عليك الصلاة عليك السلام

عليك الصلاة عليك السلام

  • كيف نفهم آية  {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ}؟
  • لماذا نوقن بأن النبي ص هو ذلك الإنسان الكامل الذي حمل الأمانة بحقها؟
  • ما معنى قول الله تعالى لنبيه ص: (فبهداهم اقتده)؟

___

ترتجف الأوصال وتتقطع القلوب عند الاحتفال بذلك النبي العظيم المحبوب، وهل يوجد كلمة أو جملة أو موضوع يمكن أن نعبرّ بها عمّا يختلج في المشاعر؛ أو نعرف من خلالها السبب في انهمار هذا الكم من الدموع؟! وكيف لا يعلن القلم عجزه والقلب حزنه والفكر استسلامه عند الحديث عن سيد الخلق وسيرته وأيامه؟! فهل يوجد كلام يمكن أن يختزل هذا الكم الهائل من العواطف والحجم العظيم للمبادئ والأخلاق في هذه السيرة المطهرة ولو جرّدنا سيوفنا وجعلناها للكتابة مشهّرة؟! وصعوبة الحديث عن هذه الشخصية المباركة تكمن في بدايتها من خلق آدم -بل من قبل خلقه- فالدين عند الله الإسلام الذي هو التوحيد كما وضح لنا العلّام، ويعني لا إله إلا الله مما يستدعي إكمالها بالفطرة السليمة وأن نقول محمد رسول الله، فسيرة الرسول تبدأ من ذلك الزمن الغابر ولا نستطيع إهمالها والحديث عنها بشكل عابر، فربّنا يا ربّنا اجز نبينا محمد أفضل الصلاة منا، وبارك به وله بركات أنت أعلم بها عنا، واجعلنا ممن يحتفلون بحِبنا؛ بامتثال صفاته والتأسي بسيرته من يوم ميلاده حتى وفاته؛ وأعطه يا ربنا حتى يرضى واشفنا بلقائه ونحن المرضى، وارفعه في كل حين وآن وارفعنا ببركته بتعطّف وحنان، وأدم في قلبنا حسنه واحسانه واطبع في عقلنا فهم بيانه.

ولكن هل يسعنا وصف جماله بأفضل مما قال أعظم خدامه فيقول المهدي الموعود والمسيح المسعود: «إن ذلك النور الأجلى الذي وُهب للإنسان، أعني للإنسان الكامل، لم يكن في الملائكة، ولا في النجوم، ولا في القمر، ولا في الشمس، ولم يكن في بحار الأرض ولا في أنهارها، ولا في اللَّعْل، ولا في الياقوت، ولا في الزمرّد، ولا في الماس، ولا في اللؤلؤ؛ باختصار، لم يكن ذلك النور في أي شيء من الأرض أو السماء، وإنما كان في الإنسان، أي ذلك الإنسان الكامل الذي كان سيدنا ومولانا، سيد الأنبياء، سيد الأحياء محمد المصطفى أتمَّ وأكملَ وأعلى وأرفعَ فردٍ من نوع البشر، فقد أُعطي هذا النور لذلك الإنسان، كما أُعطيه الآخرون أيضا -بحسب مراتبهم- الذين تصبّغوا بصبغته، أي لأولئك الذين كانوا متصبغين بالصبغة نفسها إلى حد ما. والمراد من الأمانة جميع القوى والعقل والعلم والقلب والروح والحواس والخوف والحب والعزة والجاه وجميع النِّعم الروحانية والمادية التي يهبها اللهُ تعالى للإنسان الكامل (أي سيدنا النبي ) ثم يعيد الإنسان الكامل تلك الأمانة كلها إلى الله تعالى بحسب الآية:

إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ؛

فالمراد من الأمانات المسؤوليات التي يلقيها الله بنفسه فإن الله أحق بأن ترد إليه هذه الأمانات أي حقوق الله، وإن أكثر من أدى هذه الأمانات على خير ما يرام هو سيدنا النبي

بمعنى أنه يفنى فيه تعالى وينذر نفسه في سبيله. فما معنى تأدية الأمانات إلى الله، إنما المراد منها أن يتفانى المرء في الله ويوقف حياته لخدمة دينه ونشره وعبادته وتأدية حقوقه بحسب ما أمر وإن هذه الميزة وُجدت بوجه أعلى وأكمل وأتم في سيدنا ومولانا وهادينا النبي الأمّي الصادق والمصدوق محمد المصطفى كما شرحت ذلك في مقالي «حقيقة الإسلام»، حيث يقول الله تعالى في القرآن الكريم:

  قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ،  وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ،  قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ،  فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ للهِ ،  وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ .» (مرآة كمالات الإسلام  ج5 الخزائن الروحانية)

ويقول حضرته عليه السلام في تبيان كمال المصطفى ما تعريبه:

«إن نبينا جامعٌ لجميع الكمالات المتفرقة، حيث قال الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم: (فبِهُدَاهم اقْتَدِه) (الأنعام: 91)، أي اقتدِ بكلّ نوع من الهدى الذي أُعطِيَه الأنبياءُ السابقون كلهم. ومن البديهي أن الذي يجمع في نفسه تلك الهدايات المتفرقة يكون كاملا شاملا مكمَّلا.»

اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى إبراهيم

اللهم بارك على محمد وعلى ال محمد كما باركت على إبراهيم وعلى ابراهيم، إنك حميد مجيد)

Share via
تابعونا على الفايس بوك