"يُدفن معي في قبري"

“يُدفن معي في قبري”

مصطفى ثابت

تحت سلسلة السيرة المطهرة يتناول الكاتب سيرة حضرة ميرزا غلام أحمد الإمام المهدي والمسيح الموعود عليه السلام مُبرزاً الوقائع والأحداث الهامة من حياة حضرته المطهرة.

احتوت الحلقة الماضية من هذه السلسلة على جانب من التعاليم والنصائح التي ضمنها سيدنا أحمد  كتابه “الوصية”، وذلك حين تلقى من الله تعالى أنباء عن قرب وفاته. وظل حتى آخر أيام حياته الشريفة يقوم بواجبه لتبليغ دعوته واستقبال الناس والوفود التي تريد أن تستفسره وتستمع إليه. وأخيرا لما آنت ساعة الرحيل، وافته المنية وهو على فراشه بين أهله وصحابته.

كان الحاضرون جميعهم في الحزن العميق، ولكنهم لم يعبروا عن مشاعر الحزن والألم بطريقة تتناقض مع ما ربّاهم عليه سيدنا أحمد  من تعاليم الإسلام. بل إن السيدة أم المؤمنين منعت النسوة من أن ترفع إحداهن صوتها بصياح أو صراخ، وقالت لأولادها وهي تعزّيهم في أبيهم وتخفّف عنهم آلام فراقه:

“يا أولادي لا تظنّوا -نظرًا إلى كون البيت فارغًا- أن أباكم لم يترك لكم شيئًا. إنه قد ترك لكم في السماء كنزًا كبيرًا من الأدعية التي لن تزال تصلكم في الوقت المناسب.” ( سيرة المهدي، روايات السيدة نواب مباركه بيغم)

أما ابنه الموعود ميرزا بشير الدين محمود أحمد فوقف بجوار جثمان والده ليُعبّر عن مدى عزمه على المضي في طريقه المستقيم، فقال:

“يا إلهي أتعهد بصدق القلب وأُشهِدك على أنه لو تخلَّى جميع الناس عن الأحمدية فمع ذلك لأنشرنَّ إلى أقاصي الأرض تلك الرسالة التي أنزلتَها بواسطة سيدنا المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام”. (جريدة الفضل عدد 21 حزيران 1944)

في المساء نقلوا جثمانه الشريف من مدينة “لاهور” إلى “بطالا” عن طريق القطار، وفي الصباح حملوه إلى قاديان حيث وضعوه في حجرة في حديقة سيدنا أحمد المجاورة لـ “بهشتي مقبرة” أي مقبرة الجنة. وخلال ذلك الحين كانت أعداد كثيرة من أعضاء الجماعة الإسلامية الأحمدية قد توافدت إلى قاديان من كل حدب وصوب، واجتمع زعماء الجماعة وقادتها، واتفقوا فيما بينهم بالإجماع على أن يطلبوا من مولانا نور الدين أن يتفضّل بحمل الأمانة الثقيلة بخلافة سيدنا أحمد ، وقد تقدموا بطلبهم هذا بعد الاستخارة والدعاء بأن يوفقهم الله تعالى في ترشيح من يريده هو سبحانه أن يتولى منصب الخلافة. فلما اتفقت كلمتهم على انتخاب مولانا نور الدين عنه، قرروا أن يرفعوا إليه التماسًا مكتوبًا وقّع عليه جميع الشخصيات القيادية في الجماعة، وجاء به ما يلي:

“بسم الله الرحمن الرحيم. نحمده ونصلي على رسوله الكريم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد المصطفى خاتم النبيين وعلى المسيح الموعود خاتم الأولياء.

وكان سيدنا أحمد قد ذكر في كتابه “الوصية” أنه قد دعا الله تعالى أن يبارك هذه الأرض ويجعلها مقبرة الجنة. وليس هذا بأمر مستغرب فقد سبق أن اختار سيدنا المصطفى أرضا وخصصها لدفن صحابته وسماها جنة البقيع.

أما بعد، فحسب أمر المسيح الموعود المذكور في كتابه “الوصية”، فإننا نحن الأحمديين الموقعين أدناه مقتنعون بصدق القلب على أن يبايع جميع أفراد الجماعة الإسلامية الأحمدية، وكذلك جميع أولئك الذين يريدون أن ينضموا إليها في المستقبل، باسم أحمد ، وعلى يد أوّل المهاجرين حضرة الحاج المولوي الحكيم نور الدين، الذي هو أعلَمُنا وأتقانا وأكثرنا إخلاصًا وأطولُنا صحبةً لإمامنا الراحل، والذي قد اعتبره إمامنا أسوةً طيبةً لنا، كما جاء في بيت شعر له ما تعريبه:

ما أروع لو أن كل فرد من الجماعة يصبح مثل “نور الدين” ولن يتم ذلك إلا إذا صار كل قلب مملوءًا بنور اليقين.

وإن كل ما يأمرنا به حضرته سيكون -بالنسبة لنا-مثل أوامر سيدنا المسيح الموعود والإمام المهدي عليه الصلاة والسلام. ” (حياة نور للداعية الأحمدي عبد القادر[1] (سوداغر مل)، الباي الخامس ص 331 مطبعة بنجاب بريس- لاهور).

حين تسلم حضرة نور الدين هذا الالتماس قال إنه سوف يردّ عليه بعد أن يستخير الله تعالى. ثم قام فَتَوضأ وأدى صلاة الاستخارة داعيًا المولى أن يوجهه إلى ما يرضاه. وبعد الصلاة طلب أن يجتمع في حديقة مجاورة لـ “بهشتي مقبرة” كل أفراد الجماعة الذين حضروا قاديان حتى تلك الساعة.

ولما اجتمع الناس قام المفتي محمد صادق بقراءة الالتماس الذي قدمه زعماء الجماعة إلى حضرة المولوي نور الدين . ثم قام سيدنا نور الدين خطيبًا وقال: “أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. أما بعد.. فأعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم.

وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون .

فكروا في حياتي السابقة وستجدون أني ما ابتغيت قط أن أكون إمامًا. إني أعلم نفسي جيدًا، وربي سبحانه أعلم مني بحقيقة أمري. لم تُراوِدْني طوال حياتي أيةُ رغبة في مرتبة من مراتب هذه الدنيا، وإنما كانت رغبتي دائمًا أن يكون ربي ومولاي راضيا عني. وأدعو الله تعالى أن يحقق لي هذه الرغبة. ولقد أقمت في قاديان بسبب هذه الرغبة نفسها، ومن أجلها أيضا سوف أستمر في الإقامة بها. لقد أمضيت أياما عديدة أفكر في ماذا عسى أن تكون حالتنا بعد وفاة حضرته . ومن أجل ذلك فقد اجتهدتُ أن يستكمل ميان محمود[2] دراسته الدينية. هناك ثلاثة أشخاص بين أقارب سيدنا أحمد ، أولهم ميان محمود الذي هو أخي، كما أنه بمثابة ابني أيضا؛ وله معي صِلات قوية. ثم من ناحية صلة القرابة فإن السيد مير ناصر نواب[3] هو محل احترامنا واحترام حضرته أيضًا. والشخص الثالث من حيث القرابة هو نواب محمد علي خان[4].

أما من بين خدام الدين الآخرين فإن السيد محمد أحسن المحترم مِن أقدر الناس على ذلك؛ كما أنه من نسل رسول الله ؛ وقد خدم الدين بشكل يجعل شخصًا مثلي يشعر بالخجل. فقد ألّف رغم سنّه المتقدمة الكثير من الكتب في تأييد حضرته . وهذه خدمة ينفرد بها هو وحده. ثم هنام المولوي محمد علي المحترم، الذي يقوم بخدمات جليلة تفوق تصوري. كل هؤلاء موجودون هنا، وأما من بين المقيمين خارج قاديان فهناك السيد سيد حامد شاه، والسيد المولوي غلام حسن، وغيرهما الكثير.

إن هذه مسؤولية ثقيلة وخطيرة أيضًا، ولا يقدر على حملها إلّا من أقامه الله تعالى، لأنه يكون مؤيَّدًا بوعود الله العظيمة، التي تكون له سندًا لحمل تلك المسؤوليات الجسام التي تقصم الظهر. فيتحتّم علينا، رجالا ونساء، أن نكون متحدين متكاتفين. ولتحقيق هذه الوحدة فلتبايعوا واحدًا من هؤلاء الأتقياء الذين ذكرتهم لكم، وسوف أكون معكم من المبايعين. إنني ضعيف، وأشكو من المرض، كما أن طبعي لا يتلاءم مع ذلك المنصب؛ وليس من السهل حمل هذه المسؤولية الجسيمة.. قد تظنونها مسؤولية خفيفة، ولكنها شديدةٌ ثقيلةٌ على من سيحملها فعلاً. وأحلف بالله أنكم إذا اخترتم أي واحد من هؤلاء الصفوة الذين ذكرتهم، فإنني سأكون على استعداد لمبايعته معكم جميعا.

أمّا إذا أصررتم على أن تبايعوني أنا، فاسمعوا وعوا.. إن البيعة معناها أن تبيعوا أنفسكم. في إحدى المناسبات أشار عليَّ حضرته  أن أُقلع عن فكرة العودة إلى وطني. ومن بعدها به ، ارتبط كل شرف لي وبه وحده تعلَّقَ كلُّ فكري، فلم أفكر بتاتا في وطني. لذلك فإن البيعة أمر صعب، لأن المرء يتخلى عن جميع حرياته، وعن كل طموحاته، ويضعها في يد شخص آخر. ولأجل ذلك فإن الله تعالى سمَّى الإنسان عبدًا؛ وعبء العبودية صعب أن يحمله الإنسان فيما يخُصُّ حتى بأمور نفسه، فكيف يمكن أن يحمل عبء الآخرين أيضًا؟ ونظرًا إلى اختلاف الطبائع، فإن تحقيق الوحدة والترابط يحتاج إلى مجهود ضخم. إنني دائما أنظر بعين الإعجاب والاستغراب إلى المجهودات التي كان يقوم بها حضرته ، فإنه رغم اعتلال صحته كان يتحمل هذه المسؤولية الجسيمة، ويكتب نثرًا وشعرًا، ويؤلف الكتب، ويقوم بالعديد من الأعمال الهامة الأخرى. إن سني مثل سنّه تقريبًا، ولكنه كان يحظى بتأييد الله في كل يوم، أما حالتي فلا تستحق الذكر. لذلك قال تعالى:

فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا ،

أي أن كل ذلك يتوقف على فضل الله ونعمته..

والآن.. أيّةً كانت ميولكم وطبائعكم، فإن عليكم أن تطيعوا جميع أوامري. فإن كان هذا الأمر مقبولا لديكم، فإني أتحمل هذه المسؤولية طوعًا أو كرهًا.. وأتحملها لوجه الله وحده، الذي قال:

وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ ،

واذكروا دائمًا أن الخير كله في الوحدة، لأن الجماعة التي لا إمام لها جماعة ميتة.” (المرجع السابق ص 332-335 وجريدة “بدر” 2 حزيران 1908)

بعد أن انتهى سيدنا نور الدين من إلقاء كلمته صعدت هتافات التهليل والتكبير، وسَرَت في الجميع روح الاطمئنان على مستقبل الجماعة، ومدّ الجميع أيديهم مبايعين. وبعدها أَمَّ حضرتُه صلاةَ الجنازة على سيدنا أحمد ، ثم وُورِيَ جسده الشريف في تراب مقبرته، بينما كانت روحه الطاهرة تنعم بمقعد صدق عند مليك مقتدر، في قبرها الذي هو روضة من رياض الجنة.

في تلك الأيام أشادت كبريات الصحف والجرائد الإسلامية بالخدمات الجليلة التي قام بها سيدنا أحمد للدفاع عن الإسلام، بل إن الكثير من الصحف غير الإسلامية هي الأخرى قد أشادت بأياديه على المسلمين، ودفاعه المجيد عن الإسلام، وكتب الكثيرون عن سمو خلقه وسماحته ونبله وكريم صفاته. غير أن بعضًا ممن كانوا لا يحملون في جنوبهم إلاّ قلوبا ملأها البغض والكراهية، وخاصة أولئك الذين باعوا أنفسهم للحصول على أموال المبشرين المسيحيين، راحوا يُسوِّدون صحفهم بانتقاد دعوته وإدانة أفكاره، كما أنهم كانوا يمنّون أنفسهم بانفراط عِقدِ الجماعة من بعده، وتوقعوا أن ينفض الناس من حولها وأن تندثر مع مرور الأيام، حيث غاب عنها الإمام الذي ظنوا أنه كان وحده القوة المحركة وراء تقدم الجماعة وازدهارها.

إن هؤلاء التعساء لم يكونوا يعلمون أن الله تعالى هو الذي أقام هذه الجماعة، وأنها لا تخص أحدا سواه، وأنه وحده الذي يحفظها ويمطرها بوابل من نعَمه ورحمته، وهو الذي يُدافع عنها تحقيقا لوعده في القرآن الكريم:

إنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ (الحج: 39)

لذلك فقد خابت آمالهم بالسرعة العجيبة التي تم بها اختيار سيدنا نور الدين، ليكون الخليفة الأول بعد سيدنا أحمد ، وتحطمت أحلامهم الكئيبة بعد أن رَأَوا اتفاق الجميع، ووقوفهم صفًّا واحدًا متحدين ومترابطين خلف خليفتهم وإمامهم الجديد ..رضي الله تعالى عنه وأرضاه.

وقبل أن ننتهي من ذكر أحداث هذا الفصل وننتقل إلى الفصل التالي والأخير، نرى أنه من الجدير.. بل إنه من الواجب علينا أن نبيين حقيقة بعض الأمور التي يرددها اليوم أعداء الجماعة ومخالفوها، ورغم أن الكثير قد كُتب عن هذه الأمور، إلا أن القراء العرب قد يكونوا بحاجة إلى شرح أوفى لهذه الاعتراضات التي يسوقها أولئك الذين حجبت الضلالة أعينهم، فلا يرون إلا سوادًا وظلامًا.

إذ لم يكتف هؤلاء بما يشيعونه من أكاذيب ومفتريات، فراحوا يهزءون ويسخرون من المقبرة التي اختارها سيدنا أحمد وسماها “بهشتي مقبرة” أي مقبرة الجنة، وزعموا أن الشروط التي وضعها سيدنا أحمد للدفن في هذه المقبرة، تشابه صكوك الغفران التي اخترعها البابوات، وكانوا يبيعونها للناس من أجل حصولهم على الجنة.

وكان سيدنا أحمد قد ذكر في كتابه “الوصية” أنه قد دعا الله تعالى أن يبارك هذه الأرض ويجعلها مقبرة الجنة. وليس هذا بأمر مستغرب فقد سبق أن اختار سيدنا المصطفى أرضا وخصصها لدفن صحابته وسماها جنة البقيع. وقد توجه سيدنا أحمد إلى الله تعالى بالتضرع والدعاء أن تكون بهشتي مقبرة: “محل راحةٍ لأصفياء القلوب من الجماعة، الذين قدّموا الدين على الدنيا، وأصبحوا لله، وأحدثوا في أنفسهم تغييرًا طاهرًا، وضربوا نماذج الوفاء والصدق، كصحابة رسول الله ، آمين يا رب العالمين.”

ثم قال:

“وأدعو الله تعالى مرة ثانية أن يا إلهي القدير اجعَلْ هذه الأرض قبرًا لطاهري القلوب من جماعتي، الذين صاروا لك في الحقيقة، والذين لا يشوب أعمالهم شيء من أغراض الدنيا، آمين يا رب العالمين. ثم أدعو للمرة الثالثة: يا إلهي القادر الكريم.. ويا ربي الغفور الرحيم.. خُصَّ هذه المقبرة فقط بالذين يؤمنون برسولك هذا إيمانًا صادقًا، والذين لا يضمرون في أنفسهم نفاقًا ولا هوًى نفسانيا، ولا سوء الظن، والذين يؤمنون حق الإيمان ويطيعون حق الطاعة، والذين قد بذلوا أرواحهم لك وفي سبيلك بصدق القلب.. والذين رضيت عنهم، والذين تعلم أنهم تفانوا في حبك كليةً، وارتبطوا برسولك برابطة المحبة والفداء، مع كامل الوفاء والأدب والإيمان النابع عن قناعة. آمين يا رب العالمين.” (الوصية، الخزائن الروحانية ج 20 ص 316-318)

وكان قد وضع شروطًا لهذه المقبرة وقال:

“وبما أنني قد تلقيت بشارات عظيمة عن هذه المقبرة، ولم يقل الله تعالى أن هذه المقبرة مقبرة الجنة فحسب بل وقال أيضا: “أُنزِل فيها كلُّ رحمةٍ” .. لذلك فقد ألقى الله في قلبي بوحيه الخفي أن أضع شروطا، بحيث لا يُدفن في هذه المقبرة إلا من استوفى هذه الشروط بأجمعها بكل الصدق والإخلاص.” (المرجع السابق ص 318)

ثم قال سيدنا أحمد إن أرض المقبرة سوف تكون تبرعًا منه على أن تُشترى لتكميلها قطعة أرض أخرى وتُغرس فيها الأشجار لتجميلها، ثم ذكر شروط الدفن في هذه المقبرة فقال:

“الشرط الأول هو أن على كل من يريد أن يُدفن في هذه المقبرة أن يتبرع لهذه المصاريف حسب استطاعته، ولا يُطلب هذا التبرع إلا من هؤلاء الراغبين وليس من سواهم. وينبغي أن تُجمع هذه التبرعات عند أخي في الله المولوي نور الدين المحترم. ولكن هذه العملية ستبقى مستمرة بإذن الله تعالى حتى بعد موتنا جميعا، وفي هذه الحالة يستدعي الأمر قيام هيئة تنفق الأموالَ الواردة إلى هذا الصندوق بين حين وآخر لإعلاء كلمة الإسلام وإشاعة التوحيد، حسبما تراه مناسبا.

والشرط الثاني هو ألا يُدفن في هذه المقبرة من جماعتنا إلا من يوصي بأن يُنفَق عُشرُ ما يتركه بعد موته من أجل نشر الإسلام وتبليغ أحكام القرآن حسب توجيهات هذه الهيئة، ولكل صادق كامل الإيمان الخيارُ في أن يزيد على ذلك في وصيته، ولكن لا يحق له أن يوصي بأقل منه. وسيُعهد بهذا الدخل المالي إلى هيئة من أولي الأمانة والعلم، لينفقوه بالتشاور بينهم، لإعلاء كلمة الإسلام، ونشر علوم القرآن والكتب الدينية، وعلى دعاة هذه الجماعة تبعًا للشروط المذكورة أعلاه….

والشرط الثالث هو ألا يُدفن في هذه المقبرة إلا كل تقيٍّ يجتنب المحرّمات، ولا يقع في أي عمل من أعمال الوثنية والبدعة، بل يكون مسلمًا خالصًا وصادقًا.

والشرط الرابع هو أن كل صالح لا يملك عقارًا، ولا يجد ما يُنفق منه في سبيل الله، إذا ثبت أنه قد نذر نفسه لخدمة الدين، وكان صالحًا، فيمكن أن يُدفن هو الآخر في هذه المقبرة.” (المرجع السابق ص 320)

هذه هي الشروط التي ذكرها سيدنا أحمد للدفن في مقبرة الجنة، وقد أضاف إليها عشرين شرطا أخرى لإدارة هذا المشروع، وتحديد اختصاص الهيئة المشرفة عليه تضمنها كتابه “الوصية” الذي تُرجم إلى الكثير من اللغات منها اللغة العربية، وهو في متناول القراء ليقرؤوه ويعلموا بأنفسهم أن الجماعة لا تخفي أمرًا من الأمور، لأنها بفضل الله تعالى لا تفعل أمرًا تخشى نشره وإذاعته. ولكن أصحاب الأغراض المتدنية، يحاولون تفسير كل أمر بما يتفق مع طبائعهم المعوجّة، فيزعمون أن هذا النظام الذي وضعه سيدنا أحمد، يُشابه النظام الذي ابتدعه البابوات للحصول على الأموال من بيع صكوك الغفران.

أين صكوك الغفران من هذه الشروط التي تشترط ألا يُدفن في هذه المقبرة إلا كل تقيّ يتجنب المحرمات، ولا يكون مشركًا ولا مبتدعًا بل مسلمًا خالصًا وصادقًا؟

أين صكوك الغفران من هذه الشروط التي تسمح لمن لا عقار لهم ولا مال أن يُدفنوا في هذه المقبرة إذا عُرف عنهم أنهم قد نذروا أنفسهم لخدمة الإسلام وكانوا صلحاء؟

أين صكوك الغفران -التي كانت متاحة لكل من هبَّ ودبًّ من الناس أن يشتريها إذا كان قادرا على دفع الثمن مهما ارتكب من الذنوب والمعاصي- من هذه الدعوات والتضرعات التي توَسل بها سيدنا أحمد إلى الله تعالى حتى لا يُدفن في هذه المقبرة أحد إلا إذا كان في علم الله تعالى من أهل الجنة؟

ثمة فارق عظيم بين أن يُقال إن من يُدفن في هذه المقبرة سوف يكون من أهل الجنة، وأن يُقال إن من كان في علم الله من أهل الجنة، فعسى الله تعالى أن يكتب له أن يُدفن في هذه المقبرة. ولذلك فقد قال سيدنا أحمد :

“ليس المراد من ذلك أن هذه الأرض تجعل أحدًا من أهل الجنة، بل المراد من وحي الله هذا أنه لن يُدفن فيها إلا من كان من أهل الجنة.” (المرجع السابق ص 321)

وكتب كذلك يقول:

“فاعلموا أن الله تعالى أراد أن يُدفن كاملو الإيمان هؤلاء في مكان واحد، كي تُجَدِّد الأجيال القادمة إيمانَها برؤيتهم مجتمعين في مكان واحد، حتى تتبيّن للأمّة، وعلى مرِّ الأيام، مآثرُهم أي تضحياتهم الدينية التي قدّموها لوجه الله تعالى.

وفي الأخير ندعو الله تعالى أن يكون في عون كل مخلص على القيام بهذا العمل، وأن يخلق في قلوبهم حماس الإيمان، ويجعل عاقبتهم خيرًا، آمين.” (المرجع السابق)

وذكر سيدنا أحمد أن نظام الدفن في بهشيّ مقبرة هو نوع من الابتلاء والاختبار للمؤمنين، فقال: “وقد يعترض علينا في ذلك مَن غلب عليه سوء الظن فيظن أن هذا النظام أُقيم على أساس المصالح الشخصية، أو يحسبه بدعة. ولكن اعلموا أن الله يفعل ما يريد في مشاريعه. ولقد أراد الله بهذا النظام أن يميز المنافقين من المؤمنين. وإننا لندرك أن الذين يطّلعون على هذا النظام الإلهي، ويسارعون بدون تردد إلى تقديم عُشر أملاكهم في سبيل الله، بل ويُبدون حماسًا أكبر من هذا، إنما يُبرهنون على صدق إيمانهم. قال الله :

ألم * أحَسِبَ النَّاس أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَ هُمْ لاَ يُفْتَنُونَ (العنكبوت: 2-3)

إن الاختبار الذي تُمتحنون به ليس بشيء يُذكر إزاء اختبار الصحابة y لأن الله تعالى قد طالبهم بالتضحية بأرواحهم. فقدّموا رؤوسهم في سبيل الله. إذًا فالاعتراض أنه لماذا لا يُسمح لكل شخص أن يُدفن في هذه المقبرة دونما تضحية لهو اعتراض واهٍ بعيد عن الحقيقة. لو كان هذا جائزًا .. فلماذا وضع الله تعالى إذًا أساس الاختبار في كل زمان؟ إنما أراد أن يميز الخبيث من الطيب في كل زمان، وهكذا فعل الآن أيضًا. إن الله تعالى ضمّن عصر رسول الله بعض الابتلاءات الخفيفة أيضًا.. فقد سنّ –مثلا- ألا يستشير أحدٌ رسولَ الله مهما كان نوع استشارته، إلاّ بعد تقديم هديةٍ، فكان فيه أيضًا ابتلاء للمنافقين. وإننا لَنشعر أن أعظم المخلصين الذين قدموا دينهم على دنياهم حقيقةً سيتميَّزون عن الآخرين نتيجةً لهذا الاختبار. ليكون ذلك دليلاً على أنهم صَدَقوا ما بايعوه عليه وأكدوا بذلك إخلاصهم وصدقهم. لا شك أن هذا النظام سيكون وقعه على المنافقين ثقيلا، وسيُفتضح به أمرُهم فلن يُدفن منهم أحد بعد موته في هذه المقبرة، ذكَراً كان أو أنثى.

فيِ قُلوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللهُ مَرَضًا (البقرة: 11)،

لكن السابقين في هذا العمل سيُكتبون في الصديقين، وتتنَزَّل عليهم رحمة الله إلى أبد الآبدين.” (المرجع السابق ص 227- 228)

لم يكن الغرض إذن أن تُجمع الأموال من الناس ببيع صكوك الغفران كما يدّعي ويزعم أولئك الذين لا تعرف قلوبهم معنى التضحيات الدينية، ولا يدركون ضرورة الإنفاق في سبيل إعلاء كلمة الله، ولا يعلمون على نشر علوم القرآن في جميع أرجاء المعمورة، وإنما يعملون على الوصول إلى كراسي الحكم، ويخفون أطماعهم السياسية وراء شعاراتهم الدينية، ويسعون لاختلاس السلطة من الحكومة. إنهم تعوّدوا على أن يمدّوا أيديهم لطلب الأموال واستجلاب الدولارات من دول الخليج، أو من المخابرات الأمريكية حتى يُحاربوا أعداء أمريكا في كل مكان، ثم لا يهم أن يقتل بعضهم بعضًا بعد ذلك. ولأنهم تعودوا على الاستجداء ونهب الأموال، فمن الصعب عليهم أن يفهموا معنى التضحية والإيثار وتقديم النفس والمال في سبيل الله تعالى، خالصًا لوجهه ، بغير أن يكون وراء هذه التضحيات .. تلك الأغراض الخبيثة التي تطفح بها نفوسهم. إن هؤلاء ليس في جعبتهم سوى الاعتراض والانتقاد والتشويه والتشويش، وترديد ما يريد أولياء نعمتهم.. الذين يدفعون لهم الأموال الطائلة.. محاولةً منهم للنيل من هذه الجماعة المباركة. وهم في سبيل أهدافهم الوضيعة لا يستحيون أن يفتروا زورًا، ولا يرون غضاضة في أن يخترعوا بهتانًا. ومرة أخرى..قام هؤلاء المنتفعون من الدولارات الأمريكية والريالات السعودية، خدمة لأولياء نعمتهم الذين يقفون خلف الستار، ولا يفتحون أفواههم بمنكر ولا ينطقون بضلالة، لأنهم إما يتسربلون برداء حماية الحريات، أو يلتحفون بعباءة خدمة حجاج الحرمين، فيسْتعملون غيرهم المسلمين الذين يثقون بهم، وقد خُدعوا بمظهرهم المدافع عن الحرية أو المتنكّر بزي الإسلام، فراحوا بوعي أو ربما بغير وعي، يرددون كل ما تنفثه في روعهم رابطة العالم الإسلامي خدمةً وطاعةً لمن يسكنون البيوت البيضاء، الذين يريدون أن يتحكموا في العالم الإسلامي بأجمعه من خلف العباءة الإسلامية.

وقد قام أولئك المنتفعون، وفي ركابهم الكثير من المضلِلين والمضلَّلين، يرددون زورًا جديدًا وبهتاناً وضيعاً يلصقونه بمؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية، فزَعَم هؤلاء من إفكهم إن سيدنا أحمد قد توفى في المرحاض، وعلى ذلك فإنهم يشيعون أنه لم يكن صادقًا في دعواه!!

لقد أدعى معارضو الأحمدية الكثير من الإدعاءات، وافتروا الكثير من البهتانات، وزوّروا الكثير من الحقائق فألبسوها الأكاذيب، ولكن هذه الأكذوبة فاقت كل ما عداها من المفتريات سخافةً ووقاحةً. وإن المرء ليستحي أن يكتب عن مثل هذه المفتريات، ولكن حقد الحاقدين، وجهالة الجاهلين، وافتراء المفترين، وكذب الكذابين، كل ذلك يضطرنا أن نرفع القلم ونتطرق إلى هذا الموضوع، لكي نبين للقارئ الكريم حقيقة تلك الفرية الشنيعة التي لا تخجل معارضو الأحمدية من دوام تكرارها وترديدها.

لقد بلغت الصفاقة والسفاهة بأولئك الذين يرددون هذه الأكذوبة درجةً أنهم لا يقدّمون أي دليل على هذا القول الساقط والزعم المتدني. ونحن نسأل.. من أين جاءوا بتلك الأكاذيب سوى من خيالهم السقيم؟ هل كانوا موجودين لدى وفاة مؤسس الجماعة الإسلامية؟ هل كان من بينهم شاهد عيان؟

إن الحقيقة التي يعرفها القاصي والداني هي أن سيدنا أحمد فارق الحياة مستلقيًا على فراشه، وكان حوله العديد من الأشخاص، وكان من بينهم بعض الأطباء المشهورين، بالإضافة إلى أفراد عائلته وبعض صحابته، ولا يتفوّه أحد منهم بمثل هذا القول، ولم يذكر أحد منهم أنه توفى في المرحاض أو في بيت الخلاء، فكيف يزعم أولئك الذين لم يكونوا حاضرين تلك الواقعة.. أمرًا لم يره ولم يقل به أي شخص من بين أولئك الذين كانوا بالفعل شاهدي عيان، طوال الفترة التي سبقت اللحظة التي لقي فيها سيدنا أحمد ربه؟

حقا..لقد علّم إبليس تلاميذه فنون الكذب والدجل والإفتراء، ولقّنهم دروس التزوير والتدليس والمراء، ولكن..هل يُلام إبليس على ما فعل، أم يُلام أولئك الذين يصدقونه بغير دليل ولا برهان، ويمشون وراءه بغير بصيرة كالعميان؟ لقد سُجّلت تلك الواقعة في أكثر من كتاب، وجاء ذكرها في أكثر من مرجع، ولكن المعارضين لا يريدون أن يقرؤوا الحقيقة وينشروها بل يستمرون في ترديد الأكاذيب وتكرار المفتريات، ولذلك فنحن لا نتوجه إليهم بقول، وإنما نتركهم لصاحب الأمر الذي إذا شاء أن يرحم فهو أرحم الراحمين، وإذا شاء أن يُعذّب فإن عذابه هو العذاب الأليم، ولا يسعنا إلّا أن ندعوه قائلين: اللهم اجعل لعنتك على القوم الكاذبين.

لقد ذكرنا تفاصيل الأيام الأخيرة من حياته ، وذكرنا بالتفصيل والترتيب مراحل مرضه الذي توفى فيه، وتؤكد لنا هذه الحقائق المـُوَثقة على أنه قضى حاجته للمرة الأخيرة في الساعة الحادية عشرة مساء، وبعدها لازم فراشه حتى قرب الساعة الحادية عشرة من نهار ذلك اليوم، وطوال هذه المدة بقي على فراشه وصلى صلاة الفجر على فراشه، أمام الكثيرين من الحضور في ذلك اليوم. ونحن نتحدّى كل أولئك المتخرّصين والكذابين، والمفترين المضلِّلين والمضلَّلين، أن يأتوا بشهادة واحدة لشاهد عيان، رأى بعينه أن سيدنا أحمد قد توفي في المرحاض. فإن لم يفعلوا.. ولن يفعلوا.. فليتقوا الله ربهم إن كان في قلوبهم ذرة من الإيمان برب قهار، وليخشوا يوما تشخص فيه الأبصار. إنهم بهذا الإقك والبهتان الذي يخترعونه، وبهذا التزوير والكذب الذي يفترونه، إنما يماثلون تمامًا أولئك المستشرقين الغربيين الذين هم من أعداء الإسلام، والذين راحوا يصفون كيف توفّي سيد الأنبياء، وكيف أنه كان يتألّم في مرضه الذي توفى فيه حتى إنه كان يقول: “إن للموت لسكرات”. وكيف أنه كان لايقوى على المسير حتى إنه كان يخطو بقدميه على الأرض، وهو يتحامل على كتفي رجلين من صحابته. وكيف أنه لم يقو على أداء الصلاة فأمر أن يؤم أبو بكر المصلين، وكيف أنه كان يفقد الوعي وهو في النَّزْع الأخير. وكيف أنه كان يكابد الآلام الشديدة، حتى إن ابنته فاطمة -رضي الله عنها- راحت تبكي بجواره. إنهم يذكرون كل هذه الأمور لكي يوحوا إلى القارئ أن هذه الآلام التي تحملها رسول الله أثناء وفاته، إنما كانت بسبب غضب الله عليه في أيامه الأخيرة -والعياذ بالله- رغم أنهم لا يقولون هذا صراحة، إلا أنهم يوردون هذه الأحداث بأسلوب معين ويبرزونها بشكل خاص حتى يستنتج منها القارئ ما يرمون إليه.

إنهم تعوّدوا على أن يمدّوا أيديهم لطلب الأموال واستجلاب الدولارات من دول الخليج، أو من المخابرات الأمريكية حتى يُحاربوا أعداء أمريكا في كل مكان، ثم لا يهم أن يقتل بعضهم بعضًا بعد ذلك. ولأنهم تعودوا على الاستجداء ونهب الأموال، فمن الصعب عليهم أن يفهموا معنى التضحية والإيثار وتقديم النفس والمال في سبيل الله تعالى، خالصًا لوجهه ، بغير أن يكون وراء هذه التضحيات .. تلك الأغراض الخبيثة التي تطفح بها نفوسهم.

والآن يسير أعداء الجماعة الإسلامية الأحمدية على نفس النهج الذي سار عليه أعداء الإسلام من قبل، ولكن مع فارق كبير، وهو أن أعداء الإسلام لم يخترعوا أكذوبةً ولم يفتروا فريةً وإنما ذكروا الحقائق بأسلوب معين لكي يستنتج منه القارئ ما يرمون إليه دون أن يتفوّهوا به صراحة. أما أعداء سيدنا أحمد فلم يستحوا أن يفتروا عليه هذه الفرية الدنيئة، فشابهوا بمسلكهم هذا أعداءَ سيدنا المسيح عيسى بن مريم ، الذين افتروا عليه البهتان وألصقوا به وبأُمّه تهمةً شنيعةً، فذكروا -والعياذ بالله- أنه كان من أولاد الزنا. وكان غرضهم الدنيء أن يثبتوا أنه لا يمكن أن يكون مبعوثًا من عند الله تعالى، فإن الله لا يبعث من كان من أولاد الزنا. ولذلك فقد ردَّ الله تعالى عليهم أن أكَّدَ مرارًا وتكرارًا أنه كان مؤيّدًا بروح القدس.

ولقد كان في سابق علم الله تعالى، أن هؤلاء المتخرّصين من أعداء سيدنا أحمد ، سوف يلصقون به أيضا فرية شنيعة، محاولةً منهم لإثبات أنه لا يمكن أن يكون مبعوثًا من عند الله تعالى، فإن الله لا يبعث من يموت في المرحاض، ولذلك فقد سبق أن ردّ رسول الله عليهم، حيث قال عن الإمام المهدي بأنه: “يُدفن معي في قبري”. والقبر الذي يحدثنا عنه رسول الله ليس هو المقبرة التي يُدفن فيها الجسد، فليست كل الأجساد تُدفن في المقابر، ولا يُدفن كل الموتى في القبور التي تُزار ويُقام عليها الشواهد، إذ أن بعض الموتى تحترق أجسادُهم وتتحوّل إلى رماد تذروه الرياح، وبعض الموتى تأكل أجسادهم السباع والطيور، وبعض الموتى يموتون غرقًا فتأكلهم الأسماك وبالتالي فليس كل من يموت يدفن في مقبرة. ولكن الله تعالى يذكر في كتابه العزيز أن كل إنسان يموت فيقبره الله، إذ يقول سبحانه: مِنْ نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ * ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ * ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ (عبس: 20-22)

فهذا القبر الذي يذكره الله تعالى في كتابه العزيز ليس هو المقبرة التي يدفن فيها الجسد، وأما القبر الذي يقبر الله تعالى فيه كل إنسان، فهو ذلك القبر الذي وصفه رسول الله بأنه حفرة من حفر النار أو روضة من رياض الجنة. وقد أشار إلى أنه قبره الشريف هو روضة من رياض الجنة. وقوله إن الإمام المهدي سوف يُدفن في قبره، لا يعني أبدًا أن مقبرة رسول الله سوف تُفتح، ويُزاح جسده الشريف قليلا حتى يجعلوا مكانا لجسد الإمام المهدي وإنما معناه أنه حيثما يموت ويُدفن الإمام المهدي ، فإن روحه الطاهرة ونفسه الشريفة سوف تُقبر في نفس قبر الرسول الذي هو روضة من رياض الجنة ،مما يُبرّؤه تمامًا من تلك الفرية الشنيعة، والادّعاء الوضيع، الذي يحاول أن يلصقه به الأعداء، بقولهم أنه توفّي في المرحاض.

ألا لعنة الله على الكاذبين!

[1] – كان هندوسيًّا واسمه سوداغر مل، وحين أسلم سُمِّي بـ عبد القادر.[2] – يشير بذلك إلى ميرزا بشير الدين محمود أحمد الابن الأكبر لسيدنا أحمد عليه السلام من زوجته أم المؤمنين نصرة جهان بيغم.

[3] – هو والد أم المؤمنين السيدة نصرة جهان بيغم رضي الله عنها.

[4]- زوج ابنة سيدنا أحمد عليه السلام.

Share via
تابعونا على الفايس بوك