من الصحافة العالمية

من الصحافة العالمية

نُشر هذا المقال في جريدة (ASIA WEEK)، اللندنية بتاريخ 22 يونيو 1990 في صفحة (التاريخ اليوم TODAY HISTORY) للكاتب فرانسس روبنسن FRANCIS ROBINSON، المحاضر في التاريخ بكلية نيوبدفورد، ومؤلف (أطلس العالم الإسلامي منذ عام 1500، فايدون1982). وقد تُرجم المقال كما هو دون التعرض بالتصحيح أو الرد على بعض الآراء المجافية للصواب التي استقاها الكاتب من مصادر مُعادية للجماعة الإسلامية الأحمدية.. لا تتورع عن الكذب والمغالطة ولَيِّ أعناق النصوص.

وقد نشرناها كما هي، وكلنا ثقة في أن القارئ الحصيف، الذي يطلع على عقائد الجماعة وأفكارها في هذه المجلة وغيرها، قادر بفضل الله تعالى على تمييز الحق والباطل. وقد أردنا من نشر هذا المقال أن يتعرف القارئ على بعض الظروف التاريخية والأحوال  الجارية في الهند قبل التقسيم وفي الباكستان بعد التقسيم، بقلم كاتب غير أحمدي. أما عقائد الجماعة الإسلامية الأحمدية الصحيحة فهي منشورة في آلاف من منشورات الجماعة منذ أول يوم من تأسيسها وحتى هذه اللحظة بفضل الله تعالى. ولأمانة الترجمة لم يُضف كلمات التسبيح والتنزيه عند ذكر لفظ الجلالة، أو صيغة الصلاة على سيدنا محمد وغيرها من الأنبياء، ولا كلمات الإجلال لخلفاء الأحمدية. (المحرر)

“لا كرامة لنبي في قومه”

أحمد والأحمدية

في عام 1891م قام غلام أحمد، وهو من عائلة قيادية في بلدة صغيرة تدعى قاديان، بمقاطعة بنجاب الهندية.. فأعلن أنه المسيح الموعود، وصرح بأن الله أوحى إليه بأن المسيح عيسى ابن مريم ليس حيا في السماء، على عكس ما يعتقد به المسلمون والنصارى. كانت كلمات الوحي: “المسيح بن مريم نبي الله مَيِّت، وأنت هو الذي يظهر بصفاته طبقًا للوعد، وكان وعد الله مفعولا”.

وفي نفس الوقت وصف غلام أحمد في كتاباته فساد حياة المسلمين، ودعا إلى حاجتهم للمسيح، وأبرز أوجه الشبه بين الهند في القرن التاسع عشر وبين فلسطين عند ميلاد المسيح، واحتج بأنه كما ظهر المسيح بعد موسى بثلاثة عشر قرنا، كذلك بعد مرور ثلاثة عشر قرنا على قيام المجتمع الإسلامي يجب أن يظهر المسيح الموعود، مزوَّدًا بروح عيسى وسلطانه. وعلى أساس من معتقدات عميقة في التراث الإسلامي بأن مسيحا ومهديا سيأتيان ليقودا المسلمين ضد الكافرين.. أكد غلام أحمد أن مهمتهما قد تحققت في شخصه.

جاءت إلهامات غلام أحمد عن مهمته المسيحية في نهاية عقد برز فيه كشخصية دينية ثار حولها جدل كبير متزايد. ففي عام 1880 بدأ نشر كتابه الرئيسي: (البراهين الأحمدية)، الذي بيَّن فيه بوضوح مبادئ الإسلام. وأحسن المسلمون استقبال عمله هذا، إذ كانوا يحسون بالقهر حيال النشاط التبشيري النصراني والهندوسي. واستمر غلام أحمد يتلقى الإلهامات ردحا من الزمن حتى عام 1881م عندما أفصح له الوحي مهمته. كتب غلام أحمد:

“كنت ذات ليلة أكتب شيئا، فنمت بين ذلك، فرأيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ووجه كالبدر التام، فدَنا مني كأنه يريد أن يعانقني، فكان من المعانقين. ورأيت الأنوار المحسوسة حتى أيقنت أني أُدركها بالحس لا ببصر الروح. وما رأيت أنه انفصل مني بعد المعانقة، وما رأيت أنه كان ذاهبا كالذاهبين. ثم بعد تلك الأيام فتحت عليَّ أبواب الإلهام، وخاطبني ربي: “يا أحمد! بارك الله فيك.. قل إني أُمرتُ وأنا أول المؤمنين”.

وفي عام 1883م أذاع غلام أحمد مهمته على العالم، بأنه المجدد، أي المصلح الذي يعتقد المسلمون بظهوره كل قرن من الزمان ليجدد الدين. وفي عام 1886م اعتكف أربعين يوما في دعاء ووصال مع الله تعالى. ثم في 23 مارس عام 1889م أنشأ الجماعة الأحمدية، وتلقى البيعة من تابعيه الأوائل. ويشتمل تسعة أعشار شروط المبايعة على القواعد الأساسية للعقيدة الإسلامية، والشرط الأخير منها هو عقد البيعة، وينص على مايلي:

“يتعهد المبايع أن يعقد مع هذا العبد (أي غلام أحمد) عهد الأخوة خالصا لوجه الله تعالى، على أن يطيعني في كل ما آمره به من المعروف، ثم لا يحيد عنه ولا ينكثه حتى الممات. ويكون في هذا العقد بصورة لا تعدلها العلائق الدنيوية، سواء كانت علائق قرابة أو صداقة أو عمل”.

ولم تتوقف دعوة غلام أحمد عند إلهام عام 1891 بأنه المسيح الموعود، ولكنه في عام 1899م، وبناء على مصادر كثيرة، أكد أن عيسى ابن مريم لم يمت على الصليب، ولكنه أُنزِل منه حيًّا، وشُفي ومضى ليواصل مهمته مع قبائل بني إسرائيل الضالة، والتي يعتقد أن إحداها كانت في أفغانستان. ثم ذهب إلى كشمير حيث مات. ونشر غلام أحمد الكثير من بحثه في كتابه (عيسى في الهند)، ليكشف النقاب عن أن قبرًا يهوديا في شارع خان يار بمدينة سري نكر.. هو قبر عيسى بن مريم.

كما لم تتوقف إعلانات غلام أحمد ضد الديانات الأخرى عند هذا الحد، بل ادعى بأنه أيضا رمز لكريشنا المذكور في أشهر كتب الهندوس الدينية بأنه القائم الحازم بواجبات التعليم الروحي للجنس البشري. وبالنسبة للسيخ أعلن غلام أحمد أن بابا ناناك مؤسس السيخية كان وليًّا مسلما. وللتدليل على وجهة نظره هذه كشف على عباءة هذا المعلم الأول في قرية بإقليم جورداسبور، ووجد أنها موشاة بكلمة الشهادة الإسلامية وآيات سورة الفاتحة.

وفي عام 1901م أذاع غلام أحمد بيانا أزعج المسلمين اكثر من أي شيء آخر، فأعلن أنه مع تسليمه بكون محمد خاتم النبيين، وأنه آخر من يأتي من الله بشريعة للإنسان إلى يوم القيامة.. فهو، أي غلام أحمد، أيضا نبي. إنه مغمور في حب النبي محمد بدرجة جعلت منه انعكاسا له. لقد ذكر القرآن ظهورين للنبي محمد: أحدهما ظهور الجلال باسم محمد، والثاني ظهور الجمال باسم أحمد. وفصل غلام أحمد دعواه هذه على نهج مفكري الصوفية وأئمتها. وشرح الفارق بين النبي كمؤسس لشريعة وبين النبيين المجددين للدين، الذين لا يزالون يُبعثون، وأن استمرار بعثهم هو حقا من أمجاد الإسلام ونبي الإسلام، وأنه لا بد أن يعمل هؤلاء الأنبياء في إطار الشريعة التي أرساها ذلك النبي.

وعند وفاة غلام أحمد عام 1908م.. كانت دعواه الأربع قد باعدت بينه الكتلة الإسلامية الرئيسية. وقد ذكرنا ثلاثا منها، ونضيف إليها إنكاره لعقيدة الجهاد كما يفهمونها بحسب العرف المتوارث؛ فقد أصَّر غلام أحمد على ضرورة فهم الجهاد في سبيل الله، الذي هو واجب المسلمين المقدس، بمفهوم سلمي، وأن ليس للمسلمين أي حق في السلوك العدواني ونشر الاضطراب والفوضى وسفك الدماء باسم الإسلام. قال: “ظهرت لأفتح، كما فتح المسيح الأول، أبواب السلام”.

وعلى خلاف الحركات المسيحية العديدة، فإن الجماعة التي أسسها غلام أحمد، والمعروفة باسم الجماعة الإسلامية الأحمدية، بدلا من الذبول والاضمحلال بعد وفاة مؤسسها.. فإنها تنتشر وتنمو باضطراد. والحق أن معارضيها ومؤيديها يشهدون بإخلاصها ونجاحها في أعمالها التبشيرية. وفي تعداد عام 1921م وصل عدد أعضاء الجماعة 28000 في بنجاب وحدها، وكان لها أنصار آخرون في بنغال وجنوب الهند وأفغانستان. وتأسست إرساليات لها في سيلان وموريس وأمريكا وغرب أفريقيا؛ ووجه اهتمامًا خاصًا للدولة الحاكمة، بريطانيا. وهي أكثرها أهمية، حيث كان المحامي الكبير خواجا كمال الدين أول مبعوث عام 1912م وإماما لمسجد ووكنج (Dr. LEITHNER- WOKING). وكان اللورد هيدلي (البارون الخامس) HEADLY  من البريطانيين الأوائل الذين دخلوا في الإسلام، والذي كان يعد مكسبا عظيما، والمستر سباروSPARROW ، الذي انضم للحركة عام 1914م على أثر مقابلة في لندن بارك تحدث فيها مع المفتي محمد صادق.

واليوم يوجد للحركة الأحمدية حضور في 120 قطرا، ولها إرساليات عاملة في 48 بلدا، وتدعي بان عدد متبعيها 10 ملايين في أنحاء العالم. ومن المناطق التي أحرزوا فيها نجاحا ملموسا في ضم الأتباع خارج باكستان منطقة غرب أفريقيا، وقد زارها إمام الجماعة عام 1988م بأسلوب شبه باباوي. ويبلغ أعضاء الجماعة في بريطانيا 10 آلاف موزعين في 45 جماعة فرعية بالمدن والبلاد الكبيرة. وفي القلب من هذه الأنشطة يقع مسجد فضل بلندن في واندسورث WANDSWORTH، وقد شُيد عام 1924م بكامله من تبرعات سيدات الجماعة في الهند وحدهن. وحديثا أُنشئ مركز كبير آخر على 25 إيكر، في موقع عند تلفورد قرب مدينة جلفورد، محافظة سري- ORD-SURREY TILFORD-GUILF، أسموه إسلام آباد.

ومن أسباب نجاح الجماعة الأحمدية في استمراريتها أنها حلت مشكلة خلافة المسيح الموعود بعد وفاته، ومدى سلطانه.

وكان هناك صراع متزايد لست سنوات ابتداء من عام 1908م: فمن ناحية كان هناك جماعة صغيرة من ذوي التعليم العالي، فيهم خواجا كمال الدين إمام مسجد وكنج؛ ومن ناحية أخرى كان هناك الخليفة الأول، الحكيم نور الدين، وأسرة غلام أحمد، وعدد ضخم من أعضاء الجماعة في بنجاب من ملاك الأراضي العاديين والموظفين. احتج الفريق الأول أنه بموت غلام أحمد لم يعد هناك تعيين إلهي لإمام الجماعة، ومن ثم لا يمتد عهد البيعة إلى خليفته. وهو إنسان غير معصوم، ولا يمكن أن يصدر تعليمات ملزمة لهم، ومن الآن فصاعدا تتقرر أمور الجماعة بالمجلس الأعلى، وهو المؤسسة التي تخلف السيح الموعود. واحتج الفريق الثاني بأن غلام أحمد نفسه بيَّن بوضوح في كتابه (الوصية) عام 1905م بأن خلفاءه ينالون بركة النبوة. وقد أقر مولانا نور الدين ذلك، وأصر على أن منصبه تعيين إلهي، وليس باختيار أحد. وأراد هذا الفريق أن يحتفظ لخلفاء المسيح الموعود بكثير من سلطانه.

وصلت المشكلة إلى أوجها عند انتخاب خليفةٍ لنور الدين عام 1914م، فقد اختار الأغلبية محمود أحمد بن غلام أحمد، البالغ من العمر 24 عاما، وأبى فريق الأقلية البيعة له، وتسللوا عائدين نحو التيار الرئيسي للمسلمين، وسارع محمود أحمد إلى تأكيد سلطانه المطلق على الجماعة. وفي غضون 15 عاما من إمامة الجماعة جعل منها منظمة رفيعة المستوى. وفي عام 1965م خلفه ابنه ناصر أحمد الذي أنهى تعليمه في كلية BALLIOL  بأكسفورد، وخلف من بعده أخوه طاهر أحمد 1982م الذي درس في مدرسة الدراسات الشرقية والإفريقية بلندن.

والسبب الثاني لنجاح الجماعة المتواصل هو مستويات تنظيمها الرائعة. وهي بالفعل كجماعة إسلامية قد لا يضاهيها في ذلك التنظيم سوى طائفة الخوجا الإسماعيلية، الذين يقاربونه حجما. ويظهرون ولاء مطلق لآغا خان. وحتى في زمان غلام أحمد كانت هناك علامات لمستويات تنظيمية غير عادية. فمنذ سنوات التسعينينات المبكرة في القرن الماضي كانت الجماعة تلتقي في مؤتمر سنوي يُعقد أواخر ديسمبر ببلدة قاديان. وبعد ذلك بعشر سنوات نشرت للجماعة جرائد عديدة وقبل وفاته تأسس لهم مجلس أعلى لنشر الكتب وتعيين الدعاة والإشراف على إبعاثهم.

وتحت قيادة محمود أحمد تزايد شبه الجماعات بالمؤسسات العالمية متعددة القوميات. والخليفة، أي خليفة المسيح الموعود، هو الرئيس في قاديان، يعمل تحت قيادة ثمانية أقسام إدارية، وله مجلس شورى ينتخب معظم أعضاءه من المنظمات الفرعية. وهذه الأخيرة تكرار للتنظيم الأساسي ولكن على المستوي المحلي. ويدفع كل عضو في الجماعة مبلغا ماليا يمثل 6.25 بالمائة من دخله السنوي، وبعضهم يدفع أكثر من ذلك.

وعندما هدد بلدة قاديان وقوعها في الجانب الهندي من خط تقسيم لجنة رادكليف.. نقلت الجماعة مركز قيادتها إلى منطقة صحراوية تبعد 95 ميلا إلى الغرب من لاهور، وأسموها ربوة، أي أرض مرتفعة، وهو مسمى قرآني للمكان الذي أوى إليه عيسى بن مريم وأمه، وبذلك يؤكدون على تشابه مؤسس الجماعة بالمسيح بن مريم. وشيدت الجماعة مدينة مخصصة بكليتها لأهداف الجماعة.

ومضى التنظيم يتطور هنا وهناك. وفي الثمانينات من القرن العشرين أصبحت الجماعة تعول 26 مستشفى و26 مدرسة ثانوية في غرب أفريقيا، و10 كليات لإعداد الدعاة موزعة في أنحاء العالم. وأنشأت دارًا جديدة للنشر في إسلام آباد بإنجلترا تستخدم نظم الحاسبات الآلية للطباعة بثلاثين لغة.

وثمة عنصر ثالث يلعب بالتأكيد دوره في نجاح الجماعة الأحمدية، ذلك هو مستوى التعليم العالي لأفرادها. لقد أخذت مأخذ الجدية البالغة قول النبي محمد؛ “طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة”، فوصل مستوى التعليم في الأحمديين في باكستان حيث يقيم معظمهم معدلا مرتفعا. وفي مدينة ربوة، كما تقول الجماعة، في حين أنها لا تتجاوز 20 بالمائة من النساء فوق الخامسة في المجتمع عامة. وقد سجل الدارسون في الجامعات، شبانا وشابات، نتائج قياسية في نتائج الامتحانات بها. ومن المناسب لذلك تماما أن يكون الباكستاني الوحيد الذي حصل على جائزة نوبل هو البروفسور عبد السلام بكلية إمبريال بلندن IMPERIAL COLLEGE.. عضوا في الجماعة الأحمدية، وقد فاز بالجائزة عام 1979 على بحوثه الفيزيائية في التوحيد النظري لقوى الطبيعة الأساسية.

وأخيرا تمرست الجماعة مرة بعد مرة في أتون الحرب العدائية ضدها. وفي عام 1948م قدم الأحمديون 18 شهيدا، وتزايد الإلحاح على استبعادهم من جسم الأمة الإسلامية. وما أن استقروا في باكستان بعد التقسيم حتى تضاعف هذا المطلب بدعم من جماعات الضغط الدينية في البلد. وكذلك كانت هناك مطالبة ضد شودري ظفر الله خان، أشهر أعضاء الجماعة وأول وزير خارجية لباكستان وذلك لإقالته من منصبه. ووصلت الأمور إلى ذروتها عام 1953م عندما اشتعلت أعمال الشغب ضد الجماعة وانتشرت في بنجاب، مما استلزم إعلان الأحكام العسكرية والحكم على مثيري الشغب بالإعدام الذي خفف فيما بعد، وأخمدت بذلك الحركة المناهضة الأحمدية مؤقتا. واستمر ظفر الله خان في منصبه، وكان بذلك أطول من تولى منصب وزارة الخارجية في حكومة باكستان مكثًا.

ولكن أعمال الاضطهاد لم تتوقف بالطبع. وفي السبعينيات ازداد اعتماد حكومة (بوتو) على الأنظمة الإسلامية الحاكمة في الشرق الأوسط، فأثارت المسألة الأحمدية مرة أخرى وفي عام 1974م وقعت مصادمات عنيفة عند (ربوة) قتل فيها وما تلاها 20 أحمديا، وأُحرق كثير من مساكن الأحمديين ومحلاتهم. وفي سبتمبر 1974م قامت حكومة بوتو، ضد رغبتها فيما كان يبدو، بإجراء تعديل في دستور باكستان استبعد الأحمدية من تعريف المسلم. وبعد ذلك بعدة شهور فصلت الحكومة الباكستانية كبار الضباط الأحمديين من الجيش. وبعد ذلك بعام واحد حُرم الأحمديون من أداء فريضة الحج إلى مكة. وفي نفس الوقت قامت رابطة العالم الإسلامي المتمركزة في السعودية بتحريض الحكومات المسلمة في أنحاء العالم لاتخاذ إجراءات مناهضة ضد الأحمديين، ولقيت استجابة الشرق الأوسط وغرب أفريقيا.

وفي عام 1984 زادت حكومة باكستان من ضغوطها على الجماعة الأحمدية مرة أخرى، ففي ربيع هذا العام كثفت الأحزاب الإسلامية من هجومها وضغوطها على حكومة الجنرال ضياء الحق بسبب تراخيها في اتخاذ مزيد من التدابير القاسية ضد الأحمديين. وعلى إثر ذلك أصدر الجنرال ضياء الحق أمرا عسكريا رقم 20، يحرم على الأحمديين إطلاق الألقاب الإسلامية على قادتهم، ويحرم عليهم استعمال صيغة الأذان الإسلامية للنداء على الصلاة، وحرم عليهم تسمية دور عبادتهم مساجد، وحرم عليهم الانتساب إلى الإسلام كدين لهم، وحرم عليهم الدعوة إلى عقيدتهم، وحرم عليهم جرح المشاعر الدينية للمسلمين بأي وسيلة أخرى. وكما قال أحد المعلقين على هذا التشريع: “إنه يحيل الكثير من أمور الحياة اليومية للأحمديين إلى جرائم”.

على الفور أدرك الخليفة الرابع للمسيح الموعود، طاهر أحمد، ما يعنيه هذا التشريع من مضامين، ففر بعد صدوره بيومين من باكستان إلى لندن حيث اتخذ له مقرا مؤقتا. أما الذين لم يتمكنوا من اقتفاء أثر إمامهم فلا يزالون يعانون بشدة: فاعتقل منهم عدد كبير لأنهم أعلنوا عقيدتهم كمسلمين، وأتلفوا أو دمروا 155 من مساجدهم، وإلى يوم هلاك جنرال ضياء الحق في أغسطس عام 1988م. كان عدد المتهمين في جرائم لمخالفة الأمر العسكري رقم 20 أكثر من 3000 أحمدي. ولم يكن لعودة النظام الديمقراطي في حكومة (بينظير بوتو) أثر يذكر في تخفيف مطاردة الأحمديين. لقد أعلنت السيدة بوتو: “كيف أستطيع إبطال الخدمة الجليلة التي أداها أبي للإسلام؟ إن حكومتي لن تعطي القاديانيين أي تنازلات، بل يظلون من غير المسلمين” وفي أحداث تعداد تبين أنه وقع 53 اعتداء على حياة الأحمديين منذ القانون العسكري رقم 20 سلنة 1984م، أدت إلى مصرع 19 أحمديا. وما دامت الجماعة الأحمدية يمارسون عقيدتهم كمسلمين.. فإن حكومة باكستان الإسلامية لن تعترف لهم بمكان، ولا تستطيع فعل قليل أو كثير لضمان سلامتهم.

وتبقى بعد ذلك أسئلة هامة عديدة تتعلق بالمسيح وقبوله. فمثلا، كيف نستطيع تفسير رؤياه الدينية وتوقيت ظهوره؟ لماذا خرج ليخاصم كل الديانات التي في محيطه؟ ولماذا لا تنفك عداوة المسلمين له ولمتبعيه بهذا الدوام ولهذه القوة؟

الجزء الحاسم من أي تفسير لرؤيا أحمد أنه في القرن التاسع عشر المنصرم وبالنسبة لمعظم أهل بنجاب والمسلمين من نفس بيئته بصفة خاصة، كانت الأحوال السائدة مختلطة مشوشة. وكان تاريخ أسرته مثالا تاما لطبقته في ذلك الإقليم: أسرة نبيلة وقعت في ظروف عصيبة. في أوائل القرن التاسع عشر كانت هذه الأسرة تتحكم في ريع 85 قرية، ثم فقدتها بقيام سلطان السيخ تحت حكم رنجيت سنغ. وفي زمن الغزو البريطاني للبنجاب استعاد والد غلام احمد سيطرته على خمس فقط من تلك القرى، وثبته في سيادته لها الحاكم الجديد. وكانت حملة أبيه لاسترجاع قراه الضائعة تلاحق السنوات الأولى من شباب غلام أحمد، المولود عام 1835م. وأخيرا عندما انتهت الجهود بالفشل حمله أبوه على التوظف في المحكمة في إدارة المستعمرات. وفي هذه اللحظة بدأت مواجهته الفعلية مع مبشري النصرانية، ومحاولات أبناء دينه لدفع حججهم ضد الإسلام.

أحس مسلمو بنجاب القرن التاسع عشر على وجه الخصوص بالتهديد من التغيرات التي صاحبت الحكم البريطاني. وكما حدث في كل مكان آخر بالهند استلزمت التحسينات الجديدة تمكنا من المعارف الغربية. وكان عليهم تقرير القدر الذي يضحون به من عالمهم القديم ووسائله كي ينجحوا في الجديد القادم. ويجانب هذا، كان عليهم أن يثبتوا أمام النشاط القوي للبعثات النصرانية في كل أرجاء الهند. ومع ثمانينيات القرن الماضي تغطت منطقة بنجاب بشبكة من الإرساليات تمثل عشرات الآلاف من المرتدين المتحولين إلى النصرانية. وفي نفس العقد تكونت أيضا إرساليات هندوسية، عملت بنشاط شديد، ووجدت تجاوبا من هندوس بنجاب. ونتيجة طبيعية لذلك، وجد المسلمون جيرانهم الهندوس أكثر خشونة في علاقاتهم معهم بعد أن تشربوا الأفكار المناهضة للإسلام من قادة فرقة “آريا سماج” وبعد سنوات قلائل انتقلت العدوى إلى السيخ وشرعوا بدورهم يرتبون للعمل التجديدي الإرسالي. ثم ازداد الإحساس في الإقليم بصدمة التحول الاقتصادي بعدما قام البريطانيون بإقامة أعظم نظم الري في العالم وقتئذ بغرب بنجاب، واستزرعوا بها مساحات هائلة من الأرض.

حاول غلام أحمد وكثير غيره من المسلمين في زمنه، أن يجد وسيلة لمواجهة التحديات التي أتت بها المعارف الغربية والقانون الاستعماري إلى الساحة الإسلامية. وينبغي أن ينظر إليه كمجاهد ينهض بأعباء الرد على تلك المسائل الأساسية في ذلك العهد.. كما فعل السيد أحمد خان، الذي وجد طريقا تقدميا عبر جسر يربط الإسلام بمعارف ما بعد حركة التنوير الغربية، أو كما فعل الديوبانديون وأهل الحديث والبريلويون الذين اجتازوا سبلا تقديمة أخرى.. تجاهلا لأغلبها علوم الغرب كلية.

ومع العلم بأن ثقل التغيير الذي أحدثه الوجود الاستعماري كان الإحساس به أشد في منطقة غلام أحمد بصفة خاصة، فلا غرابة في أن يستند إلى العقيدة الإسلامية في القرون الوسطى عن المسيح المنتظر. كان المعتقد الشائع بين المسلمين أنه في أزمنة السوء، وعند نهاية كل قرن إسلامي، يظهر مجدد يحيي الدين. وقد يشهد ظهور المهدي.. المندوب الإلهي في شخص عيسى بن مريم، الذي يأتي في آخر الزمان، ويقود المسلمين في حربهم ضد الكفار. وعندما انتهى القرن الهجري الثاني عشر عام 1785م، والقرن الثالث عشر عام 1882م ظهر عدد من دعاوى المهدوية، ليس أقلها شأنا دعوى المهدي السوداني. فدعوى غلام أحمد بأنه المسيح الموعود، وأن عيسى العهد الجديد والقرآن يسكن قبرا في كشمير، ودعواه بأنه تجسد كرشنا، وأن مؤسس طائفة السيخ كان وليًّا مسلما.. كل ذلك كان انعكاسا للتحديات الدينية التي واجهها في محيطه، والتي كان عليه أن يتغلب عليها. وكانت دعواه بأن الجهاد لا يكون إلا بالسلام علامة كي يتبعه المسلمون من دون أن يشكل ذلك تهديدا لجيرانهم من غير المسلمين أو للحكام البريطانيين. وكانت دعواه بأنه نبي تقريرا بأن المسلمين الذي لا يتبعونه يخاطرون.

اجتذب غلام أحمد العداوة الشاملة لأهل زمانه، واجتلب مزيدا من العداء بسبب طريقته في تناول التحديات لعقيدته. ربما قد تحاشى جهادا بالعدوان المادي، ولكن لم يكن معنى ذلك أنه أحس بالحاجة إلى تلطيف لهجته. في العقود الأخيرة من القرن التاسع عشر تسابقت الأديان في البنجاب على المراكز.. في كل من الصحافة. واقتضى تصميم غلام أحمد لإثبات تفوق الإسلام أن يُقدم على الإخبار بنبوءات عن خزي أو هلاك أولئك الذين ناهضوه. مثل خصمه القسيس النصراني عبد الله آثم. وكم كان ابتهاج النصارى عندما عاش الرجل المسن فترة الخمسة عشر شهرا التي كان من المفترض أن تتحقق خلالها النبوءة الخاصة به. ثم دخل غلام أحمد في مباهلة مع داعية إنجيلي أمريكي يدعى جون دوئي، والذي سرعان ما افتضح أمره كدجال ونزل به الهلاك. وفي عام 1893م تنبأ غلام أحم بميتة عنيفة لعدو خبيث للإسلام يدعى باندت ليكرام، فقتل مطعونا بالسلاح بعد أربعة أعوام.

وبعد وفاة غلام أحمد خمدت الخصومة بين متبعيه وأهل الديانات الأخرى، ومع ذلك استمر عداء المسلمين لهم شديدا، ومن المرجح أن يدوم كذلك. وجزم غلام أحمد باستمرار النبوءة غير التشريعية بعد محمد أثار الشك عن صميم مقام النبوة بالنسبة للبشر. إنه أحب النبي بما لا يقل عن غيره من المسلمين، ولكنهم شعروا بأن دعواه تلطخ كرامة النبي. لم يعد محمد هاديهم الأخير قبل يوم الدين، ولم يعد محمد مستودع الكمال المفرط. ثم إن مجيء الأحمدية لتنظيم أمة المسلمين تحت سلطان مطلق لخلفاء غلام أحمد، الذين يعتقد أن القوى النبوية لا تزال فيهم، قد أضاف الإهانة إلى الأذى. وفوق كل ذلك، هو إهانة مركبة، لإصرار الأحمديين على أن إسلامهم هو الصحيح، وأن القطاع الأكبر من الأمة الإسلامية الذي ينكر المسيح الموعود.. ضالون عن الصراط المستقيم. أما الأمر الذي يحدث أشد مغص عند المسلمين غير الأحمديين، كما يذكرنا بحق يوهانان فريدمان YOHANAN FRIEDMAN، فهو ما يحسون به في دعاوي الأحمديين من نقص الاحترام عندهم للنبي محمد (***). ما برح النبي دائما في بؤرة طاعة المسلم. وعلاوة على ذلك، فإنه لما جاهد المسلمون خلال القرنين الماضيين لمواجهة السيادة الغربية.. تضاعف قدر النبي عاطفيا ونفسانيا. وبهذا الصدد، تجلى عمق مشاعر المسلمين جيدا من مدة قريبة في اهتياجهم بسبب كتاب سلمان رشدي (آيات شيطانية).

وتُرجمت الخصومة في السنوات الأخيرة إلى ممارسات الاضطهاد الكثيرة، لأن الدين قد ازداد تسيُّسًا. في أثناء الحكم البريطاني للهند كانت الأحمدية باعتبارها جماعة غير سياسية آمنة بوجه عام، وعانت من الإيذاء الشديد فقط عندما غامروا داخل أفغانستان. ولكن بقيام الدولة الإسلامية في باكستان أصبحت دعاوي الأحمديين مسائل ذات مضمون سياسي. وكان على جماعات الضغط الإسلامية أن تثير مسألة ما إذا كان من الممكن تسجيلهم مسلمين أم لا، وكان موقفهم معيارا للنقاء الإسلامي في الدولة. ففي الوقت الذي ملكت فيه العناصر العلمانية اليد العليا في السياسة كانت الأحمدية آمنة إلى حد معقول. ولكن عندما ضعفت هذه العناصر، كما حدث في زمن مستر بوتو، أو كما هم اليوم تحت حكم ابنته السيدة بوتو، أو حتى عندما تضعف حكومة ذات ميول إسلامية. كما جرى في حكومة الجنرال ضياء الحق. تكون الأحزاب الإسلامية قادرة على الضغط الناجح للعمل ضد الأحمدية. مثل هذه الأعمال وجدت دعما فوق ذلك في السبعينات. عندما اكتسبت منظمة العالم الإسلامي تناسقا ملموسا، وترتب على زيادة أسعار النفط أن أصبح لأصحاب الآراء المقاومة للتجديد في هذه المنظمة ثروات ذات إغراء ثقيل.

يمكن إلى من أراد زيادة في الاطلاع الكتب التالية:

  1. مرزا غلام أحمد القادياني، آدامس وكنج 1989.
  2. الأحمدية أو الإسلام الصحيح، مرزا بشير الدين محمود أحمد، قاديان 1937.
  3. دعوة إلى الأحمدية، مرزا بشير الدين محمود أحمد، قاديان 1938.
  4. الدين والسياسة في باكستان، بايندر I. BINDER، جامعة كاليفورنيا 1963.
  5. الأحمدية، دراسة للإسلام المعاصر في ساحل غرب أفريقيا، فيشر، أكسفورد 63.
  6. النبوءة مستمرة: جوانب الفكر الأحمدي وخلفيته القرن وسطية، فريدمان، جامعة كاليفورنيا، 1989.
  7. الحركة الأحمدية، لافان S. LAVAN، دلهي 1984م.
  8. القاديانية: دراسة نقدية، أبو الحسن الندوي، لاهور 1967.

(***) معاذ الله، فإن حب مؤسس الجماعة واحترامه لسيدنا محمد لا يعدله حبهم لأي مخلوق آخر، وقد علم خلفاءه وأتباعه هذه الحب والتقدير.

بل بالعكس أعلن حضرته أنه لا يمكن لأحد أن ينال أية مرتبة روحية إلا باتباع كامل لسيدنا المصطفى محمد ، وأنه عليه السلام لم ينل هذه المرتبة الروحية العظيمة إلا باتباعه الكامل للمصطفى وتفانيه في حبه . أما بخصوص كلمة “نبي” فلم يستعمله حضرته u لنفسه بنفسه وإنما النبي r هو الذي نفسه سمَّى المسيح المنتظرَ مجيئه “نبي الله”، وليس مرة واحدة وإنما أربع مرات، وذلك في حديث مسلم (كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب ذكر الدجال)

أما فيما يتعلق بحب واحترام حضرته لسيده المصطفى فللقارئ الكريم أن يعرف مداه في كلمات حضرته فيما يلي:

“إنا نحن مسلمون. نؤمن بالله الفرد الصمد الأحد قائلين: لا إله إلا هو. ونؤمن بكتاب الله القرآن ورسوله سيدنا محمد خاتم النبيين. ونؤمن بالملائكة ويوم البعث والجنة والنار، ونصلي، ونصوم، ونستقبل القبلة. ونحرم ما حرم الله ورسوله ونحل ما أحل الله ورسوله. ولا نزيد في الشريعة ولا ننقص منها مثقال ذرة. ونقل كل ما جاء به رسول الله ، وإن فهمنا أو لم نفهم سرّه، ولم ندرك حقيقته” (نور الحق، الجزء الأول، ص 5)”خُلِعت علي هذه الرفعة بفضل اتباعي الكامل لرسول الله . ولو لم أكن واحدًا من متبعيه، ولو لم أكن أتبع تعاليمه بإخلاص، لما وصلت إلى هذه الدرجة العالية من قرب الله تعالى، ولو تراكمت أعمالي الصالحة وبلغت ارتفاع الجبال. ذلك لأن النبوءات جميعا قد انتهت، ولا يمكن الآن بعث نبي ذي شريعة، وإنما يمكن دائما أن يبعث أنبياء غير مشرعين بشرط أن يكونوا من أتباع النبي . فأنا تابع له ونبي أيضًا” (تجليات إلهية، ص 24)

“ذلك النور الأَبْهَى الذي وهب لإنسان.. أعني الإنسان الكامل، لم يكن ذلك النور لا في الملائكة.. ولا في النجوم.. ولا في القمر.. ولا في الشمس، ولم يكن في بحار الأرض.. ولا في أنهارها، ولم يكن في اللَّعل.. ولا في الياقوت.. ولا في الزمرّد.. ولا في الماس.. ولا في اللؤلؤ.. بالاختصار.. لم يكن ذلك النور في أي شيء من الأرض أو السماء، وإنما كان في إنسان كامل.. ذلك الإنسان الذي كان أتمَّ وأكمل وأعلى وأرفع فرد من بني الإنسان.. سيدنا ومولانا سيد الأنبياء.. سيد الأحياء.. محمد المصطفى ..” (الخزائن الروحانية، ج5، مرآة كمالات الإسلام ص 160، 161)

“إنني دائما أنظر بعين الإعجاب إلى هذا النبي العربي.. محمد عليه ألف ألف صلاة وسلام. ما أرفع شأنه! لا يمكن إدراك سمو مقامه العالي، وليس بوسع إنسان تقدير تأثيره القدسي. الأسف، أن الدنيا لم تقدر مكانته حق قدرها. إنه هو البطل الوحيد الذي أعاد التوحيد إلى الدنيا بعد أن غاب عنها. إنه أحبَّ الله غاية الحب، وذابت نفسه تماما شفقة على خلق الله، لذلك فإن الله العالمَ بسريرته فضَّله على كل الأنبياء، وعلى كل الأولين والآخرين جميعا، وحقق له في حباته كل ما أراد” (الخزائن الروحانية، ج22، حقيقة الوحي، ص 118 إلى 119)

“إن ذلك الحادث العجيب الذي جرى في برية العرب.. حيث بُعث مئات الأُلوف من الموتى في أيام معدودات.. وتحلّى بالصبغة الإلهية أولئك الذين فسدت أخلاقهم على مر الأجيال، وأصبح العمي يبصرون، والبُكْم بالمعارف الإلهية ينطقون.. وحدث انقلاب في العالم لم تره عين، ولم تسمع به أذن قط… هل تعرفون كيف حدث ذلك؟ إن تلك الدعوات التي دعا بها في جوف ليال حالكة.. عبدٌ متفانٍ في الله.. هي التي أحدثت ضجة في الدنيا، وأظهرت العجائب التي يبدو صدورها مستحيلا على يد ذلك الأمي الضعيف الحيلة.

اللهم صلِّ وسلِّمْ وبارِكْ عليه وآله.. بعدد همّه وغمّه وحزنه لهذه الأمة، وأَنزِلْ عليه أنوارَ رحمتك إلى الأبد” (الخزائن الروحانية ج6، بركات الدعاء ص 10 و11)

Share via
تابعونا على الفايس بوك