أيغسل الآباء أدمغة أولادهم حقا؟!

أيغسل الآباء أدمغة أولادهم حقا؟!

عمر ناصر

  • بماذا ينادي الملحدون؟!
  • ما الشعرة الفاصلة في تربيتنا أولادنا بين الحق والواجب؟!

___ 

  

بماذا ينادي دوكينز؟!

ثمة سؤال أخذ يُثار مرارًا وتكرارًا خلال السنوات القليلة الماضية بحيث أصبح من الصعب تجاهله، ألا وهو: أيمكن أن يكون لنشأة الطفل في بيئة ما دور في غسيل دماغه ووضعه في قالب فكري يتعذر عليه تغييره حين ينضج؟!

هذا السؤال طالما يردده العديد من دعاة الإلحاد اليوم، وعلى رأسهم عالم الحيوان الشهير «ريتشارد دوكينز»، حيث نُشر له عام 2015 مقال مفصل عن هذا الموضوع تحديدًا، وقد ذكر فيه أن هناك بالفعل فرقًا كبيرًا بين إشراك أطفالك في تقاليد غير مُؤذية، وبين تلقينهم آراء لا سند لها حول ماهية الحياة أو الكون(1). وفي مقابلة صحفية أَجرتها معه صحيفة التايمز الأيرلندية، عبر «دوكينز» عن رأيه ذاته بأسلوب آخر قال فيه: «إن الأطفال بحاجة إلى الرعاية بهدف حصولهم على التعليم المناسب، لا أن يُلقّنوا ديناً تَربى آباؤهم عليه»(2). هذا وينهج نهج «دوكينز» العديد من الملحدين الذين ينتقدون فكرة تربية طفل وفق معتقد ديني بعينه، فيرون أن أسلوب التربية هذا يُعدُّ شكلًا من أشكال غسل الدماغ، الذي يؤثر لا محالة على مستقبله تأثيراً لا مبرر له. ويقترحون نهجًا أكثر إنصافاً، من وجهة نظرهم، وهو تربية الأطفال دون أية معتقدات دينية على الإطلاق، والسماح لهم ببلوغ النضج الفكري، فإما أن يختاروا عقيدتهم الدينية الخاصة، أو يتخذوا وجهة غير دينية على الإطلاق. ويبدو ما ينادي به «دوكينز» ومن ينهج نهجه للوهلة الأولى أمرًا منطقيًّا وتوجهًا إنسانيًّا سليمًا، غير أننا إذا أمعنَّا النظر في البعد التربوي من هذه القضية نجد أن ما ينادي به الملحدون أمثال «دوكينز» ينافي الفطرة أيما منافاة! ولكن كيف يا ترى؟! هذا ما سنتجاذب أطراف الحديث عنه في هذا المقال.

تربيتنا أولادنا.. بين الحق والواجب!

حين النظر في سلوك مخلوقات المملكة الحيوانية، وهو التخصص العلمي الذي يستقي منه السيد «دوكينز» ولا شك كثيرًا من ملاحظاته، نجد السمة الغالبة عليها عنصر التربية، فكل حيوان يربي ولده على أسلوب حياة خاص، فالغزلان تعلم صغارها كيفية العدو الصحيحة، والطيور تعلم فراخها أسلوب الطيران، بل وحتى الكواسر كالأسود، نراها تعلم جراءها كيفيات الكمون لافتراس الطرائد، باختصار، إن كل حيوان يعلم صغاره أسلوب حياة خاصًّا. فإذا كنا نقر بفكرة كون الإنسان منتميًا ماديًّا إلى المملكة الحيوانية، وهو الحلقة العليا في سلسلة الرئيسيات، فإن تعليمه أطفاله أسلوب الحياة المادي شيء طبيعي. غير أن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، فالإنسان ليس بهيمة همها الأكل والشرب والنوم، وإلا لاكتفينا بما تكتفي به الدواب في تعليم صغارها، بل للإنسان مكون آخر روحي أسقطه “دوكنز” ورفقاؤه من حساباتهم. وفيما يلي أسباب خمسة نلخص فيها حق المتدينين في تربية أطفالهم وفقًا لمعتقداتهم الدينية الخاصة..

ويبدو ما ينادي به «دوكينز» ومن ينهج نهجه للوهلة الأولى أمرًا منطقيًّا وتوجهًا إنسانيًّا سليمًا، غير أننا إذا أمعنَّا النظر في البعد التربوي من هذه القضية نجد أن ما ينادي به الملحدون أمثال «دوكينز» ينافي الفطرة أيما منافاة! ولكن كيف يا ترى؟! هذا ما سنتجاذب أطراف الحديث عنه في هذا المقال.

تربية جراء الأسد بأسلوب حياة الغزال!

أبرز الأسباب التي لأجلها يحق للمتدينين تربية أطفالهم وفقاً لمعتقداتهم الدينية أننا نربي جميعاً أطفالنا وفقاً لمعتقداتنا الشخصية، التي تشكل أسلوب حياتنا، كما تفعل سائر الأحياء، بما في ذلك الملحدون أيضًا. عندما ندقق في أقوال «دوكينز» المذكورة أعلاه، يتضح على الفور تناقض موقفه الزاعم بأن المتدينين يحملون «آراء لا دليل لها حول طبيعة الحياة أو الكون».  ألا يبدو هذا رأياً في حد ذاته؟ لا أظن أن معتقداتي غير مبنية على دليل، من يظن ذلك؟ لا يمكن أن نكون جميعنا على حق، ولكننا نحتفظ جميعًا بالحق في الاعتقاد بأننا على حق. فمن قال أنّي لا أرى الإلحاد كموقف لا دليل له يضر بالرفاه الأخلاقي والروحي لأطفالي؟! إذا كان الأمر كذلك، كيف يمكنني أن أحرم وبقصد أقرب الناس إليَّ من فرصة التطور الروحي في شبابهم؟ إن أساس هذه الحجة تعبير حاد عن غضب مُعَادٍ للدين، ومصادرة لحق المتدينين في نقل خبراتهم إلى صغارهم، بصرف النظر عن صحة تلك الخبرات بشكل مطلق، فإنها تبدو صحيحة من وجهة  نظرهم على أية حال. إن نفس الحق يتشبث به «دوكينز» حين يصر على نقل خبرته، الباطلة من وجهة نظرنا، إلى صغاره، وبالتالي، فمن الواضح جدًّا أنه إذا ربى «دوكينز» أطفاله على لاعتقاد بأن العمليات الطبيعية وحدها يمكن أن تفسر جميع الظواهر، فلدي كل الحق أن أربي أطفالي على نقيض ذلك. إن دعوى «دوكينز» مثيرة للضحك، فكأنه يطالب بتربية أشبال الأسد بأسلوب حياة الغزال!

وفي حجته الأخيرة يقارن دوكينز ذلك مرارًا مع عبثية وصف الأطفال حسب ميول آبائهم السياسية، مشيرًا بدهاء إلى أن وصف الأطفال بـ «المحافظين» أو «الاشتراكيين» إنما هو هراء. ولكن يبدو أنه لم يُوفق أيضًا في هذه النقطة، إن حجته تؤدي بنا في نهايتها المنطقية إلى أن يمتنع الآباء عن مناقشة أي من قيمهم السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية مع أطفالهم، خوفًا من ميلهم إلى معتقدات آبائهم السياسية.

الحرص على مصالح النشء له طرق مختلفة

يأخذ جميع الآباء، سواء كانوا متدينين أم لا، عدداً لا يحصى من القرارات نيابةً عن أطفالهم بناءً على ما يرونه أفضل لمستقبل ذريتهم. كم من طفل بكى عندما أرسله أبواه إلى المدرسة! أو شعر بأن الانتقال إلى منزل بعيد عن أصدقائه كان أسوأ شيء على الإطلاق! ومع ذلك، هل يفكر أحد أن علينا إطلاق وإهمال كل هؤلاء الأطفال باسم حرية الاختيار؟ بالطبع لا، لأننا جميعًا نقبل بأن حكم الوالدين فيما يتعلق بمستقبل أطفالهما يجب أن يُحترم. وليس هناك ما يمنع أيضًا من توسيع نطاق الحقوق التي تنطبق على الخيارات التي تشكل المستقبل الاجتماعي والأكاديمي للطفل لتشمل المستقبل الروحي للطفل.

فللدين أساس عقلاني للغاية ولكن العديد من ثماره ليست فكرية بحتة، بل تجريبية أيضاً. لو كبرت دون الارتياح الروحي، وتحقق الدعاء والعلاقة مع الله، كيف لك أن تقوم بخيار مستنير حول حقيقة الدين؟ فالاختيار المستنير إنما يولد من التجربة. إذا قرر المرء بعد كل هذا الجهد أن الثمار الروحانية الموعودة لا وجود لها، فله الحرية في المغادرة. أما رفض دين دون السعي لعيش بركاته بشكل حقيقي فلا معنى له.

الإسلام يتمسك بحرية المعتقد

على الرغم من إقرارنا بحق الوالدين في تحديد مستقبل الطفل، إلا أن حتى هذا الحق له حدود واضحة في الإسلام، تلك الحدود يبينها قول الله تعالى: لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ 3). علينا استذكار المعنى العميق لهذه الآية حين نقدم على تربية أطفالنا وفق أية معتقدات دينية نؤمن بأنها صحيحة، حتى يتمكنوا من تذوق الفوائد الروحية التي تذوقناها، والتي لا نتصور حرمانهم منها. ومع ذلك، فإنهم عندما ينضجون فكريًّا، ولو وجدوا أنفسهم غير مقتنعين حقًّا بالحجج المؤيدة لهذه المعتقدات، فليكن. ليس لدينا الحق في إجبارهم على اعتناق المعتقد، ولو قليلاً، لأن المعتقد القسري أجوف. إن التزامنا بالقيام بما نعتقد أنه الأفضل لهم في شبابهم لا يعني حرمانهم من استقلاليتهم مع تقدمهم في السن. فالنبي نوح أشار وهو في كرب شديد لابنه الكافر إلى السفينة، لكنه لم يجبره على الركوب مع المؤمنين، وهذا المشهد يصوره القرآن الكريم لنا من كافة الجوانب لتتضح الفكرة، يقول تعالى

وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ * قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ (4)..

على الرغم من مأساوية المشهد الذي تصوره آيتا سورة هود، إلا أنه يستفاد منه عدم إكراه الأولاد على اعتقاد معين، حتى وإن كنا متيقنين من صحته. فالإسلام إذن قدم الحجة العملية على أسلوب التربية الذي شرعه، فماذا قدم «دوكينز» وأشياعه؟!

لماذا نسلب الخيارات من أطفالنا؟!

سبب آخر يضمن لنا الحق في اختيارنا أسلوب التربية المناسب لأطفالنا، وهو أن تنشئتهم بمعزل عن الدين يعني عدم إعطائنا أي خيار آخر، والفرضية التي تبنى عليها هذه الفكرة هي أنه من العدل أن ينشأ الطفل دون إيمان بمعتقد لأن ذلك يترك له الباب مفتوحاً لاختيار الدين الذي يريده عند بلوغه. وهذا يعني أن معظم الناس سوف ينتهي بهم الأمر إلى الإلحاد، للأسباب «الخاطئة». فللدين أساس عقلاني للغاية ولكن العديد من ثماره ليست فكرية بحتة، بل تجريبية أيضاً. لو كبرت دون الارتياح الروحي، وتحقق الدعاء والعلاقة مع الله، كيف لك أن تقوم بخيار مستنير حول حقيقة الدين؟ فالاختيار المستنير إنما يولد من التجربة. إذا قرر المرء بعد كل هذا الجهد أن الثمار الروحانية الموعودة لا وجود لها، فله الحرية في المغادرة. أما رفض دين دون السعي لعيش بركاته بشكل حقيقي فلا معنى له.

من أين أتى الملحدون إذن؟!

لو كانت التنشئة الدينية تعني التلقين الدائم، لما كان هناك ملحدون. ولعل أعظم دليل على أن هذه الفكرة برمتها عليلة هو حقيقة أن معظم المؤيدين الرئيسيين للإلحاد الجديد ولدوا ونشأوا في بيئات دينية قبل أن يختاروا التخلي عن الدين. ففي نهاية الأمر، نعلم جميعاً أن التدين في الغرب آخذ في التدهور وأن الإلحاد آخذ في الازدياد. وهذا ببساطة لن يكون ممكناً لو كانت تربية طفل في بيئة دينية تؤدي إلى خلق أثر ديني لا يمكن محوه أبدًا. وهكذا نرى أن هذا المطلب ليس له أساس مشروع يستند عليه. وبالرغم من هذا، هناك بالفعل آباء وهم أقلية قد يسعون إلى قمع ملكة التفكير النقدي لدى أطفالهم من أجل إفساح المجال لمجموعة من المعتقدات الدينية. لكن هذا الإكراه الفكري هو مخالف لتعاليم الأنبياء الحقيقية المجملة في قوله تعالى:

وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ (5).

مغزى في فكاهة!

في إحدى الأمسيات العائلية الدافئة مازح الأب أولاده بالسؤال التالي: من تحبون أكثر أنا أم أمكم؟ فأجاب الأولاد بفطرة نقية: لا نفرق بينكما، فنحن نحبكما كليكما. الأب: طيب، لو سافرت أنا الى تركيا وسافرت أمكم الى دبي، فأين تريدون أن تسافروا؟ الأطفال: نذهب الى دبي. الأب: آه، يعني أنتم تحبون أمكم أكثر. الأطفال: لا، ولكن نحن نحب أن نذهب لدبي، الأب: طيب، لو أنا قررت أسافر إلى دبي وأمكم قررت أن تسافر إلى تركيا، فأين تختارون؟ الأطفال: نختار تركيا. الأب: آه، أنا قلت لكم أنتم تحبون أمكم أكثر الأطفال: لا، ولكننا ذهبنا إلى دبي مع أمنا، فضحك الأب وكانت جلسة عائلية ممتعة…

وتطبيقًا بالسنة النبوية الشريفة، فعلى سبيل المثال، القرآن يدعو إلى نبذ أسلوب المفاضلة بين الأخيار تفاديًا تكوين تحيزات بغيضة في المستقبل، فيقول تعالى: آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (7)،

على الرغم من النهاية الفكاهية لهذا الموقف إلا أنه في ثنايا هذا الحوار خطأ تربوي قاتل، وهو تحريض الأب لأبنائه على المفاضلة بين محبته ومحبة أمهم، وإن كان الحوار على سبيل المزاح أو الفكاهة إلا أنه يدمر العلاقة الوالدية في الأسرة، فالأصل ألا يفرق الطفل في المحبة بين والديه، ولا أن يستغل الوالدان ضعف إدراك أبنائهما وعدم تمييزهم فيستغلا ذلك بتوجيههم للتفرقة في المحبة بين الأم والأب، فإن التفرقة في المحبة بين الوالدين تشعل نار الفرقة والكراهية وتساهم في تفكك الأسرة وتشتتها، ونحن نسمي هذا السلوك «غسيل الدماغ»(6). ولا يبدو ما أورده صاحب المقتبس «جاسم المطوع» من دعابة بعيدًا عن القيم العالية التي علمناها ديننا القيِّم سلفًا، تنظيرًا في القرآن المجيد وتطبيقًا بالسنة النبوية الشريفة، فعلى سبيل المثال، القرآن يدعو إلى نبذ أسلوب المفاضلة بين الأخيار تفاديًا تكوين تحيزات بغيضة في المستقبل، فيقول تعالى:

آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (7)،

وتطبيقا للتعليم القرآني يرمي سيدنا خاتم النبيين إلى الهدف ذاته فيقول:

«لَا تُخَيِّرُونِي عَلَى مُوسَى»(8)،

وفي مناسبة أخرى نسمعه يقول:

«لَا يَنْبَغِي لِعَبْدٍ أَنْ يَقُولَ أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى»(9).

الهوامش:

  1. ريتشارد دوكينز، «لا تفرض معتقداتك الدينية على أطفالك»، مؤسسة العقل والعلوم، 19 فبراير 2015.
  2. جو همفريز، «ريتشارد دوكينز: الأطفال بحاجة إلى «الحماية من الدين»، صحيفة التايمز الأيرلندية، 24 فبراير 2015.
  3. (البقرة: 257)
  4. (هود: 43-44
  5. (الكهف: 30)
  6. جاسم المطوع، قصص في غسيل دماغ الأبناء، صحيفة الأنباء الكويتية اليومية، الاثنين 2015/2/9
  7. (البقرة: 286)
  8. (صحيح البخاري، كتاب الخصومات)
  9. (صحيح البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء)
Share via
تابعونا على الفايس بوك