لا ظل إلا ظل الله

لا ظل إلا ظل الله

التحرير

قبل انشطار الاتحاد السوفياتي كان الغرب لخوفه من هذا المنافس القوي يعامل العالم الثالث وبالأخص العالم الإسلامي بحذرٍ وشيء من الرفق. ومثال ذلك ما حدث في حرب السويس حيث شاركت بعض دول الغرب مع إسرائيل في العدوان على مصر. وعندما هددته روسيا بالتدخل في الحرب ، كف عن العدوان وردّ لمصر قناتها .

صحيح أن العطف الروسي على البلاد الموالية لم يكن بدافع المحبة الخالصة وإنما بسبب المصالح السياسية، ومع ذلك فإن البلاد الفقيرة الضعيفة هذه كانت تتمتع بنوع من الأمان والحرية، زال الآن بزوال المظلة الروسية، وأصبحت هذه البلاد تحت رحمة الغرب، وانكشف عداؤه للعالم الإسلامي عيانا. وما أدل على ذلك مما يحدث معهم في كل مكان وخاصة في فلسطين والبوسنة والصومال والعراق وكشمير.

لا شك أن الاعتراف المتبادل الذي تم مؤخّرا بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية حدث ذو أهمية وأبعاد، ولكن الواقع (أولا) أن هذا الاتفاق جاء متأخرًا جدا بعد أن أزهقوا من الأرواح آلافًا وأجروا من الدماء أنهارًا. وثانيا. إن ما ناله الفلسطينيون نالوه راکعین أمام الغرب. ولو أن هذه الصفقة تمت تحت المظلة الروسية لكان من المحتمل أن يفوز الفلسطينيون بشيء أكثر من ذلك وباحترام. فالجميع يعرف أن ما تم الآن هو أن الغرب نفّذ ما أراد وعمل بما خطط رغم أنوف الفلسطينيين. فكيف إذًا. والحال هذه، نعيش نحن المسلمين بين هذه القوى المعادية؟

لا سبيل لنا إلا أن نفر إلى الله. ونستظل بظله الذي لا يزول ولا يخذل أبدًا. وذلك بالعودة إلى دينه والعمل بتعاليم رسوله . عندئذ سيهب الله لنا من لدنه رحمةً. ويهيء لنا من أمرنا رشدًا ..

ولا نعني بالعودة إلى الإسلام إسلامَ المشائخ المتعصبين.. إسلام القرون الوسطى المظلمة.. إسلامًا مشوها ممسوخًا بالتفاسير الخاطئة والأفكار الباطلة، وإنما نعني بذلك إسلام المصطفى نقيًا منزهًا من الشوائب والبدعات.. دينَ الحكمة. دينَ النصيحة. دين السماحة. فإسلام هؤلاء المشائخ لم يزد الأمة الإسلامية إلا خسارًا وتبارًا. والأعداء إلا نفوذًا ونفورًا. لقد تبين للجميع اليوم أن العالم لن يلتفت إلى دين المصطفى ما دام سيقدَّم على ضوء التفاسير الخاطئة من المشائخ المتعصبين أو المرتزقة لدى الحكام الجائرين. لقد دلت الخبرات الطويلة المتكررة إلى الآن أن (إسلامهم) قد فشل في اجتذاب العالم إلى دين المصطفى . لأن (إسلامهم) الحالي ليس ذلك الإسلام الحنيف الذي جاء به المصطفی وإنما هو إسلام مشوه ممسوخ ..

أيأمرهم (إسلامهم) أن يتقاتلوا فيما بينهم؟ أيأمرهم (إسلامهم) أن يرحموا الأعداء وينسوا أهلهم؟ أيأمرهم (إسلامهم) أن ينفقوا على الأباعد قبل الأقارب؟ فهذا العاهل السعودي يرق فؤاده لطفلة مريضة من بريطانيا. فيتبرع لعلاجها ب 500 ألف جنيه استرليني (انظر جريدة صنداي تايمز 10/10/93).

بينما لا تأخذه الرقة لآلاف السيدات المسلمات من البوسنة اللاتي تعرضن للاغتصاب، على أيدي الذئاب في ثياب الآدميين ..

وتذكرنا “رقة الملوك السعوديين” هذه بما أصاب الغرب من مرض قلب الموازين والمثل. فإنهم صاروا بالكلاب أرحم منهم بالإنسان، خصوصًا إذا كان هذا الإنسان من المنتمين إلى الإسلام..

فرجاؤنا أن تفروا إلى الله، وتعودوا إلى إسلام المصطفى .. وإلا لا مكانَ لكم في “النظام العالمي الجديد”، ولا قِبَلَ لكم بجنود الدجال. ووالله، لو فررتم إلى الله لسخّر لكم ملائكته وهزم عدوكم. وإذا متم بعد ذلك متم ميتة كرامة، ميتة شهادة. (التحرير)

Share via
تابعونا على الفايس بوك