الاقمار الصناعية والاتصالات الرقمية (2)

الاقمار الصناعية والاتصالات الرقمية (2)

عبد الرحمن سليم

  • القمر الصناعي الثابت يدور حول الارض فوق خط الإستواء بسرعة دورانها حول نفسها ويستخدم للبث ونستقبله بطبق الإستقبال ويبث من خلاله المحطات الفضائية.
  • القمر الصناعي الأقل ارتفاعا من الثابت يدور بسرعة أعلى من دوران الأرض حول نفسها فتدور أكثر من دورة حول الارض وتستخدم للإتصالات ونظام GPS  والتجسس والإستشعار عن بعد ولأغراض عسكرية .
  • القمر الصناعي الأكثر ارتفاعا من القمر الثابت يدور حول الارض بسرعة أقل من سرعة دوران الارض حول نفسها بذلك تزيد دورته يوما كاملا حول الارض، لايستخدم للإتصالات العادية وإنما يخل في نطاقها سفن الفضاء والاتصالات الخاصة.

__

Satellites and digital communications

ذكرنا في عدد رمضان وشوال 1429، بعض تفاصيل إطلاق ووضع قمر الاتصالات- الثابت على مدار الساعة- الذي يدور حول الأرض فوق خط الاستواء بسرعة دورانها حول نفسها. هذا المدار حول الأرض هو الوحيد الذي له هذه الخاصية، ففي المدارات الأقل ارتفاعا منه يدور القمر بسرعة أعلى من سرعة دوران الأرض حول نفسها، فتكمل هذه الأقمار حينها أكثر من دورة حول الأرض في اليوم الواحد؛ أي أننا نراه  أو يمر فوقنا في اليوم أكثر من مرة. ولو، فرضًا، وضعنا قمرًا في مدارات أعلى من المدار الثابت (القمر الطبيعي الذي يحدد مطلعه بداية الشهر الهجري مثال على ذلك) فإنه يدور حول الأرض بسرعة أقل من سرعة دوران الأرض حول نفسها، لذلك تزيد دورته الكاملة حول الأرض على يوم كامل (لاحظ أن دورة القمر الطبيعي شهر قمري)، وهذا النوع الأخير من الأقمار لا يستخدم في الاتصالات العادية وإنما يدخل في نطاقها سفن الفضاء والاتصالات الخاصة بها.

ومن الجدير بالذكر قبل أن نترك هذا النوع من الأقمار (التي في المدار الثابت) أن نذكر أن عددها محدود. يحدد هذا العدد تطور تقنيات الهوائيات التي تستطيع أن تزيد من العدد لكن في النهاية هو عدد محدود أيضا. التقنية القديمة كانت تعطي الفرصة لعدد من الأقمار بحيث يكون لكل قمر درجتان وذلك لمنع تداخل إشارات القمر مع جاريه، بمعنى أنك لتستقبل أيًّا من القمرين المتجاورين للقمر الذي يستقبله طبق الاستقبال الموجود فوق سطحك يجب أن تحرك الطبق درجتين للأعلى أو للأسفل. هذه التقنية تحدد العدد بمائة وثمانين قمرا تقريبا في المدار، ويحسب هذا العدد بقسمة 360 درجة على 2. التقنيات الحديثة للهوائيات قلصت المسافة بين الأقمار إلى درجة واحدة دون حدوث تداخل وبالتالي زادت أعداد الأقمار إلى 360.

ماذا يعنى هذا؟ يعني أننا إذا شغرنا المدار بهذا العدد لا تستطيع أي دولة بعد ذلك أن تضع قمرا في هذا المدار الذي لا بديل له ولا مثيل! وتستطيع الدولة التي أطلقت سابقا قمرا أن تضع مكانه قمرًا آخر عند انتهاء عمره الافتراضي إن أرادت، فهي قد حجزت بذلك لها مكانا في المدار. فإن شُغل المدار ولم تكن دولة قد أطلقت سابقا قمرا لها إليه فلن يكون بإمكانها أن تفعل بعد ذلك.

هناك سؤال قد يتبادر إلى عقول الكثيرين وهو ماذا يحدث للقمر عندما ينتهي عمره الافتراضي؟ إذا فرغ خزان وقود القمر فلن نستطيع التحكم به فيبدأ حينها في السير بطريقة عشوائية في مداره، ولو تُرك هكذا لسَبّب مشاكل كثيرة وقد يصطدم بقمر آخر. وما يحدث هو أنه عندما نصل إلى آخر 2 كيلوجرام من وقود القمر نبدأ بتحريكه في اتجاه معين وفق زاوية محددة إلى مكان متفق عليه بين العلماء ويسمى مقبرة الأقمار الصـناعية وتُترك الأقمار في هذا المكان لعل التقنيات تتقدم في القرون القادمة ونستطيع أن نرسل لهذه الأقمار وقودا فنعيد استخدامها مرة أخرى.

عودة إلى الأقمار في المدارات الأقرب. هذه الأقمار تكلفتها أقل، خاصة تلك التي توضع في مدارات على ارتفاع أقل من 1500 كيلومتر من الأرض، ويطلق عليها في علم الاتصالات الأقمار ذات المدارات المنخفضة Low orbit satellite. وكما ذكرنا فهي تدور في اليوم أكثر من دورة حول الأرض. لذلك لا يلتقط منها من يعتمد عليها إلا ساعات محددة في اليوم، ولا يمكن أن يستخدم هوائي ثابت مثل طبق الاستقبال الذي فوق المنازل. ومن أجل ذلك عندما نريد اتصالا على مدار الساعة لابد من وضع أكثر من قمر في نفس المدار؛ فمثلا بعض الشركات التي تعمل في الاتصالات وتستخدم هذا النوع من الأقمار فهي تستخدم 24 قمراً لتتمكن أنت بجهازك المستقبل أن تستقبل من كل قمر مدة ساعة فقط، ثم ينقلك نظام التحكم فيها إلى القمر الذي سوف يمر فوقك بعده وطبعا لا تشعر أنت ولا الجهاز الذي تستخدمه بهذا الانتقال. ويشابه هذا العمل ما يحدث عند استخدامك جهازك المحمول عندما تنتقل بالسيارة من مدينة إلى أخرى وتكون على الخط، فأنت تستقبل من أكثر من محطة إرسال بطريقك -التي يلاحظها بعضنا في المدن أو على الطريق والخاصة بشركات الهاتف المحمول- دون أن ينقطع الاتصال أو حتى تشعر بأن ذلك قد حدث. ودور هذه الأقمار مشابه لدور هذه المحطات الأرضية.

من الواضح أن ارتفاع المدار الذي فيه القمر يحدد عدد الساعات التي يغطى فيها القمر منطقة جغرافية معينة وأيضا مساحة هذه المنطقة التي يستطيع أن يصل إليها إرسالُه. فلتغْطية الأرض كلها بأقمار في مدارات قريبة نحتاج إلى أعداد كبيرة من الأقمار في شبكة معقدة من التحكم والاتصال. لاحظ الفرق بينه وبين الأقمار في المدارات الثابتة والتي نحتاج منها ثلاثة فقط لتغطية الأرض كلها.

من الأمثلة الواضحة جدا على الأقمار في المدارات الأقرب: اتصالات المحمول بواسطة الأقمار الصناعية، و نظام GPS والذي يعرفه ويستخدمه الكثير منا، والمثال الذي لا تخفى على أحد أهميته هو التصوير والخرائط بالأقمار الصناعية Google Earth، بالإضافة طبعا إلى أقمار التجسس والاستشعار عن بعد والأغراض العسكرية الأخرى.

Share via
تابعونا على الفايس بوك