التقوى منكم وإليكم

التقوى منكم وإليكم

قِ نفسـك وأهلـك مِن “إنفلونزا الطيور”

أحدث فيروس إنفلونزا الطيور ارتباكا على الصعيد العالمي واعتُبر وباء حيث أنه تفشى في عديد من البلدان وأصبح يُهدد بكارثة فظيعة وذلك لأنه حصد أرواحًا كثيرة. ومن خلال هذه السطور سأحاول التعريف بطبيعة هذا الفيروس الفتاك، وكيف يتم التقاط العدوى، وما هي الخطوات التي يجب اتخاذها منذ الآن لكي نكون على استعداد تام في حال وصول هذا الفيروس إلى منطقتنا لا قدر الله.

لا شك أن إنفلونزا الطيور أو كما يُلقبه البعض طاعون العصر قد تفشى في العديد من البلدان وأصبح  خطرا يهدد العالم بأكمله حيث دقت أجراس الخطر منذرةً بكارثة قد لا يحمد عقباها. ويُعتقد أن سبب الإصابة هو التعرض المباشر للطيور المصابة أو ملامسة أسطح ملوثة بهذا الفيروس وبالتالي تنتقل العدوى بعد ملامسة الفرد لعينه أو فمه أو أنفه.

وسأتطرق الآن إلى ما كُتب أو سـُمع عن هذا الفيروس ونتعرف عن قرب على كيفية انتقال العدوى وكيفية حماية أنفسنا وذلك بالإجابة على بعض الأسئلة التي تجول بخاطرنا. ولكن قبل أن نخوض في هذا أود أن أعرفكم مبدئيا عن ماهية إنفلونزا الطيور التي هي مرض فيروسي معد ويصيب الطيور. وتُعتبر الطيور البرية مصدرًا لهذا الفيروس حيث إنه ينتقل خاصة في فترات هجرة الطيور والتي في بعض الأحيان تكون حاملة إياه دون أن تكون مصابة به ولكنها تساهم في انتقاله وتفشيه بين البط والدِيَكة مما يؤدى إلى قتلها. وفيما مضى لم تنقل عدواها إلى البشر وإنما كانت محصورة بين الطيور. كما تعتبر الطيور المائـية المسئول الأول لبدء انتشار العدوى وانتقالها إلى الطيور الداجنة. وبالتالي يمكن القول إن بعض الطيور تلعب دور الحامل لهذا الفيروس حيث إنها تنشره بواسطة لعابها أو الإفرازات الناتجة من الأنف أو عن طريق فضلاتها. فيتم انتقاله وانتشاره عند الاختلاط بهذه الطيور.

ويتساءل البعض عن إمكانية انتقال فيروس الإنفلونزا من الطيور إلى الإنسان. ونود أن نذكر أنه قد ظهرت حالات نادرة من إصابة الإنسان بإنفلونزا الطيور ومازالت طرق ومراحل انتقال الفيروس من الطيور إلى الإنسان غير معروفة. ولكن يبدو واضحا أن طفرة حدثت في التكوين الجيني والوراثي لهذا الفيروس خولته من أن يصبح ممرضا للإنسان أيضا وهناك أيضا تأكيدات بأن سبب الإصابة هو التعرض المباشر للطيور الحية والمصابة بهذا الفيروس عبر إفرازاتها كاللعاب أو  التعرض إلى فضلاتها. أما بالنسبة لأولئك الذين يتساءلون عن احتمال انتقال إنفلونزا الطيور عن طريق أكل الدجاج أو البيض نقول لهم أن هذا الأمر غير ممكن بشرط طهي اللحوم والتأكد من نضجها نضجًا تاما حيث ثبت أن هذا الفيروس يمكن قتله إذا ما تم طهي لحوم الدجاج أو البيض طهيًا تاما  تحت درجة حرارة عالية لا تقل عن ثمانين درجة مئوية. وما قد يغفل عنه البعض هو أن هذا الفيروس قد يعيش في اللحوم النيئة والمنتقل لها من الطيور المصابة لذا نؤكد وننصح بعدم تناول أي لحوم حمراء أو بيضاء ما لم يتم طهيها طهيًا تاما. أما بالنسبة للبيض فلا يستحب أكل البيض نيئا أو غير ناضج بشكل تام.

ومن أهم المبادئ الصحية التي يجب الالتزام بها هو غسل اليدين وتطهير جميع الأسطح المستخدمة عند تقطيع اللحوم كما ننصح بعدم التواجد في أماكن تربية الطيور وأسواق البيع حيث من السهل لهذا الفيروس أن يعلق في الشعر والملابس كما يمكن دخوله إلى جسم الإنسان عن طريق الاستنشاق.

أما عن احتمال انتقال عدوى إنفلونزا الطيور من شخص إلى آخر فنرى أنه حتى اليوم لم يثبت هذا الاحتمال. ولكن قد يتحور هذا الفيروس وتختلف صفاته الوراثية بحيث يصبح فيروسا يسهل انتقاله من فرد إلى آخر. فهناك احتمال دخول فيروس إنفلونزا الطيور إلى جسم الفرد المصاب بإنفلونزا الإنسان ومن هنا يكتسب صفات جينية جديدة من إنفلونزا الإنسان، وهذا الخلط بين النوعين قد يتسبب في خلق نوع آخر من أنواع الإنفلونزا الشرسة.

وبما أن هذا الفيروس لا يصيب عادة الإنسان لذا لا يوجد مناعة أو حماية ضده في الجسم. لذلك فإنه في حالة دخول هذا الفيروس إلى جسم الإنسان قد يتحور  ويكتسب صفات أخرى وبهذا يصبح انتقاله سهلا من شخص إلى آخر وبالتالي يصبح وباء فتاكا يهدد بكارثة ولكن الحمد لله حتى يومنا هذا لا توجد دلائل على حدوث هذا الافتراض.

ويمكن أن نلخص أعراض الإصابة بإنفلونزا الطيور كالآتي : ارتفاع في درجة الحرارة، السعال، التهاب الحلق وآلام في العظام كما يمكن أن يحدث التهاب بملتحمة العين، مع احتمال حدوث بعض المضاعفات في الجهاز التنفسي كذات الرئة أو أعراض أخرى خطيرة تشكل تهديدا على الحياة. حيث إن السلالة الحالية من إنفلونزا الطيور والتي تنتشر بسرعة فائقة في آسيا وبعض البلدان الأخرى أصبحت شرسة وقاتلة فنحو ثلثي المصابين  بهذا الفيروس قد يتعرضون للموت بسببها. وثبت أن الأفراد الذين أصيبوا بإنفلونزا الطيور هم مِمن يتعاملون مع الطيور المصابة بصورة مباشرة في المجازر وأسواق البيع أو الذين يقومون بعملية تنظيف الأحشاء أو أولئك الأفراد الذين تعرضوا لأسطح ملوثة بفضلات الطيور كما أن هناك شكًّا بوجود حالات انتقال العدوى من شخص إلى آخر وعادة لا يحدث هذا إلا في حالات التماس الصميم ولفترة طويلة أي وجها لوجه مع الأفراد المصابين بهذا الفيروس ولكن نحمد الله أنه حتى الآن لم يتعلم هذا الفيروس التحور ليصبح فيروسًا ينتقل من فرد إلى آخر. وبصفة عامة فإن هذا الفيروس يشكل خطرا فادحا على الأطفال وكبار السن ولكن غالبا ما يعتمد هذا الأمر على مستوى مناعة الجسم.

ويُعرف جهاز المناعة بأنه نظام معقد تتدخل فيه عوامل عديدة على المستوى المصلي (كالأضداد) أو على المستوى الخلوي أي الكريات البيضاء التي تقوم بالدفاع عن الجسم ضد الأجسام الأجنبية سواء بالهجوم المباشر عليها أو من خلال تحريض غيرها بما تفرزه من وسائط كيماوية) كما أن هناك موادًا كيماوية تقوم بدور وسيلة التواصل بين مختلف مكونات هذا النظام وكأنها رسل تحمل الأوامر بالحشد ضد الدخيل أو بقتله أو حصره وتثبيطه. وتحتاج هذه التركيبة المعقدة من التفاعلات إلى تغذية صحيحة لكي يعمل جهاز المناعة بكفاءة عالية وفي عصرنا الحالي انتشرت الأمراض فأصبحنا بحاجة ماسة إلى تعزيز جهاز المناعة وتقويته لمواجهة هذا الكم من الأمراض. لهذا لابد من الاعتماد على العناصر الغذائية الهامة والتي تُعتبر ذات مفعول أقوى من الأدوية لتعزيز جهاز المناعة وقهر الإنفلونزا حتى قبل ظهور أعراضها. وينصح الخبراء بإدراج الفواكه والخضار المذكورة أدناه في نظام طعامك اليومي لما تحتويه على فوائد جمة من مقاومة للبكتريا وللأكسدة وتقوية جهاز المناعة:

العنب الأحمر، التوت العادي والبري، الفراولة، التفاح، الأناناس، البصل، الثوم، فول الصودا، الفطر “المشروم”، العسل الأبيض، الذرة، الجزر، البروكلي، والشعير.

فاعمل عزيزي القارئ على تحسين صحتك وقُم بتعـزيز جهاز مناعتك حتى تكون مستعدًا لما لم تعمل له حساب. وتيقن أنك لا تستطيع تحسين جهاز مناعتك خلال أربع وعشرين ساعة. ولا يمكن أن تغير من نظام غذائك اليوم وتتوقع أن تكون صحيح البدن والمناعة في الغد أو الأسبوع التالي أو حتى الشهر التالي. فاكتساب الصحة يحتاج إلى وقت وتحضير قد يمتد إلى أشهر.

وإليكم في ما يلي بعض النصائح العامة:

* تجنـب الاقتـراب والاختلاط بالطيور البرية أو الداجنة.

* أكد على أطفالك على عدم وضع الأشياء أو أصابعهم في الفم لأنها قد تكون ملوثة.

* قَشر البيض الخارجي قد يكون ملوثا بفضلات الطيور لذلك ننصح بغسل البيض جيدا قبل كسره.

* يفضل فصل لوحة تقطيع الدواجـن عن تلك المستخدمة لتقطيع الخضروات أو الفاكهة.

* احـرص على غسل لوحة التقطيع والأدوات المستخدمة لإعداد الطيور.

* احرص على غسل اليدين بعد استعمال البيض أو بعد تقطيع وإعداد اللحوم والطيور.

* تجنب تناول الأطعمة التي يدخل في مكوناتها البيض النيئ مثل “المايونيز”.

* احرص على طَهي لحم الطيور تحت درجة حرارة عالية لا تقل عن ثمانين درجة مئوية أو أعلى فهذا كفيل بقتل فيروس إنفلونزا الطيور.

مساهمـة الصـديق

م.ع.م (تونس)

Share via
تابعونا على الفايس بوك