دعوة إلى مباهلة من وصفهم رسول الله بأنهم شر من تحت أديم السماء
التاريخ: 1997-01-10

دعوة إلى مباهلة من وصفهم رسول الله بأنهم شر من تحت أديم السماء

حضرة مرزا طاهر أحمد (رحمه الله)

حضرة مرزا طاهر أحمد (رحمه الله)

الخليفة الرابع للمسيح الموعود (عليه السلام)

ملخص لخطبة جمعة ألقاها حضرة مرزا طاهر أحمد (أيده الله بنصره العزيز)

الخليفة الرابع لسيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود

في مسجد الفضل بلندن بتاريخ 10/1/1997

أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. أما بعد فأعوذ بالله من الشيطان الرجيم. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ * إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ * اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ آمين.

شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (البقرة: 186-187)

من هم العباد المخلصين؟

ترتل هذه الآيات عادة في شهر رمضان المبارك، ولذلك أود في هذه الجمعة ونحن على عتبة هذا الشهر الفضيل أن ألفت أنظار الجماعة إلى الوعد الإلهي الخاص للمسلمين الذي تضمنته هذه الآيات حيث يقول سبحانه أنه عندما يسألك عبادي عني فإني قريب أستجيب لدعوتهم، ولكننا نجد الحالة هنا مشروطة باستجابة الطرفين، أي أن الله يقول لنا هيئوا أنفسكم لاستقبال عرفاني بالاستجابة والخضوع لتعاليمي التي أنزلتها لتقودكم إلى الطريق السليم. وعندما تتهيأ تلك الأرضية الصالحة تجدونني قريبًا أستجيب لكم وأكشف عليكم وجهي.

علينا هنا أن نركز اهتمامنا على كلمة عِبَادِي فهي مفتاح لفهم جوهر الموضوع. نحن نعرف أن هناك المئات والآلاف ولربما الملايين من البشر ممن يتبعون تعاليم القرآن ويدعون ربهم ولكنهم لا يتلقون الرد، ولذلك علينا أن ننتبه إلى أن الآيات تتحدث عن فئة معينة استطاعت الوصول إلى القرب الإلهي من خلال اخلاصها وتفانيها وإيمانها العميق بوحدانية الله، وعدم إشراكها مع إلله إلهًا آخر، واستجابتها الفورية لكل ما يقوله سبحانه، فهي بذلك تكون فئة الخدام المخلصين الحقيقيين لرب العباد الواحد الأحد. وهذا ما يقودنا إلى حقيقة هامة أن هذه الآيات هي معيار للخدام المخلصين ومن خلالها يمكن أن نعرف هل نحن من ضمن هؤلاء العباد المخلصين الذين ذكرتهم الآيات؟

وفي الحقيقة فإن هذه الميزة للعباد المخلصين موجودة في الجماعة الإسلامية الأحمدية حيث نجد أن الكثير من المسلمين الأحمديين يملكون دلائل عملية على مخاطبة الله لهم، مما يدل على أن طرق عبادتهم واستجابتهم هي طرق صحيحة، ولهذا يكون الله قريبًا منهم ويبشرهم، وإن كلمة قَرِيبٌ تدل على أنه سبحانه دائمًا قريب ولم يكن بعيدًا قط.

ثم إننا لو نظرنا إلى قوله تعالى وَلْيُؤْمِنُوا بِي لتحيرنا لماذا لم تذكر هذه الكلمات أولاً؟ والسبب في ذلك أن المؤمن الذي لا يتلقى البشارات الإلهية يبهت إيمانه ويبقى يسمع عن بشارات ربه للآخرين، ولكننا نجد أن مؤمنًا آخر يستجيب ويخلص، ويرى صدقه تعالى فيصلب إيمانه ويندفع في طريق العرفان الإلهي بإيمان حقيقي، نجده وهو يرى ربه كما يرى الشمس ساطعة في كبد السماء، وهو وعد مستمر للعباد المخلصين أن يرشدهم تعالى إلى الصراط المستقيم لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ .

ومع قدوم شهر رمضان الكريم علينا أن نستفيد من الدرس الذي تلقيه علينا هذه الآيات بأن نكون مظهر تلقي بشارات الله وأن نثبت من خلال ردود ربنا أنه موجود يكلم عباده ويقودهم إلى رضوانه.

رؤيا فيها بشارة

إنني متفائل لأنني كنت قد تلقيت من ربي بشارة تقول إن كل جمعة تصادف العاشر من الشهر ستحمل معها بركات كثيرة للجماعة. وها نحن اليوم في جمعة العاشر من الشهر ونعيش أيضًا بداية الشهر الفضيل، وأنا واثق أن القادم من الأيام سيحمل معه البشارات الخاصة ولذلك علينا أن نخلص الدعاء لننال البركات.

استجابة سبحانه وتعالى لدعاء المباهلة الأولى

كلكم تذكرون المباهلة التي أعلنتها ضد أعداء الجماعة في الباكستان وعلى رأسهم (ضياء الحق) رئيس الباكستان السابق ومشائخ الباكستان المتعصبون، والتي وضحت فيها كل النقاط التي تهاجم الجماعة من خلالها.

ولا شك أنكم تذكرون استجابة رب العالمين لدعائنا وتدميره لضياء الحق تدميرًا أذهل الكثيرين، حيث انفجرت طائرته التي تحمل جنرالات جيشه والعديد من سفراء الدول التي تدعمه في الجو وتناثرت أشلاؤها على مساحة واسعة من الأرض.

هل تعرفون ماذا بقي من (ضياء الحق) بعد الإنفجار؟.. لقد كان دمار عدو الجماعة هذا دمارًا ساحقًا بحيث لم يبق منه أي أثر، وحتى أنهم عندما نقبوا عن جثته طويلاً لم يجدوها، وكل ما وجدوه هو أسنانه التي لا تعتبر جزءًا من جسده.. لأنها كانت أسنانه الاصطناعية!!

لقد تضمن كفن (ضياء الحق) هذه الأسنان وبعضًا من الرماد الأسود الذي وجد في مكان الحطام، وإذا علمنا أن السفير الأميركي (يهودي الأصل) كان أيضًا على متن الطائرة يمكننا عندها أن نخمن أن بعضًا من رماد جثته أيضًا رافق (ضياء الحق) إلى مثواه الأخير!! .. والله وحده يعلم حقيقة ما جرى.

لقد كانت آية ساطعة مذهلة من الله القادر، ولكننا اليوم نجد أن مشائخ الباكستان لم يتعلموا من الدرس وعادوا يرفعون النقاط ذاتها التي رددت عليها وفندتها، وقد أخبرني ناظر الجماعة للإصلاح والإرشاد في الباكستان أنهم اليوم يكتبون التقارير مطالبين بعدم منح منصب وزير لأحد أفراد الجماعة!! لقد خسر هؤلاء المتعصبون كل معاني الكرامة والحياء ولا يزالون يصرون على إخراجنا من دائرة الإسلام ويعتقدون أنهم سيفلحون؟

إني أقول لهم.. نعم نحن ما زلنا نصرّ على صدق إسلامنا لأننا لو قبلنا بما تريدون لكان لسان حالنا يقول -والعياذ بالله- أنه لا يوجد إله.

إن ثباتنا وإخلاصنا وتحقق بشارات ربنا لهو دليل واضح على وجوده تعالى. وأقول لهؤلاء المشائخ المتعصبون يمكنكم أن تجمعوا كل قواكم وأسلحتكم وأن تهاجموننا من أي جهة تريدون وستجدوننا إن شاء الله صامدين لا تهتز لنا شعرة ولا يرف لنا جفن.. لماذا؟ لأننا نؤمن بوحدانية الله ونؤمن بأن رسوله الكريم محمدًا هو خاتم النبيين ولا يوجد ولن يكون له مثيل أبدًا.

إن قوة إيماننا تنبع من قوة حبنا وولائنا للرسول الأكمل محمد وأنتم تظنون أنه من خلال كلماتكم الاستفزازية تستطيعون انتزاعنا من محراب إيماننا، وكذلك تقولون بأننا نسعى لهدم دستور دولة الباكستان وأنه من الخطأ إعطاء مناصب للأحمديين في جهاز الدولة، وهنا أنا أتساءل من هو الذي يريد هدم الدستور الباكستاني؟ إن ذات الدستور هو الذي أعطانا الحق في الالتزام بما يمليه علينا ضميرنا!!

إنكم تتباهون بدستوركم وتنسون دستور رب العالمين الذي نحترمه ونقدسه، أخبروني.. أي دستور في العالم يقارن بدستور الله!!

إن كلماتكم البذيئة التي تطعنون بها المسلمين الأحمديين تدل على شخصياتكم المهزوزة وحقيقة مقام علمائكم. لقد وصل بهم الحال إلى القول بأنه ما لم يخضع الأحمديون للقوانين الجائرة (التي أصدرها ضياء الحق وأعوانه والتي تجرد الأحمديين من إسلامهم) فإنه لا يحق للأحمدي أن يُقبل في أي منصب حكومي وحتى لا يحق له أن يعيش في الباكستان!!

إنهم يريدون منا أن نتخلى عن إسلامنا من خلال قبول فقرات القانون الظالم الصادر كي نعيش في بلدهم.. وهذا مطلب يتقدمون به إلى حكومتهم.. يطلبون منا أن نكف عن ترديد شهادة (لا إله إلا الله، محمد رسول الله)؟! ترى هل توجد حماقة في العالم تعادل حماقة منطق هؤلاء المشائخ المتعصبين؟

هل أدركتم معي عمق حمق هؤلاء؟ إنهم يأمروننا بأن لا نؤمن بما يؤمنون به هم!!

ولكنني أقول لهم إننا لن نرضخ لغبائكم بل سنستجيب لله جل وعلا، الذي دعانا لذلك وأما أنتم فسيذكركم التاريخ كدرس يتحدث فيه الله عمن استحق غضبه ولعناته.

إن ما يعطي المباهلة أهميتها ليس المكان بل جملة يجب أن نرددها جميعًا تقول: (ألا لعنة الله على الكاذبين) لأنها هي التي تحسم الأمر وتبين صدق الصادق وكذب المحتال.

نحن نتحدى

إنه تحدٍ مني أُعلنه أمامكم، أروني كيف ستهربون من عقاب رب الكون؟ إنني في هذه الأيام المباركة أعلن أن عقابكم قادم لأنكم تجاوزتم كل حد، لقد أُعطيتم الفرصة من قبل لتغيير سلوككم ولكنكم أصررتم على الطعن بالجماعة التي اختارها الله ووجهتم السباب والشتائم لحضرة مؤسس الجماعة حضرة ميرزا غلام أحمد المسيح الموعود والمهدي المعهود بشكل لم يعرفه التاريخ الإسلامي ولا حتى تاريخ المبعوثين السماويين.

إنني اليوم وفي هذه الجمعة المباركة أعلن أن العذاب والعقاب الذي سيلتقط ويذل صاحبه قادم وسترينا الأيام القادمة إن شاء الله صدق وعده سبحانه.

وعندما سيأتي ذلك اليوم سأخبركم أنني لم أظلمكم لأننا حاولنا مرارًا فتح قنوات للحوار، لقد حاورناكم، حذرناكم، بل حتى رجوناكم، ولكنكم هدمتم كل قناة اتصال، ولم تكتفوا بذلك بل هدمتم كل كيان الأمة.

من يهدم دولة الباكستان؟

انظروا اليوم من حولكم.. الكل في الباكستان يتساءل لماذا تسير في طريق الخراب؟ وحتى إن بعض الجهات الحكومية تقول إنها لا تستطيع السيطرة على ما يحدث، فالكل من أعلى السلم إلى أسفله فاسدون ومتهمون، وأنتم ما زلتم تصرون على إغلاق أعينكم ودفن رؤوسكم في الرمال.

لقد تحطمت صورة الباكستان في عيون العالم بعد تخطي أنباء الفساد والإجرام حدودها، وأصبح العالم يدرك حقيقة الصراعات المادية التي تحاولون إخفاءها.

ومَن غير المشائخ المتعصبين وراء هذه النكبات، إنهم هم المحرك الأساسي وراء كل باكستاني يبث الخراب، لقد اعتقدوا أن القوة في أيديهم وللأسف استخدموا هذه القوة في إذلال الآخرين وقتلهم.

إنهم يدّعون حماية الإسلام ولكنني لا أرى أي  مظهر مشرف للإسلام في أي شارع من شوارع الباكستان يقع تحت سيطرتهم، بل إن كل ما أراه هو القتل والتخريب، ولذلك أنا أرجوهم أن يتركوا الإسلام في حاله ولا يحاولوا مواراة وحشيتهم بلباسه الطاهر.

إنهم اليوم يدّعون أن الأحمديين قد عملوا منذ وقت طويل وحتى ما قبل دولة الباكستان على تدمير هذه الدولة، ولهذا يجب أن لا يحصلوا على المناصب الحكومية. ولكن أفعالهم اليوم أيضًا ترد هذه التهمة إلى نحورهم لأنهم هم من يهدم كيان الأمة ويحول الباكستان إلى بلد استبيحت حُرمة إسلامه. ولو فكّرتم قليلاً في التاريخ لوجدتم أنه عندما نشبت قضية كشمير كان المناضل الأول في الصفوف الأمامية لمساعدة أهلها هو (حضرة ميرزا بشر محمود أحمد) الخليفة الثاني للمسيح الموعود ومن ورائه الجماعة الإسلامية الأحمدية. ويشهد لهذا الكلام إنسان يحترمونه ويقدرونه هو العلامة (محمد إقبال). ولكني أشعر وكأنكم أصبتم بالصمم والعمى ولم تعد لديكم القدرة على التواصل مع الحق.

وهذا ما يدفعني اليوم للّجوء إلى التضرع للمولى بأن يحل لعنته على الطرف الكاذب أيا كان.

لقد حاولتم في السابق التهرب من المباهلة الأولى وقلتم أن شروطها الكاملة لم تتحقق، وطلبتم أن نجتمع جميعًا في مكان واحد واخترتم (مكة المكرمة) تبعًا لتاريخ الإسلام ولكنكم حتى في هذا أخطأتم لأن المباهلة في عصر النبي حدثت في المدينة المنورة!! وإني أرى أن هذا الشرط غير منطقي فكيف يمكن لأفراد الجماعة جميعًا أن يجتمعوا في مكة؟.. وكذلك أخبروني كيف يمكن لكم أن تجتمعوا جميعًا في مكة، وأنتم متخاصمون ومتحاربون فيما بينكم؟

إن ما يعطي المباهلة أهميتها ليس المكان بل جملة يجب أن نرددها جميعًا تقول: (ألا لعنة الله على الكاذبين) لأنها هي التي تحسم الأمر وتبين صدق الصادق وكذب المحتال.

واليوم وفي هذه الجمعة المباركة سنردد هذه الجملة وأنا أطلب من الأحمديين في كل بقاع العالم أن يكرسوا شهر رمضان هذا وما يليه من الشهور للدعاء الصادق للمولى ، كي يظهر صدق جماعته التي اختارها.

إنهم يتهموننا بأننا نتجنب المباهلة وأنا أستغرب كيف نفعل ذلك ونحن من بدأها؟ هل ترون معي كيف يلونون مواقفهم ويكذبون؟

ألا يذكر هؤلاء خطبة الجمعة (يوم 1/7/1988) التي ألقيتها من نفس هذا المسجد (مسجد لندن) قبل دمار الجنرال (ضياء الحق) وقلت فيها: أن الله أراني رؤية مباركة فهمت منها أن رحى عذابه قد بدأت تعمل وسوف تطحن رؤوس المكذبين، وأن العذاب قادم سواء قَبِل ضياء الحق أم لم يقبل الدخول في المباهلة، لأنه إمام أئمة المكذبين وهو المسؤول الأول عن كل ما يصب على الأحمديين الأبرياء من ظلم واضطهاد. وإن استمراره في الاضطهاد هو دليل على قبوله المباهلة وأن الطريق الوحيد أمام ضياء الحق للهروب من العذاب هو إبطال مفعول القوانين الجائرة ضد الأحمديين، وهو الشيء الذي تجاهله ضياء الحق فلقي مصيره الأسود بأن تناثرت أشلاؤه في الفضاء.

وكذلك يجب أن يعلم هؤلاء أنني كنت قد طلبت من الأحمديين في السنة الماضية وقبل حلول الشهر الفضيل الدعاء لحماية الباكستان من شرور المشائخ المتعصبين. وما حدث بالفعل أن مجرى الأحداث عطل خطط بعض المشائخ للقيام بانقلاب من خلال سلطة الجيش مما كان سيعني حمّام دم في ساحات وشوارع الباكستان.

إنني على يقين من أن أدعية أفراد جماعتنا الإسلامية الأحمدية هي التي كانت وراء إنقاذ الباكستان من حمام دم مروّع.

وإنني أطلب من أفراد الجماعة اليوم أن تلهج ألسنتهم بالدعاء إلى المولى كي ينصف جماعتنا وينزل المذلة بهؤلاء المشائخ خلال هذا القرن، وأن لا يبزغ فجر القرن القادم قبل أن يلقى هؤلاء قصاصهم العادل بما زرعوه من أشواك يريدون بها أن ينالوا من جماعة الإمام المهدي والمسيح الموعود والمهدي المعهود .

وأريد أن أوضح لأفراد الجماعة أمرًا وهو أن خطبة اليوم لم تأتي وليدة تخطيط مسبق مني، بل إن حدوث مجموعة من الأحداث جعلتني أُعلن اليوم ما أعلنته.

لقد ذكرني قبل أيام السيد (افتخار آياز) أحد منظمي مجالس الأسئلة والأجوبة أن سنة 1997 تحمل معها ذكرى مرور مائة سنة على التحدي الذي جرى بين حضرة المسيح الموعود وبين زعيم من الطائفة الآرية يدعى (ليكرام) والذي كان قد تجرأ ووجه السباب والشتائم لشخص الرسول الكريم !!

وأذكر أنني يومها لم أعلق لأنني أردت أن أدرس الأمر ولم أجد في مجلس الأسئلة والأجوبة مكانًا ملائمًا للحديث عن أمر يخص جميع أفراد الجماعة.

إن ما حدث مع (ليكرام) حدث في سنة 1897 وكان هذا الرجل قد اتخذ موقفًا يتطابق تمامًا مع موقف مشائخ اليوم وما يقدمونه من حجج واهية. وكلنا يعلم نهاية ذلك التحدي الذي انتهى بإثبات صدق الإمام المهدي والمسيح الموعود .

واليوم وأنا قادم إلى هذا المسجد ذكرني سكرتيري الخاص السيد (منير جاويد) بأن هذه الجمعة هي جمعة العاشر من الشهر وأنني كنت قد أعلنت المباهلة الأولى كذلك في جمعة العاشر من الشهر!! (كان ذلك في 10/6/1988).

وقد تزامنت هذه المؤشرات مع وصول التقرير الذي تحدثت عنه من الباكستان. إنني أنظر إلى كل تلك المؤشرات على أنها ليست مجرد مصادفات بل هي تحمل مؤشرات سماوية تشير إلى قدر إلهي يمكننا أن نعيش أيام تحققه من خلال انكبابنا على الدعاء المدعوم بالدموع كي يصدق الوعد ونعيش فجر الانتصار.

إن حضرة الإمام المهدي والمسيح الموعود كان قد رفع تحديه ومباهلته لـ (ليكرام) وهو واثق من النصر، ولواستعدنا معًا كلماته لارتجفت لها القلوب المؤمنة. لقد خاطب (ليكرام) الذي أراد إهانة شخص الرسول الكريم قائلاً: “إنني يمكن أن أتحمّل أن يذبح أطفالي أمام ناظري أو أن يقتل أقاربي وأنا أنظر، ولكنني لا أتحمل أن يهان شخص الرسول الكريم وأنا صامت.”

واليوم كيف يمكن أن أتحمل أنا خليفة ذلك العبد المخلص لسيده خاتم الرسل ، أن يهان شخصه ويشتم بأقذر الألفاظ. لا بد لي أن أعلن التحدي والمباهلة وإلا فلن أكون وفيًا ومحبًا لشخصه وتاريخه.

ليكرام عدو الإسلام

دعوني الآن أذكركم باختصار ببعض من تاريخ (ليكرام) هذا لأننا اليوم نجابه العديد ممن يحملون صفات (ليكرام) هذا.

فبعد أن وجه (ليكرام) إهانات كبيرة لشخص الرسول الكريم ، وجه إليه حضرة الإمام المهدي والمسيح الموعود في 20/2/1886 رسالة جاء فيها أنه قد تلقى إلهامًا من الله بأن العذاب سيحل بمن تحدث بتلك اللغة الاستفزازية، وطلب حضرته من (ليكرام) إذنًا كي ينشر هذه النبوءة على الملأ. وأخبره كذلك أنه إذا تخوف (ليكرام) من العذاب فسيتوقف حضرته عن نشر النبوءة.

وما كان من (ليكرام) إلا أن تجاهل كتاب حضرته ونشر على الملأ نبوءة مختلفة عن الإمام المهدي والمسيح الموعود !!

وأما حضرته فلم ينشر النبوءة إلا في 20/2/1893 وأعلن حضرته أنه خلال ست سنوات سينزل الله عقابه بـ (ليكرام) لتكون آية صدق للإسلام. ثم نشر حضرته في نفس العام إعلانًا قال فيه أنه رأى في الرؤية أن (ليكرام) سيُقتل. وكذلك أشار حضرته في كتابه (بركات الدعاء) إلى دعوته التي وجهها إلى السيد (أحمد خان) الذي كان ينكر الإيمان بالدعاء، فدعاه حضرته إلى المجيء إليه كي يرى علامات تحقق الدعاء بخصوص (ليكرام). وذكر كذلك حضرته في كتابه (كرامات الصادقين) الذي نشره في نفس العام 1893، أن الله أخبره بأنه سيرى قدوم يوم العيد.

وكنت قد ذكرت في كتابي (سيرة فضل عمر) كيف أن حضرة الإمام المهدي والمسيح الموعود تلقى في نفس العام الذي أنبأ به عن دمار (ليكرام)، تلقى نبوءة عن ولادة ابن له سيكون له شأن عظيم، وستصل سمعته العطرة إلى بقاع بعيدة، وسيحمل راية الإسلام بإخلاص نادر (النبوءة التي تتحدث عن حضرة الخليفة الثاني ميرزا بشير محمود أحمد).

واليوم ها أنا أحمل بين يدي ورقة المباهلة والتي أتحدى فيها هؤلاء الذين يسعون لإخراجنا من حظيرة الإسلام.. ها أنا أتحداهم أن يتقدموا ويعلنوا أنهم قد قبلوا المباهلة ولا أطلب منهم سوى أن يقولوا (ألا لعنة الله على الكاذبين) ولينصر الله الطرف الصادق وليذل الطرف الكاذب.

وما كان من (ليكرام) يومها إلا أن بدأ يختلق النبوءات ضد المسيح الموعود وأحيانًا يسخر من كلمات نبوءات حضرته وفي بعض الأحيان ينسبها إلى نفسه.

لقد وجه (ليكرام) هذا كلمات بذيئة وهو يسخر من نبوءات حضرة الإمام المهدي والمسيح الموعود ، وقد استقبل حضرته كل ذلك بروح من الصبر واليقين، وكان يعمل بصمت. كان أسلوب (ليكرام) في السخرية من كلمات النبوءة، أسلوبًا استفزازيًا مقززًا، فعلى سبيل المثال عندما أخبره حضرته أن الله ألهمه: “يا مظفر، يا أيها المنتصر لتحل عليك بركاتي ورحمتي”، نجد أن (ليكرام) كان يقول: “أنه لا بد أن الله خاطبك قائلاً أيها الملعون لتحل عليك لعنتي”!!؟

أنا اليوم أستغرب كيف كانت لحضرته قدرة الصبر على تلك الاستفزازات والتي لا قدرة لنا اليوم على تحملها من قبل (ليكرامات) الزمن الحاضر، وكذلك أستغرب كيف كان حضرته ينجز كل أعمال الدعوة وحيدًا، لأنني ومع وجود مساعدين لي في كل أنحاء العالم لا أستطيع أن أحيط بكل المسؤوليات الجسيمة المناطة بي.

فيا لروعة وعظمة إخلاص حضرته ومن هنا ندرك أيضًا عظمة مكانة وقدرات سيد الخلق محمد المصطفى صلوات الله عليه وسلامه. فإذا كان خادمه الحقير المفتقر يحمل كل هذا الإخلاص فكيف يكون إخلاص أكمل الخلق محمد .

ونعود لقصة سيء الحظ (ليكرام) لنعلم كيف كانت نهاية أكاذيبه وافتراءاته واستفزازاته، ففي صبيحة العيد دخل عليه أحد الفتيان الذي كان (ليكرام) قد أدخله في الطائفة الآرية وآواه في منزله، دخل هذا الفتى وطعنه وولى هاربًا. وقد دوى صوت (ليكرام) بشكل عنيف مما جعل زوجته وكل من في السوق يهرعون إليه وأما الفتى فاختفى بشكل محير وكأنه تلاشى في الفضاء.

وطبعًا حدث فيما بعد أن وجه بعض المشككين أصابع الاتهام إلى حضرة الإمام المهدي والمسيح الموعود ، ولكن حضرته نشر إعلانًا يتحدى فيه أن يعلن أحد الآريين اتهامه الصريح لحضرته، وقال حضرته بأن ذلك الشخص سيموت خلال سنة!!، وإذا لم يمت فسوف أكون أنا القاتل!! ورغم كبر حجم وقوة الطائفة الآرية لم يجرؤ أحد على دخول التحدي، وكيف يفعلون وقد شاهدوا بأم أعينهم صدق نبوءة حضرته.

دعوة إلى مباهلة أعداء الحق

تلك كانت آية من الله منحها لعبده المخلص الصادق كما وعد في الآيات السابقة، واليوم ها أنا أحمل بين يدي ورقة المباهلة والتي أتحدى فيها هؤلاء الذين يسعون لإخراجنا من حظيرة الإسلام.. ها أنا أتحداهم أن يتقدموا ويعلنوا أنهم قد قبلوا المباهلة ولا أطلب منهم سوى أن يقولوا (ألا لعنة الله على الكاذبين) ولينصر الله الطرف الصادق وليذل الطرف الكاذب.

أنا أطلب منكم الدعاء الصادق وهو الأمر الذي سأثابر عليه أنا أيضًا إن شاء الله، وأما هم فليجربوا جميع وسائلهم فالإمام المهدي والمسيح الموعود عندما خاطب معارضيه قال:

“لو أنكم تبكون على أعتاب الله وينزف الدم من عيونكم وأنوفكم من كثرة السجود وحتى لو أنكم تفقدون وعيكم من كثرة الأسى والحزن، فإني واثق أن الله سيثبتني ويدعمني لأنني مبعوث من قبله.”

أختم خطبتي بتلك الكلمات الشجاعة لحضرة الإمام المهدي والمسيح الموعود ، وأتمنى من الله أن يمنحنا البشارات المطمئنة حتى يظهر الحق ويزهق الباطل.. اللهم آمين.

Share via
تابعونا على الفايس بوك