسمحون لهم بأداء الحجّ. ففي كل عام يذهب مئات الألوف من الإيرانيين إلى السعوديّة لأداء الحج. وهذا يعني أنّ السعوديين لا يعبدون الله أو يتّبعون القرآن. وإنما يعبدون السياسة. فإذا كانت هناك دول غير إسلاميّة –بزعمهم- أقوى منهم وتأخذ طريقها إلى الحجّ بالقوة، فيرحِّبون بهم قائلين: حسنًا، تعالوا لتأدية الحج. مع العلم أنّهم لا يعدُّون الشيعة مسلمين لكونهم يرفضون سيدنا أبا بكر الصديق وسيدنا عمرًا وسيدنا عثمان رضيَ الله عنهم، ويدَّعون بأنهم لم يكونوا أمراء المؤمنين بل كانوا أمراء المنافقين، لذا فإنّ السعوديين -كبقيّة المسلمين الآخرين- يقولون عن الشيعة بأنّهم غير مسلمين. إذن فلماذا يسمحون لهم بأداء الحج؟. إنّها السياسة.

نحن المسلمين الأحمديين نؤمن ونشهد ألّا إله إلّا الله محمد رسول الله، ونحترم جميع الخلفاء، ونؤمن بالقرآن كلّه، ونؤمن بأنّ ميرزا غلام أحمد القادياني هو الإمام المهدي والمسيح الموعود، ولكن لم تكن له أي سلطة على تغيير نقطة واحدة في قرآن محمد . فأيُّ اعتراض لديهم علينا؟. إنَّهم يسمحون للبريلويين من باكستان بالحجّ. وهل تعلمون ماذا يفعل البريلويين؟ إنّهم يسجدون لقبور الأولياء ويتوسَّلون إليهم، يتوسَّلون إلى الموتى. إنّهم مشركون. والقرآن الكريم يمنع المشركين فقط من أداء الحجّ، ولم يمنع سواهم، كما تعلمون جميعًا من القرآن. فلماذا لا يمنع السعوديون هؤلاء المشركين الذين هم من باكستان؟. نحن موحِّدون ويمنعوننا من الحجّ، ويسمحون لهؤلاء المشركين. لماذا؟ لأنّهم أتباع السياسة. إنّهم يعبدون -فقط- أمريكا وبريطانيا والقوى الغربيّة، وهؤلاء هم إلههم، فلو كان إلههم هو إله محمد لكانوا ساعدوا البوسنة. لم لا؟ لماذا لم يساعدوا غير دولة الكويت فقط؟ دولة إسلاميّة هاجمت الكويت، فقاموا بمهاجمة تلك الدولة متحالفين مع جميع القوى الغربيّة، وسمُّوا ذلك جهادًا. في حين أنّ البوسنيين يُقتلون بسبب دينهم على أيدي الكافرين، فنجد السعوديين يجلسون هادئين في بيوتهم لا يفعلون شيئًا. حاول أن تفهم عقولهم، إنّهم فقط أُناسٌ ماديّون يجلسون على كراسيهم، يريدون المال ولا شيء غيره. فهل لكونهم مقيمين في أرض الكعبة صاروا ناطقين باسم الله؟. لا، إنّهم ليسوا كذلك، إنّهم الناطقون بلسان أمريكا، وهذا كل شيء.

إنّهم لم يغفروا للعراق بعد، فالأطفال هناك لا يزالون دون طعام، والعراقيون لا يستطيعون بيع نفطهم، والناس يموتون من الجوع والمرض، وليس بالمستطاع إيصال الأدوية إليهم. وهؤلاء السعوديون أبطال الإسلام يُشاركون في هذا الاضطهاد مع أمريكا.

سؤال: لماذا صار الإسلام منقسمًا مثل المسيحيّة؟.

جواب: إنّ جميع الأديان تنقسم مع مرور الزمن، ففي المسيحيّة مئات كثيرة من الطوائف. والمسلمون منقسمون إلى 72 فرقة كما تنبّأ سيدنا محمد . وهذا الانقسام في الدين يعني أنَّ الناس ينحرفون عن الحقيقة، لأنّ الحقيقة لا تُقسِّم الناس.

 سؤال: سؤالي الأول هو: لماذا دُعينا إلى هنا؟. والثاني من هو الإمام المهدي؟. أرجو أن تشرحوا الأمر على ضوء القرآن والحديث.

جواب: إنني مندهش بأنّ الأخوة الأحمديين دعوك دون أن تعرف السبب. كان يجب أن يُخبروك.

لقد دعوناك، أولاً، لتستمع إلى وجهات نظر الأحمدية في الإسلام، ولتقرِّر أي إسلام هو الإسلام الصحيح كما جاء به القرآن الكريم ومحمد ، أهو ذلك الإسلام الذي نفهمه نحن الأحمديين أم الذي يفهمه الآخرون. وبذلك نعطيك فرصة متعادلة. وثانيًا، كي ننقل إليك رسالة الإمام المهدي الذي نؤمن أنه قد جاء في حين أنَّ الآخرين يقولون أنّه لم يأتِ بعد، ويُثيرون ضجّة إننا نقول: لقد أرسله الله، فبالله عليكم اسمعوا له واقبلوه ليرضى الله عنكم ويُباركِكم. لهذا دعوناكم.

إذا كنت لم تسمع عن الإمام المهدي فاسمح لي أن أُخبرك بأنّ هذه ليست وجهة نظر الأحمدية وحدها. إنّ فرق السُنّة والشيعة يؤمنون جميعًا أنّ الله تعالى سوف يُعيّن في الأيام الأخيرة إمامًا من عنده، لأنَّ أئمة العالَم يكونون قد فسدوا، والمسلمون سيكونون غايةً في السوء، حيث يصفهم محمد في حديثٍ له فيقول: (عُلماؤهم شرُّ مَنْ تحتَ أديمِ السَّماء). فماذا يحدث الآن؟ سيأتي الإمام. هذا ما تنبّأ به سيدنا محمد . إنَّ جميع العلماء يقبلون هذه النبوءة، وليس من اختلاف حولها.

ثانياً تذكَّروا أنّ القرآن الكريم يُشير إلى الأنبياء السابقين باعتبارهم أئمة ومهديين، حيث يقول: وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا ، فقوله تعالى: وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يعني أنّ جميع الأنبياء أئمة، وأئمة هي جمع (إمام)، وقوله يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا أي الذي يهديه الله هو (المهدي). هذا بالضبط معنى الإمام المهدي، لذا فإنّ سيدنا محمدًا الذي هو أكثر الناس فهمًا للقرآن الكريم قد تنبّأ أنّه عندما يضلّ المسلمون، وعندما يصير قادة المسلمين وأئمتهم فاسدين وحمقى لا يعقلون فإنَّ الله تعالى بنفسه سيُعيِّن إمامًا، وهذا الإمام المهدي هو الذي سيقود عالم الإسلام. ونحن كمسلمين أحمديين نؤمن أنّ سيدنا ميرزا غلام أحمد القادياني كان هو الإمام الموعود.

أما البرهان على ذلك فهو أنّ سيدنا محمدًا قد أخبرنا أنّه عندما يأتي الإمام المهدي الحقّ فإنّ الشمس والقمر سيُخسفان في شهرٍ واحد، وذلك في شهر رمضان، فالقمر سيُخسف في أول ليلةٍ من ليالي خسوفه وهي الليلة الثالثة عشرة، لأنَّ القمر ينخسف فقط في الليالي (الثالثة عشرة والرابعة عشرة والخامسة عشرة). وقال إنَّ الشمس تنكسف في اليوم الأوسط من أيام كسوفها وهي (السابع والعشرين والثامن والعشرين والتاسع والعشرين) لذا فإنّ كسوف الشمس يحدث في (الثامن والعشرين من نفس ذلك الشهر).

وعندما أعلن ميرزا غلام أحمد القادياني أنّه الإمام المهدي الذي نبَّأ به محمد أرسل الله تعالى هذه الآية كشاهدٍ من السماء. فقد سجّل العالَم كلّه في عام 1984 خسوفًا للقمر ليلة 13 من شهر رمضان، وكسوفًا للشمس يوم 28 من الشهر ذاته. وبذلك تكون النبوءة قد تحقّقت بشكل يندر أن تتحقّق نبوءةٌ مثله. إنّ الكواكب السماويّة قد شهدت على صدق الإمام المهدي، فأين تَفِّرونَ وتختبؤون؟. اخرجوا وشاهد آيات الله واقبلوه. وإذا لم تقبلوه فإنّ الله تعالى الذي يتوفَّاكم في أيِّ يومٍ يشاء، فبماذا ستُجيبونه عندما يسألكم عن التصديق بآياته ونبوءات رسوله . سيسألكم: هل وصلتكم الرسالة أم لا؟. فماذا سيكون جوابكم؟. لا بدَّ أن تقولوا: نعم. وسيسألكم: ألم يُخبركم رسول الله أنّ الشمس والقمر سيكونان آيتين تشهدان على صدق الإمام المهدي؟ ماذا ستقولون؟ إنّكم ستضطرون إلى قول نعم. وسيسألكم: لماذا رفضتموه؟ ألم يُبلِّغ رسالته في جميع أنحاء العالَم؟ ألم تصل إلى أفريقيا؟ ألم تصل إلى غانا وسيراليون وغامبيا ودول شرق أفريقيا وساحل العاج وزائير وتوغو؟ فستقولون: نعم. فسيسألكم لماذا رفضتموه إذن؟. أنا أرسلته، وأنا عيَّنته. تبعتم الأئمة الذين عيَّنتموهم أنتم ورفضتم الإمام الذي عيَّنته أنا. فماذا سيكون جوابكم، إذن افهموا هذه الأمور، واقبلوا الرسالة يبارككم الله تعالى، وفي هذا تكمن حياتكم وخلاصكم من الهلاك.

سؤال: فمن هو الإمام المهدي؟

جواب: لقد أخبرتُكَ أنّ حضرة ميرزا غلام أحمد القادياني قد عيَّنه الله تعالى، وجعله الإمام المهدي. وقد تلقّى عام 1882 أول وحي من الله تعالى بجعله الإمام المهدي، ثم في عام 1889 -أي منذ أكثر من مئة سنة- أمره الله تعالى أنّ يؤسِّس جماعة، وأن يقبل البيعة من الناس، فأخذَ البيعة، وكان عدد أوائل الذين صدَّقوا به وبايعوه هو (313) كما ذكر في كتابه. ثم عندما أسَّس هذه الجماعة الأحمديّة عام 1889 أعلن أنّه الإمام المهدي، ثم بعد ذلك بخمس سنوات ظهرت آية كسوف الشمس وخسوف القمر عام 1894، ولقد نُشِرَ ذلك الحدث في جميع الصحف والمجلّات المتخصِّصة بالجغرافيا وعلم الفلك. ولا يستطيع أحد أن يُنكر ذلك.

قال سيدنا محمد :

(إِنَّ لِمَهْدِيْنَا آيَتَيْنِ لَمْ تَكُوْنَا مُنْذُ خَلْقِ السَّماَوَاتِ والأَرْضِ، يَنْخَسِفُ الْقَمَرُ لأَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ وَتَنْكَسِفُ الشَّمْسُ فِي النِّصْفِ مِنْهُ ولَمْ تَكُوْنَا مُنْذُ خَلْقَ الله السَّماَوَاتِ والأَرْضِ). (الدار قطني).

وهذا هو الحديث.

وفي سورة القيامة يقول الله تعالى:

فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ * وَخَسَفَ الْقَمَرُ * وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ . (الآيات 8-10).

وتلك هي الآية التي شرحها رسول الله في حديثه المذكور والمتعلِّق بظهور الإمام المهدي.

سؤال: فأين الآن هذا الإمام المهدي الذي تتحدَّثون عنه؟.

جواب: لقد مات ورجع إلى ربّه. فإذا سألك المسيحيّون اليوم عن محمد فبماذا ستُجيبهم؟.

ستقول لهم: لقد عاد إلى الله تعالى. فالإمام المهدي قد جاء ومضى. وخلَّفَ وراءه هذه الجماعة في جميع أنحاء العالَم، وأنا الخليفة الرابع له.

Share via
تابعونا على الفايس بوك