أسلوب سيد المجددين في تبليغ الحق المبين

أسلوب سيد المجددين في تبليغ الحق المبين

حضرة مرزا طاهر أحمد (رحمه الله)

حضرة مرزا طاهر أحمد (رحمه الله)

الخليفة الرابع للمسيح الموعود (عليه السلام)

 

خطبة الجمعة الرابعة عشرة من مجموع ثماني عشرة ردَّ فيها حضرة ميرزا طاهر أحمد أيده الله على تُهم باطلة ألصقتها حكومة باكستان بجماعتنا ونشرتها في كتيب تحت عنوان “القاديانية خطر رهيب على الإسلام” أثناء حملتها الشرسة ودعايتها الكاذبة ضد جماعتنا ومؤسسها

أُلقيت بمسجد الفضل، لندن بتاريخ 19 أبريل 1985 (القسط الثاني)

بتاريخ 26/4/1984 أصدر الدكتاتور الباكستاني الراحل الجنرال ضياء الحق حكماً غاشماً يحرم المسلمين الأحمديين من حقّهم في إعلان دينهم الإسلام الذي يدينون به من الأعماق، أو النطقِ بالشهادة (لا إله إلا الله محمد رسول الله)، أو إلقاء تحية الإسلام، أو الصلاة على النبي ، أو رفعِ الأذان للصلاة، أو قراءة القرآن الكريم، أو كتابة آياته أو حيازتها، أو تسمية أنفسهم بأسماء المسلمين، إشارة أو صراحة، شفوياً أو كتابةً، أو تسمية مساجدهم مساجد!! الأمر الذي كان ولا يزال يحرّض المشائخ المتعصبين وأتباعهم الجهلة على قتل المسلمين الأحمديين المسالمين، وعلى تدمير بيوتهم وهدم مساجدهم، كما يبشرهم هذا القرار بتغاضي الحكومة عن جرائمهم.

وبعدها نشرت حكومته كتيباً باسم “القاديانية.. خطر رهيب على الإسلام” لتبرير ما قام به هذا الدكتاتور ضد الأحمديين من إجراءات جائرة منافية لتعاليم الإسلام السمحاء وسنة نبي الرحمة ، وسمّت الحكومة هذا الكتيب “البيان الأبيض” وكان الأجدر أن يطلق عليه “البيان الأسود” لما فيه من أعذار سخيفة لتبرير هذا القرار الفرعوني الغاشم، تسوّد وتشوّه وجه الإسلام الأغرّ. ولقد قام إمام الجماعة الإسلامية الأحمدية سيدنا ميرزا طاهر أحمد ـ أيده الله تعالى بنصره العزيزـ بالرد على هذا “البيان الأسود” محلّلاً ومفنداً بعون الله كل أعذارهم السخيفة عذراً عذراً، في سلسلة طويلة من خطب الجمعة (ثماني عشرة خطبة)، في أوائل سنة 1985م.. ننشرها مترجمة من اللغة الأردية لفائدة القراء المنصفين، وإليكم فيما يلي القسط الثاني والأخير من الخطبة الرابعة عشرة. “التقوى”

رأي الشيعة عن معارضيهم

قد يظن بعضكم أن الشيعة يمكن أن يكونوا قد اتخذوا موقفاً أكثر ليونة نسبياً تجاه من يخالفهم الرأي.  لذا أرى من الأنسب أن نستعرض فتاواهم أيضاً حتى تعرفوا رأي الشيعة عن أهل السنة. تقول الفتوى: “عند الفرقة الحقة الشيعة لا يجوز نكاح امرأة من أهل الشيعة مع أحد من غير الشيعة الاثنا عشرية وذلك لأنهم لا يعتبرون غير الاثنا عشرية مؤمنين. والمسلم الذي يعتقد بغير اعتقاد الشيعة الاثنا عشرية ليس مؤمناً عند الشيعة بل هو مسلم”. هنا قالوا قولاً معقولاً بعض الشيء لا بد أن نشيد به. ومن هنا فهمنا أيضاً سبب اعتبارهم أنفسهم مؤمنين. إنهم يؤسسون اعتقادهم على تعليم القرآن الكريم. وقد استخدموا العقل والحكمة أكثر من علماء أهل السنة إذ قالوا بأن القرآن يسمح لكم ألا تعتبروا أحداً مؤمناً إذا شئتم ذلك، ولكن إذا أحب أن يُدعى مسلماً فدعوه يفعل. وهذا موقف معقول جداً.

على أية حال لو عُقد القِرانُ رغم ذلك بين الشيعي وغيره فما ذا يفتي به الشيعةُ في هذه الحالة؟ يقول نجل العلامة الحائري العالم الكبير من الشيعة:

“لو عُقد القران رغم المعرفة بالأمر لكان القران باطلاً والأولاد يعتبرون أولاد الزنا حسب الشريعة” . (الحكم القاطع في مسألة النكاح بين الشيعة وأهل السنة، المسمى بـ “النظر” للسيد محمد رضي الرضوي القمي بن العلامة الحائري، مطبعة لال ستيم بريس لاهور، ص2)

وهناك فتوى أخرى تقول: “الذين يرتابون في أمر الأئمة الأبرياء يجب أن تتزوجوا من فتياتهم ولكن لا تُزوِّجوا فتياتكم منهم لأن الزوجة تتأثر من الزوج. والزوج يجر الزوجة إلى دينه قهراً وجبراً”. (المرجع السابق، ص16)

لا شك في أن اللغة المستخدمة في الفتوتين لينة نسبياً وتحمل قسطاً من المعقولية، وقُدّمت فيها بعض البراهين أيضاً. أما فيما يتعلق بالأحمدية فإنها لم تصدر فتوى تحرم صراحة أو تلميحاً مثل هذه الزيجات كما لم تحرم العلاقات الزوجية حتى تضطر لاستخدام مثل الكلمات القاسية المذكورة أعلاه.

كفر البرويزيين والجكرالويين

لم تبق الآن إلا الفرقة البرويزية والجكرالوية، فقد جاء في فتوى البريلويين والديوبنديين ضدهم:

“الفئة الجكرالوية منكرة لمنصب سيد الكون ومرتبته ومكانته التشريعية، وعدوة شديدة لأحاديثه الشريفة. إن هؤلاء البغاة على رسول الله قد فتحوا جبهة قوية ضده . هل تعرفون ما هو جزاء الباغي؟ الرصاص فقط”!! (المجلة الأسبوعية “رضوان” لاهور، عدد خاص بالفئة الجكرالوية، الناطق الديني باسم أهل السنة والجماعة، عدد21 إلى 28 فبراير عام 1903، ص3، الناشر: السيد محمود أحمد رضوي، لاهور باكستان)

ثم يورد ولي حسن تونكي الأحكام السارية المفعول على الفئة البرويزية:

“غلام أحمد برويز كافر وخارج عن دين الإسلام بحسب الشريعة المحمدية. فلأجل ذلك لا يجوز لسيدة مسلمة أن تظل في نكاحه، كما لا يمكن إنكاحه من امرأة مسلمة، ولا تُصلّى عليه صلاة الجنازة، ولا يُدفن في مقابر المسلمين. وهذه الفتوى لا تنطبق على “برويز” فحسب بل تنطبق أيضاً على كل كافر، ومَن وافقه على عقائده الكافرة. وما دام البرويز مرتداً فلا يجوز شرعاً إقامة أي نوع من العلاقات الإسلامية معه”. (الفتوى الصادرة من الشيخ ولي حسن تونكي مفتي ومدرس في المدرسة العربية الإسلامية، ومحمد يوسف البنوري شيخ الحديث في المدرسة العربية الإسلامية، نيو تاؤن كراتشي)

والآن أقرأ على مسامعكم بما أفتى عنهم السيد أمين أحسن إصلاحي الذي كان فيما سبق على مسلك السيد المودودي، فجاء في الفتوى:

“.. أما إذا كان المقترحون بذلك يقصدون أن الشريعة مقتصرة على ما ورد في القرآن فحسب، وكل ما عداه ليس بشريعة، فقولهم هذا كفر بواح. هذا الكفر يشبه كفر القاديانيين تماما بل هو أشد وأكبر”. (جريدة “تسنيم” الصادرة في لاهور عدد 15، أغسطس 1952م ص14)

يقولون بأفواههم إن كفرهم يشبه كفر القاديانيين بل هو أشد وأكبر منه، ولكنهم يعاملونهم على أرض الواقع معاملة غير التي يعاملون بها الأحمديين. لماذا هذا الفرق بين قولهم وفعلهم وما النتائج العقلية التي يمكن أن نستمدها من ذلك؟ سوف ألقي الضوء عليه في خطبة منفصلة بإذن الله. غير أن هناك فتوى أخرى تقول ما معناه: “صلاة الجنازة على أطفال الشيعة محرمة أيضاً”. (المجلة الشهرية “تعليم القرآن” الصادرة في مدينة راولبندي، نيسان/ أبريل 1967 ص42-43)

ارتداد أهل الحديث

علاوة على الديوبندية هناك فرقة أخرى تُدعى أهل الحديث. لا يوجد فارق كبير بين هاتين الفرقتين إلا أن أتباع إحداهما مقلدون والآخرون من غير المقلدين. لذا فقد صدرت الفتوى المنفصلة عن أهل الحديث، وجاء فيها: “الوهابيون وغيرهم من المقلدين كفار ومرتدون بإجماع علماء الحرمين الشريفين، ومن لم يعتبرهم كفاراً أو ارتاب في ذلك بعد اطلاعه على أقوالهم الملعونة فهو أيضاً كافر مثلهم. والصلاة بطبيعة الحال لا تصلح وراءهم، وذبيحتهم حرام، وزوجاتهم قد خرجن من نكاحهم. ولا تجوز مناكحتهم من مسلم، كما لا يجوز من كافر أو مرتداً.

مأساة أهل الحديث المساكين هي أنهم لا يستطيعون التزواج مع الكفار والمرتدين أيضاً ولا تجوز العشرة معهم. كذلك إلقاء السلام عليهم والكلام معهم حرام كله. والأحكام المفصلة عنهم واردة في كتاب مستطاب “حسام الحرمين”. (الفتاوى الثنائية ج2 ص209 المطبوعة في مومبائي، للحاج محمد داود راز الخطيب في جامع أهل الحديث)

نار الضغينة

هذا وهناك فتاوى كثيرة أخرى في هذا الصدد وهي ممتعة جداً إن صح التعبير، لكنني أتركها جانباً لضيق الوقت. يقول أصحابها إننا نصدر هذه الفتاوى للإيضاح أن مناكحة الفرقة المذكورة أعلاه لا تجوز مع المسلمين فحسب بل لا تجوز مع الكفار أو المشركين أيضاً، أي لا تجوز مع أي إنسان، وأولادهم لا بد أن يعتبروا أولاد الزنا في كل الأحوال. ولا تخمد نار غضبهم وغيظهم بعد إدلائهم بهذه البيانات القاسية أيضاً بل يتمادون في ذلك ويقولون: “لو تزوجوا من حيوان وكان لهم أولاد لاعتبروا أولاد الزنا لا محالة ولحرموا من الإرث”. (اختصاراً عن كتاب “الملفوظ” الجزء الثاني ص97-98 للمفتي الأعظم في الهند) إن نار الغيظ والضغينة هذه تتأجج في صدور هؤلاء المشائخ ضد بعضهم بعضا وتجري على ألسنتهم وأقلامهم بصورة موجات الظلم والاضطهاد، والناسُ عنها متعامون. إنهم لا يرون إلا فتوى الأحمدية رغم كونها الأكثر ليونة ولباقة ومعقولية. ولا يمكن أن يُخرجوا لنا من فتاواهم ما يحمل عشر معشار الأدب والليونة واللباقة الموجودة في فتوى الأحمدية.

المودودي دجال وضال وكافر

قد يظن البعض أن جماعة المودودي هي الوحيدة التي بقيت داخل دائرة الإسلام حسب رأي بقية العلماء لذا يجب أن تُعامل معاملة مختلفة. ولكن الأمر- لسوء الحظ- ليس هكذا إذ يقول السيد محمد صادق مدير المدرسة «مظهر العلوم» كراتشي بباكستان: «لقد قال النبي إن الدجالين الثلاثين سوف يظهرون قبل الدجال الحقيقي، وسوف يمهدون الطريق له. والمودودي، حسب رأيي، أحد هؤلاء الدجالين الثلاثين» (أسباب سخط علماء الحق على المودودية ص،97،للمولوي أحمد علي)

قد يقول البعض إن صاحب هذه الفتوى شخص غير معروف في الأوساط الدينية، فأقول: إن الشيخ المفتي محمود معروف لدى الجميع فهو قول في فتواه: «إنني اليوم أفتي في نادي الصحافة بمدينة حيدر آباد أن المودودي ضال وكافر وخارج عن الإسلام. الصلاة وراءه أو وراء أي من المشائخ المنتمين إلى جماعته باطلة ومحرمة قطعا. والتعامل مع جماعته كفر بواح وضلال. إنه عميل لأمريكا والرأسماليين، إنه موشك على الهلاك ولا قوة تقدر على إنقاذه منه الآن» (الحياة) عدد 10 نوفمبر1969،ص30)

التعارض بين القول والفعل

من المعروف أن حكومة باكستان الحالية مستندة إلى دعامتين: إحداهما الفرقة الديوبندية التي يمثلها السيد المفتي محمود وندماؤه، والثانية: الجماعة الإسلامية التي كان يتزعمها السيد المودودي الذي قرأتم في حقه فتوى المفتي محمود آنفا. وتأملوا الآن في خطورة الموقف السائد، فقد ران الفسادُ والضلال والتناقضات على الجو في كل حدب وصوب. يقولون شيئا بأفواههم ويفعلون شيئا آخر ثم يَشْكُون منا. ومن أهم شكاويهم أن السيد ظفر الله خانْ لم يصلّ صلاة الجنازة على القائد الأعظم، مؤسس باكستان، ولا يفكرون في أنهم بدورهم لا يملّون من إصدار الفتاوى بعضهم ضد بعض، يقولون مَن صلى صلاة الجنازة على أصحاب مذهب كذا وكذا خرج من الإسلام وحرمت عليه زوجته أيضا…. ومن المعروف أيضا أنهم سموا القائد الأعظم، مؤسس باكستان «بالكافر الأعظم» بل زادوا وقالوا إنه قد خذل الإسلام من أجل مومسة. ولكنه لم يخرج من دائرة الإسلام رغم قولهم هذا. وقالوا أيضا بأنه لا تجوز صلاة الجنازة على الشيعة ومن فعل ذلك أصبح كافرا تلقائيا حسب فتاواهم ورغم ذلك كله يعترضون أن السيد ظفر الله خان لم يصل عليه صلاة الجنازة. إذن لا تحتوي تصرفاتهم على منطق معقول أو حجة أو برهان، ولا تناسُقَ في أقوالهم بل هي مجموعة من التناقضات والهراء، ولا حقيقة لمعارضتهم أكثر من ذلك.

رأي المودودي عن عامة المسلمين

وبقي أن نستعرض رأي السيد المودودي الذي يُعَدُّ شخصا عاقلاً ويُظن أنه مسلم مثقف وقد يحمل رأيا متوازنا في مثل هذه الأمور. كما يُظن عادة أن له تأثيرا عميقا في المسلمين وكان ذا آفاق واسعة وأكثر معرفة بالعلوم الجديدة بالمقارنة مع بقية المشائخ. تعالوا معنا نر ماذا يفتي به السيد المودودي بالنسبة إلى العلاقات مع الآخرين. لقد قرأت على مسامعكم ببعض المقتبسات في هذا الصدد من كتبه أما الآن فسوف أكتفي بمقتطف واحد يُبيّن رأيه عن عامة المسلمين، يقول:

«الذين سماهم القرآن بأهل الكتاب لم يكونوا إلا مسلمين مولدا». وكانوا يؤمنون بالله والملائكة والنبي والكتاب والآخرة، وكانوا يقومون بالعبادات وتنفيذ الأوامر بصورة رسمية، غير أن الروح الحقيقية للإسلام، أي الإخلاص في العبادة والطاعة لله والتجنب عن الشرك في الأمور الدينية كانت مفقودة فيهم». (العراك السياسي ج3، الطبعة السادسة ص122)

أما المكانة التي تحتلها الجماعة الإسلامية (جماعة المودودي) مقابل الفرق الإسلامية الأخرى فتبين بوضوح تام من هذا المقتبس إذ إن مكانتها مقابل المسلمين الآخرين مثل مكانة أهل الكتاب مقابل المسلمين تماما. والمقتبس الذي سوف أقدمه الآن أيضا مأخوذ من المرجع السابق ص16 جاء فيه: «إنني في الحقيقة مسلم حديث العهد. لقد آمنت بعد تعمق وتأن جيدا بالمسلك الذي شهد قلبي وذهني بأنه ليس للإنسان سبيل للنجاة إلا هو. فلا أدعو غير المسلمين فحسب إلى الإسلام بل أدعو إليه المسلمين أيضا» أي إن المسلمين كلهم- ماعدا الفرقة المودودية – ليسوا مسلمين. وكأنه يصدر هنا فتواه مقابل فتوى أصدرها المفتي محمود من قبل. لذا يقول إنهم ليسوا مسلمين فيدعوهم إلى الإسلام ليتبعوه ويسلموا من جديد. ثم يقول: «إن اعتبار جميع أفراد الأمة مسلمين حقيقيين لكونهم مسلمين مولدا، والأملَ أن كل ما يتم بسبب اجتماعهم يتم على أسس إسلامية إنما هو الخطأ الأول والأساسي».(العراك السياسي ج3 الطبعة السادسة  ص105،106)

والآن إليكم فتواه عن الزواج. علما أن السيد المودودي هو الوحيد الذي كان قد أقام ضجة بأن الأحمديين أصدروا الفتوى بعدم زواج فتياتهم من غير الأحمديين وبالتالي قد خرجوا من الأمة المسلمة كلها ماعدا الفرقة المودودية خارجة عن الإسلام حسب فتواه لذا فهو يدعو المسلمين أيضا إلى الإسلام. وماهي النتيجة الطبيعية لهذا الموقف؟ ألا وهي: لا تجوز المناكحة معهم. فيقول الشيخ المودودي: «من لوازم المعرفة الدينية الحقيقية ونتيجتها الطبيعية أن الذي أتيحت له هذه المعرفة لن يختار أناسا منحرفين عن الدين ومنحطين أخلاقيا للصداقة والعشرة ناهيك عن علاقات الزواج». (رؤئيداد جماعت إسلامي، ج3، ص103)

لقد طُرحتْ هذه القضية في إحدى المرات على بساط النقاش في مجلس الشورى للجماعة الإسلامية (جماعة المودودي) للبحث في جواز مناكحة الفرقة المودودية من غيرهم، فأصدر المودودي قراره المذكور أعلاه. وكأنه يأمر أتباعه قائلا: إن الأمر في غاية البساطة ولكنكم لم تفهموه، إنني أتحير لطرحكم هذه القضية للنقاش وهي غنية عن ذلك. الأمر في غاية البساطة أنه يجب عليكم ألا تبقوا على صلة عادية أيضا معهم ناهيك عن المناكحة.

وقفة تأملية

هذه هي الأوضاع الحقيقية السائدة، والتهمُ التي تُلصَق بالأحمدية بناء على هذه الأوضاع إنما هي باطلة كلها وتحتوي على مبالغة ومغالطة مفرطتين وتشويه للحقيقة. ولو تحققت مصداقية هذه التهم، ولو كنا نعتقد بالمعتقدات التي ينسبونها إلينا وكانت الإجراءات التي اتخذوها تباعا لذلك صائبة لما وُجد في العالم كله مسلم واحد ناهيك في باكستان. وذلك لأن هذا السكين سوف يبتر أعناق الجميع على حد سواء. إن ضجة التكفير التي أثارها المشائخ المتعصبون بعضهم ضد بعض لن يسلم من مضرتها أحد، بل سوف يُقتل ويُهلك الجميع بالسيف نفسه، ولا بد أن تتضرر كل فرقة من فرق الإسلام إن ليست هناك فرقة واحدة إلا وقد أصدرت الفرق الأخرى ضدها فتاوى أكثر قسوة وشدة مما أصدروا ضد الأحمدية.

والآن أمامكم خياران ، إما أن تقِرُّوا بصحة هذه الفتاوى مما سوف يسفر عن قطع العلاقات كلها بين مختلف فرق المسلمين تلقائيا، وأنتم أعرف بما آلت إليه حالة المسلمين في العالم بسبب هذه الفتاوى، أو أن تعترفوا وتقولوا إن هذه الفتاوى باطلة ولاغية كلها، وليس عندكم خيار ثالث. وعندها فلا مفر ولا ملاذ لدى معاندي الأحمدية من أن يقروا بأنه لا بد أن يؤتَى بالإيمان وبالمسلمين أيضا من الثريا.

  1. علماً أن مؤسس باكستان، القائد الأعظم، محمد علي جناح كان من أهل الشيعة. (من المترجم)
Share via
تابعونا على الفايس بوك