الجن.. في االقرآن الكريم

الجن.. في االقرآن الكريم

محمد حلمي الشافعي

كاتب

الجن بين الحقيقة والخرافة (3)

إنه من المنطقي لتُّتبع موضوع (الجن) في القرآن الكريم أن نفتحَ المصحف الشريف، ونبدأ القراءة من بدايته.. ونتأمل كيف يتناول المسألتين: عبادة الله تعالى، وذكرَ الجن والإنس. ومن المناسب هنا التأكيد على حقيقة جديرة بكل اهتمام.. تلك هي أن القرآن المجيد تنزيل من الحكيم العليم.. فهو ليس نتفاً من الآيات من هنا وهناك، لا يربطها رباط، ولا يضمها نسيج متين.. مثل خواطر بعض البشر التي تقفز في عقولهم بلا ترتيب أو تبويب. حاشا لله! إنه كتاب محكم، ذو عناصر مترابطة مرتبة، فما جاء منها أوّلاً فلحكمه جاء أولاً.. وما جاء متأخراً فلحكمةٍ ورد هكذا.

تأتي في مقدمة القرآن سورة (الفاتحة).. التي تفتح باب الكتاب الرباني.. باسم الله الرحمن، وتكشف لنا عن الغرض من تنزيله على بني البشر.. وتعلن عن مصدره الإلهي، وإطاره القائم على كمال الرحمةِ الربانية.. ثم تهتف: ” الحمد لله رب العالمين”.

والحمدُ لفظ عربي قليلُ الأحرف إلا أنه يجمع كل معاني الكمال والجلال! فكل ما يستوجب المحبة والإعجاب.. والتوقير والتعظيم.. والشكر والثناء.. بأكمل صورة وأصدق معنى.. هو لله تعالى. هذه هي المقدمة التي تَوَلّى الكتاب توضيحها والتدليل عليها، ورسَم المنهج السليم لتحققها من خلال سورة وآياته، إنها الغرض الوحيد الذي من أجله خُلق البشر. وما تنزَّل وحيُ السماء.. وما يتنزل.. إلا لتحقيق هذا الهدف الأسمى.

ثم تعلن الآية الكريمة أن الوجودَ المستحق للحمد كلّه هو الله رب العالمين .. كل العالمين، لا لصنف دون صنف. إن ربوبيته رعايةٌ وعناية، هيمنة وقوامة، رزق وتنشئة وحفاظة.. تظلل العوالم كلّها: عالم الشاهد وعالم الغائب، عالم النبات وعالم الجماد، عالم الطير وعالم الدواب، عالم الرجال وعالم النساء، عالم الروح وعالم المادة، عالم الإنس وعالم الجن. كل ما في الكون من عوالم.. نعرف عنها شيئا أو نجهلها بالمرة.. تدخل جميعُها تحت مظلة ربوبية الله تعالى. وتمضي آيات القرآن. نسمع أولَّ القرآن. وفي السورة التالية

_ سورة (البقرة) نسمع أولَّ نداء قرآني.. موجه إلى من يخاطبهم القرآن.. إلى من نزل لأجلهم.. إلى من خلقوا لعبادة الله.. يقول النداء:

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ …) (البقرة: 22)

النداء للناس. والنداءُ توجيهٌ إلى عبادة الرب الخالق الذي خلق الناس لهذه العبادة. ولو كان القرآن يخاطِب خلقاً غير الناسلكان من المناسب أن يوجّه إليهم الخطاب ها هنا.. لأنه أول عامٍّ بالعبادة. يترتب على ذلك أن المنادى في هذه الآية_ وهُمُ الناس_ يشمل كل ملف بعبادة الله عن طريق القرآن. وعلى لسان نبي الإسلام .

ولفظ (الجن) من الكلمات التي وردت في القرآن الكريم مرات عديدة، لتؤدي من المعاني ما يحمل ظلالاً من مادة الكلمة، ولكنها لا تتفق مع المفهوم الخرافي الذي شاع بين المتخلفين من أهل البادية ومن أخذ عنهم.

ثم تمضي سورة (البقرة)، أطول سور القرآن، حافلةً بآيات الله الدالة على ربوبيته وألوهيته الحقة، وتضعُ التشريعات المنظمة لحياة من يناديهم القرآن، وترسمُ الآداب الطاهرة التي تزكي العباد، وتبين الحكمة الإلهية السامية وراء تلك التوجيهات الربانية.

وتأتي من بعد سورة(البقرة) سور طوال: آل عمران، والمائدة، والنساء، إلى أن نصل إلى سورة الأنعام.. ونكون بذلك قد قرأنا ما يقرب من ربع المصحف الشريف.. فلا نجده يخاطب أحداً من المكلَّفين بالعبادة واتباع المنهج القرآني أو يُشير إليهم إلا بمثلِ قوله تعالى

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ..) (البقرة:184)(كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا ..) (البقرة:152)(يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا) (البقرة:169)(كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً ) (البقرة:214)

( أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ) (النساء:2)

(..مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ … فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا..)(المائدة:33)

ويتحدث القرآن الكريم في سورة (آل عمران) عن صنفين من عباد الله: هما الذكر والأنثى، وكلاهما من البشر.. فيقول

(فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ)(آل عمران: 196)

وبذلك يقرر أن الفروق العضوية أو الاجتماعية بين الصنفين لا تفرِّقُ بينهما في العبادة وتكاليفها وثمراتها من ثواب وعقاب.. فكلٌّ منهما على قدر مسئوليته وبقدر جهده واجتهاده ينالُ نصيبه. وينفي بعدَ قوله تعالى:

(بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ)

الزعمُ أو الظنُ بأن الرجال قد فازوا بالنصيب الأوفى من التكاليف والجزاء، أو أن النساء حُرمن إلا من القليل. الأمر سواء. مسئولون عن الارتقاء والتقدم إلى الله ، ومدعوون للتخلق بأخلاقه والاتصاف بصفاته.

والجميع محققون الهدفَ من خلقهم بقدر عملهم وتضحياتهم وثباتهم.

سورة الأنعام

في سورة (الأنعام)، بعد ربع القرآن، وبعد مئات من الآيات التشريعية والتعليمية والتربوية.. تأتي الإشارة في القرآن إلى نوع من المعبودات التي يؤلهها المشركون وينسبونها إلى ظلما وجهلا فيقول:

وَجَعَلوا لِلَّـهِ شُرَكاءَ الجِنَّ وَخَلَقَهُم وَخَرَقوا لَهُ بَنينَ وَبَناتٍ بِغَيرِ عِلمٍ سُبحانَهُ وَتَعالى عَمّا يَصِفونَ  (الأنعام: 101)

والشرك بالله تعالى جريمة نكراء، وسقطة شنعاء، يرتكبُها ويقع فيها الجاهلون بحق الله تبارك وتعالى، إذ يتخذون لأنفسهم أربابا يحمدونهم من دون الله، ويصفونهم بأوصاف الله.. وينسبون إليهم ما يُنسب إلى العلي القدير، ويعاملونهم بما هو حق له وحده.. فيخصونهم بالطاعة والخضوع المطلق. ولقد تناولت الآيات السابقة على هذه الآية بيانَ بعض نعم الله على الناس من أرض وسماء! ونَعَتْ على الظالمين منهم أنهم ينسبون لله شريكا يزعمون أنه ابن له!! والإشراك بالله تعالى ظلم لا يغفره لله الغفور الرحيم لمن أصر عليه وهلك دون توبة عنه. ذلك لأنها سفاهة تامة.. يُبطلُ بها المشركُ عقله.. والعقلُ أجلُّ النعم التي وهبها الله الخالق الوهاب للإنسان، ليكون الأداة الفعالة لقيادة الإنسان إلى تحقيق الهدف من خلقه. فإذا هو حَرَم نفسه منها وعطلها.. لزِم أن ينال العقاب التربوي المناسب حتى يسترد هذا العقل.. ويعرفَ لربه حقَّه.. ويدرك جماله وجلاله، ويعلم يقينا أنه:

بَديعُ السَّماواتِ وَالأَرضِ أَنّى يَكونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَم تَكُن لَهُ صاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيءٍ عَليمٌ* ذلِكُمُ اللَّـهُ رَبُّكُم لا إِلـهَ إِلّا هُوَ خالِقُ كُلِّ شَيءٍ فَاعبُدوهُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيءٍ وَكيلٌ  (الأنعام: 102-103)

وإذن فالشريك المزعوم، والولد المدَّعَى.. ليس إلا وهماً باطلا، لا وجود له إلا في خيال هؤلاء المشركين. وما هو إلا خيال كاذب من قُبيل تلك الأشباح التي توهمها البدائيون في عصور الجاهلية، وزعموا أنها تسكن الجبال والقفار. والواقع أن أحدا منهم لم يرها إلا بخياله المرعوب وبعينه الكليلة المذعورة. ولذلك أطلق القرآن الحكيم وصف (الجن) على تلكم الآلهة المتوهمة.. لأن لفظ (الجن) يعبر أدق تعبير عن حقيقة وماهية تلك الآلهة. فكما أطلق البدائيون على الكائنات الخيالية التي لا حقيقة لها اسم (الجن)، وخافوها وزعموا أن لها من القدرات والسلطان ما تستحق به الطاعة.. كذلك سمّى القرآن باسم الجن هذا الابن المزعوم _ أيا كان _ الذي خلعوا عليه صفات وقدرات لا تنبغي إلا لله تعالى، ولا وجود له وجود له إلا في عقيدة هؤلاء الضالين. إن مادة (ج ن ن) في اللغة العربية تتضمن معنى الستر والاستتار. تقول المعاجم اللغوية:

جَنَّ الشيءَ يُجنُّه جَنّاً: ستره، وكل شيء سُتر عنك فقد جُنَّ عنك.

جَنَّ الليلُ: أظلم فستر المرئيات.

جَنَّه الليلُ جَنَّه الليلُ جَنَّا وجنونا.

وجَنَّ عليه يُجن وأجَنَّه: ستره

جّنَّ الجنينُ في الرحم، استتر.

جِنُّ الليلِ وجُنونه وجناته: شدة ظلمته، وقيل اختلاط ظلامه لأن كل ذلك ساتر.

والجَنَن: القبر والكفن لأنه يستر جثة الميت.

والجنان: القلب لاستتاره في الصدر، أو الروح لأنها مستورة في الجسم.

والمجن: الترس والوشاح والحياء.. لأنها تستر من يستخدمها.

والجُنَّة: ما واراك من السلاح؛ السترة والوقاية.

وجِنُّ الناس: معظمهم.. لأن الداخل فيهم يستتر بهم.

وجَنان الناس جماعتهم وسوادهم، وقيل دهماؤهم.

وقيل _ الجِن: ولد الجان.. وهم الجنة.

والجن خلاف الإنس.

والجنَّة الجنون، وطائف الجن.

والجِنَّة: طائفة من الجن.

والجان هو الجن أو أبو الجن، اسم جمع.

والجن هم الملائكة.. قال الأعشى يذكر سليمان :

وَسَخَّرَ مِنْ جِنِّ الملائكَةِ تِسْعَةً قِيَاماً لَدَيْه يَعْمَلُونَ بِلا أَجْر

وقوله جن الملائكة أي الملائكة الجن يعني المستترة.

فكل ما استَتَر أو خَفِي أو نأَى فهو جنّ.. وأيضا كل ما أَخْفَى أو سَبَرَ أو غَطَّى أو غَلَبَ على غيره فهو جن. فمثلا:

جِنُّ الشباب أوَّله، وجدّته ونشاطه.. لأنها الصفات الغالبة عليه. وجِنُّ المرح كذلك. يقال خذ الأمر بجنّه أي حدثانه.

وجِنَّ النبت: زهره ونوْره.. لأنه يجذب الأنظار إليه فيكون المظهر الغالب على النبات، فكأنه يستره. وجُنَّ النبتُ جنونا غلُظ واكتهل. وجُنَّت الأرض جاءت بشيء معجب، وإذا أعتم نبتها. وجُنَّ الذباب: كثر صوته وترنمه.

وجنون النبت طوله والتفافه، وجنون السنام تموكه وطوله. والجَنَّة الحديقة ذات الشجر والبستان.. لأن أشجارها تستر الأرض.

والجان الحية.. لسرعة اختفائها أو لاستتارها عادة.

فالتميز والشدة والعنفوان جنون.

ولقد أطلق الناس في زمن الجهالة الأولى اسم (الجن) على كائنات وهمية زعموا أنها موجودةٌ في الأماكن النائية عن العمران، وحسبوا أن ما تحدثه الرياحُ من زمجرة وعويل هو من أصواتها، وتوهموا أن ما يتراءى لعيونهم المجهدة الخائفة هو من أشباحها. ولقد علمنا أن اللغة العربية تستخدم مادة (ج ن ن) للتعبير عن كل ما من شأنه أن يستُر أو يجذب الأنظار (أو بلغة السنما: يسرق الكاميرا). وهكذا حُق للقرآن أن يطلق وصف الجن على تلكم الآلهة: لأنها وهم خيالي خفي عن عيون المشركين بل وعن الوجود كلية، ذلك دلالة على مدى ما في الإشراك بالله من زيغ وضلال وبطلان. لقد أطلق البدائيون اسم الجن على خيالات زعموا وجودها بغير علم ولا سلطان ولا تحقق، وهكذا فعل الجاهليون إذ زعموا أن في السماء أو في الأرض أبناء وبنات نسبوها إلى الخالق .. نسبوها إليه بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير!! فهي كائنات جديرة بوصف (الجن) حقاً وصدقاً. إن الآية القرآنية تعني بقول شركاء الجن .. أنهم شركاء من صنع الجهل ونسج الخيال وتجسيد الأوهام.

وتعالى الله أن يكون له من تلك الأباطيل المنتحلة شريك، فإن مظاهر قدرته وعظمته، ودلائل جلاله وكماله تملأ الكون كله. تعلن أنه السبوحُ القدوس.. المنزهُ عن أي نقص. المتصف بكل حسن. إنه تبارك وتعالى غيبٌ لا تدركه الأبصار، ولكنه مشهود للعقل.. منظور بالبصيرة.. يُرى في آياته، ويُسمع في مخلوقاته. أما تلك الشركاء المزعومة فما أعجزها وما أقبحها!! أُلوهيتها لا يقبلها عقل سليم، ولا يشهد لها واقع. إن الله هو الإله الحق.. ومع أنه حقاً كما قال:

لا تُدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير (الأنعام: 104)

فقد تحدث إلى خلقه، وبيّن لهم طريق الهداية والرقي، بما يشهد له أنه: الحيُ القيوم.. الخالق القدير.. اللطيف الخبير. وشتان ما بين الغيب والوهم. فالغيب موجود فعلاً وإن خفي عن الحواس الجسدية، لأنه إنما يدرك بالملكات المناسبة المؤهلة لإدراكه.. الملكات الروحية من فكر وقلب. أما الوهم فهو عدم.. يخترعه الخيال السقيم.. في غيبة العقل السليم.

وتمضي آيات سورة (الأنعام) تلومُ أولئك الذين ينصرفون عن آيات الله، وينساقون إلى الشرك.. فيعبدون آلهة ليس لها حضورٌ في عالم الواقع، وما هي إلا خيالات في أذهانهم المشوشة، يصرون عليها ويضللُ بعضهم بعضاً بقول مُزخرفٍ ولكنه زورٌ وباطل، يقاومون به دعوات الإصلاح والهداية التي يأتي بها أنبياء الرحمن. تقول الآية:.

وكذلك جعلنا لكل نبي عدواً شياطين الإنس والجن يُحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غروراً. ولو شاء ربك ما فعلوه. فذرهم وما يفترون (الأنعام: 113)

وكلمة (شياطين) جمعُ شيطان من مادة (ش ط ن)، وتعني البُعد، يقال شطنت الدار: بعدت، وشطن عنه: خالفه عن قصده ووجهته. فالمؤثر الذي يُبعد الإنسان عن الحق والخير، وينأى به عن الهدى والصواب يُسمّى شيطاناً. والذي يسعى ليُغيّر وجهة المرء من طريق صالح إلى طريق فاسد أو أقل صلاحاً هو شيطان. ومثلُ هذا المؤثر المضلل قد يأتي الإنسان من الخارج أو ينبع من داخله. فشيطان الخارج قد يتمثل في دعوة من شخص فاسد، أو إغواء من فاسق، أو تزيين من ماكر. وقد يكون شيطانُ الباطن كامناً في شهوة أو عاطفة أو غريزة أو رغبة أو خاطر أو نحو ذلك.

وإذا كان المؤثر المحرّض بشراً سُمّي (شيطان الإنس)، وإذا كان المؤثر خفيّاً في داخل الإنسان سُمي (شيطان الجن). والشيطان الذي يقف في طريق دعوة الأنبياء إما أن يكون شخصية كبيرة.. أو بتعبير العصر: شخصية قيادية.. فإنه يُدعى في التعبير القرآني (شيطان الجن).. ذلك لأن هؤلاء الكبراء يتصفون عادة بالكِثر الذي يجعلهم بمنأى عن عامة الناس. أو يكون مناهضو الأنبياء من عامة الناس.. أو الجمهور بتعبير اليوم.. فيسمى (شيطان الإنس). فلفظ (شيطان) اسمٌ وصفي.. وليس عَلَماً على أحد بعينه. قد يكون الشيء شيطاناً في موقف، ولا يكون شيطاناً في موقف غيره. فشعور الجوع مثلاً يدفعُ المرء إلى طلب الطعام.. وهذا عملٌ مشروع، فإذا دفع الإنسان إلى تناول طعام محرّم أو ضارٍّ بصحته كان الجوعُ أو طلبُ الطعام في هذه الحالة شيطاناً. وكذلك التفكير في شؤون الحياة وأمور العمل واجبٌ على كل إنسان، ولكن إذا شغله ذلك عن الانتباه في صلاته مثلاً كان شيطاناً. وكأن الآية الكريمة تبين أن المشركين إذ يتبعون سدنة الأصنام وكهنة المعابد.. ويعبدون تلك الآلهة الباطلة، يكونون قد انشغلوا عن دعوة الحق التي أتاهم بها نبيهم من عند الله تعالى، وهم بتصرفهم هذا المتسم بالحمق يبتعدون عن الصراط السوي. وجدير بهم أن يُسمّوا (شياطين الإنس).. فكلهم مشارك في الفساد، يُغري بعضهم بعضاً بباطل من الأماني التي لن تجديهم نفعاً، والله تعالى قادر على أن يزيحهم من طريق الدعوة، ولكن اقتضت مشيئته أن يكون للبشر حريةٌ وإرادة.. يختار بها العبادة عن رضىً واقتناع، وأن يعصي أو يكفر برغبته. والجزاء يأتي بعد فرصة الاختيار والتفكير والتجربة. ويكون الارتقاء والنعيم لمن أحسن الاختيار، والحسرة والعذاب الأليم لمن عطّل ملكاته وعقله فأساء الاختيار. أما موقف النبي من هؤلاء الشياطين جميعاً فيتلخص في أمر الله تعالى ذرهم أي دعهم ولا شأن لك بهم بعد التبليغ. وإذا كانت مشيئة الله أن يتركهم أحراراً يختارون الإيمان أو الكفر فليس للنبي أو غيره أن يتجاوز حد التبليغ.

لقد حكى القرآن عن كثير مما جرى بين الأنبياء.. ومنهم المصطفى صلوات الله عليهم جميعاً.. وبين أقوامهم، وأوضح أن المعارضة لمنهج الله والمقاومة لدعوة الأنبياء كانت في كل مرة تأتي أول ما تأتي من جانب الملأ الذين استكبروا . هؤلاء غالباً ما يجدون في أنفسهم من جموح الغرور ما يدعوهم للاستكبار والإباء والنفور من قبول النصح. إنهم أصحاب السلطة والجاه والمال.. وهم المنتفعون قبل غيرهم من غلبة الجهل وانتشار الفساد.. حيث ينعمون معاً بعائدات المنصب ومكاسب الجاه. وهم القادرون ـ بسبب مراكزهم القيادية وسلطانهم الديني ـ على أن يزخرفوا القول لضعاف النفوس وقليلي العلم من أتباعهم.. ليسيروا خلفهم في معارضة الدعوات الإصلاحية؛ ويبذلون في سبيل ذلك كل ما في وسعهم من قوىً مادية، وما تفرزه نفوسهم الجشعة من أباطيل وافتراءات.

التاريخ لا ينسى كهنةَ اليهود الذين كذّبوا عيسى ، ورموه وأمه الصديقة بكل فرية وإفك. ولا ينسى زعماء قريش من أمثال أبي لهب وأُبيّ بن خلف.. الذين اتهموا الصادق الأمين بالكذب والجنون والسحر. وفي المدينة.. وقف صاحب الملك الضائع والزعامة المفقودة.. شيخ المنافقين عبد الله بن أبي بن سلول وراء المؤامرات والفتنة، يحرض العامة على محاربة النبي وافتراء الكذب عليه، والتطاول على شرفه الرفيع بالزور والبهتان.

الآية القرآنية تتناول هذا النوع من البشر.. ووصفتهم بأنهم شياطين، وصنّفتهم صنفين: دعاة الفساد وزعماء الفتنة وهم “شياطين الجن”، وجهلة العامة ممن يمشون مغمضين خلف كلِّ زاعق وناعق.. وهم “شياطين الإنس”. هذه عادة البشر في القديم والحديث.. كل دعوة صالحة يقف لها شياطين الجن والإنس بالمرصاد.. والله من ورائهم محيط يحصي عليهم أفعالهم.. ويفسِد عليهم مكرهم.

ويلاحظ في الآيتين السابقتين أن القرآن الكريم استعمل كلمة (جن) في معنيين مختلفين.. ولكنهما يحملان ظلالاً لما تدل عليه مادة (ج ن ن) من الخفاء أوالإخفاء.. كما هو وارد في قواميس اللغة. والقرآن الكريم نزل على العرب بلغتهم، بيد أنه يتميز بأسلوب خاص، يجعلُ له مبنىً وجرْساً فريداً.. أكسبه تلك الخصائص البلاغية التي عرَفها له العرب، وسلموا له بأنه القمة في البلاغة وجمال الصياغة. ومن سمات الأسلوب القرآني أنه يستعمل ألفاظاً عربية ذات دلالات معينة، فيسبِغ عليها استعمالات حديثة اصطلاحية.. ويكسبها معان قرآنية إسلامية خاصة.. ومع ذلك يبقى لها بعض دلالتها الأصلية وتعكس ظلالها.

ولنتأمل مثلاً كلمة (الصلاة)، فهي كلمة عربية تعني التوجه بالدعاء والمناجاة إلى الإله المعبود. ولقد استعملها القرآن المجيد بهذا المعنى أحياناً كما في قوله تعالى:

قد أفلح من تزكى * وذكر اسم ربه فصلى (الأعلى: 15-16)

وسورة الأعلى من أول ما نزل من القرآن، وكلمة (صلّى) تعني هنا: دعا ربّه وتوجه إليه كلما تذكّر صفات الله تعالى. واستخدمها القرآن بمعنى الدعاء كما في قوله تعالى:

..وصلّ عليهم إن صلاتك سكن لهم (التوبة: 103)

ولمّا شرع الله فريضةً تعبدية تشتمل على ركوع وسجود ودعاء وتسبيح وتكبير.. سُمّيت في القرآن باسم (الصلاة). يقول القرآن:

يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون* فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض.. (الجمعة: 10)

فالصلاة هنا هي الصلاة الاصطلاحية بشروطها ومواقيتها المحددة.

ولما كانت نظرة الرضا من الله العلي الكبير ترفع منزلةَ العبد وتقربُه من رحمة الله وإحساناته، فكانت بذلك بمثابة الصلاة المقبولة من العبد الصالح.. أطلق القرآن عليها اسم (الصلاة) في قوله تعالى:

هو الذي يصلّي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور.. (الأحزاب:44)

والملائكة تحمل البشرى للمؤمنين فتُطمئن قلوبهم، وتشرح صدورهم، وتبشرهم بقربهم من الله تعالى.. لذا ذكرت الآية السابقة فعل الملائكة هذا باسم (الصلاة)، عطفاً على ما قبلها. ولا يليق بعاقل أن يتصور صلاة الله تعالى على أنها دعاء للمؤمنين، أو أن صلاة الملائكة ركوع وسجود كما يفعل البشر. ولو دار بذهن أحد شيء من ذلك لوقع أمور لاتجوز في حق الله تعالى، ولاتصح بالنسبة للملائكة، ولأفسد على نفسه فهمَ معنى الآية القرآنية، وضيّع فرصة الانتفاع بها.

وهناك كثير من الكلمات العربية التي استعملها القرآن لدلالات خاصة، ولم يُرِد تماماً المعنى الأصلي الذي استعمله العرب الجاهليون؛ ولكن ظلال المعاني لا تزال تشع في الاستعمال القرآن المجيد. من هذه الكلمات: الساعة، القيامة، البعث، الأُولى، الآخرة، الحياة، الموت، الزكاة، الهجرة، المعصية، الشهادة، الصدقة.. وغيرها كثير. ولفظ (الجن) من الكلمات التي وردت في القرآن الكريم مرات عديدة، لتؤدي من المعاني ما يحمل ظلالاً من مادة الكلمة، ولكنها لا تتفق مع المفهوم الخرافي الذي شاع بين المتخلفين من أهل البادية ومن أخذ عنهم.

ولقد رأينا من الآيات السابقة في سورة الأنعام كيف أن كلمة (الجن) تعني الآلهة الخيالية المزعومة والمتوهمة، وتعني أيضاً فريقاً من البشر المتميز بموقعه الخاص بين قومه.

ونوالي النظر في الآيات القرآنية لنتعرف على استعمالات الكلمة في الموقف والمناسبات المختلفة..

تستمر سورة “الأنعام” في سرد أحداث يوم الحساب، وتوجه الخطاب إلى المكلفين من الإنس والجن.. أي من عامة الناس ومن خاصتهم.. من الرعية ومن الرعاة.. من الأتباع ومن القادة، فتقول:

ويوم يحشرهم جميعا. يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس. وقال أولياؤهم من الإنس: ربنا استمتع بعضنا ببعض، وبلغنا أجلنا الذي أجّلتَ لنا. قال: النار مثواكم خالدين فيها إلا ما شاء الله، إن ربك حكيم عليم (الأنعام: 129)

أما وقد وقف شياطين الجن والإنس يعارضون دعوة الحق ويصدون عن سبيل الله، وجاء يوم الحساب، يوم يجمعهم مالك يوم الدين ويكشف لهم عن أعمالهم.. فيقول لأصحاب القيادة في الفساد وأهل الرياسة في الباطل: يا جماعة الرؤساء، إنكم اتخذتم كثيراً من العامة أتباعاً لكم.. توجهونهم وجهة الشر الذي تريدون، ومحاربة الخير الذي ترفضون. كما أنكم سخّرتم كثيراً من رعاياكم، تصعدون على أكتافهم، وتعلّلونهم بالأماني والأكاذيب، وتنهبون أرزاقهم بسلطانكم الجائر، فضللتموهم بطغيانكم، وزادوكم فساداً باستسلامهم لكم.

كما أنكم جعلتم لهوَى الجماهير الساذجة قيمةً كبرى، فتغرونهم بفعل ما يرضيهم، وتستجدون أصواتهم الانتخابية وتأييدهم السياسي بتملق مشاعرهم، وأغفلتم في سبيل ذلك أمانة الله التي في أعناقكم، ولم ترشدوهم ولم تنصحوا لهم، ولم تؤدوا إليهم حقوقهم التي لهم عليكم. وحين ينكشف النقاب عما كان يدور بين الكبراء والأتباع.. يبادر هؤلاء إلى الاعتراف بأنهم قد اشتغلوا فعلاً بتحصيل الفُتات الذي كان يُلقِي به سادتهم إليهم، وأنهم استمتعوا بزائلٍ من المال والجاه، وأنهم سرعان ما انقضى أجلُهم، ولم ينتبهوا إلا بعد فوات الأوان. كما أن السادة قد استمتعوا بدورهم، فكان لهم السلطان والجاه والعزّ والثراء.

ومثل هذا العذر لقبيحٌ غيرُ مقبول عند الحكيم العليم، لأنه تبارك وتعالى زوّد كل امرئٍ بنعمة العقل التي يميّز بها بين الخير والشر. ومنحه حرية الاختيار والإرادة ليتجه حيث شاء. إن الجزاء العادل المناسب لكل من السادة الضالين، والتابعين لهم على طريق الضلال من منافقيهم وأذنابهم.. هو ألم الحسرة وعذاب السعير.

إن الله الحكيم قد جعل لبني الإنسان الحواس والملكات والإدراك، ورسم لهم منهاجاً سماوياً لو أنهم اتّبعوه.. حكاماً ومحكومين.. لحقَّقوا الغرض من خَلْقِهم.. ولجعلوا الأرض جنة تتجاوب في أرجائها أصداء تسبيحهم لربِّهم. والله العليم محيطٌ بكل ما ارتكبوه من فساد، عليمٌ بنصيب كلٍّ منهم ودوْرِه ومسئوليته، ولذلك فالجزاء عادل.. لأنه نابعٌ من علمه وحكمته .

ولقد جرت سُنّة الله تعالى أن يكون الجزاء من جنس العمل. ومن يضعُ الأمر في غير موضعه الصحيح هو ظالمٌ لنفسه ولغيره. كل امرئٍ عليه واجبه ومسئوليته قِبَلَ نغسه وقِبَلَ غيره، وإذا تهرَّب منها واشتغل بغيرها اختلَّ نظامه، وهدّد نظام غيره بالخلل. وهكذا إذا ظلمت الرعيّة بانحرافها عن المنهج الإلهي تسلَّط عليهم حكّامٌ على شاكِلتهم. وإذا فسد الحكّام وسكتت الرعيّة عن النُّصح لهم ونافقوهم.. حقَّ القولُ عليهم جميعاً ودُمِّروا تدميراً.. مصداقاً لسنّة الله تعالى:

وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً (الإسراء: 17)

وبعد نعمة العقل والحواس والملكات.. أعذر الله الخلق المكلَّف بالخلافة والعبادة.. إذ أرسل إليهم جميعاً.. في كل الأزمنة والأمكنة.. رُسلاً منهم.. معروفين لهم بالاستقامة والأمانة والصدق.. فحملوا لهم المنهجَ الذي ارتضاه الله لخلافته وعبادته في الأرض… وحذَّرهم مغبَّة المخالفة عن أمره. ذلك المنهج من لدن الحكيم العليم.. يُعطي كلَّ ذي حقٍّ حقَّه، ويطالب كل فردٍ بأداء واجبه والوفاء بمسئوليته.

وتمضي السورة تبيّن لنا من عالَم الغيب هذا الموقف من يوم الحساب.. ليكون تذكرةً وتبصرة:

يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ، أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَـذَا؟ قَالُواْ شَهِدْنَا عَلَى أَنفُسِنَا. وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ (الأنعام: 131)

نداء واستفهام للتقرير والتقريع. ينادي: يا جماعة الكبراء ويا جماعة العامّة! يا جماعة القادة ويا جماعة الأتباع، يا معشر أولي الأمر ويا أيها الرعيّة! هل تعترفون بأن الله أرسل إليكم رسلاً من بينكم.. تعرفونهم ويعرفونكم.. تشهدون لهم بالصلاح، وحُسن الخلق، وشرف الكلمة، وطهارة السيرة. أقاموا الأدلة البيِّنة على أنهم من عند الله تعالى.. وبلَّغُوكم منهج الحياة الذي ارتضاه الله لسعادتكم، وحذَّروكم سوء العاقبة إذا خالفتم منهج الله؟ فلا يملكون إنكاراً، ويبادرون إلى الاعتراف والتسليم.

ولكن الفريقين كانوا منغمسين في ملذات الدنيا ومطالب العيش، وغفلوا عمَّا وراء ذلك. فلا جزاء لهم إلا سوءَ حالهم، وضياع دولتهم، وكسْر شوكتهم، وخراب عامرهم.. جزاءً وفاقاً لسوء سلوكهم وتعاميهم عن سواء السبيل.. مصداقاً لقوله تعالى:

ذَلِكَ أَن لَّمْ يَكُن رَّبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ (الأنعام: 132)

وتمضي الآيات التي تخاطب الجِنّ والإنس.. لتقرِّر أن الله تعالى لا يغيب عنه ما يفعله كل فرد منهم، وأنّ كلّاً منهم سينال جزاءه الذي يستحقّه بحسب عمله. وسردت الآيات بعضاً من أباطيلهم.. إذ حلَّلوا وحرَّموا من الأنعام كما زيّن لهم هواهم، مع أنّ الله تعالى خلقها لمنفعة الناس جميعاً.

فسياق السرد القرآني لا يُفهم منه ما يُخرج المخاطبين عن مألوف البشر، غاية ما في الأمر أنه يبيّن أن مسئوليّة البشر عامة.. يشترك فيها الحكّام والرعيّة، وأنّ الهداية الربانيّة عامّة ليهتدي بها الخاصّة والعامّة، وأنّ الرُّسلَ للبشر وهُم منهم. والنبيّ الأعظم محمد المصطفى .. هو نبيٌّ للإنس والجِنّ بلا خلاف. والكتابُ الذي أُنزِلَ عليه – أي القرآن المجيد – يخاطب الجِنّ والإنس. فلا مناصَ من أنْ يكون الفريقان اللذان أُرسِل إليهما رسولٌ منهما من جنسٍ واحد.. أي من البشر. وخلاصة القول إنّ الفريقين جنسٌ واحد، ولا فرق بينهما إلا في بعض الخصائص التي تتعلق بالوظيفة الاجتماعية أو المركز الأدبي بين الناس.

ولا بأس من زيادة الإيضاح هنا؛ فنذكِّر أنفسنا بأنّ الفئة الحاكمة سُمِّيت في القرآن (جِنَّاً) لأنّ صفة الخفاء أو الإخفاء تلازمهم من زاويتين: الأولى – لأنهم في العادة ناءون عن العامّة والرعية بحكم مراكزهم القياديّة.. خلفَ أسوار قصورهم وأبواب عروشهم.. يحجبُهم الحراسُّ والحجَّاب عن الناس. والثانية – لأنهم يحجبون الناس ويغطُّون عليهم إذا كانوا معهم.. ذلك لأن زخارف الملك وبهارج السلطان تبهر العيونَ وتجذب الأنظار نحوهم، فلا يُرى في وجودهم غيرُهم. ولعلّنا نستحضر صورة أحدهم عندما تتركز عليه عدسات التصوير وبريق الأضواء.. فلا يظهر على شاشة التلفاز إلا مُحَيَّاه، ولا تقع العيون إلى على طلعته البهيّة.. وكل شخصٍ سواه مجرّد خلفيَّةٍ للصورة.. أو «ديكور» لإبراز الأصل دون أن يلفت هو الأنظار!

Share via
تابعونا على الفايس بوك