ينبوع كل فيض

ينبوع كل فيض

حضرة مرزا طاهر أحمد (رحمه الله)

حضرة مرزا طاهر أحمد (رحمه الله)

الخليفة الرابع للمسيح الموعود (عليه السلام)

 

خطبة الجمعة ألقاها سيدنا أمير المؤمنين، ميرزا طاهر أحمد الخليفة الرابع للإمام المهدي يوم 3 شعبان 1420 هـ الموافق 12 تشرين الثاني 1999 في مسجد فضل بلندن.

نقلها إلى العربية: عبد المجيد عامر(داعية إسلامي أحمدي)

“تنشر أسرة التقوى ترجمة هذه الخطبة على مسؤوليتها”

أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أما بعد فأعوذ بالله من الشيطان الرجيم. بسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ * إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ * اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (الفاتحة: 1-7)   آمين

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (المائدة: 36)

إن الكلمات: وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ في الحقيقة حثٌّ على اتخاذ رسول الله وسيلة، إذ لا يمكن لأية وسيلة أخرى أن تكون وسيلة إلى الله تعالى.

والآن أقرأ على مسامعكم بعض الأحاديث النبوية الشريفة في هذا الصدد:

عن أبي ذرّ قال: قال رسول الله :

“أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ الْحُبُّ فِي اللَّهِ وَالْبُغْضُ فِي اللَّهِ”. (سنن أبي داوود، كتاب السنة).

عن ابن عباس قال: قال رسول الله :

“أَحِبُّوا اللَّهَ لِمَا يَغْذُوكُمْ مِنْ نِعَمِهِ وَأَحِبُّونِي بِحُبِّ اللَّهِ وَأَحِبُّوا أَهْلَ بَيْتِي بِحُبِّي”. (سنن الترمذي، كتاب المناقب عن رسول الله).

عن عبادة بن الصامت عن النبي قال:

“مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ”. (صحيح البخاري، كتاب الرقاق)

ليس المراد من اللقاء هنا لقاء الآخرة فحسب، وإنما المراد هو اللقاء في الدنيا. والذين يعرضون عن الله في الدنيا ويغضون الطرف عن ذكره سوف يتركون هكذا في الآخرة. لذا ينبغي ألا يظن أحد أن الحديث يتحدث عن القيامة، أي ما بعد الممات، بل الحق أن الذي ينشىء علاقته مع الله في هذه الدنيا ويحبه، هو الذي يكون محبوبًا لدى الله يوم القيامة أيضًا.

عن قَتادة بن النعمان أن رسول الله قال:

“إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ عَبْدًا حَمَاهُ الدُّنْيَا كَمَا يَظَلُّ أَحَدُكُمْ يَحْمِي سَقِيمَهُ الْمَاءَ”. (سنن الترمذي، كتاب الطب عن رسول الله).

والمراد من حماية السقيم من الماء واضح بيّنٌ حيث تكون بعض الأمراض شديدة الوطأة لدرجة أن صبَّ الماء على المريض يكون مدعاة لهلاكه. فالله تعالى يحمي عبده من المشاغل الدنيوية كما تحمون المريض من الماء. عن أنس بن مالك عن رسول الله أنه قال:

“عِظَمُ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلَاءِ وَإِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلَاهُمْ فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السُّخْطُ”. (سنن ابن ماجة، كتاب الفتن).

الأمور المذكورة هنا واضحة بحيث لا تحتاج إلى أي شرح.

عن أنس أن رجلاً سأل عن الساعة فقال:

“مَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ: وَمَاذَا أَعْدَدْتَ لَهَا؟ قَالَ لَا شَيْءَ إِلَّا أَنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ . فَقَالَ أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ”. (صحيح بخاري، كتاب المناقب)

حدثنا أنس بن مالك قال: بينما أنا والنبي خارجان من المسجد فلقِيَنا رجلٌ عند سُدة المسجد، فقال:

“يَا رَسُولَ اللَّهِ مَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ النَّبِيُّ : مَا أَعْدَدْتَ لَهَا؟ فَكَأَنَّ الرَّجُلَ اسْتَكَانَ ثُمَّ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَعْدَدْتُ لَهَا كَبِيرَ صِيَامٍ وَلَا صَلَاةٍ وَلَا صَدَقَةٍ، وَلَكِنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ. قَالَ: أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ”. (صحيح البخاري، كتاب الأحكام)

قال عبد الله ابن مسعود :

“جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ تَقُولُ فِي رَجُلٍ أَحَبَّ قَوْمًا وَلَمْ يَلْحَقْ بِهِمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبّ”. (صحيح البخاري، كتاب الأدب)

وبهذا الخصوص يجب أن تتذكروا سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود بشكل خاص لأنه كان يحب النبي  ما لا مزيد عليه. يقول حضرته في بيت شعر له: “جسمي يطير إليك من شوق علا يا ليت كانت قوة الطيران”. فهذا الحديث النبوي الشريف :”..رجلٌ أحبَّ قومًا ولم يلحق بهم..” ينطبق على سيدنا المسيح الموعود على وجه الخصوص. من المعلوم أن سيدنا المسيح الموعود ما كان يحب النبي فحسب بل كان يحب قومه أيضًا. وهناك أقوال كثيرة جدًا لسيدنا المسيح الموعود حيث مدح حضرتُه أصحابَ النبي  كثيرًا.

والمراد من حماية السقيم من الماء واضح بيّنٌ حيث تكون بعض الأمراض شديدة الوطأة لدرجة أن صبَّ الماء على المريض يكون مدعاة لهلاكه. فالله تعالى يحمي عبده من المشاغل الدنيوية كما تحمون المريض من الماء.

يقول رسول الله : “الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبّ”. يجب على أبناء الجماعة أن يتعظوا من هذا، إنهم سوف يلحقون بالصحابة بعد أن يلحقوا بسيدنا المسيح الموعود . فإذا كنتم تحبون الصحابة وتشتاقون إلى لقائهم، كما يقول سيدنا المسيح الموعود ما تعريبه: “كلما وجدني (أي آمن بي) فقد لَحِق بالصحابة”. فلو لحقتم بسيدنا المسيح الموعود ، للحقتم بالصحابة أيضًا تلقائيًا. ولن تستطيعوا أبدًا أن تلحقوا بالصحابة ما لم تلحقوا بالنبي الأكرم .

عن أبي هريرة عن النبي قال:

“خَرَجَ رَجُلٌ يَزُورُ أَخًا لَهُ فِي اللَّهِ فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى فَأَرْصَدَ اللَّهُ بِمَدْرَجَتِهِ مَلَكًا. فَلَمَّا مَرَّ بِهِ قَالَ: أَيْنَ تُرِيدُ؟ قَالَ: أُرِيدُ فُلَانًا. قَالَ لِقَرَابَةٍ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَلِنِعْمَةٍ لَهُ عِنْدَكَ تَرُبُّهَا؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَلِمَ تَأْتِيهِ؟ قَالَ: إِنِّي أُحِبُّهُ فِي اللَّهِ. قَال:َ فَإِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكَ أَنَّهُ يُحِبُّكَ بِحُبِّكَ إِيَّاهُ فِيهِ”. (مسند أحمد، كتاب باقي مسند المكثرين).

فالزوار الذين يأتون هنا بكثرة، بمناسبة اجتماع السنوي أو غيره، إنهم يحبونني في الله وإلا أنني شخصيًا لا أملك أية قوة، هذه هي الحقيقة. فطوبى لهم فأن الملك يقول:

“فَإِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكَ أَنَّهُ يُحِبُّكَ بِحُبِّكَ إِيَّاهُ فِيهِ .”

عن عبد الله ابن مسعود أن رسول الله قال:

“أَوْلَى النَّاسِ بِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَكْثَرُهُمْ عَلَيَّ صَلَاةً”.(سَنَن الترمذي، كتاب الصلاة، باب ما جاء في فضل الصلاة على النبي )

لذا يجب التركيز على الصلاة على النبي . ينبغي أن تكون الصلاة على النبي وردًا لنا ليل نهار، حتى لو دار الحديث حول موضوع آخر أيضًا لوجب على الانسان أن يشغل لسانه بالصلاة على النبي .

لقد تذكرت أمرًا بالنسبة إلى الصلاة على النبي . بعض الناس يصلون عليه ولكنهم عندما يجذبون أذيال الأحاديث يأتون بكلام بذيء، فلا فائدة من صلاتهم على النبي . فالصلاة على النبي  لا تنفع إلا الذي يقوم بها من أعماق القلب، وكلما ينساها لسبب من الأسباب يبقى لسانه منشغلاً بترديدها بصورة عفوية.

عَنْ أَبِي طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ يَوْمًا طَيِّبَ النَّفْسِ يُرَى فِي وَجْهِهِ الْبِشْرُ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَصْبَحْتَ الْيَوْمَ طَيِّبَ النَّفْسِ يُرَى فِي وَجْهِكَ الْبِشْرُ، قَالَ: أَجَلْ أَتَانِي آتٍ مِنْ رَبِّي فَقَالَ مَنْ صَلَّى عَلَيْكَ مِنْ أُمَّتِكَ صَلَاةً كَتَبَ اللَّهُ لَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ وَمَحَا عَنْهُ عَشْرَ سَيِّئَاتٍ وَرَفَعَ لَهُ عَشْرَ دَرَجَاتٍ وَرَدَّ عَلَيْهِ مِثْلَهَا”. (مسند أحمد، كتاب أول مسند المدنيين رضي الله عنهم أجمعين).

 فالجملة الأخيرة: “وَرَدَّ عَلَيْهِ مِثْلَهَا”، قد جعلت العدد “عشر” هنا بلا حدود لأنه إذا كان عدد الصلاة على النبي أكثر من ذلك فالأمر لا يقتصر على عشر حسنات بل سوف تكتب في حق صاحبها حسنات لا تعد ولا تحصى، كما لن يقتصر الأمر على محو عشر سيئات بل سوف توهب الحسنات بعد محو السيئات. فالجملة “رَدٌ عَلَيهِ مِثلَهَا”، هامة جدًا وتكشف أن أجر الصلاة على النبي يكون بلا عد وحساب.

والآن أقرأ على مسامعكم بعض الأقوال لسيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود ، يقول حضرته ما تعريبه:

“عند الابتلاء نخاف على بعض من ضعاف القلوب من جماعتنا. أما أنا فَلَو سمعت صوتًا واضحًا بأنك مخذول، ولن نحقق لك أمنية، فإنني أقول حلفًا بالله بأنه لن يحدث (من قلبي) أي تقصير في حب الله وعشقه وفي خدمة الدين، لأنني قد رأيته. ( الملفوظات ، ج١، ص ٣٠٢، الطبعة الجديدة )

ثم يقول حضرته :

‏‫”إذا صارت حياة أحد لله تعالى لحماه وحفظه. لقد ورد في صحيح البخاري ما معناه: الذي يُنشيء علاقة الحب مع الله تعالى يكون الله تعالى له بمثابة الجوارح. وفي رواية أن صداقته مع الله تعالى تتقوى لدرجة بحيث يقول الله تعالى: كُنْتُ سَمْعَهُ الذِي يَسْمَعُ بِه، وبَصَرَهُ الذي يُبْصِرُ بِه ويَدُه التي يَبطِشُ بها، ورِجلُه التي يمشِي بِهَا، ولِسَانَهُ الذِي يَنطِقُ بِهِ.

الواقع أن الإنسان عندما يتخلى عن أهواء النفس ويمشي تحت مشيئة الله تاركًا الأنانية فلا يبقى عمل من أعماله مخالفا للشرع بل يصبح كل عمل له وفقا لمشيئة الله تعالى، وفضلا عن ذلك يعتبر الله تعالى كل أعمال ذلك الشخص أعماله هو. هذه درجة من قرب الله تعالى لدى الوصول اليها أولئك الذين لا يكونون قد أنجزوا منازل السلوك بكاملها، أو يسيء الفهم أولئك الذين لا يعرفون أسرار الإلهيات ولا يدركون مفهوم قرب الله تعالى.”

لقد وجدت في الإسلام فرقة القائلين بوحدة الوجود بناء على قوله تعالى: كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولسانه الذي ينطق به. إنهم بالغوا لدرجة حيث قالوا إذا كان الله تعالى يصبح اليد والرجل أيضًا فالله تعالى والعبد شيء واحد لا فرق بينهما. كذلك وجدت هذه الفكرة الباطلة التي تنشأ بسبب عدم استيعاب الموضوع طريقها إلى بعض الأديان الأخرى أيضا.

الحقيقة أنه إذا كان هناك مايبرر وجود فكرة وحدة الوجود لكان بسبب الآيات القرآنية الواردة في حق رسول الله مثل:

وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى

وقوله تعالى: يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ . من المعلوم أن اليد التي كانت فوق أيدي المبايعين هي يد النبي ، ولكن الله تعالى يقول: يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ . إذن فإذا كان هنالك مايبرر فكرة وحدة الوجود كان من الممكن أن تكون بالنسبة إلى رسول الله وحده ولكنه علم التوحيد اكثر من غيره حيث تغنى به.

لم يخدم نبي في العالم كله التوحيد مثلما خدمه سيدنا محمد المصطفى ، اللهم صَل على محمد وعلى آلِ محمد وبارك وسلم أنك حميد مجيد.

إن هنالك مراتب كثيرة للوصول إلى الله تعالى، والأهم في الأمر أن يبدأ الإنسان بالحركة إليه سبحانه وتعالى، ويظل يدعوه دومًا. ويجب أن يقوم في الحياة اليومية رويدًا رويدًا بكل عمل يكون موافقًا لمرضاة الله سبحانه وتعالى ويتجنب قدر المستطاع من كل فعل يبعده من الله تعالى.

يقول سيدنا الإمام المهدي عن الموضوع نفسه ما تعريبه:

“إن غير العارفين بمفهوم قرب الله تعالى قد أساؤوا الفهم واخترعوا مسالة وحدة الوجود. يجب ألا ننسى أيضًا أنه حينما يقع الإنسان في ابتلاء يكون ذلك بسبب كون فعله غير موافق لمشيئة الله تعالى”.

إن قول حضرته : “حيثما يقع الإنسان في ابتلاء يكون ذلك بسبب كون فعله ذلك غير موافق لمشيئة الله تعالى، لقول عميق جدا ويضم معرفة عظيمة، وقد يصعب شرحه ببضع كلمات. الحقيقة أنه كلما يتعرض الإنسان لابتلاء أو لشك يكون ذلك بسبب أعمال تكون معاكسة لمرضاة الله جل جلاله.

ويضيف قائلاً ما تعريبه:

“مثل هذا الإنسان يكون مدفوعًا بأهوائه ولا يكون تحت مشيئة الله سبحان وتعالى. ولكن الذي يدعى ولي الله والذي يكفل الله تعالى حياته هو ذلك الذي لا تصدر منه ولا حركة واحدة بدون استصواب كتاب الله. إنه في كل أمره وإرادته يرجع إلى كتاب الله ويستشيره. ( الملفوظات، ج١، ص ١١٧، الطبعة الجديدة)

معنى الاستشارة أنه كلما يقوم بعمل يتوجه انتباهه إلى أوامر القرآن الكريم بالتكرار وبالتالي يعمل بحسبها.

إنه لأمر غاية في الصعوبة بحيث لو قمتم به لعرفتم كم هو صعب جعل القرآن الكريم حاكمًا على النفس دائمًا. إنها لمراتب سامية جدًا يتحدث عنها سيدنا الإمام المهدي ، وهناك كثير من الناس الذين هم في حركة مستمرة إليها. ويجب ألا يخاف الضعفاء من هذا الكلام لسيدنا الإمام المهدي ، الوارد في حق العباد المخلصين للغاية. إنني أقول لهم دفعا للخوف من قلوبهم: إن هنالك مراتب كثيرة للوصول إلى الله تعالى، والأهم في الأمر أن يبدأ الإنسان بالحركة إليه سبحانه وتعالى، ويظل يدعوه دومًا. ويجب أن يقوم في الحياة اليومية رويدًا رويدًا بكل عمل يكون موافقًا لمرضاة الله سبحانه وتعالى ويتجنب قدر المستطاع من كل فعل يبعده من الله تعالى.

إن هذه الحركة ضرورية جدًا وهي تشير إلى اللامتناهية الإلهية أيضًا. أعني لا يمكن لأحد أن يدرك الله تعالى حتى بحركته الروحانية إليه سبحانه وتعالى، لأنه لا نهاية له ، حتى إن هذا لا يمكن للأنبياء أيضا. لا شك في أنهم يجدونه ولكن دون الحد الذي يبدأ منه حدُّ الألوهية. والمراد من وحدة الوجود هو الموضع الذي لا يوجد وراءه إلا الله تعالى. وهذه هي الرسالة التي تم تبليغها في “سدرة المنتهى” أيضا بأن النبي وصل إلى مقام بدأ بعده مجال وحدة الوجود وتجاوُزُ هذا الحد كان الحد كان نوعا من التدخل في الألوهية.

إن المشائخ قد اخترعوا قصصا غريبة للغاية بحيث يتحير الإنسان على عقولهم. ذات مرة قال أحد المشائخ أثناء خطاب له: إن النبي عندما وصل إلى سدرة المنتهى كان صامتًا، فتغنى الله تعالى أغنية من الأغاني السينمائية ومعناها: “أنت يا حبيبي واقفٌ ساكتا واجما، لا بد هناك أمرٌ ما. إنه اللقاء الأول، إنه اللقاء الأول.”

الواقع أن سيدنا محمد كان مع الله تعالى دائما. ثم العجيب أن هذه الأغنية من الأفلام السينمائية الحالية قد غنَّى الله بها عندما حظي النبي بالمعراج!!! هذه هي القصص التي نسجها المشائخ. فاشكروا الله (يا أبناء الجماعة) إذ نجوتهم من المشيخة. إنها لَمِنَّةُ الله العظيمة. إنني عندما أرى حالتهم أشكر الله شكرًا كثيرًا إذ نجَّى هذه الجماعة من المشائخ ومشيختهم.

يقول سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود ما تعريبه:

“فاعلموا يقينًا أن ثمرات الاتباع الكامل لا يمكن أن تضيع. هذه مسألة تتعلق بالتصوف، لولا مرتبة الظلّيَّة لمات أولياء الأمة أو كادوا”. (المراد من مرتبة الظلية هو الانعكاس الكامل لرسول الله )

“إنها لمرتبة الاتباع الكامل والظلية والبروزية التي بسببها دُعي حضرة بايزيد (رحمه الله) بـ “محمد”، وبناءً على قوله هذا أُصدر ضده فتوى التكفير سبعين مرة، ونُفي من البلاد”.

كان حضرة بايزيد البسطامي (رحمه الله) يقول: إنني محمد بصورة ظلية. وكان المقصود أنني متفانٍ في حبّ محمد رسول الله . وأصحاب الظاهر الذين لا يستطيعون استيعاب الأمر أصدروا الفتوى ضده. كما أعدموا شنقًا كثيرًا من الذين كانوا يطلقون “الإله” على أنفسهم، فصعدوا المشنقة قائلين: “أنا الحق، أنا الحق”.

إن هذه الحركة ضرورية جدًا وهي تشير إلى اللامتناهية الإلهية أيضًا. أعني لا يمكن لأحد أن يدرك الله تعالى حتى بحركته الروحانية إليه سبحانه وتعالى، لأنه لا نهاية له ، حتى إن هذا لا يمكن للأنبياء أيضا. لا شك في أنهم يجدونه ولكن دون الحد الذي يبدأ منه حدُّ الألوهية. والمراد من وحدة الوجود هو الموضع الذي لا يوجد وراءه إلا الله تعالى. وهذه هي الرسالة التي تم تبليغها في “سدرة المنتهى” أيضا بأن النبي وصل إلى مقام بدأ بعده مجال وحدة الوجود وتجاوُزُ هذا الحد كان الحد كان نوعا من التدخل في الألوهية.

فالمشائخ والملات قد أثاروا الفتن في كل زمان، فليس هناك جديدٌ في الأمر، لذا فلا داعي للقلق للجماعة في الأيام الحالية. إنهم ما زالوا يروّجون الفساد منذ زمن النبي ويثيرون الفتن ضد أهل الحق. حيثما أُطلق على سيدنا المسيح الموعود كلمة “محمد” -أو وُجدتْ كلمات أخرى بهذا المعنى- في كتاباته يثير المشائخ وحدهم ضجة أكثر من غيرهم. إنهم ما زالوا يعاملون الأسلاف أيضا بالمعاملة نفسها، لذا فلا داعي للقلق، والله تعالى سوف يحاسبهم في نهاية المطاف، وسيأتي زمان حين ستشاهد الدنيا (هذ المشهد) بإذن الله. يقول سيدنا المسيح الموعود :

“لَيْتَهُم يعرفون هذه الأمور التي تتعلق “بالحال” حتى يعلموا أنهم ما قدروا النبي حق قدره وما فهموا حقيقته إطلاقًا. لولا تأثيرات اتّباع النبي وثمراته فما الدليل على حياته ؟….. حين لا نحظى بالثمرات والبركات. أقول صدقًا وحقًا إن هذه فكرة واهية وتؤدي إلى الكفر. إن ثمرات اتباع الإسلام يُمكن الحصول عليها الآن أيضا، بل إلى الأبد. إن الله تعالى ليس ببخيل ولا ينقصه شيء”. (الملفوظات، ج4، ص406، الطبعة الجديدة)

ثم يقول سيدنا الإمام المهدي :

“لقد جرّبتُ شخصيًا أن اتباع النبي بالقلب الصادق وحبه يجعلان الإنسان محبوبًا لدى الله في نهاية المطاف، بحيث يولّد في قلبه هو اللوعةَ لحب الله تعالى. عندها يميل الإنسان كهذا ميلا تامًّا إلى الله تعالى راغبًا عن كل شيء آخر، ويقتصر حبُّه وشوقه في ذات الله تعالى وحده. عندها ينزل عليه تجلّ خاصٌّ لمحبة الله تعالى ويصبّغها في صبغة العشق والمحبة الكاملين، ثم يجذبه إليه جذبًا قويًّا. عندئذ يتغلب على العواطف النفسانية وتظهر من كل حدب وصوب أفعال الله تعالى الخارقة للعادة بصورة الآيات تأييدا ونصرةً له”. (حقيقة الوحي، الخزائن الروحانية، ج22، ص 67-68، طبعة لندن)

أي أنه يتلقى المعاملة غير العادية التي لا يتلقاها عامة الناس وأهل الدنيا. وفي الأخير أقدم لكم المقتبس التالي لسيدنا الإمام المهدي ، يقول حضرته ما تعريبه:

“إنني دائما أنظر بنظرة الإعجاب، كم هو أسمى مرتبةً هذا النبي العربي الذي اسمه محمد !! عليه آلاف من الصلاة والسلام. لا يمكن إدراك منتهى مرتبته السامية، ولا يسع الإنسان تقدير تأثيره القدسي. الأسف كل الأسف أنّ مرتبته ما قُدّرتْ حق قدرها. التوحيد الذي كان مفقودا من الدنيا، هذا هو البطل الوحيد الذي أعاده إلى الدنيا مرة ثانية. إنه أحبَّ الله تعالى إلى الدرجة القصوى وذابت نفسه إلى الدرجة القصوى في مواساة البشر. لذا فإن الله الذي كان عارفًا بأسرار قلبه فضَّله على جميع الأنبياء وجميع الأولين والآخرين، وأعطاه مُناه في حياته. إنه الوحيد الذي هو ينبوع كل فيض”. (حقيقة الوحي، الخزائن الروحانية ج22، ص118-119، طبعة لندن)

Share via
تابعونا على الفايس بوك