سيرة المهدي - الجزء 1 الحلقة 10

سيرة المهدي – الجزء 1 الحلقة 10

مرزا بشير أحمد

  • صدق المسيح الموعود تؤيده آية إلهية
  • أثر دعاء المسيح الموعود
  • صيام المسيح الموعود لرمضان وقت مرضه
  • لباس المسيح الموعود
  • شجن المسيح الموعود في قراءته للصلاة
  • الاعتكاف وفضل الأقد إيمانًا.

__

  1. بسم الله الرحمن الرحيم. حدثنا الخليفة الثاني أيده الله أنه رفعت في عهد المسيح الموعود قضية نزاع حول ملكية مسجد بين الأحمديين وبين غير الأحمديين في كفورثلة . وكان القاضي – الذي رُفعت هذه القضيةُ في محكمته – هو الآخر غير أحمدي ومعارضًا للجماعة، فشرع يتخذ موقفًا معاديا لها. فقلق في هذه الحالة أفراد الجماعة في كفورثلة وكتبوا إلى المسيح الموعود رسائلَ طلبوا منه الدعاء فيها. فكتب لهم الرد التالي: “إذا كنتُ صادقًا فسيعطى لكم هذا المسجد.” إلا أن القاضي ظل على سلوكه المعادي حتى كتب قرارًا مخالفًا للأحمديين، فلما حان اليوم الذي سيُعلن فيه عن قراره خرج صباحًا مرتديًا زيّه إلى شرفة داره فجلس على الكرسي وقال لخادمه أن يُلبسه الحذاء. وما أن ألبسه خادمه فردةً واحدة من الحذاء وربط شصّها حتى سمع صوتًا، فلما رفع بصره إلى سيده رآه مطرقا رأسه على الكرسي عندما فحصه علم أنه مات، أي أنه أصيب بصدمة قلبية فجأة وفارق الحياة. ثم عُيّن أحدُ الهندوس ليقوم مقامه فشطب القرار المكتوب وأصدر قرارًا في صالح الأحمديين.

أقول: حدثني المولوي محمد إسماعيل “المولوي الفاضل” (يطلق هذا اللقب على حامل الشهادة العليا في العلوم الشرقية واللغة العربية في الهند- المترجم) وقال: زرت كفورثلة في إحدى المرات فرأيت أن الجماعة هناك قد اكتتبت جملة المسيح الموعود : “إذا كنت صادقا فسيعطى لكم هذا المسجد” بأحرف جميلة وواضحة وعلقتها في هذا المسجد.

أقول: إن جماعة كفورثلة جماعة قديمة وأفرادها من المخلصين القدامى للمسيح الموعود . ولقد سمعتُ أن لديهم عبارة مكتوبة بخط يد المسيح الموعود ورد فيها قوله: كما وقفتْ معي جماعة كفورثلة في الدنيا كذلك آمل أن تكون معي في الجنة أيضا.

  1. بسم الله الرحمن الرحيم. حدثني المولوي رحيم بخش الحاصل على الماجستير وقال: كان جدي – الذي يدعوه الناس باسم “خليفة” – معارضًا شديدًا للمسيح الموعود ، وكان سليط اللسان بحق المسيح الموعود ، وبذلك كان يسبب لوالدي إزعاجًا كبيرًا، فكتب والدي رسالة طلبا للدعاء إلى المسيح الموعود فتلقى منه الرد التالي: “لقد دعونا له”. أطلع والدي أهل الحيّ على هذه الرسالة، وقال لهم بأنه قد دعا الآن فسترون أن “خليفة” سيكف عن كيل الشتائم له. كان يوم الجمعة بعد يومين أو ثلاثة من هذا القول. ذهب جدنا كالمعتاد لصلاة الجمعة مع غير الأحمديين إلا أنه خلافًا لعادته التزم الصمت عند العودة من هناك في حين أنه قد اعتاد كيل الشتائم القذرة بعد عودته من الجمعة إلى البيت. سأله الناس: لماذا أنت ساكتٌ اليوم عن المرزا؟ قال: ما الذي يمكن أن يجني الإنسان من وراء شتم أحد، ولا سيما أن الشيخ قد ألقى اليوم خطبةً حول هذا الأمر أنه يجب أن نتحاشى كيل الشتائم لأحد مهما كان سيئًا. قال له الناس: “لقد دأبتَ على كيل السب والشتم، إلا أنك غيرت رأيك اليوم فجأة”.

لكن السبب الحقيقي هو ما كان يرينا البارحة “بابو” (كان الناس يدعون والدي بهذا الاسم) من رسالة جاءته من قاديان وبناء عليها كان يقول بأن “خليفة” لن يشتم بعد الآن.

يقول المولوي رحيم بخش: لم يشتم جدّي المسيح الموعود قطّ ولم يزعج والدي بعد هذا رغم محاولة المعارضين لاستفزازه مرات عديدة. (جدير بالذكر بخصوص هذه الرواية أن راوي هذه الرواية قد غيّر اسمه وفق مشيئة الخليفة الأول للمسيح الموعود إلى “عبد الرحيم” وهو يعرف عمومًا باسم “المولوي عبد الرحيم درد”.)

  1. بسم الله الرحمن الرحيم. حدثتني والدتي وقالت: لما تعرض المسيح الموعود لنوبات المرض لم يصُم رمضان في تلك السنة وأدى الفدية. ثم لما جاء رمضان التالي بدأ يصوم ولكنه تعرض للنوبات نفسها بعد ثمانية أيام أو تسعة، فترك صيام بقية أيام رمضان وأدى الفدية. ثم في رمضان التالي صام لعشرة أيام أو أحد عشر يومًا، ثم عاودتْه النوباتُ نفسها فاضطر لترك الصوم لبقية أيام الشهر وأدى الفدية عنها، ثم في رمضان السنة التالية كان اليوم الثالث عشر من رمضان عندما تعرض للنوبة فأفطر ولم يصُم بقية أيامه وأدى الفدية. ثم بعد ذلك صام كل شهرِ رمضان بأكمله إلى ما قبل وفاتِه بسنتين أو ثلاث إذ لم يستطع أن يصوم بسبب الضعف، فظلّ يؤدي الفدية.

سألتُ والدتي: هل قضى حضرته ما تركه من الصوم جراء نوبات مرضه في البداية؟ قالت: لا، بل اكتفى بأداء الفدية.

أقول: لما بدأت نوبات الصداع مع برود الأطراف تعاود المسيح الموعود أدى ذلك إلى ضعفِه وتدهورِ حالتِه الصحية، فكان لا يصوم، ولم يكن يرى في نفسه القدرة على الصيام إلى شهر رمضان من السنة التالية. إلا أنه لما كان يحل شهر رمضان كان يبدأ بصيامه شوقًا في العبادة إلا أنه كان يتعرض للنوبات نفسها فكان يفطر ويؤدي الفدية عن بقيته. والله أعلم.

  1. بسم الله الرحمن الرحيم. حدثتني والدتي وقالت: كان المسيح الموعود يستخدم السراويل العريضة في البداية فتكلمت معه عنها فتركها، ثم أخذ يستخدم السراويل العادية. أقول: هذه السراويل العريضة كانت واسعة الفتحات السفلية عند الأقدام. وكانت هي المستخدمة في الهند كلها في السابق ولكن ندر الآن هذا النوع.
  1. بسم الله الرحمن الرحيم. أقول: كان المسيح الموعود عادة يستخدم عمامة بيضاء من قماش قطني رقيق يبلغ طوله عمومًا نحو عشرة أمتار، كما كان يستخدم تحت العمامة طربوشًا تركيًا. وكان يخلع عمامته في البيت ويُبقي طربوشًا على رأسه. وكان يستخدم قميصًا قطنيًا رقيقًا في الصيف، ويلبس فوقه صدرية تُدفِّئ أو معطفًا مدفِّئا. كما أن سرواله أيضا كان من نوع يدَفّئ. كان يلبس الجوارب دومًا بل في الشتاء كان يلبس زوجين منها واحدًا فوق الآخر. أما الحذاء فكان يستخدم النوع التقليدي المحلي منه.

حدثتني والدتي أنه منذ أن تعرض للنوبات المذكورة شرع يستخدم الملابس المدفئة صيفًا وشتاءً، مع أنه كان يشعر بالحر فيها ويتعرض للأذى أحيانًا إلا أنه لما بدأ استخدام هذه الملابس ظل يستخدمها إلى آخر عمره. ومنذ أن دخل في الأحمدية شيخ “رحمة الله الغجراتي ثم اللاهوري” أصبح يأتيه بالملابس. وكان يرتدي الملابس التي يأتي بها الإخوة مهما كان نوعها. وذات مرة جاءه أحد الناس بحذاء من نوع “غرغابي” (1) فلبسه، إلا أنه لم يكن يفرق بسهولة بين اليمنى واليسرى، ففي كثير من الأحيان كان يلبسهما بالعكس مما كان يسبب له بعض الأذى، وإن لبسه عكسًا قال منـزعجًا بأنه ليس من شيء جيد عندهم.

قالت لي والدتي أنني وضعت علامة لمعرفة اليمنى من اليسرى من فردتي الحذاء ومع ذلك كان يختلط عليه الأمر فكان أحيانًا يلبسه بالعكس، مما جعله يتركه.

قالت لي والدتي أن حضرته أبدى مرة عدم إعجابه بالأكمام المشابهة لأكمام القمصان الإنجليزية.

أقول: كان الشيخ المذكور يخيط للمسيح الموعود قميصًا دافئًا من النوع الإنجليزي وكان حضرته يستخدمه أيضا ولكنه لم يكن يُعجَب بكُمّيه على النمط الإنجليزي، وذلك لأنه كان لهما أزرار، كما كان يصعب عليه أيضا فتح الأزرار وغلقها. كان أحيانًا يقول: تتدلى هذه الأكمام وكأنها آذان متدلية.(2) أقول: كان دأب المسيح الموعود في اللباس أنه كان يلبس أي ثوب مهما  كان نوعه، إلا أنه لم يكن يحب اللباس الإنجليزي عمومًا لأنه كان يعدّه أولا مخالفًا للبساطة التي كان يتحلى بها، ثانيًا كان يشعر بالضيق من اللباس الذي يقيد الأعضاء. لم يكن يُجهَّز له في البيت إلا القمصان من الثوب القطني الرقيق والعمائم، أما بقية الملابس فكانت تأتيه هديةً عمومًا. وكان شيخ رحمة الله اللاهوري يتميز في هذه الخدمة.

أقول: كان المسيح الموعود يستخدم رباطًا حول ظهره أيضا.

كان يهتم بارتداء المعطف عند خروجه من البيت كما كان يعتاد حملَ العصا بيده. تقول والدتي: كنت أعدّ لحضرته كل سنة قمصانًا من نصف لفّة قماش تقريبًا أما في السنة التي توفي فيها فقد أعددت له قمصانًا من لفة كاملة. ومع أن حضرته قال لي: ماذا سأفعل بهذا العدد من القمصان؟  غير أنني كنت قد أعددتها. ولا زالت عندي بعض هذه القمصان التي لم يلبسها حضرته.

  1. بسم الله الرحمن الرحيم. حدثتني والدتي وقالت: كان المسيح الموعود في يوم الجمعة يغير لباسه ويتطيب أيضا.
  1. بسم الله الرحمن الرحيم. حدثتني والدتي وقالت: إذا صلى بنا المسيح الموعود صلاة المغرب في البيت أحيانًا كان يتلو جزءًا من سورة يوسف الذي يحتوي على الآية التالية: إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى الله (يوسف: 87). أقول: كان صوت المسيح الموعود يفيض بالألم والحرقة، وكانت قراءته الجهرية على صورة موجات متناغمة.
  1. بسم الله الرحمن الرحيم. حدثتني والدتي وقالت: لم أر المسيح الموعود يعتكف. أقول: هذا ما قاله لي ميان عبد الله السنوري أيضا. (حاشية: المقصود الاعتكاف في المسجد في رمضان- المترجم)
  1. بسم الله الرحمن الرحيم. حدثنا سيد فضل شاه وقال: كان المسيح الموعود جالسا في المسجد المبارك وكنت أيضا جالسًا على مقربة منه كما أن ميان عبد الله السنوري وبعض الأشخاص الآخرين أيضا كانوا يجلسون عنده. كان يتكلم مع الجميع إلا أنه لما كان ميان عبد الله السنوري يتكلم كان حضرته يترك الجميع ويستمع إليه. فوقع في نفسي شيء وأبديتُ غبطتي به نوعًا ما، ففهم حضرته ظني هذا فقال لي: هل تعرف مَن هذا؟ قلت: نعم أعرفه إنه ميان عبد الله السنوري، قال: إني أؤمن بهذا القول (باللغة الفارسية) “قديمان خود را بيفزائ قدر”، أي احترم صديقك بقدر قِدَمه. وإنه أقدم منك أيضا. يقول سيد فضل شاه بأنني فهمت منذ ذلك اليوم بأنه يسبقنا كثيرًا ولا وجه للمقارنة بيننا.

أقول: عندما روى لي سيد فضل شاه هذه الرواية كان ميان عبد الله السنوري أيضا جالسا معي ورأيته وقد اغرورقت عيناه.

Share via
تابعونا على الفايس بوك