الطاعون آية من الله فهل أنتم مؤمنون؟

الطاعون آية من الله فهل أنتم مؤمنون؟

عبد المجيد عامر

اعتراضات واتهامات تُوجه من حين لآخر ضد مؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية معضمها للمس من شخصه الطاهر أو للتشكيك في تفاصيل بعض النبوءات التي اختصه الله عز وجل بها.

عبر هذه الصفحات سنُعرف القارئ الكريم بخلفية وحقيقة  هذه الاعتراضات كي يتمكن  من الحكم عليها بنفسه. «التقوى»

الاعتراض: لقد تنبأ الميرزا (يقصد بذلك مؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية – الناقل) أنه لا يقع الطاعون في القاديان قائلا: «هو الإله الحق الذي أرسل رسوله في قاديان، وهو الذي يحفظ القاديان من الطاعون، ولو استمر الطاعون إلى سبعين سنة، لأن القاديان مسكن رسوله» (كتاب دافع البلاء ص10)

الجواب: أولا، من المؤسف بل المخزي جدا أن هؤلاء المعارضين الذين يحاولون تكذيبنا يلجأون بأنفسهم إلى الكذب والتزوير في كل مكان وفي كل مرة. فإن العبارة المشار إليها لم ترد كما أوردها المعترض بل إن ما ورد هناك هو كالآتي:

“والأمر الثالث الذي هو ثابت من هذا الوحي هو أن الله تعالى سيحمي القاديان من الدمار الشديد للطاعون – وإن استمر الطاعون في الدنيا سبعين سنة – لأنها مسكن رسوله. وهذه آية لجميع الأمم.” (انظر دافع البلاء ص10، الخزائن الروحانية ج18 ص230)

وثانيا: إنه لمن الكذب الشنيع القولُ بأن سيدنا أحمد قد قال بأن الطاعون لن يدخل القاديان إطلاقا. كلا! بل الحق أن حضرته قد صرح بنفسه – وفي المرجع المشار إليه نفسه – أن الطاعون سوف يقع في القاديان بلا شك، ولكنه لن يكون طاعونا جارفا يحصد الناس حصدا.

الواقع أن سيدنا المسيح الموعود رأى في الرؤيا ملائكة تزرع أشجارا دميمة الشكل كريهة المنظر. وقيل لـه إنها الطاعون الذي سيتفشى بشدة في البنجاب عن قريب، وأن الله تعالى سيحمي جماعته من ويلات هذا الطاعون. فمما أوحى الله تعالى إليه بصدد حماية جماعته ما نصه: “لو لا الإكرام لهلك المقام”. “إنه آوى القرية”. “إني أحافظ كل من في الدار إلا الذين علوا من استكبار”. (مجموعة الإعلانات ج3 ص5 إعلان بتاريخ 6شباط /فبراير 1898م و مواهب الرحمن ص 33، الخزائن الروحانية ج19 ص215) فلما نشر حضرته هذه النبوءة في كتابيه سخر منه الناس مستهزئين حتى فاجأهم الطاعون بعد بضع سنين فحصد الناس حصدا، فدخل الآلاف من السعداء في الجماعة الإسلامية الأحمدية بعد أن رأوْا هذه الآية الساطعة.

…….   إذًا فهذا الوحي الإلهي يتضمن وعدا بأن القاديان لن تتعرض لمثل هذه الحالة. وهذا ما يشرحه أيضا الإلهام التالي: «لولا الإكرام لهلك المقام» .. أي لولا أنني أريد إكرام هذه الجماعة لدمرتُ القاديان أيضا.

وقد كتب حضرته في كتابه “دافع البلاء” ص5 موضحا هذا الأمر فقال ما تعريبه: “قبل أربعة أعوام كنت نشرت نبأً بأن الطاعون سيتفشى بشدة في البنجاب حيث كنت قد رأيت في هذه البلاد أشجارا سوداء للطاعون قد زُرعت في كل مدينة وقرية. ولو أن الناس تابوا لما استمر هذا المرض أكثر من فصْليِن من الشتاء بل لرفعه الله تعالى. ولكنهم سبّوني بدلا من أن يتوبوا، ونشروا إعلانات مليئة بالكلمات البذيئة النابية للغاية. فكانت النتيجة ما ترونه الآن. وإن وحي الله المقدس الذي كان قد نزل عليّ بهذا الصدد هو:

“إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم. إنه آوى القرية”. أي أن الله تعالى قد أراد ألاّ يرفع بلاء الطاعون ما لم ينفض الناس من قلوبهم الأفكار التي دخلت فيها.. أي أن الطاعون لن يرحل ما لم يؤمن الناس بمأموره ورسوله، وأن الله القادر سوف يحفظ القاديان من دمار الطاعون، لكي تعلموا أن القاديان ظلت محمية لأن رسول الله ونبيه كان فيها.” (دافع البلاء ص5-6)

وفيما يلي بعض أقواله التي تؤكد أنه لم ينف وقوع بعض الحالات من الطاعون في القاديان.

1- قد كتب حضرته في الهامش من نفس الكتاب الذي اقتبس منه المعترض المغرض، موضحا الجملة التي تحتها الخط فقال ما تعريبه: “إن لفظ “آوى” – الذي يعني إنقاذ المرء من الدمار والتشتت وتقديم الملاذ لـه – يشير إلى ذلك النوع من أنواع الطاعون الذي يكون مدمرا جدا، والذي يسمى “الطاعون الجارف” أي الذي يكتسح البيوت اكتساحا، والذي يفر منه الناس هنا وهناك، ويموتون كـالكـلاب، وهذه الحالة تفوق طاقة البشر. إذًا فهذا الوحي الإلهي يتضمن وعدا بأن القاديان لن تتعرض لمثل هذه الحالة. وهذا ما يشرحه أيضا الإلهام التالي: “لولا الإكرام لهلك المقام” .. أي لولا أنني أريد إكرام هذه الجماعة لدمرتُ القاديان أيضا.

ويُفهم من هذا الإلهام أمران:

الأول: أنه لا حرج إذا وقعت في قاديان بعض الحالات (من الطاعون) على سبيل الشاذ والنادر مما لا يفوق تحمل البشر، والذي لا يكون مدمرًا ولا يوجب الفرار والتشتت، لأن الشاذ والنادر في حكم المعدوم.

والثاني: أنه لا بد من تفشي الطاعون المدمر – الذي يكون أشد فتكًا ودمارًا بالمقارنة من القاديان – في القرى والمدن التي يقيم فيها أعداء هذه الجماعة الذين هم أشد بغيًا وشرًا، وظلما وسوءَ عمل وفسادا، حتى يفرّ الناس في كل الجهات مذهولين ومدهوشين…. ونقول بكل تحدٍّ بأنه لن يقع في القاديان الطاعون الجارف الذي من شأنه أن يجعل القرية خرابا يبابا ويلتهمها التهاما.” المرجع السابق ص5 الهامش)

2- ثم يقول حضرته في كتابه سفينة نوح ما تعريبه:

“وفوق ذلك فقد خاطبني (الله تعالى) وقال: إن قاديان لن يغشاها بصفة عامة الطاعون الجارف الطامّ المبيد، بحيث يموت الناس بسببه كالكلاب، ويُصبحون كالمجانين من وطأة الهم والتشرد، وأن جميع أفراد هذه الجماعة – مهما يكن عددهم – سيسلمون من الطاعون بصفة عامة مقارنةً مع أعدائهم، اللهم إلا أولئك الذين لم يراعوا عهدهم حق الرعاية، أو الذين كان بخصوصهم سبب خفي في علم الله، فهؤلاء يمكن أن يتعرضوا للطاعون. ولكنه على الرغم من ذلك فإن الناس لا بد أن يعترفوا متعجبين في آخر الأمر بأن حماية الله كانت مع هذه الجماعة مقارنة مع الآخرين، وأنه تعالى- برحمة خاصة – قد حمى هذه الجماعة حماية لا يوجد لها نظير.” (الخزائن الروحانية ج 19 ص 2)

3- وقال في موضع آخر في كتابه:

“إن هذه نبوءة مؤكدة من الله تعالى بأنه عز وجل سوف يحفظ من بلاء الطاعون المخلصين الساكنين داخل داري، الذين لا يستكبرون أمام الله تعالى وأمام مبعوثه. وسيكون فضل الله الخاص على هذه الجماعة بالمقارنة مع غيرهم. إلا أنه من الممكن أن يحدث في هذه الجماعة أيضا حادث شاذ بسبب ضعفٍ في إيمان أحد، أو نقصٍ في العمل، أو من جراء الأجل المقدّر أو لسبب آخر لا يعلمه إلا الله. والشاذ كالمعدوم، لأن الحكم يُبنى على الكثرة عند المقارنة. وكما أن الحكومة بنفسها قد علمت بالتجربة أن المحقونين بمصل الطاعون لا يموتون إلا قليلاً بالمقارنة مع غير المحقونين ومع ذلك فإن الأموات القليلة الشاذة من المحقونين لا تنقص من قدر المصل وفائدته، كذلك فلو حصلت في القاديان إصابات قليلة بالنسبة إلى ما تحصل في غيرها من القرى والمدن، أو مات أحد من أفراد هذه الجماعة بالطاعون على سبيل الندرة، فلا يحط ذلك من مكانة هذه الآية. ولقد نشرتُ هذه النبوءة بناءً على ما تبين لي من كلام الله المقدّس، فليس للعاقل اللبيب أن يستهزئ بكلمات الله قبل وقوعها. إنه لقول الله وليس بقول كاهن. إنه لمن مقلة النور لا رجماً بالغيب في غياهب الظلمة. إنه لكلام ذلك الإله الذي أنزل الطاعون والذي يستطيع هو أن يُذهبه ….. ومما سيبرهن على كوني من عند الله أن المخلصين المقيمين في فناء داري سيسلمون من الموت بهذا الوباء، وأن جماعتي كلها ستكون – نسبيا ومقارنة – في مأمن من صولة الطاعون. وأن السلام الذي سيشمل هؤلاء لن يوجد له نظير في فئة من الفئات. وأن الطاعون الفتاك الجارف المبيد لن يصيب قريةَ قاديان إلا ما شذّ وندر.” (المرجع السابق ص 4-5)

فبحسب الأنباء المذكورة أعلاه قد اتخذ الله تعالى القاديان في حمايته بعد قدر يسير من العذاب. وقد اعتبره حضرته هذا القدر اليسير أيضا “طاعونا شديدا” بالنسبة إلى القاديان، في كتابه “حقيقة الوحي” ص84. إذ يقول  في مكان آخر من الكتاب نفسه: “لقد وقع الطاعون ببعض الشدة مرة واحدة فقط في القاديان.” (المرجع السابق ص232). ونعم ما قيل: وبضدها تتبين الأشياء.

إذن فلم يقع في القاديان – على الإطلاق – الطاعون الجارف الذي يسبب الخراب والدمار والفرار. قد حقق الله وحيه لمؤسس الجماعة : “إني أحافظ كل من في الدار وأحافظك خاصة”. أي أن جميع القاطنين في دارك سوف يُحفظون من الطاعون، ولسوف تتم حفاظتُك أنت بشكل خاص. (سواء كنتَ داخل جدران بيتك أم خارجها).

ولقد أعلن بكل قوة وبصوت عال:

“إن آية صدقي هي أن كل معارض – سواء كان من سكان مدينة أمروهة أو أمرتسار أو دلهي أو كالكوتا أو لاهور أو غولرة أو بطالة – لو أقسم على الله أن مدينته كذا وكذا ستبقى محفوظة من الطاعون لأُخِذتْ مدينته بالذات بالطاعون حتما، لأنه قد استهان بالله تعالى.” (دافع البلاء، الخزائن الروحانية ج18 ص238)

فهل قدر أحد على قبول هذا التحدي؟ والذين قبلوه لم يكونوا سوى حفنة من المعارضين الذين هلكوا بالطاعون، ومنهم جراغ الدين الجموني الذي مات بالطاعون بتاريخ 4 أبريل/ نيسان عام 1906م مع ابنيه.

إن الأمر الذي يجب أن يفحصه القارئ المنصف هو:

1- ألم يُدلِ حضرة مؤسس الجماعة بنبوءة أن الطاعون على وشك التفشي في البنجاب؟

2- ألم يسخر منه الناس على هذه النبوءة؟

3- ألم يتفش الطاعون بعد ذلك في البنجاب وحصد الناس حصدا؟

4- ألم تكن حالات الطاعون في القاديان قليلة جدا حتى إنها كانت في حكم الشاذ والمعدوم. ثم إن الذين ماتوا في القاديان لم يكونوا حتى من جماعتنا بل من المسلمين الآخرين أو الهندوس؟

5- ألم ينج مؤسس الأحمـديـة من الطاعون؟ ثم هل لأحد أن يثبت أن أحدا في بيته المبني من الحجر والطين مات بالطاعون؟

6- ألم ينج الذين دخلوا في البيت الروحاني لـه من الطاعون بصورة خارقة مقارنة بالآخرين رغم أنهم امتنعوا عن التطعيم بناء على وحي تلقاه المسيح الموعود ؟

وأود أن أذكر بهذه المناسبة حادثا وقع في بيته . كان المولوي محمد علي اللاهوري المحترم مقيما في بيته أيام الطاعون. فمرض وظهرت فيه كل علامات الطاعون، حيث أصيب بالحمى وانتفخت الغدد تحت إبطيه. وذات يوم اشتدت به الحمى فخاف أن يموت بالطاعون. فدعا المسيح الموعود الذي كان يعالجه ويعوده. فلما جاء حضرته قال لـه: أخاف أن أموت بالطاعون. فقال لـه المسيح الموعود بكل حماس وجلال: إنك لن تموت بالطاعون إن شاء الله. لو متَّ فلستُ بصادق لأن الله تعالى قد وعدني خاصة: “إني أحافظ كل من في الدار”. ثم وضع حضرته يده على جبين المولوي محمد علي وقال لـه: أين الحمى، وأين الطاعون؟ فشفي المولوي من توِّه بمعجزة خارقة.

7- ألم يمت بالطاعون كل معارض لمؤسس الجماعة ادعى أنه سينجو منه رغم أنه أخذ كل حيطة وحذر من تطعيم وغيره.

8- ثم هل لكاذب أن يفتري على الله تعالى في وقت تُرمى فيه النار من السماء، ويُقعص الناس على المثوى، ويُمسي إنسان حيًّا ويصبح فإذا هو من الموتى. ومع ذلك ينجو هذا المفتري من عقاب الله؟

فما لهؤلاء القوم الذين قد اتبعوا اليهود في التحريف والتزوير حذو النعل بالنعل، الذين قال الله تعالى عنهم في القرآن الكريم: يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (البقرة: 76).

وورد في الحديث أن نبينا سأل أحبار اليهود عما ورد في كتبهم في عقوبة الزنا. ففتحوا كتابهم ولكنهم وضعوا أصابعهم على المكان الذي فيه الحكم، حتى نبَّه الصحابي عبد الله بن سلام نبيَّنا بأنهم أخفوا العبارة المنشودة تحت أيديهم.

فما لهؤلاء القوم الذين قد اتبعوا اليهود في التحريف والتزوير حذو النعل بالنعل، الذين قال الله تعالى عنهم في القرآن الكريم: يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (البقرة: 76).

لقد صدقت يا رسول الله حيث قلت عن أمتك: لتتبعُنَّ سنن من كان قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع.” (صحيح البخاري، كتاب الأنبياء).

وقلتَ أيضا:

“ليأتين على أمتي ما أتى على بني إسرائيل حذو النعل بالنعل.” (الترمذي، كتاب الإيمان باب ما جاء في افتراق هذه الأمة)

فيا من تحبون العدل والإنصاف، ويا من تدعون أنكم تؤيدون الحق، بالله عليكم أن تفكروا، أهكذا ينال الكذابون إكراما وعزة هكذا؟ هل يرزق الله تعالى هذه الهيبة والجلال للكذابين؟ وهل تتحقق نبوءات الكذابين مثلما تحققت نبوءات مؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية؟

أيها الإخوة.. إنكم تستطيعون التمييز بين الظلمة والنور وتعرفون أن الكاذب والصادق لا يستويان. إن آية الطاعون آية واضحة وضوح النهار. إن الأمم سوف تطعن فيكم يوم القيامة – لأنكم شاهدتم آيات الله ولم تؤمنوا بها – وتقول: لو كنا في زمنكم لما كنا من الهالكين. اعلموا أيها الأحبة أن آية الطاعون آية عظيمة الشأن في حق سيدنا الإمام المهدي عليه  السلام وتشهد على صدقه بكل المعايير.

أفلم يأنِ لكم أن تقولوا كلمة الحق وتقوموا مناصرين للحق وتخرقوا الحجب والأستار التي حجبت الشمس من أن تنير الظلمات؟ وهل بوسعكم أن تطفئوا نور الله بأفواهكم؟ أنسيتم قول الله تعالى:

يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَالله مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ؟
Share via
تابعونا على الفايس بوك