- البِطنة تُذهب الفطنة
- صوم المسيح الموعود
- الذكر طعام أيضا
- القرآن والنبي العدنان، زاد متكامل
- آداب تلاوة القرآن الكريم
__
البِطنة تُذهب الفطنة
من أوليات الأمور الفقهية التي يعلمها الكبير والصغير، لا سيما في الأوساط المسلمة، حرمة الأكل أو الشرب في نهار شهر رمضان المعظم، ما لم يكن ثمة عذر مقبول من مرض أو سفر، لصريح منطوق حكمه تعالى:
وإذا كان الله تعالى يريد بنا اليسر، فَلِماذا يشق علينا بفرض الصيام أصلًا؟!
في حقيقة الأمر، تعتبر المشقة المصاحبة للصوم أمرًا نسبيًا، وفائدة الروح لا تتحقق إلا بالصوم، بل إن الجسد كذلك بثقله وكثافته يجد فائدة عظيمة من الصوم، ألا نرى أن الثقل مرتبط ارتباطًا وثيقًا بالمشقة؟! يقول تعالى:
فثقل الجسد الناتج عن كثرة الأكل والشرب يترتب عليه مشقة الجسد والروح وإرهاقهما، لهذا كان من ضمن مقاصد الصوم وفوائده الجمة إراحتهما من ذلك التعب. قيل للحسن البصري يومًا: أي شيء يدخل الحزن في القلب؟ فقال: الجوع، قال: فأي شيء يخرجه، قال: الشبع، ثم قال: توبوا إلى الله من كثرة النوم والطعام. والحق أن الصيام يرفع من حالة المرء الروحانية، إذ إنه يحُط من شأن الجسد بحرمانه من مشتهياته، ولو كانت في الأصل حلالًا له، وقديمًا قيل: البِطنة تُذهب الفطنة.
بالصيام تتحقق التقوى، والتي بها تحصل الهداية بالضرورة. فتجلت بركات الصوم في شخص حضرته حين قضى مدة معتكفًا صائمًا فتلقى في تلك الأثناء من الرؤى والكشوف والإلهام الواضح ما ننعم به الآن ونرتوي.
صوم المسيح الموعود
أدرك المسيح الموعود فلسفة الصوم الحقيقية بإلهام إلهي خاص فقال: «ليس الصوم أن يبقى الإنسان جائعًا وعطشان فقط، بل له حقيقته وتأثيره اللذان يطّلع عليهما الإنسان من خلال التجربة، ومن طبيعة الإنسان أنه كلما أكل قليلاً حصلت له تزكية النفس، وازدادت قواه الكشفية»(3)، وكذلك هناك بيت شعر لحضرته يذكر فضائل الصوم، وذلك في سياق حديثه عن فضائل القرآن، يقول حضرته بلسان عربي مبين:
فاتخذ الصيام له جنة ووجاءً، حيث كانت العبادات في الإسلام عند حضرته وسائل لا غايات، وقرأ بعينيْ قلبه قوله تعالى:
فأدرك أن بالصيام تتحقق التقوى، والتي بها تحصل الهداية بالضرورة. فتجلت بركات الصوم في شخص حضرته حين قضى مدة معتكفًا صائمًا فتلقى في تلك الأثناء من الرؤى والكشوف والإلهام الواضح ما ننعم به الآن ونرتوي.
الذكر طعام أيضًا
الحياة الروحانية تقع أعلى سلم الأولويات،
وقد ذكر النبي إشارات كثيرة توضح أن تلك الحياة الروحانية منشؤها الذكر، ذكر الله تعالى، فقَالَ:
وقال سيدنا المصلح الموعود في معرض بيانه لمعنى الذكر، في كتابه الهام «الذكر الإلهي»، ما تعريبه:
القرآن والنبي العدنان، زاد متكامل
كان المسيح الموعود مشغوفًا بحب القرآن الكريم، ولعل ما قدمه حضرته من نفائس استخرجها من بحر القرآن الزخار تفوح بشيء من ذلك الحب العارم، وكان من فيض ما ذكره تعبيرا عن ذلك الشغف قوله في كتابه «مرآة كمالات الإسلام» في سياق حديثه عن كمالات القرآن العظيم:
ومن البديهيات الروحانية، لدينا على الأقل نحن المسلمين الأحمديين، أن القرآن والنبي العدنان وجهان للعملة ذاتها، وإن كان تشبيههما بوجهي العملة فيه شيء من التجاوز الذي نسأل الله عليه المغفرة، ما نود قوله أن القرآن إذا كان هو منطوق التعليم الإلهي، فالنبي تطبيق ذلك التعليم المقدس، وذكر التعليم دون الاهتداء بتطبيقه لهو محض هراء، لهذا أكدت آيات القرآن العظيم نفسه على ضرورة الاقتداء بتطبيقه الأمثل، سيدنا محمد المصطفى، فيقول تعالى:
وطالما أشار سيدنا المسيح الموعود إلى حقيقة كون القرآن مصدر ريِّه وشَبَعِه فقال عنه: “موارد فيضه سائغة، فطوبى للشاربين. وقد قُذف في قلبي أنوار منه ما كان لي أن أستخصلها بطريق آخر… فالحمد لله ثم الحمد لله أنه أنالني حظًا وافرًا من أنواره، وأزال إملاقي من دُرره، وأشبع بطني من أثماره”(11)، وأما عن سيدنا محمد المصطفى خاتم النبيين فقد مثل لمسيحنا الموعود خلاصة غذاء الروح، حتى صار “طعام المهجة”، فنقرأ لحضرته قوله في حبيبه المصطفى بيتًا يختصر ذلك المعنى السامي، حيث يقول حضرته متغنّـيًا بحب سيده وسيدنا خاتم النبيين:
آداب تلاوة القرآن الكريم
تمامًا كالصيام الذي قد يؤديه المرء ولا يجني منه سوى الجوع والعطش، فكذلك القرآن، رب قارئ له لا يجني سوى اللعنات، والعياذ بالله.. سأل سائلٌ سيدنا المسيح الموعود :كيف يجب أن تكون تلاوة القرآن؟ فأجاب حضرته:
ففي هذا المقتبس يعلمنا حضرته سبُلَ التأدّب مع القرآن الكريم .. إذ للتلاوة آدابٌ ينبغي علينا التحلّي بها حين نقرأ القرآن الكريم، أبسطها أن نتدبّر في أوامره ونواهيه فنلتزم بما أمرنا به وننتهي عما نُهينا عنه..
فهذا هو الأدب الذي علّمنا إياه سيدنا المسيح الموعود لتلاوة القرآن الكريم. وإننا نرى أن المتحلي بهذا الأدب والمتدبر للقرآن العامل بأحكامه يتراءى مختلفًا عن غيره، وتكون حالته الروحانية أعلى من غيره بكل جلاء ووضوح..
هناك كثير ممن يقرؤون القرآن ولكن القرآن يلعنهم. الذي يقرأ القرآن ولا يعمل به هو الذي يلعنه القرآن. فإذا مرّ المرء أثناء تلاوة القرآن بآية رحمة فعليه أن يسأل الله من رحمته، وإذا مرّ بآية تذكر نزول عذاب على قوم فعليه أن يستعيذ بالله من عذابه. وينبغي تلاوة القرآن بالتدبر والإمعان، كما يجب العمل به
ثم تأتي مرحلة التدبر والتفكر فيه. والحق أن تقدمنا المادي والروحاني مرتبط بالتدبر والتفكر في القرآن والعمل بأحكامه والخضوع لحكومته في كل شؤوننا.
لذا وجّه المسيح الموعود أنظارنا إلى التدبر والتفكر في القرآن الكريم كما كان صحابةُ النبيِّ – – يَقْرؤون ويتدبَّرون، ويتأثرون، فإن التدبر هو الغاية الكبرى من إنزال القرآن.. قال تعالى:
ومن آداب تلاوة القرآن الكريم تلاوته بصوت عذب جميل، وهو أمر محمود والغرض من ذلك تبليغ الإسلام، لأن الخطاب لو أُلقي بصوت جميل فإنه لا شك يترك أثرًا في النفوس، وهذا ما يبيّنه حضرة المسيح الموعود :
المراجع
- (البقرة: 186)
- (النحل: 8)
- الملفوظات جـ 9 صـ 123
- حضرة مرزا غلام أحمد القادياني، نور الحق، قصيدة «إلى الدنيا أوى حزب الأجاني»
- (البقرة: 184)
- (العنْكبوت: 65)
- (صحيح البخاري،كتاب الدعوات)
- مرزا بشير الدين محمود أحمد، «الذكر الإلهي»، ص9
- حضرة مرزا غلام أحمد القادياني، مرآة كمالات الإسلام، ص 545-546
- (الأحزاب: 57)
- حضرة مرزا غلام أحمد القادياني، مرآة كمالات الإسلام، الخزائن الروحانية ج 5 ص545-547
- حضرة مرزا غلام أحمد القادياني، قصيدة “فدتك النفس يا خير الأنام”، من كتاب “نور الحق”، الخزائن الروحانية، مجلد 8
- (جريدة الحكم مجلد11 عدد 8يوم 10مارس 1907ص15)
- (ص: 30)
- (ملفوظات مجلد 8 ص208)