في رحاب القرآن
قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (137)

شرح الكلمات:

الأسباط– جمع سِبط، وأصل السِبط انبساط في سهولة. يقال: شَعْرٌ سَبْط وسَبِط، ورجل سبْط الكفَّيْن: ممتدهما، ويعبَّر به عن الجواد. والسبط ولد الولد، كأنه امتداد الفروع (المفردات). فالأسباط بمعنى الأحفاد، أو نسل يعقوب الذين كانوا سببا في اتساع دائرة أسرته.

التفسير:

يتبين من هذه الآية أن المسلم هو ذلك الذي يؤمن بكل أنبياء الله تعالى، ومن حيث مرجعيتهم لا يفرق بين أحد منهم. يؤمن بالأنبياء الذين يعرفهم بأسمائهم، ويؤمن بالذين لا يعرف أسماءهم إيمانا إجماليا. ويؤمن أن الله تعالى قد بعث في كل قوم رسولا، ويراهم صادقين، وأن تعاليمهم كانت من الله تعالى. فالذي يصدق بنبي زمنه أو بالأنبياء السابقين على زمنه ولا يكفر بأحد منهم هو المسلم؛ لأن الله قال هنا: قولوا بأن كل هؤلاء كانوا أنبياء صادقين، ثم قال: قولوا ونحن له مسلمون، مما يدل على أن الإنسان بهذا الإقرار الكامل يصبح مسلما.

إن أتباع الديانات الأخرى يدعون إلى تصديق أنبيائهم، ولكنهم لا يولون اهتماما بالدعوة الى تصديق جميع الأنبياء لدى الأمم الأخرى، أما الإسلام فيمتاز وحده بدعوته إلى تصديق جميع الأنبياء، سواء بُعثوا في بني إسرائيل أو الهندوس أو الفُرس أو أي قوم أو بلدٍ من العالم. ولكن ذلك لا يعني إيمانا تفصيليا وإنما إيمانا إجماليا. وإلا ما قال (وما أوتيَ النبيون من ربهم).

أريد تنبيه إخواننا المسلمين الآخرين إلى أن الله يقول إن المسلم هو ذلك الذي يؤمن بجميع الأنبياء، وقد أخبر رسول الله أن المسيح الموعود نبي من الله تعالى(مسلم، كتاب الفتن)، وبما أن الوعد ببعث المسيح الموعود قد تحقق في هذا الزمن في شخص مؤسس الأحمدية، فمن واجب كل من ينسب نفسه إلى الإسلام أن يكون حذرا ولا ينظر إلى دعواه باستخفاف وإهمال…لأن في هذا الإهمال خطر ضياع إسلامه.. هذا المتاع الثمين. لأن المسلم من يؤمن بجميع أنبياء الله تعالى، ونبوة المسيح الموعود ليست استثناء من ذلك. فهناك حاجة لأن يكون المسلمون حذرين متنبهين.

وقوله تعالى (لا نفرق بين أحد منهم) لا يعني أبدا أن جميع الأنبياء على درجة واحدة ولا فرق بينهم، لأن هناك آية أخرى من نفس هذه السورة تقول: (تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض)(254). فالمعنى أن لا فرق بينهم من حيث ضرورة الإيمان بهم كأنبياء من عند الله تعالى، سواء كانوا مشرعين أو غير مشرعين، غير أن هناك تفاوتا في درجاتهم اعترف به القرآن نفسه.

يعترض الكتاب المسيحيون على هذه الآية بقولهم إن إسماعيل ليس نبيا، ولكن القرآن يعده من الأنبياء، فأين الدليل على نبوته؟ (تفسير سيل ج1 ص338).

الحق أن هؤلاء لو تدبروا لانقلب عليهم نفس الاعتراض؛ فما الدليل على نبوة إسحاق؟ فالدليل على نبوة إسحاق هو نفسه الدليل على نبوة إسماعيل. إن موسى يعلن عن نبوة جده إسحاق، ومحمد يعلن عن نبوة جده إسماعيل. والذي حدث هو أن التوراة بسبب بخلها لم تذكر نبوة إسماعيل، أما القرآن -الذي لا ينكر أي حقيقة ولا يتردد في ذكرها، ويتسامى عن التعصب الطائفي- فقد اعترف بقداسة ونبوة كلا النبييْن الكريمين. وهل لدى بني إسرائيل من دليل على صدق نبوة إسحاق إلا أن نبيا صادقا –يرون ثبوت نبوته بالأدلة –قد اعترف بصدق نبوة إسحاق؟ والمسلم يأخذ بنفس هذه الحجة ويقول إن الدليل على نبوة إسماعيل أن نبيًّا –صِدْقه متحقق بأدلة أقوى وأثقل من الأدلة التي يتحقق بها صدق الأنبياء الآخرين –قد اعترف بنبوة إسماعيل. إذا كان إسحاق يعتبر نبيا صادقا بشهادة التوراة..فلماذا لا يعتبر إسماعيل نبيا صادقا بشهادة القرآن؟

إن الكتاب المسيحيين يرفضون صدق نبوة سيدنا إسماعيل بحجة أن التوراة لم تذكر نبوته، مع أن الثابت من التوراة أنه اضطر للهجرة من وطنه وعاش حياة الغربة بسبب غيرة السيدة سارة تجاهه(تكوين 10:21). وما دامت سارة تحسد إسماعيل وأمه حسدا اضطرهما إلى مغادرة البيت والوطن، والعيش في بلد ناء وظروف صعبة.. فلا يتوقع من بني إسرائيل أن يمدحوه في كتبهم ويذكروا فيها أنه كان نبيا. فليس عجبا ألا تذكر التوراة أحوال إسماعيل ونبوته.

ثم يجب أن يتذكروا جيدا أن عدم ذكر الشيء لا يدل على عدم وجوده.. ومع هذا فهناك إشارات في التوراة الحالية تدل على أن الله قطع في حق إسماعيل أيضا وعودا كبيرة.

أولا- يدل اسمه نفسه على أنه يكون من أحباء الله. فاسم إسماعيل اسم الهامي؛ ومعناه “لقد سمع الله”، ولم يُعطَ إسماعيل هذا الاسم بدون سبب. فقد جاء في الكتاب المقدس:

“وقال لها ملاك الرب ها أنت حبلى، فتلدين ابنا، وتدعين اسمه إسماعيل، لأن الرب قد سمع لمذلتك” (تكوين 11:16).

ويتبين من ذلك بوضوح أن إسماعيل ولد بحسب بشارة من الله تعالى، وأنه سُمي باسمه بوحي من الله. والذي يولد طبق بشارة من الله ويسمى بوحي من الله تعالى فالقول إنه ليس من أحباء الله وأصفيائه قولٌ يُعد تكذيبا لقول الله ووحيه نفسه.

وثانيا-ورد أيضا في التوراة: “وقال إبراهيم لله: ليت إسماعيل يعيش أمامك”، والنص العبري للكلمات الأصلية: (ليته يعيش تحت عينيك ويكون مقبولا لديك)! فقال الله تعالى ردًا على ذلك”…وأما إسماعيل فقد سمعت لك فيه. ها أنا أباركه وأثمره وأكثّره كثيرا جدا. اثني عشر رئيسا يلد، وأجعله أمة كبيرة”(تكوين 18:17 –20). وبالجمع بين هاتين الفقرتين يتبين أن إبراهيم دعا الله لابنه إسماعيل أن يكون من المقربين لديه، لأنه دعا بقوله: يعيش أمامك.. أي عندك وتحت رعايتك، والعيش عند الله لا يعني إلا أن يكون مقبولا لديه. ولو لم يكن هذا مراده لاكتفى بالدعاء له بالعيش فقط.. لأن جميع الناس الذين يعيشون في الدنيا هم في الواقع يعيشون عند الله ولا يغيبون عنه. فاستعمال كلمة”أمامك” إن دل على شيء فإنما يدل على أن هذا الولد سيكون من المقربين عند الله أو من الصلحاء الأطهار. فقَبِل الله دعاءه في حق إسماعيل وأخبره أنه سمع له فيه.

فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنتُمْ بِهِ فَقَد اهْتَدَوا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (138)

شرح الكلمات:

شِقاق: الشِّق: الجانب؛ والشقاق: البعد.

التفسير:

في الآية السابقة شرح الله الإيمان وبيّن أن الإيمان الكامل هو الذي لا يشترط فيه الإنسان أي شرط، وإنما يقبل كل هدي يأتي من الله بدون أي تحفظ أو قيد من شعب أو بلد أو زمن؛ ولا يقول إنه سيؤمن بالأنبياء السابقين ولا يؤمن بمن يأتي في المستقبل. فسواء كنتَ من العلماء أم لا.. فما أن عرفتَ أن أحدا جاء من عند الله وجب عليك أن تؤمن به على الفور. فالقول بأن النجاة تتوقف على أن يكون الإنسان يهوديا أو نصرانيا قول لا أساس له. وإنما أول شرط للإيمان هو أن يؤمن الإنسان بدون شرط أو قيد. ويكون دائما مستعدا لتلبية نداء الله تعالى.

وهنا في قوله تعالى (فإن آمنوا بمثل ما ءامنتم به) قد جاءت “الباء” مع “مثل” بمعنىً واحد، وقد يبدو هذا تكرارًا في الظاهر ولكنه في الحقيقة ليس تكرارًا. وإنما “الباء” هنا زائدة، ولا يعني كونها زائدة أنها لا معنى لها وإنما هي زائدة لتؤكد المعنى. يتحير البعض عند سماع وصف “زائدة”، ويقول هل في القرآن زوائد؟ فليعلم أن هذا اصطلاح في اللغة العربية، ولا يعني أن الكلمة الزائدة لا فائدة لها ولا معنى، وإنما يعني أن الكلمة تؤكد المعنى الموجود. فالباء هنا تؤكد معنى كلمة “مثل”، والمراد: تماما مثل. ولو اكتفت الآية بكلمة “مثل” لبقي مجال للظن بأن المشابهة ليست كاملة، ولكن “الباء” هنا لا تترك مجالا لهذا الظن، وإنما وضحت تماما أنه ما لم تكن كل ذرة من إيمانهم مثل إيمانكم لن يسمى إيمانهم إيمانا.

وقد تكون الباء هنا للاستعانة، والمراد أنهم لو دخلوا في الإسلام بشهادة مثل شهادتكم، أي لو أنهم آمنوا شاهدين بأن الأنبياء السابقين أيضًا صادقون كما تشهدون أنتم وتؤمنون بهم فعندئذ يهتدون. وما لم تكن كيفية إيمانهم ككيفية إيمانكم لن يهتدوا. وهذا أيضًا ضرب من التأكيد، والمراد أنهم إذا آمنوا بطريقة إيمانكم كانوا مهتدين، لأن مجرد التفوه بالإيمان بأي نبي لا يجعل من الإنسان مؤمنا. فإذا لم يوجد في إيمانهم ذلك اللون من الوَلَه والعشق الذي يوجد في إيمانكم، ولو لم يقدموا الشهادة على صدق إيمانهم فإن مجرد إيمانهم بإبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب وموسى وعيسى وغيرهم لا يكفي.

يظن بعض الناس خطأ أن الإيمان بوجود نبي يكفي لصحة الإيمان، مع أن مثال النبي كمثال النّاي، فكما أن الناي يُبلغ الناس صوت النافخ فيه، كذلك النبي يُبلغ الناس صوت الله تعالى، والإيمان بالنبي ضروري فقط لأنه يحمل رسالة من الله. فالإيمان بنبي وإنكار نبي آخر لا يجدي الإنسان نفعا، وإنما ينتفع من إيمانه فقط إذا كان مستعدا لتلبية كل نداء من الله يأتي مع أي نبي.

يذكر الله هنا بعض الأنبياء الذين يؤمن بهم اليهود والنصارى، ويقول للمؤمنين قولوا لهم: إننا نؤمن بكل هؤلاء الرسل، وأنتم أيضا تؤمنون بهم، والآن بعث الله نبيا آخر نؤمن به ولكنكم لا تؤمنون به، فعليكم أن تصدقوه حتى تنالوا من نِعم الله تعالى وتفلحوا دينا ودنيا.

قوله تعالى (وإن تولوا فإنما هم في شقاق) أصله: إن هم إلا في شقاق. يقول الله إنهم إذا تولوا وعارضوكم فلا تقلقوا ولا تحزنوا، إذ ليس هناك أي سبب لإعراضهم سوى أنهم مزمعون على معارضتكم وليسوا مستعدين للاتفاق معكم بحال من الأحوال. ولعله كان في زمن النبي بعض المسلمين من ضعاف القلوب مَن ظنَّ أن هؤلاء سوف يبتعدون عنا أكثر من ذي قبل، فيطمئنهم الله: إنهم كانوا بعيدين عنكم من قبل، وليسوا مستعدين لقبول ما يقربهم إلى الله، وما دام البُغض قد تمَكن من قلوبهم لهذه الدرجة، وما داموا بعيدين عنكم كل هذا البعد من قبل، فكيف يمكن أن يتفقوا ويتّحدوا معكم؟ فلا تخافوا من إعراضهم قائلين: هذا سوف يؤذينا ويسبب الحروب.

وقوله تعالى (فسيكفيكهم الله) يعني أن الله تعالى سوف يكفيك أذاهم، ويحميك من هجماتهم، وسوف يحفظك بنفسه. الحق أنه ما لم يحُز الإنسان هذا المقام من الإيمان لا يمكن أن يسمى مؤمنا حقيقيا. إن مقام الإيمان الصحيح هو أن يقف المؤمن واثقا أن ربه معه ولن يدَعَ عدوَّه يتغلب عليه مهما بذل العدو من جهد لإيذائه، ويقول لو أني مِتُّ في مواجهة عدوي فلا ضير ولا همّ، لأني راجع إلى ربي بعد الموت أيضا. فكِّروا، ألم تكن لصحابة المصطفى زوجات؟ ألم يكن لهم أولاد؟ ألم تكن لهم أموال وأعمال وتجارات؟ لو لم يقدموا أرواحهم في سبيل الله تعالى ما وصل الإسلام إلينا، ولَكُنّا تائهين في الضلالة، ولكان منا مَن يعبد الأصنام، ومَن يسجد أمام الآلهة الكاذبة. إن هؤلاء الصحابة عليهم رضوان الله ورحماته وبركاته ألف ألف مرة –ألقوا نفوسهم في صنوف النار، وخَلَّفوا زوجاتهم أرامل وأولادهم يتامى. وجعلوا الدنيا مظلمة في وجوه آبائهم…ليمتعونا بنعمة الإسلام! ولكن الأسف كل الأسف أن المسلمين بعد رؤية هذه التضحيات الهائلة الجسيمة من الصحابة الكرام، وبعد التمتع بنور الإيمان على أيديهم.. لم يقدروا هذه النعمة حق قدرها، وبدلا من أن يخرجوا إلى نفس المضمار الذي خرج فيه الصحابة، وبدلا من أن يقولوا نقبل ما قَبِله الصحابة…خافوا من الأذى الدنيوي ومن الخسائر المادية ورجعوا القهقرى، وترددوا في بذل التضحيات التي يطلبها منهم الإسلام.

يقول الله تعالى: لماذا تخافون؟ إذا كنتم آمنتم بالله فهو الذي يحفظكم ويحميكم من كل أذى وخسران. فإذا لم يؤمن هؤلاء فاعلموا وتأكدوا أن في قلوبهم عداوة متمكنة نحوكم، وسوف يثيرون الشر، ولكن الله سوف يكفيكم شرهم، ولو هاجموكم يحميكم منهم، ولن يضركم كيدهم شيئا.

(وهو السميع العليم).. لا تظنوا أن الله قد وعدكم بالنصر فلا حاجة لكم لعمل أي شيء بل عليكم أن تستعينوا بالدعاء والتضرع إليه، فهو السميع الذي يسمع كثيرا، والعليم الذي يعلم ما لا تعلمون من المكائد والمؤامرات ولسوف يدبِّر لها ما يبطلها. الإنسان أمام عدوه يكون في حالتين: إما أنه يهاجَم من قبل العدو وهو يعرف أنه يشُن عليه الهجوم، ويحاول من جهته أن يقاوم العدو قدر المستطاع، ويكيد للدفاع عن نفسه؛ أو أن العدو يهاجمه في غفلة منه، أو يتبع أسلوبا في الهجوم لا يدري به.. كأن يشتري بالرشوة بعض أصحابه، أو يتربص له في الطريق، أو يهاجمه وهو نائم، أو يفاجئه في الظلام، أو يرميه عن بعد، أو يدس له السم في الطعام أو الشراب، أو يسرق ماله ومتاعه. كل هذه الهجمات يشنها العدو والمؤمن غافل عنها.

وهناك وسائل وتدابير للدفاع ضد هذين النوعين من الهجمات. يقول الله تعالى إنه لو هاجمكم عدوكم بأيٍّ من هذه الأساليب فإنه يكفيكم شرَّه. لو كنتم تعلمون هجومه ولكن لا قوة لكم للدفاع عن أنفسكم، فلكم إله سميع عليم، يعرف أن العدو يهاجمكم وأنه لا طاقة لكم بصدّه.. فلا تحزنوا، بل ما عليكم إلا أن تنادونا نحضر لنجدتكم على الفور. ولو هاجمكم على حين غرة بأن كنتم نائمين أو في الظلام، أو هاجمكم فجأة متربصا بكم في الطريق، أو دس لكم السم في الطعام، أو غدر بكم ليسرق الأموال، أو أغوى أحدا من أصحابكم ليخونكم.. فنحن على علم تام بكل ما يجري، وعندنا كل قوة..فلا تقلقوا في هذه الأحوال أيضا، بل ادعوا الله تعالى يستجب لكم ويُزِلْ كل مشاكلكم، ويرد عدوكم خاسرا ذليلا.

Share via
تابعونا على الفايس بوك