أستاذها الجليل الشيخ جلال الدين قمر في ذمة الله

أستاذها الجليل الشيخ جلال الدين قمر في ذمة الله

موسى أسعد عودة

مترجم، كاتب وشاعر

ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

الكبابير تُشيّع أستاذها الجليل الشيخ جلال الدين قمر  (رحمه الله تعالى)

بقلوب يعتصرها الحزن والأسى تلقينا خبر وفاة أستاذنا الكريم المحبوب جلال الدين قمر. الرجل الباني والأستاذ المعلم الذي قضى بين ظهرانينا ردحًا من الزمان وهو لا يألو جهدًا في شدِّنا نحو مسَالك النور، زارعًا في النفوس الاعتزاز بالعقيدة والمبدأ والانتماء للأحمدية ونظامها، وتطبيق أسلوب “التحريك الجديد” نمطًا في حياة الناس، متخذًا من إِمامه المحبوب سيدنا المصلح الموعود منارًا يهتدي به. إذ كان حضرته مُترعًا بحب جنابه العَالي، متأثرًا به أيّما تأَثر، مجتهدًا في إسقائنا من ينبوع فُراته الزاخر نُغبًا من الفخر والاعتزاز بالدين والمبدأ.

وصل الأستاذ جلال الدين قمر الكبابير عام 1955 خلفًا للأستاذ الجليل مولانا محمد شريف رحمه الله تعالى، شابًّا متوقد الحماس، فكان أول أعماله أن أحيا المجالس المختلفة في الجماعة، وأولها مجلس خدام الأحمدية الذي قد سار معهم فيه شوطًا مُشرِّفًا في النشاط الأدبي والاجتماعي كلَّله بإقامة دار التبليغ الأحمدية على نفقة هؤلاء الخدام وعمل أياديهم دون أن يُكلف صندوق الجماعة المحلي شيئا سوى كيسٍ واحدٍ من الإسمنت اضطر لأخذ ثمنه من الصندوق العام.

ومع حبّه للبناء والتعمير، فقد كان الأستاذ قمر رجلاً محبًّا للعلم، جاهدًا في خلق الرجال المتعلمين في الجماعة… فأعاد عَمَل المدرسة التي كانت قد تعطلت منذ سنة 1948 فرتَّب للأولاد وللبنات أماكن للدرس في بعض الغرف حول المسجد وداخله أيضًا، حتى تهيأت له الظروف لإقامة مبنى جديد ومستقل لهذه المدرسة. وكم كانت فرحته بالغة يوم افتتحها مع حشد كبير من كبار الشخصيات في البلاد.

وطالما كانت المدرسة تحت رعايته الكريمة كانت على صغر حجمها من أحسن المدارس العربية في البلاد.

بعد أن حقق حضرته بناء دار التبليغ الأحمدية والمدرسة الأحمدية اتجه نحو إعداد العدة لتعمير المسجد الجديد في الكبابير. فوضع أُسس الفكرة، وأَعد المهندس تصاميم مُجسَّمة بديعة للمسحد بأشكال مختلفة. وأخذ الأستاذ يتهيأ لرصد المال من أجل هذه الغاية السامية إلا أن أمر الإمام قد عاجله لمغادرة الكبابير إلى أرضِ الوطن رحمة بوالدته المرحومة التي كانت تتلهَّف للقائه منذ ثنْتَي عشرة سنة.

أذكر أنيِّ قد وقفت معه في ساحة المدرسة الأحمدية عشية مغادرته الكبابير. وأمامنا اللوحة الرخامية التي تحمل اسم المدرسة الأحمدية التي ما كانت لتكون لو لا جهوده وثباته وحكمته البالغة. فاقترحت عليه أن ننقش اسمه على هذه اللوحة فردَّ عليَّ قائلا: يا حبيـبي أنا لا أعمل على تخليد اسمي في أي مكان.. هذا شأنكم أنتم تفعلون ما تشاؤون.. ومضى الزمان ذو الغِيرَ. وليس اسم الأستـاذ هنـاك! ولكن إن لم يكن اسمه محفـورا على الحجر فإنه في قرارة قلوبنـا أعمق.

فسلام عليك أيها الأستاذ المعلم. سلام عليك أيها الأمير الباني. يا من أديت الأمانة وافية، وحكمت بين الناس بالعدل، ذرني أَ عُدْ لوداعِكَ بما ودَّعتك به قبل أربعين سنة حيث جاء في ما قلتُ:

عشقتك يا جلال الدين عشقًا

كما عشق النبيون الكتابًا

.

سموت بنا لدنيا العلم حتى

تجاوزنا بدنياه السحابا

.

سألت الله رضوانًا ومجدًا

بصدق القلب والله استجابا

.

جزاك الله عنا كل خير

وأجزل في عطاياه الحسابا

المصلص لذكراك الطيبة أبدًا

موسى أسعد عودة

الكبابير

Share via
تابعونا على الفايس بوك