نحن والإنترنت

من منا ينكر أن الإنترنت قد دخلت إلى بيوتنا عنوة ومن قبلها الدش والموبايل وغرباء قادمون لم تعرفهم بعد…

هي سنة التطور تجعلنا نلهث وراء أجهزة واختراعات بحجة أن حياتنا تتطلب ذلك. ويبقى سؤال محير كيف يمكن أن نتعامل مع هذا الوافد الذي ملأ الدنيا وشغل الناس؟..

تأخرنا كثيرا في استقبال هذا الوافد فنحن اليوم وفي العديد من البلدان التي تحولت فيها الإنترنت إلى شريك يومي وفي كل بيت هناك نسمع عن ضيق الناس من سيطرة الإنترنت على أبنائهم الذين يقضون الساعات الطويلة مسمرين أمام شاشات الكومبيوتر ويسرقون النقود لدفع ثمن تلك الساعات الطويلة مما دفع بالمهتمين لتصنيف مرض جديد يشبه مرض الإدمان على المخدرات يسمى (إدمان الإنترنت).

ونحن في سورية ما تزال تجربتنا غضة وندرك أن هذا الوافد الجديد يستعد لإقحامنا في عالمه الملىء بالأمور الإيجابية والسلبية وكما في كل بيت ستطول النقاشات حول أهمية وجود هذا الوافد في البيت من عدمه. يظن الكثيرون أن أمريكا اخترعت الإنترنت لتستعمر الشعوب أو أنها تسيطر على هذه الشبكة بشكل تام كمن يملك الشيء. وهذا كلام فيه كثير من الشطط، فلا أحد يملك الإنترنت بل يمكن لأي منا أن يصبح في غضون دقائق أحد المالكين الكثر لهذه الشبكة المتنامية الأطراف.

إن الإنترنت هي تقنية التقارب أوجدها الإنسان ليتجاوز حواجز الأمس ويقترب من الآخر اقتراب العارف. وإن لمعة تفوق التقنية وما تحمله من مفاجآت وآهات نطلقها عند اكتشافنا للمزايا المتفوقة، إن تلك اللمعة يخبو بريقها عندما نكتشف أن قيمنا الأخلاقية يمكن أن تتعرض لهزة عنيفة وأحيانًا قاتلة. من هنا تأتي المعادلة الصعبة في خلق صمام أمان منزلي يحافظ على أبنائنا وعلى مستقبلهم وأحلامهم. لا تحتاج الإنترنت إلى مقص الرقيب بقدر ما تحتاج إلى تفهم عميق لعمقها وآلية عملها وطموحاتها. هي ثقافة الإنترنت ما يجب أن نسعى وراءه لنشكل الجواب الصحيح على تساؤلات وإشارات استفهام ستتولد في غرفة الجلوس والمطبخ وغرف النوم.

إن الشاب أو الفتاة لن يقف أمام دخولهما من المنزل إلى شبيكة الإنترنت سوى ثقافة الأهل كحاجز ثقافي وأخلاقي وتنويري ينظم هذا الدخول ويرسم خطوطه الخضر والحمر بشكل لا يحرم هذا الابن أو تلك الابنة من ثمرات ذلك الوافد الحضاري الجديد الإنترنت.

نحن والانترنت زاوية جديدة في التقوى تسعى للمشاركة في ذلك النقاش من خلال إبراز الإشارات السلبية والإيجابية للإنترنت وهمها أن تبقى الإنترنت ظاهرة صحية تدفع بجيلها إلى خطوات واثقة تكون الصخور اللازمة لتغيير مجرى النهر.

Share via
تابعونا على الفايس بوك