سيرة المهدي - الجزء 2 الحلقة 40

سيرة المهدي – الجزء 2 الحلقة 40

مرزا بشير أحمد

  • شتان بين من حظي برؤية المسيح الموعود في حياته وبين من اكتفى بالسماع عنه.
  • مشهد يصف تواضع حضرته الجم
  • ما صفة سم حضرته وطول قامته ولون شعر رأسه؟
  • ما الوسمة؟ وما قصة استعمال المسيح الموعود إياها؟
  • هل استعمل حضرته الحناء؟ ومتى؟ وكيف؟

__

 

تحلِّي حضرته بصفات الجمال بمظهريه المادي الرجولي وكذلك الروحاني

447- بسم الله الرحمن الرحيم. أقول: نُشِرَ في مجلة «الحق دلهي» الصادرة في 19 إلى 26 يونيو 1914 لخالنا الدكتور مير محمد إسماعيل ،  مقال عن شمائل المسيح الموعود ، وإنه لمقال رائع عن شمائل حضرته وينبني على تجربة مير محمد إسماعيل الذاتية والمشاهدة الشخصية للمسيح الموعود والممتدة إلى 20 سنة. وأورد هنا هذا المقال. كتب مير محمد إسماعيل ما يلي:

يتواجد الأحمديون في كل منطقة من مناطق الهند، بل إنهم موجودون في غير بلاد الهند أيضا، ولكن هناك فرق بين من رأى سيدنا أحمد من الأحمديين وبين من لم يره، إذ لا تزال لذة رؤيته وسرور صحبته راسخة في قلوب من رأوه. وكل من لم يره في حياته وُجد متأسفًا مرة بعد أخرى لأنه لم يتعجل ولم ير وجه المحبوب عيانا. شتان بين الأصل والصورة، ولكن لا يشعر بالفرق بينهما حقيقة إلا من تمتعوا برؤية الأصل. أريد أن أكتب شيئًا عن مكارم سيدنا أحمد وشمائله وخصاله، لعل الذين لم يحظوا برؤية وجه هذه الشخصية المباركة يذوقون شيئًا من طعم رؤيته.

الحلية المباركة..

بدلا من ذكر مكارم حضرته والتعليق على كل مكرمة منها، أرى من الأفضل أن أذكر كل شيء بشكل عابر وأترك استنتاج النتيجة للقرَّاء. يمكن تلخيص وصف مكارمه في جملة واحدة وهي: كان نموذجًا أعلى للوسامة والجمال الرجولي. ولكن هذه الجملة تبقى ناقصة ما لم تتبعها جملة أخرى: وكان هذا الجمال الإنساني مصحوبًا ببريق ولمعان روحاني وأنوار.

فكما بُعث بصبغة جمالية لهذه الأمة كذلك كان جماله أيضا نموذجًا للقدرة الإلهية وكان يجذب الناظر إليه.

التَّوَاضُعُ الجَمُّ

لم يَبْدُ على وجهه شيء من ملامح الغرور والزجر والاستكبار بل كان يشع نورًا مصحوبًا بتقاسيم التواضع والبساطة والمحبة.

وقد حدث في إحدى المرات أنه ذهب إلى منطقة «ديرة بابا نانك» لرؤية عباءة «بابا نانك»، وجلس في فَيْءِ شجرة مع أصحابه على ثوب بُسط لهذا الغرض، فجاء الناس من القرى المجاورة والمدينة أيضا للسلام عليه ومُصافحته لما علموا بمقدم حضرته . فحدث أن كان الناس يصافحون الصحابي سيد محمد أحسن ظنًا منهم أنه هو المسيح الموعود ثم يجلسون. ولم يكن الناس يعرفون من هو المسيح الموعود ما لم يُشِر المولوي سيد محمد أحسن إلى شخص المسيح الموعود وبوجههم إليه . ومن المعروف أن حدثًا مماثلًا حدث أيضًا مع النبي الكريم لدى وصوله إلى المدينة بعد الهجرة إذ أخذ الناس يصافحون أبا بكر ظنًّا منهم أنه هو رسول الله فأظل أبو بكر النبيَّ بردائه لتنبيههم إلى هذا الخطأ.

جسمه وقامته

لم يكن نحيلًا ولا بدينًا، بل كان قويًا مفتولا، وكان رَبْعَةً، أي متوسط القامة. لم يَقِسْ أحد طول قامته، إلا أنه كان يبدو حوالي خمسة أقدام وثماني بوصات. كان واسع الصدر عريض المنكبين، وظل على هذه الهيئة إلى آخر عمره، فما تقوس ظهره ولا تدلت كتفاه، وكانت كل أعضاء جسده متوازنة ومتناسقة تمامًا، فلم يبد أن ذراعيه أو ساقيه مفرطتا الطول ، ولا بطنه أكثر من اللازم، باختصار لم يكن في جسده ما يتعارض مع الجمال الظاهري. وكانت بشرته بين اللين والخشونة أي لم تكن خشنة جدًّا ولم تكن لينة كبشرة النساء. لم يكن ذا جسد مترهل، بل كان مفتول العضد، متمتعا بقوة الشباب. لم يترهل جلده في آخر عمره ولم تظهر عليه التجاعيد قط.

لونه

«أنا آدمي اللون، والفرق بَيّنٌ في الشَعرِ أيضا (عن مسيح أحمر اللون) كما ورد في نبوءة سيدي .

كان لونه قمحيا من نوع رائع، أي كان ينعكس فيه نوع من النورانية والحمرة، ولم يكن هذا اللمعان الخاص بوجهه مؤقتًا بل كان دائمًا. لم يلاحَظ اصفرار لون حضرته أبدا جرَّاء أية صدمة أو فاجعة أو ابتلاء أو قضية أو مصيبة، بل كان وجهه المبارك متلألئًا دومًا كالذهب الخالص، ولم تُخْفِ هذا اللمعان أيةُ مصيبة أو ألم. وبالإضافة إلى هذا اللمعان والبريق كان على وجهه بشاشة وابتسامة دوما، وكان الناظرون إليه يقولون كيف لآثار البشاشة والفرح والفتح وطمأنينة القلب أن تبدو على وجهه إنْ كان مفتريا ويعرف في سريرة نفسه أنه كاذب؟! فهذه الملامح الظاهرة للطِيبة والبرّ لا يمكن أن تظهر على مُحيّا سيئ الباطن، ولا يمكن أن يلمع نورُ الإيمان في وجه الكاذب.

عندما حان اليوم الأخير من نبوءة حضرته عن آتهم، كانت وجوه أفراد الجماعة ممتقعة وقلوبهم منقبضة، بعضهم بسبب جهلهم راهنوا المعارضين على موته، فكانت آثار الحزن بادية في كل حدب وصوب، يتضرع الناس في صلواتهم ويبتهلون إلى الله قائلين ألا يخزيهم ويخذلهم. باختصار، لقد حدثت ضجة غيرت لون وجوه الأغيار أيضا إلا أن أسد الله هذا خرج من بيته مبتسمًا ودعا كبار أفراد جماعته في المسجد والابتسامة تعلو ثغره. إن قلوب الحاضرين هابطة ولكنه  قال من ناحيته: لقد تحققت النبوءة: لقد تلقيت وحيًا من الله: «اِطّلع الله على همّه وغمّه»، فقد رجع آتهم إلى الحق فالتفت الحق إليه. إنه أسمع الجميع سواء سلّموا بقوله أم لا، ولقد تيقّن السامعون من صدقه بمجرد النظر إلى محياه.كان الغم يداهمنا أما هو فكان يتكلم مبتسمًا دون أن يبالي بشيء ودون أي حزن أو غم قائلا: لقد جعل الله تعالى قرار البَتِّ في قضية آتهم بيد آتهم نفسه، ثم أمهله من عنده لما رأى رجوعه إلى الحق، وإنه كان مسرورًا كالبطل المغوار الذي يعفو عن العدو برحابة صدر بعد التغلب عليه قائلا: اذهب، فقد رحمتُك، لأننا نعدّ قتلنا الميّت إساءة إلينا أصلا.

كذلك لما تحققت النبوءة عن ليكهرام أخذ الوُشاةُ يتهمون حضرته وحرروا ضده مَحْضَرًا لدى الشرطة، فجاء فجأة ضابط الشرطة لتفتيش بيته، لقد تم التفريق بين أفراد البيت إذ بقي في الداخل من كان فيه وبقي في الخارج من كان هناك ولم يسمح بالدخول لمن كان خارج البيت. كان المعارضون متشددين إلى درجة أنهم كانوا بالمرصاد لحضرته إن اشتبهوا في كلمة واحدة، أما حضرته فكان السرور والطمأنينة باديين على وجهه وكان قد أخذ ضباط الشرطة بنفسه ليريهم حقائب الأوراق والكتب والكتابات والرسائل ويأخذهم إلى الغرف الصغيرة والبيت كله ليفتشوه. لقد حصل أن ضبطوا بعض الرسائل التي شكّوا فيها إلا أن حضرته لم يزال يحافظ على وقار وجهه وابتسامته وكأنه يرى براءته من التهمة وتحقق الفتح المبين بأم عينيه ويرى فرصة إتمام الحجة تقترب إليه رويدًا رويدًا، وذلك على عكس الناس الجالسين في الخارج، إذا نظرت إلى وجوههم رأيت الخوف يأخذ منهم كل مأخذ عندما يرون أيَّ شرطي يخرج ويدخل إلى البيت. لقد امتقع لون وجوههم، إنهم لا يعرفون أن الذي يقلقون على شرفه ينادي الضباط بنفسه ويفتح لهم حقائبه ويريهم كتاباته، وارتسمت على وجهه ابتسامة تفصح عن أن حقيقة النبوءة ستنكشف الآن بشكل أجلى وستثبت في النهاية براءة ساحته تماما من شوائب هذه التهمة.

هذه كانت حالته التي غالبة عليه في جميع القضايا في المحاكم والابتلاءات والمصائب والمناظرات، وكان هذا نموذجًا ساميًا وكاملا للطمأنينة القلبية أدّى بكثير من الأرواح السعيدة إلى الإيمان به.

شعر رأسه

كان شعره رفيعًا سبطًا لامعًا وناعمًا مصبوغًا بالحناء دومًا. لم يكن شعره كثيفا بل كان قليلا وناعمًا، وكان مسترسلا يبلغ إلى عنقه. لم يكن يحلق رأسه حلقًا ولا يقصّر تقصيرًا بل كان شعره طويلا نوعًا ما. كان

يستخدم يُعطِّر شعره بزيت الياسمين أو الحنّاء وغيرهما. ولم يكن يترك شعره جافًّا بلا زيت.

لحيته

كانت لحيته كثّة، وكان شعرها غليظًا وقويًّا ولامعًا وناعمًا، وكان لونها مائلا إلى الحمرة بسبب صبغها بالحناء. كان يحلق الشعر الزائد غير المرتب الذي كان يخرج من هنا وهناك، وكان يحافظ على طول اللحية وعرضها. كان يدهن لحيته أيضا بالزيت. مرة حلق شعر لحيته من مكان خرج فيه دمّل صغير، ولا زال هذا الشعر موجودًا عند البعض تبرّكًا به. كانت لحيته على الجوانب الثلاثة من وجهه وكانت رائعة الجمال، لم تكن دقيقة جدًّا بحيث تكون على الذقن فقط، ولا عريضة جدًا بحيث يبلغ شعرها العينين أيضا.

السواد والحناء

في بواكير شبابه كان المسيح الموعود يستخدم السواد والحناء معا، ثم بسبب نوبات الدوار الكثيرة كان يستخدم الحناء في رأسه ولحيته المباركة حتى آخر عمره، وترَك السواد. غير أنه استخدم الوسمة الإنكليزية لبعض الأيام فقط ثم تركها. وفي أواخر أيامه كان مير حامد شاه صاحب السيالكوتي قد أعدَّ له وسمةً فكان يستخدمها مما جعل سوادا في لحيته المباركة، وإلا فإنه على العموم اكتفى غالبا بالحناء لسنوات، وكان يستخدمها بواسطة الحلاق يوم الجمعة في معظم الأحيان وأحيانًا في أيام أخرى أيضا.

كان شعر شاربيه أيضا كشعر لحيته قويًّا وغليظًا ولامعًا. كان يقص الشاربين فلا يكونان قصيرين جدًّا حتى يشابها شوارب الوهابيين المحلوقة، ولا طويلة حتى يتدليان على حافة شفته.

لم يكن على جسمه شعر سوى صدره دون أن يكون شيء منه على ظهره. كان حضرته يحلق أحيانًا شعر صدره وبطنه ويقصره. كان قليل شعر الساقين أيضا، وكان شعر ساقيه وذراعيه قصيرا وناعمًا.

Share via
تابعونا على الفايس بوك