كيف يسكن حب الله في القلب؟

كيف يسكن حب الله في القلب؟

أسامة عبد العظيم

  • ما مظاهر إحسان الله تعالى لنا بحيث يستحق أن نحبه؟!
  • كيف يمثل رمضان فرصة لإذكاء نار هذا الحب؟!
  • أيهما أولى: أن نحب الله؟ أم ان يحبنا الله عز وجل؟!

____

سألني بلهفة وصدق قائلا : أخبرني بالله عليك ؛ كيف أحبُّ ربي؟

أطرقت لحظة ثم قلت: لقد سألت عن عظيم .. وإنه ليسير على من يسره الله عليه .. وسؤالك هذا هو بداية الطريق ونهايته في آن واحد.. فمن ذاق قلبه رشفةً من حب ربه فلن يشبع بعدها أبدًا.

إذا كانت النفس البشرية مجبولة على محبة كل جميل.. فهي حتمًا ستعشق الله منبع الجمال .. وإذا كانت مفطورة على الانجذاب إلى كل جليل كريم .. فلا شك ستشغف حبًّا بذي الجلال والإكرام .. إن قلوبنا تتحرك محبتها نحو السخي الذي يعطي بلا مقابل وبغير استحقاق .. ولا يريد منا جزاء ولا شكورًا؛ ولمثله تلهج الألسنة بالمحامد والثناء.. فكيف بالله رب العالمين الرحمن الرحيم الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى.. والذي هيأ الكون كله بسماواته وأرضه لاستقبالنا ونحن لا نزال طي العدم.. فجعل الأرض لنا مهادًا ذلولًا نمشي في مناكبها نبتغي أرزاقنا.. وثبتها بالجبال أوتادًا كي لا تميد بنا .. ولأجل معيشتنا جعل الهواء غلافًا يحوطها بنسب دقيقة محددة.. وصنع لنا في سمائها شمسًا تضيء نهارنا وتدفئنا ثم جعل القمر نورا يبدد ظلام ليلنا .. أنزل لنا من الأنعام ما نركب ونأكل وننسج ونتزين .. وعلم الإنسان ما لم يكن يعلم.. ليوفر له كل سبل الراحة.. وكان فضل الله عليه عظيمًا.. ثم ربى أرواحنا كما ربى الأجساد وهيأ لها ما تحتاج.. فأرسل الأنبياء وأتباعهم الخلص على مر الزمان والمكان ليكونوا شموس الهداية وأقمارها لا يفارقوننا بأنوارهم من ليل أو نهار وختمهم بسراج منير إلى يوم القيامة هو سيد الخلق محمد .. وأنشأ من فوقنا سبعًا طباقًا من سموات روحانية ليشبع حاجة الروح للترقي والعروج في مدارج السالكين بحثًا عنه سبحانه.. وأنزل لنا كتبًا ترشدنا وتهدينا لصلاح ديننا ودنيانا كان آخرها وأعظمها وأكملها القرآن الكريم .. ولم يتركنا هملًا ولا سدى كالأنعام السائبة.

إن رمضان فرصة لتهييج عاطفة الحب لله سبحانه وتعالى وإحيائها في القلب.. فمن آثر الله على نفسه وهواه فهو يحب الله.. ومن ترك طعامه وشرابه لأجل الله فهو يحب الله .. ومن تلذذ بطاعة الله وهجر فراشه الدافيء فهو يحب الله.. ومن أحب ما يحبه الله فهو يحب الله.

فهذا أحد جناحي طائر المحبة الإلهية: مشاهدة منن الله وأفضاله ونعمه التي تترى على العبد دون استحقاق.. والجناح الثاني هو جناح مطالعة عيب النفس والعمل.. وهو ما يُورث القلب خجلًا وحياء من الكريم الذي يشكر القليل من العمل ويغفر الكثير من الزلل.. ويعطي ولا يمنع رغم القصور والخطأ ولا يوصد بابه مهما تكرر الذنب.. أفلا يُـحب؟!!.. نحن نردد كل صباح وكل مساء

 «أبوء لك بنعمتك علي .. وأبوء بذنبي» ..

حتى تظل قلوبنا محلقة في سماء الإيمان بين  الرجاء والخوف يحدوها حادي المحبة لله تعالى.

إن رمضان فرصة لتهييج عاطفة الحب لله سبحانه وتعالى وإحيائها في القلب.. فمن آثر الله على نفسه وهواه فهو يحب الله.. ومن ترك طعامه وشرابه لأجل الله فهو يحب الله .. ومن تلذذ بطاعة الله وهجر فراشه الدافيء فهو يحب الله.. ومن أحب ما يحبه الله فهو يحب الله.

قال بعضهم :

عذابي فيك عَذْبٌ

وبُعدي فيك قُرب

.

وأنت عِندي كَرُوحي

بل أنت منها أحَبُّ

.

حسبي من الحب أني

لما تحب أحب

حين يسكن حب الله تعالى القلب يذوب بداخله كل ما سوى الله .. حب الله يجعل المر حُلوًا، والتراب تبرًا، والكدر صفاء، والمحنة منحة، والسجن روضة، والمنع عطية.

حب الله يلين الحديد، ويذيب الصخور، ويبعث الموتى، وينفخ في الأرواح الحياة من جديد.

القضية يا أخي ليست في أن نحب الله ..

إنما القضية حقًّا في أن نكون نحن ممن يحبهم الله تعالى.

قال أحد السلف في قوله تعالى:

  فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ

ليس العجب من قوله: يُحِبُّونَهُ

وإنما العجب في قوله: يُحِبُّهُمْ

Share via
تابعونا على الفايس بوك