الصوم

الصوم لغةً، هو ترك الطعام والشراب والكلام والمعاشرة والعزوفُ عنها.

وقوله :

فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَانِ صَوْمًا.. (مريم: 19)

قيل معناه (مصمتًا). ويقويه قوله الله تعالى:

فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا (مريم:27).

ومع أن للصوم مناحي كثيرة في سنن الطعام والشراب والفطر والإمساك وغيرها.. إلا أننا اخترنا لهذه الكلمة الوجيزة: خُلق الصوم عن الكَلام.

والكلام هو الإفصاح والإبانة عما يختلج في صدر الإنسان – هذا المخلوق العجيب الذي جبله الله تعالى من مشاعر وأحاسيس وعقل وفكر ونزعات وجذبات لا حدَّ لها ولا حصر.. باسمًا، عابسًا، ضاحكًا، باكيًا، راضيًا ساخطًا، (منتشيًا) مطرقًا، كأنه قرص عبّاد الشمس؛ إذا النفس دارت، دار حيث تدور. وهو في كل هذه الأحوال يقف بين النفس واللسان كحال الذي وقع بين المطرقة والسندان. فإن أطلق لسانه بالقول المعروف، كان ذلك خيرًا، وإن هو استسلم للنفس الأمارة ولمشاعر السخط والغضب وأطلق للسانه العِنان يقذف البذيء من الكلام والقبيح من الأوصاف والنعوت وقع عليه غضب الله والناس.

من هنا قال رسول الله : ” من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت”. وقال: “ليس الشديد بالصرعة وإنما الشديد من يملك نفسه عند الغضب”. ورحم الله الإمام الشافعي، حيث قال:

لسانَك لا تذكُرْ به عورةَ امرئ   فكلُّك عوراتٌ وللسان أَلْسُنُ

وأدب الكلام هو من أوليات سمات الإنسان المسلم حتى مع ألد أعداء الله تعالى، كفرعون مصر، حيث قال عنه الله تعالى لموسى وهارون عليهما السلام:

فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (طه:45).

فكم بالحري إن كان المقصود أخاك المسلم الذي تجمعك به أصول العقيدة والملة.

فعلينا أن نعي إذًا، وخصوصًا في شهر الصيام، أن اللسان عظيمٌ خطره، ولا نجاة من خطره إلا بإلجامه بلجام التقوى، فلا نطلقه إلا فيما ينفعنا في الدنيا والآخرة. ومن الآداب ألا يتكلم إنسان إلا بقدر الحاجة، ولا يغالب أحدًا على كلامه، وإذا سئل غيره فلا يجب عنه، ولا ينازعْه، ولا يره أنه أكثر منه علمًا وأعمق فكرًا، وأن يجتنب فيما يقول ثلاثَ آفات هي البغضى عند الله والقبحى عند الناس: الكذب والغيبة والنميمة.

… وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ (الحجرات: 13)

فيا أيها الذين آمنوا، اتقوا الله وكونوا مع الصادقين. ويا أيها الذين آمنوا لا تقولوا للناس إلا حسنًا. ويا أيها الذين آمنوا، من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت. ويا أيها الذين آمنوا لا تتحدثوا بما لا يعنيكم. وإذا عرض لكم في رمضان عارض يُغضبكم فلا تزيدوا أن تقولوا: اللّهمَ إِنِّي صَائِم.

موسى أسعد

رمضان كريم

تتقدم أسرة “التقوى” إلى جيع قرائها الأفاضل بأطيب التبريكات وأخلص التهاني القلبية بحلول شهر رمضان المبارك، وتدعوا المولى أن يعيده على أمة الإسلام وقد لثمت جروحها وجمعت شملها وأطاعت نداء ربها بالإنصات لرسالة سيدنا محمد المصطفى الصحيحة التي يعرضها في أحسن صورة لها في عصرنا الحالي خادمُه حضرة الإمام المهدي ومن بعده خلفاؤه الأطهار. حينئذ ستتجلى بحق أنوارُ بركات هذا الشهر الفضيل وينقشع ظلام الجهل والفُرقة والعدوان وتحل إضاءات العلم وإشراقات الرحمة ويفيض السلام، إن شاء الله تعالى.

حُرمة الصيام

خرج الحجاج ذات مرة إلى الصحراء، وحضر غذاؤه فقال: أُطلبوا من يتغذى معنا. فطلبوا فلم يجدوا إلا أعرابيًّا في ثياب بالية، فأتوه به.

فقال له الحجاج: هلمَّ!

فقال الأعرابي: قد دعاني من هو أكرم منك فأجبته.

قال الحجاج: ومن هو؟

قال الأعرابي: دعاني الله ربي إلى الصوم، فإني صائم.

قال الحجاج: وهل تصوم في مثل هذا اليوم الحار؟

فقال الأعرابي: صُمتُ ليوم هو أحر منه!

قال الحجاج: فأَفطِرِ اليومَ وصُمْ غدًا.

قال الأعرابي: وهل يضمن لي الأمير أن أعيش إلى الغد؟

فقال الحجاج: إنه طعام طيب.

فقال الأعرابي: والله ما طَيبَّه خبّازُك ولا طبَّاخُك، ولكن طَيبتهُ العافيةُ.

فقال الحجاج: واللهِ ما رأيتُ كاليوم.

منوعات

ما أقصَرَ العُمُرَ!

وما المرء إلا كالهلال وضوِئه   يوافي تمامَ الشهر ثم يغيبُ

ابن يُكسب ابنًا

قُتل أعرابي في عهد المأمون، فدخل الخليفةُ على أمه معزِّيًا وقال لها: لا تجزَعي فإني ابنك. فأجابته: كيف لا أجزع على ابن أكسَبَني ابنًا مثلَك.

ابن الأدب

حُكي أن رجلا تكلم بين يدي المأمون فأحسن.

فقال المأمون: ابنُ من أنت؟ فقال: ابنُ الأدب يا أمير المؤمنين. فقال: نِعْمَ النَسَبُ.

الخسارة

الخسارة خيرٌ للإنسان من كسب الحرام والظلم.

Share via
تابعونا على الفايس بوك