حاسِبوا قبل أن تُحاسَبوا

حاسِبوا قبل أن تُحاسَبوا

التحرير

ما أكثر الأدلة على فضل الإسلام على غيره من الأديان ونُظم الحياة. فإنه الدين الذي لا يترك صغيرة ولا كبيرة مما يهمنا في رحلتنا إلى الله إلا ويرشدنا فيها إلى الصواب. وشأنه في ذلك شأن أرقى نظم المرور في الدول المتقدمة، فإنك تجد على طرقها علامات ولافتات تحذر المسافرين من أخطار قادمة حتى يأخذوا حذرهم فلا يتغافلوا فيخسروا الأرواح والأموال، بل يصلوا إلى غايتهم بسلام.

فالإسلام ينبهنا دائما إلى مخاطر قد تواجهنا في رحلتنا إلى واضعا علامات تحذير هنا وهناك كيلا تَزِلَّ قدمنا بعد ثبوتها، وإنما ننظر  دائما إلى غايتنا دون تكاسل أو تهاون أو تهور أو حماقة نخسر به ما كسبناه بشق الأنفس.

وما أكثر تعاليم القرآن وأحاديث المصطفى في هذا الشأن، وكلها لافتات ترشد الناس إلى الأفضل فيما يتعلق بأمور حياتهم من أكل وشرب ولبس ونوم وسفر وغيرها. إنها تعاليم ما أحق المسلمين بالعمل بها بكل فخر، ولكنهم للأسف لم يقدروها حق قدرها وأهملوها، ومن ناحية أخرى اتخذها أعداء الإسلام عرضة للطعن تعصبا وعنادا، مع أن الأحرى بهم أن يعملوا بها ويثنوا عليها لو كانوا يعلمون.

وحلول السنة الجديدة أيضا حدث يتجلى فيه جمال الإسلام وفضله. فبينما معظم غير المسلمين وخاصة أهل الغرب أو من نفذت إليهم السموم الغربية يستقبلون العام الجديد متهورين بين سكران، أو راقص، أو مرتكب للفحشاء، أو ميت وجريح في حوادث الطرقات الناتجة عن كثرة شرب الخمر.. فإن الإسلام، على عكس ذلك يتوقع من المؤمن الصادق أينما كان أن يستقبل العام الجديد حذرا يقظا داعيا ربه: اللّهم أَهِلَّه علينا بالأمن والإيمان والسلامة والإسلام … و: ربّ أَدخِلني مدخل  صدق وأخرجني مخرج صدق… وأن يُحاسِبَ قبل أن يُحاسَب .. شأن صاحب المحل الذكي الذي يجلس قبل إغلاقه محله ويقوم بحساب ما أنفق وما كسب، كيلا يكون من الخاسرين.

فالمؤمن له وقفه طويلة متأملة عند حلول كل عام جديد، ليحاسب نفسه بنفسه، كي يعلم كفه حسناته من كفه سيئاته، ويعقد العزم أن يكتسب الحسنات التي فاتته في العام المنصرم ويتجنب السيئات التي وقع فيها حتى لا يخسر من حيث لا يدري والأيام تجري دون انتظار.

وما أروع ما نصح به سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود : لِتَشهَد كل ليلة أنكم قضيتهم النهار خائفين وَجِلين، وليشهَد كل صباح أنكم بتّم البارحة في تقوى الله.

اللّهم مكّنّا من ذلك، يا أرحم الراحمين.

Share via
تابعونا على الفايس بوك