المسلم أخو المسلم

 

إن النبي كان يرى بنور النبوة ويخبر قومه بما سيجري في المستقبل، بناء على وحي الله تعالى. ومما قال المصطفى إن المسلمين سيتفرقون من بعده إلى فرق مختلفة، وسوف يقوم أبناء كل فرقة بذكر أبناء الفرق الأخرى بالسوء وغير ذلك من الأمور.. لذلك كان الرسول يوضح معالم الإسلام الذي يحفظ تضامن المسلمين قال:

“من شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا وَصَلَّى صَلَاتَنَا وَأَكَلَ ذَبِيحَتَنَا فَهُوَ الْمُسْلِمُ لَهُ مَا لِلْمُسْلِمِ وَعَلَيْهِ مَا عَلَى الْمُسْلِمِ” (صحيح البخاري، كتاب الصلاة).

وفي مكان آخر قال رسول :

“مَنْ صَلَّى صَلَاتَنَا، وَاسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا، وَأَكَلَ ذَبِيحَتَنَا، فَذَلِكَ الْمُسْلِمُ الَّذِي لَهُ ذِمَّةُ اللَّهِ وَذِمَّةُ رَسُولِهِ فَلَا تُخْفِرُوا اللَّهَ فِي ذِمَّتِهِ” (صحيح البخاري، كتاب الصلاة).­وعن طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ يَقُولُ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ ثَائِرَ الرَّأْسِ يُسْمَعُ دَوِيُّ صَوْتِهِ وَلَا يُفْقَهُ مَا يَقُولُ حَتَّى دَنَا فَإِذَا هُوَ يَسْأَلُ عَنْ الْإِسْلَامِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ. فَقَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: لَا، إِلَّا أَنْ تَطَوَّع.َ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ وَصِيَامُ رَمَضَانَ. قَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُ؟ قَالَ: لَا، إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ. قَالَ: وَذَكَرَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ الزَّكَاةَ قَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: لَا، إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ. قَالَ فَأَدْبَرَ الرَّجُلُ وَهُوَ يَقُولُ وَاللَّهِ لَا أَزِيدُ عَلَى هَذَا وَلَا أَنْقُصُ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ”. (صحيح البخاري، كتاب الإيمان)

وعن النبي الأكرم :

“ذَاقَ طَعْمَ الْإِيمَانِ مَنْ رَضِيَ بِاللَّهِ رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا” (صحيح مسلم، كتاب الإيمان)

بهذه الأحاديث عرفنا من هو المسلم الحقيقي وما هي أصول الإسلام الرئيسية، وأنه لا يحق لأي مسلم أن يكفّر مسلمًا آخر من الفرق الإسلامية الأخرى. ولا بأس أن نذكر المزيد من الأحاديث الشريفة المنقولة في هذا الصدد عن الرسول المصطفى .

قال رسول الله :

“لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثٍ يَلْتَقِيَانِ فَيَصُدُّ هَذَا وَيَصُدُّ هَذَا وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلَامِ” (صحيح البخاري، كتاب الاستئذان)

وقد قال النبي :

“وَمَنْ دَعَا رَجُلًا بِالْكُفْرِ أَوْ قَالَ عَدُوّ اللَّه وَلَيْسَ كَذَلِكَ إِلَّا حَارَ عَلَيْه” (فتح الباري بشرح صحيح البخاري، كتاب الأدب)

إن أول ما يلفت النظر في السنة النبوية هو الأخوة والتضامن الذي أقَّره الرسول المصطفى بشكل عملي بين أتباعه السائرين على نهجه في بداية الدعوة الإسلامية؛ حيث أكد ذلك بالقول في مواطن عديدة، ولا سيما في الأعوام الأولى من الهجرة المباركة التي تميزت بتزايد أعداد المسلمين بعد دخول أهل المدينة إلى دين الحق، فضلا عن أبناء القبائل التي بدأت بالتقاطر على رسول الله وهي تعلن إسلامها بشكل جماعي.

كما عرفنا في التاريخ أن النبي قد قام عند دخوله المدينة بعقد الأخوة بين الأنصار والمهاجرين، ولتأكيد ذلك المبدأ فقد قال رسول الله الأعظم مرارا:

“الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ”. (صحيح البخاري، كتاب المظالم والغصب)

­­­­­­­­­­­قد حذّر الله المسلمين في كتابه الفرقان:

إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (الحجرات: 11).

وقال تعالى:

وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا (آل عمران: 104)

من هو الناجي؟

وقد قال حضرة مرزا بشير الدين محمود أحمد الخليفة الثاني لسيدنا المهدي في كتابه المسمّى “دعوة الحق” وردّ على من قال إن جميع الناس في نظر الأحمدية هم أصحاب الجحيم إلا الأحمديين بقوله: “إنّ هذا الخطأ ما هو إلا نتيجة الجهل منهم أو هو ناجم عن العداوة. كلا! إننا لا نعتقد بأن جميع الناس ما عدا الأحمديين هم من أهل النار” ­­ (ص 10).

­­كما وضّح حضرته في ذلك الكتاب بأن الجنة لا يستوجبها الإقرار الشفوي فقط، وإنما هي نتيجة للقيام بكثير من الحقوق والواجبات. ولذلك يمكن عند الأحمديين أن يدخل في جهنم مسلم أحمدي كما يمكن يدخل الجنة من ليس بأحمدي. وكذلك إن جهنم ليست نتيجة الكفر الشفوي فقط بل هناك حالات تستوجب عقابها. إن جهنم لن يدخلها أحد مطلقا ما لم تقم الحجة عليه حتى وإن كان ممن يكفر بأصدق المعتقدات. فلا شك أن الجنة والنار ليسا حقِّين استئثارين لأحد من المذاهب الإسلامية الموجودة.

فيا حسرة على من يعتقد ويزعم من المسلمين أن من لم يدخل جماعتهم أو مذهبهم فهو من أهل النار ولن يدخل الجنة. إن الأحمدية في مسألة النجاة واسعة النظر بحيث أفتى بعض المشائخ الهنود بتكفير المسلمين الأحمديين بسببها، لأننا نعتقد بعدم دوام العذاب، كما يقول الله تعالى في كتابه العزيز: وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ (الأعراف: 155)، ويقول سبحانه: فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ (القارعة: 9).. أي أن بين الجحيم والكافر ما بين الأم والطفل من رابطة التربية. ويقول سبحانه:

وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (الذاريات: 56).

فبعد هذه الآيات وأمثالها الكثيرة كيف نقبل أن أصحاب النار لن تغشاهم رحمة الله يوما ولن تخرجهم من عذاب جهنم؟ وهل مما يتصور ويعقل أن يدع الله عباده الذين خلقهم لعبادته باقين عبيدا للشيطان دائما أبدا ولا يصيروا من عباده؟

Share via
تابعونا على الفايس بوك