سيرة المهدي - الجزء 1 الحلقة 1

سيرة المهدي – الجزء 1 الحلقة 1

مرزا بشير أحمد

(القسط الأول)

بسم الله الرحمن الرحيم         نحمده ونصلي على رسوله الكريم

وعلى عبده المسيح الموعود مع التسليم

المقـدمـة:   أخرج الإمام البخاري عليه الرحمة رواية عن عمر بن الخطاب أَنَّ رَسُولَ اللهِ قَالَ: “الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى.” (البخاري، كتاب الإيمان)

أنا العبد المتواضع مرزا بشير أحمد بن مرزا غلام أحمد القادياني المسيح الموعود والإمام المهدي عليه الصلاة والسلام أردت – والله الموفّق – أن أجمع كلمات حضرته وأحوالَه وسوانحه وما إلى ذلك من أمور نافعة متعلقة بسيرته وخُلُقه وصفاته وغيرها، من أجل أولئك الذين لم يتمتعوا بصحبته ولم يحظوا برؤيته.

فأبدأ هذا العمل المبارك اليوم الأربعاء بتاريخ 25 شعبان 1339هـ الموافق لـ 4|0|1921م بعد صلاة الظهر وأنا جالس في بيت الدعاء للمسيح الموعود داعيًا الله أن يثبتني على الصراط المستقيم ويوفقني لإتمام هذا الكتاب، اللهم آمين.

أريد – والله والموفق – أن أجمع في هذا الكتاب جميع تلك الأمور المهمة التي كتبها المسيح الموعود بنفسه وكتبها الآخرون عنه بالإضافة إلى تلك الروايات التي وصلتني إلى الآن أو التي ستصلني في المستقبل أو التي أعلَمُها شخصيًا أو عاينتُها بأم عيني. وسأكتب تلك الروايات التي أعدّها صحيحة إلا أنني لا أدعي صحة كلمات الرواية ولا أستطيع التثبت منها كما هو حقها. كما إنني سأذكر جميع الروايات باللغة الأردية وإن كانت قد رُوِيت بلغة أخرى. سأنقل الروايات – بشكل عام – دون أي ترتيب موضوعي معين بل سأسردها بحسب ترتيب وصولها إلي، ثم إذا وفقني الله تعالى فسأرتبها فيما بعد بترتيب موضوعي إن شاء الله تعالى.

قد يطول الكلام عن الشروط التي راعيتها لقبول الرواية لذلك أتجاوز ذكره، اللهم وفِّقْ وأَعِنْ فإنك أنت الموفِّق والمستعان.

العبد المتواضع

الراقم الخطّاء

مرزا بشير أحمد من قاديان

1. نبأٌ أنزل على المسيح الموعود u  حول ضرورة الإكثار من ترديد “سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم”

بسم الله الرحمن الرحيم حدثتني والدتي المحترمة أن المسيح الموعود قال لها: علمتُ من الله أو أُخبِرتُ من الله تعالى أنه ينبغي الإكثار من ترديد الكلمات الآتية: “سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم”. تقول والدتي: بناء على ذلك كان   يُكثر من ترديد هذه الكلمات لدرجة كان يذكرها حتى عند تقلبه ليلا على السرير من جانب لآخر.

أقول: عندما ذكرت هذه الرواية للمولوي شير علي قال: لقد لاحظت أنا أيضا أن المسيح الموعود كان يكثر من كلمات: سبحان الله، وأنني لم أسمعه يستغفر. *

أقدم الآن ما شهدتُه. فقد سمعتُ المسيح الموعود يردد: سبحان الله. كان يذكر هذه الكلمات على مهلٍ وببطء شديد وبكل سكينة وطمأنينة وبكل لين وكأنه يفكر في صفات الله تعالى أثناء ترديده هذه الكلمات.

2. من العادات الحسنة تجديد الوضوء

بسم الله الرحمن الرحيم. حدثتني والدتي المحترمة أن المسيح الموعود كان يحافظ على وضوئه، وكان يجدد وضـوءَه كلما عاد من قـضاء حاجته اللهم إلا إذا كان هنـاك مانع بسبب المرض أو غـيره.

3. أسوة المسيح الموعود عليه السلام  في المداومة على النوافل.

بسم الله الرحمن الرحيم. حدثتني والدتي المحترمة أن المسيح الموعود كان يؤدي عمومًا نوعين من صلاة النفل بالإضافة إلى التزامه بالصلوات الخمس أحدهما صلاة الضحى (ركعتان أو أربع ركعات) التي كان يصليها أحيانًا. ثانيهما صلاة التهجد (ثماني ركعات) التي كان يدوام عليها إلا إذا كان مريضًا جدًّا، إذ إنه في هذه الحالة كان يدعو الله تعالى مضطجعًا على السرير. أما في آخر عمره فكان يصلي صلاة التهجد جالسًا عمومًا جراء الضعف.

4. دأب المسيح الموعود عليه السلام في السهر ليلا لكتابة مقالات.

بسم الله الرحمن الرحيم. حدثتني والدتي المحترمة أن المسيح الموعود كان ينام لوقت قصير بعد صلاة الفجر لأنه كان يقضي معظم ليله ساهرًا نظرًا لاضطراره في معظم الأحيان لكتابة بعض المقالات، فيظل يكتبها لوقت متأخر من الليل، كما أنه يضطر للاستيقاظ لمرات عديدة للبول، وبالإضافة إلى ذلك كله كان يستيقظ لقيام الليل أيضا.

وأخبرتني والدتي أيضا: لم يُعجبه العمل في ضوء سراجٍ يعمل على الوقود، لذلك كان يستخدم قناديل من الشمع. واستخدم لمدة قصيرة سراجًا يعمل على الغاز.

أقول: كان المسيح الموعود يُشعل عدة قناديل وإذا انطفأ أحدها أشعل مكانه آخر. وكان يطلب عددا كبيرا من القناديل ليدخرها في البيت. أتذكر أن المسيح الموعود كان جالسًا في إحدى المرات على الأريكة قرب الجدار الشمالي من الباحة التي تقع شمال “بيت الفكر” ولعله كان مشغولا في أمر هام وكان قد أشعل بعض القناديل، فلما مرت والدتي المحترمة من قرب هذه القناديل اشتعل طرف ردائها من الخلف وأخذ يحترق دون أن تعرف ذلك، فلما انتبه إلى ذلك المسيح الموعود نهض فورًا وأطفأ النار بيده. أصاب والدتي المحترمة في هذا الوقت شيء من القلق.

5. السنن القبلية والبعدية

بسم الله الرحمن الرحيم. حدثتني والدتي المحترمة أن المسيح الموعود كان يؤدي السنن القبلية والبعدية للصلوات المكتوبة في البيت إلا أنه كان أحيانًا يصلي السنن البعدية في المسجد. سألتها: هل كان يصليها طويلة أم خفيفة؟ قالت والدتي: كان يصليها خفيفة عمومًا.

6. بركات في يد المسيح الموعود عليه السلام

بسم الله الرحمن الرحيم. حدثتني والدتي المحترمة أن المسيح الموعود كان يتنزه في بستانه، فلما مرّ من قرب شجرة النارنج قلتُ (أي والدتي المحترمة) أو قال أحد غيري: أجد في نفسي رغبة في أكل النارنج. فقال : هل تريد النارنج؟ فقالت والدتي أو شخص غيرها: نعم، فضرب بيده أغصان الشجرة فلما انفصلت يده عنها كانت بها حبة من النارنج فقدمها قائلا: خذيها.

سألت والدتي: كيف كانت تلك النارنجة؟ أجابت: كانت نارنجة ناضجة صفراء اللون. سألتها: هل أكلتها؟ قالت: لا أتذكر ذلك. سألتها: كيف ضرب بيده أغصان الشجرة؟ ففعلتْ ذلك بيدها ثم أخبرتني بأن يده لم تتوقف على أغصان الشجرة كما تتوقف عمومًا يد جاني الثمار بل ضرب بيده ثم أرجعها فورًا. سألتُها: هل كان ذلك موسم ثمار النارنج؟ قالت: لا، كما أن تلك الشجرة كانت خالية تمامًا من الثمر.

ذكرتُ هذه الرواية للمولوي شير علي فقال: لقد سمعت هذه الرواية من الخليفة الثاني للمسيح الموعود أيضا وكان يقول بأنه هو من أبدى تلك الرغبة فضرب بيده الشجرة وأعطاه نارنجةً.

7. ندم الهندوسي بعد برهان أمام عينيه!

بسم الله الرحمن الرحيم. حدثتني والدتي المحترمة أن المسيح الموعود قال لها: بينما كنتُ عائدًا إلى قاديان من السفر في إحدى المرات وصلتُ إلى “بتاله” فاستأجرت عربة حصان، وكان أحد الهندوس أيضا ذاهبًا معي في العربة نفسها. فلما أردنا الركوب أسرع الهندوسي وجلس في الجهة التي لا تواجه الشمس فاضطررت للجلوس في الجهة التي تواجهها. قال : فلما خرجنا من المدينة جاءت سحابةٌ فجأة وحالت بيني وبين الشمس وظلت معي طيلة الرحلة.

سألتُ والدتي: هل تكلم ذلك الهندوسي بشيء؟ قالت: أتذكر أنه كان يقول: نَدِم ذلك الهندوسي واعتذر كثيرًا.

قالت والدتي: كانت تلك الأيام أيام الحرّ القائظ.

أقول: سمعت هذه الرواية من المولوي شير علي أيضا وكان قد سمع هذه القصة من المسيح الموعود إلا أن هناك اختلافًا يسيرًا إذ ذكر اسم مدينة “أمرتسر” بدلا من “بتاله”. وأكد على سماعه أن ذلك الهندوسي قد شعر بهذا الأمر الخارق للعادة وأظهر ندمَه.

8. طلته السمحة عليه السلام وهالته المباركة تطفئ الشجار وتهدئ النفوس.

بسم الله الرحمن الرحيم. حدثتني والدتي أن المسيح الموعود قال لها: كنت ذاهبًا مرةً إلى جبال “دلهوزي” لمتابعة قضية في المحكمة، وبينما كنا في الطريق إذ هطلت الأمطار بغزارة فنزلنا – أنا وصاحبي- من العربة التي كانت تقلّنا واتجهْنا نحو بيت أحد سكان هذه المنطقة الجبلية، وكان على مقربة من هذا الطريق العام. تقدم صاحبي واستأذن صاحب البيت للدخول إلا أنه منعه فحصلت بينهما مشادة كلامية حتى أصبح صاحب البيت يكيل له الشتائم. قال : تقدمتُ لدى سماعي هذه المشاجرة فلما التقتْ أنظارنا أخضع رأسه قبل أن أقول له شيئًا، ثم قال: الحقيقة أن لي بنتًا شابة لذلك لا أسمح لأجنبي أن يدخل بيتي، أما أنت فتعال وادخل على الرحب والسعة. كان يقول: كان ذلك الشخص أجـنبيًا، لم أكـن أعرفه ولا هو كان يعـرفني.

9. إلقاء في روعه عل عليه السلام وقوع حوادث مفاجئة قبل حدوثها مباشرة.

بسم الله الرحمن الرحيم. حدثتني والدتي المحترمة أن المسيح الموعود قال لها: في إحدى المرات كنت على سفر وأقمنا لقضاء الليلة في غرفة في الطابق الثاني لأحد البيوت، وكان معنا سبعة أو ثمانية أشخاص آخرون في الغرفة نفسها. فلما نام الجميع ومضى هزيع من الليل سمعتُ صوتَ “تك تك” فخطر ببالي أن سقف هذه الغرفة كاد يسقط، فناديتُ على “مسيتا بيك” وقلت له أخشى أن ينهار سقف الغرفة الآن. فقال: إنما هو وهمك، لأن البيت حديث البناء والسقف جديد، فنَمْ هادئًا. قال : فاستلقيت ولكن ساورني الخوف نفسُه بعد قليل أيضا فأيقظتُ صاحبي هذا مرةً أخرى فردّ عليّ بمثل ما ردّ به في المرة الأولى، فاستلقيتُ مرة أخرى إلا أنه قد غلبَ عندي هذا الظن بشدة أن العارضة الخشبية في السقف تكاد تنكسر، فقمتُ قلقًا وقلتُ لصاحبي بنوع من الشدة: أقول لك أن السقف على وشك الانهيار فَقُمْ، فلماذا لا تقوم؟ فنهض مكرهًا وأيقظنا الآخرين أيضا فقلت لهم أن يخرجوا بسرعة وينزلوا من السلم قرب باب الغرفة فوقفت عند الباب وأخذ الآخرون ينزلون واحدًا تلو آخر، فلما نزل الجميع هممتُ بالانصراف من ذلك المكان وما أن رفعت قدمي -بل لعل نصفها كان خارج الغرفة والنصف الآخر لا يزال في العتبة- حتى هوى السقف بشدة حتى انهارَ بذلك سقف الطابق الأول أيضا، ورأينا بعد ذلك الأسرة التي كنا نائمين عليها قد تحطّمت.

سألتُ والدتي المحترمه: من كان “مسيتا بيك” المذكور؟ فقالت: كان يقرب لجدّك، وكان يعمل عنده أيضا.

أقول: ذكر الخليفة الثاني للمسيح الموعود هذه الرواية مرةً فقال: حدثت هذه الواقعة في سيالكوت حيث كان يعمل موظفًا، وكان يقول: وقع في نفسي آنئذٍ أن السقف ينتظر خروجي من تلك الغرفة. كما ذكر الخليفة الثاني أيضا أن بعض الهندوس أيضا كانوا موجودين داخل تلك الغرفة فأصبحوا يكنون له احترامًا وتقديرًا كبيرين بعد هذه الحادثة.

  1. بسم الله الرحمن الرحيم. حدثتني والدتي أن المسيح الموعود أخبرها أنه لما كان المرزا الكبير (أي والد المسيح الموعود ) موظفًا في كشمير، كانت والدتنا كثيرًا ما تقول: يقول لي قلبي اليوم أن شيئًا ما سيصلنا من كشمير، فكان يأتينا في اليوم نفسه شخص من كشمير. وحصل أحيانًا أن والدتنا ما أن تنهي كلامها حتى يطرق أحدٌ الباب فلما نسأله نعلم أنه جاء من كشمير.

تقول والدتي: كان جدّك يرسل أحدًا لإيصال رسالةٍ ومبلغٍ من المال بعد كل بضعة أشهر. كان هذا المال وغيره من قطع الذهب والفضة يأتي مخيطًا في صدرية يظل هذا الشخص الموفَد يلبسها أثناء سفره ثم عند وصوله إلى قاديان يخلعها ويرسلها إلى البيت فيُخرج منها أهل البيت تلك النقود وغيرها ويعيدون الصدرية إلى الشخص الموفد.

كما قالت والدتي: كان جدك يشغل منصب “صوبه” في إحدى المناطق في كشمير. وبينما كنا نتكلم إذ صعد إلينا الخليفة الثاني للمسيح الموعود فقال: كان منصب “صوبه” في مناطق كشمير في تلك الأيام يوازي الحاكم أو نائب الحاكم في حكومة الإنجليز.

أقول: كانت جدتنا والدة المسيح الموعود – واسمها “جراغ بي بي”- قد توفيت في حياة جدّنا، وكانـت تحبّه حـبًّا شـديدًا، وكان أيضـا يكنّ لهـا حبًّا كـبيرًا ولاحـظت أنه كلمـا ذكرهـا اغرورقت عيـناه.

Share via
تابعونا على الفايس بوك