
لكل سؤال جواب
إن الوعد الذي قطعته (التقوى) على نفسها بأن تكون مهدًا لكل حوار فكري علمي هادئ يطلُّ اليوم في شكل باب جديد نضيفه لصفحات المجلة تحت عنوان “لكل سؤال جواب” يجيب من خلاله الكتاب المختصون على الأسئلة الكثيرة التي يحملها بريد المجلة. إن أسئلتكم ستكون الزاد الذي يغني هذا الباب ولذلك فصدر (التقوى) الرحب سيتسع لكل سؤال بناء يتعلق بالمواضيع التي تطرحها المجلة.
سؤال هذا العدد يجيب عليه الأستاذ: محمد حميد كوثر *
السؤال
يدَّعي معارضو الأحمدية أنّ مؤسس الجماعة الإسلاميّة الأحمدية
لم يكن يستغفر الله تعالى، فما هي حقيقة الأمر؟
الجواب:
يدَّعي معارضو الأحمدية هذا الادِّعاء الخاطئ بسبب سوء فهمِهم لروايةٍ وردت في كتاب: “سيرة المهدي” عن زوجةِ سيدنا مرزا غلام أحمد.. أمّ المؤمنين رضي الله تعالى عنها.. أنّها قالت أنّ حضرته كان يُسبِّح الله سبحانه وتعالى بكثرة. وروايةٍ أخرى لأحد صحابةِ سيدنا أحمد (عليه السلام) وهو مولانا شير علي الذي تصادف أنْ كان عند حضرته فوجده يُسبِّح الله بكثرة ولم يجده مستغفرًا الله عزّ وجل.
والغريب في أمر معارضي الأحمدية أنهم يَثِبونَ على كل جملة يجدونها تخدم أغراضهم المتدنيّة أملاً في بثِّ الشك في نفوس المخلصين ونشرِ الضلال بين المؤمنين. ولكن الله يقذِف بالحقِّ على الباطل الذي يحاولون أن ينشروه بين الناس فإذا هو زاهقٌ، لأنّ الحقَّ دائمًا يعلو ويظهر ولو كره ذلك المخالفون والمعارضون.
هل قول أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها أنّ سيدنا أحمد (عليه السلام) كان يسبّح الله بكثرة يعني أنّه لم يكن يستغفر الله أبدًا؟ أيُّ خيالٍ مريضٍ يقول بهذا؟ وأيُّ رأيٍ سقيم يرى هذا الفهم؟ ثم إذا تصادف أن زارَ أحدُ الصحابة سيدنا الإمام المهدي (عليه السلام) ولاحظَ أنّه كان يُسبِّح الله وأنّه لم يكن يستغفر الله في تلك المرة، فهل معنى هذا أنّه لم يكن يستغفر الله أبدًا؟ هل هذا هو مدى ما تفهمه عقول المعارضين؟ وهل هذا هو ما تستطيع أنْ تستوعبه وتستنتجه أفهامهم؟ إنّ هؤلاء الجهلة المتجاهلون، والضالون المضلِّلون سوف يستنتجون بنفس ِمنطقهم السقيم من الحديث التالي أنّ رسول الله لم يكن يستغفر الله تعالى أبدًا أو أنّه لم يكن يحب أن يستغفر الله، فقد ورد في صحيح البخاري كتاب الدعوات باب فضل التسبيح، عن أبي هريرة عن النبي أنّه قال:
لقد نسيَ معارضو الأحمدية أنّ سيدنا الإمام المهدي (عليه السلام) كان يؤدِّي الصلوات الخمس والسُنن والنوافل، وكان يدعو بين السجدتين: “اللهُّمَ اغفِرْ لي وارحَمْنِي..”، وفي آخر الصلاة كان يدعو:
لقد أعلن حضرته (عليه السلام) أنّ الله تعالى أوحى لي بما يلي:
وكتب حضرته هذا الدعاء وكان يردِّده كثيرًا:
كذلك فقد كتب الدعاء التالي في كتابه: دافِع الوساوِس ص15:
وفي نهاية كتابه: “إعجاز المسيح ص203 كتب الدعاء التالي:
وكتب يحثُّ أفراد جماعته على دوام الاستغفار فقال: إنّ كلمة الاستغفار أو الغفران هي نفس الكلمة التي يطعن بها بعض الجاهلين في نبينا ، ولعلَّكم -أيّها المستمعون الكرام- قد أدركتم مما سلف أنّ الرغبة في الاستغفار هي مفخرةٌ للإنسان، فمن كان مولودًا من بطنِ امرأة.. ومع ذلك لا يتّخذُ الاستغفار دَيْدَنًا في كل حال.. فهو دودة وليس إنسانًا، وأعمى وليس بصيرًا، ونجسٌ غير طيّب. (الخزائِن الروحانيّة: ج10 – كتاب: فلسفة التعاليم الإسلاميّة ص: 413)
(ملفوظات سيدنا أحمد عليه السلام ج1 ص207)
«فاعلموا أنّه من الحماقة أن يعتمد الإنسان على الدواء والتدبير فقط ويترك الله سبحانه وتعالى على حِدة. عليكم أن تُغيِّروا أنفسكم تغييرًا جذريًا كأنّكم نِلتم حياةً جديدة، وعليكم أن تستغفروا بكثرة.» (المرجع السابق ص265)
ونسألُ الله القدير أنْ يوفِّق مُناهضي الأحمدية أنْ يدرسوا روايات سيرة المهدي بنوايا نزيهةً مُطهَّرةً من الأهواء كي يستفيدوا منها، وأن لا يحذوا حذوَ أعداء الإسلام الذين كانوا ولا يزالون يدرسون القرآن المجيد وأحاديث الرسول لا لِطلب الهداية ولكن بحثًا عن ذرائِع الانتقاد ووسائل التهجُّم والافتراء.