عربية المسيح الموعود وعروبته

عربية المسيح الموعود وعروبته

محمد طاهر نديم

  • ما عساها تكون تلك اللغات العربية الأربعون ألفا؟
  • ما مظاهر تعدد اللغات العربية في كلام المسيح الموعود؟

___

عربية المسيح الموعود وعروبته (1)

قضية اللغات العربية الأربعين ألفا

 

 “العربي”.. وصف، من يستحقه؟!

العربية صفة لسان، والعروبة صفة للقلب والجَنان، وطالما أومأ حضرة خاتم النبيين إلى هذه الحقيقة بالقول الصريح تارة وبالتلميح والإشارة تارة أخرى، من ذلك ما رُوي في كتب الأحاديث من رده على تعريض بعض منافقة جزيرة العرب بما زعموه عجمة لسان لدى بعض كبار الصحابة (رضي الله عنهم)، فرُوي عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ:

«جَاءَ قَيْسُ بْنُ مُطَاطِيَّةَ إِلَى حَلْقَةٍ فِيهَا سُلَيْمَانُ وَصُهَيْبٌ الرُّومِيُّ وَبِلالٌ الْحَبَشِيُّ، فَقَالَ: هَذَا الأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ قَدْ قَامُوا بِنُصْرَةِ هَذَا الرَّجُلِ، فَمَا بَالُ هَذَا؟ فَقَامَ إِلَيْهِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ فَأَخَذَ بِتَلْبِيبِهِ، ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ   فَأَخْبَرَهُ بِمَقَالَتِهِ، فَقَامَ النَّبِيُّ قَائِمًا يَجُرُّ رِدَاءَهُ حَتَّى دَخَلَ الْمَسْجِدَ، ثُمَّ نُودِيَ أَنَّ الصَّلاةَ جَامِعَةٌ، فَقَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ الرَّبَّ رَبٌّ وَاحِدٌ وَالأَبَ أَبٌ وَاحِدٌ، وَلَيْسَتِ الْعَرَبِيَّةُ بِأَحَدِكُمْ مِنْ أَبٍ وَلا أُمٍّ وَإِنَّمَا هِيَ لِسَانٌ، فَمَنْ تَكَلَّمَ بِالْعَرَبِيَّةِ فَهُوَ عَرَبِيٌّ»(1)..

وشهادة تاريخ العلوم العربية الضخم تُملي علينا أن نطرح القول بتضعيف هذا الحديث النبوي أرضا، فإن أعظم علماء العربية عبر التاريخ لم يكونوا عربا من حيث النسب، إن العرب أنفسهم لا يتوانون عن وصف مثل عبد القاهر الجرجاني وأبي الفتح عثمان بن جني والإمام البخاري والفارابي اللغوي والفارابي الفيلسوف وغيرهم الكثيرين والكثيرين، لا يتوانون عن وصفهم بالعلماء العرب، بل وأقطاب الحضارة العربية الإسلامية، غاضين الطرف، حين يكون المقام مقام مدح وتعظيم، عن مسألة القومية العنصرية، مصدقين بذلك قول النبي الذي لا ينطق عن الهوى، معرضين، إلى حين، عن أهواء المضعِّفين.

بالطبع إن معيار تعظيمنا لمثل أولئك القامات العلمية يتجلى في حجم الخدمة التي أسداها كل منهم إلى العربية تلك اللغة الشريفة، ويبقى هذا المعيار قائما، وتزداد الحاجة إليه في عصور تدهور العربية بتفريط أهلها فيها، حتى أنشد أحد كبار الشعراء العرب المحدثين قائلا بلسان اللغة العربية إذ تنعي حظها:

رَجَعتُ لِنَفسي فَاتَّهَمتُ حَصاتي

وَنادَيتُ قَومي فَاحتَسَبتُ حَياتي

.

رَمَوني بِعُقمٍ في الشَبابِ وَلَيتَني

عَقِمتُ فَلَم أَجزَع لِقَولِ عِداتي

.

وَسِعْتُ كِتابَ اللَهِ لَفظاً وَغايَةً

وَما ضِقْتُ عَن آيٍ بِهِ وَعِظاتِ

.

فَكَيفَ أَضيقُ اليَومَ عَن وَصفِ آلَةٍ

وَتَنسيقِ أَسْماءٍ لِمُختَرَعاتِ؟!

.

أَنا البَحرُ في أَحشائِهِ الدُرُّ كامِنٌ

فَهَل سَاءلوا الغَوّاصَ عَن صَدَفاتي؟!

.

أَرى لِرِجالِ الغَرْبِ عِزّاً وَمَنعَةً

وَكَم عَزَّ أَقوامٌ بِعِزِّ لُغاتِ!

.

أَيُطرِبُكُم مِن جانِبِ الغَرْبِ ناعِبٌ

يُنادي بِوَأْدِي في رَبيعِ حَياتي؟!(2)

فتاريخ اللغة العربية حتى القرن التاسع عشر يشهد بتدهور أحوالها على الرغم من ثرائها الكمي والكيفي، حتى إنه يجوز عليها الترحم كترحمنا على الأموات، فبعث الله تعالى المسيح الموعود محييا تلك اللغة الشريفة، ففتح حضرته الباب للنظر في دراسة اللغات بشكل عام والعربية بشكل خاص من منظور جديد. نقرأ لحضرته مثلا المقتبس التالي:

«… وتفصيل ذلك أنه صرَف قلبي إلى تحقيق الألسنة، وأعان نظري في تنقيد اللغات المتفرقة، وعلّمني أن العربية أُمُّها، وجامعُ كيفِها وكَمِّها، وأنها لسانٌ أصليٌّ لنوع الإنسان، ولغةٌ إلهاميّةٌ من حضرة الرحمن، وتتمّةٌ لخِلْقةِ ِالبشر مِن أحسن الخالقين»(3).

الأربعون ألفًا.. أهي جذور؟! أم ماذا؟!

في إطار تأييده من الله تعالى بآية تعلم اللغة العربية، وهي الآية المُعجزة، أعلن المسيح الموعود عن دعوى عظيمة،  ورغم مضي أكثر من قرن من الزمان على إعلانها فإنها لا تزال مثار إرباك لخصومه المشككين والمكفرين، إنها دعوى تَعَلُّمِه اللغات العربية الأربعين ألفا.. يحاول بعضنا استكناه معنى «اللغات» التي عُلِّمَها حضرته فيرى أنها «جذور اللغة العربية»، لا شك أن حضرته قد عُلِّم بالفعل تلك الجذور اللغوية، إذ هي المادة المعجمية التي لا غنى للمتحدث بالعربية عن الإلمام بها، ولكن للفظة «اللغات» معان أخرى كثيرة تزيد دعوى المسيح الموعود عظمة وأبهة، ولا سيما إذا قرأناها في سياقها، حيث يقول حضرته :

«وإن كمالي في اللسان العربي، مع قلة جهدي وقصور طلبي، آيةٌ واضحة من ربي، ليُظهِر على الناس علمي وأدبي، فهل مِن مُعارِض في جموع المخالفين؟ وإني مع ذلك عُلِّمتُ أربعين ألفًا من اللغات العربية، وأُعطيتُ بسطةً كاملة في العلوم الأدبية»(4).

فما كنه تلك اللغات إذن؟ وما حقيقة ذلك العدد؟!

يذكر حضرته في هذا النص أنه حاز الكمال في اللسان العربي وأنه آية واضحة من ربّه. فلو كان المراد من كلمة اللغات مجرد الجذور لشُمل هذا في كمال اللسان، فما هي هذه اللغات العربية يا ترى؟! ثم أليست اللغة العربية واحدة في ذاتها؟! فلماذا جعلها المسيح الموعود لغاتٍ (بصيغة الجمع)؟!

يُطلق لفظ «اللغة» عمومًا ويُراد به

«الكَلامُ المُصْطَلحُ عَلَيْهِ بينَ كلِّ قَبِيلٍ، وَهِي فُعْلَةٌ مِن لَغَوْت، أَي تكلَّمْت»(5).

والمعلوم للجميع أن العرب قبائل متعددة، وهم وإن جمعهم لسان عام واحد، أو ما ندعوه الآن بـ «لغة الثقافة»، فإن هذا لا يمنع من القول بأن لكل قبيلة لسانها الخاص الذي يميزها، وألفاظها التي تتداولها، فالقبائل التي امتهنت التجارة لديها من الألفاظ غير تلك القبائل التي احترفت الرعي، وتلك التي عملت بالصيد أو الزراعة، وهذا أمر بات معروفا في أوساط دارسي اللغة بشكل عام.

إنها لغات العرب المختلفة والكلمات المتفرقة والتراكيب والتعابير المتنوعة والأساليب والاستخدامات المختلفة التي كانت رائجة في بعض قبائل العرب دون بعضها الآخر. وطالما سمعنا في أثناء دراستنا مقررات اللغة والنحو عن لغة مُضَر، ولغة قيس، ولغة تميم، ولغة أسد، وغيرها من قبائل العرب وبطونها، وكنا نفهم إذَّاك أن المراد من لغات تلك القبائل هو ذاته ما نسميه الآن باللهجة، وهي في عُرفِنا المعاصر اللسان الخاص للقبيلة أو المدينة أو الإقليم. وفي زمن الفصاحة فيما قبل عصر التدوين لم تكن لغات شتى القبائل العربية تقل عن لغة قريش من حيث مستوى الفصاحة، غير أن لغة قريش استحقت، لاعتبارات ما، أن تكون لغة العرب الثقافية، والتي يجيدها شعراؤهم وينظمون بها أعظم قصائدهم، بينما يتخاطبون بلغاتهم المحلية في حدود قبائلهم.

وشهادة تاريخ العلوم العربية الضخم تُملي علينا أن نطرح القول بتضعيف هذا الحديث النبوي أرضا، فإن أعظم علماء العربية عبر التاريخ لم يكونوا عربا من حيث النسب، إن العرب أنفسهم لا يتوانون عن وصف مثل عبد القاهر الجرجاني وأبي الفتح عثمان بن جني والإمام البخاري والفارابي اللغوي والفارابي الفيلسوف وغيرهم الكثيرين والكثيرين، لا يتوانون عن وصفهم بالعلماء العرب، بل وأقطاب الحضارة العربية الإسلامية، غاضين الطرف، حين يكون المقام مقام مدح وتعظيم

لقد اختلفت لغات هذه  القبائل العربية من حيث حركات الكلمات أحيانًا وقلب حروفها وزيادتها أحيانا أخرى، وتارة بالاختلاف في التذكير والتأنيث وأخرى بإدغام بعض الحروف، ومرات كثيرة تتشكل لغة جديدة باستخدام بعض الكلمات أو الأدوات لأداء معان تؤديها الأدوات المألوفة، من ذلك ما رُوي عن النبي وهو يتحدث بلغة حِمْيَر، مستعيضا عن «أل التعريف» بـ «أَمْ» فيقول: «لَيْسَ مِنْ امْبِرِّ امْصِيَامُ فِي امْسَفَرِ»(6).

وَهَذِهِ لُغَةٌ لِبَعْضِ أَهْلِ الْيَمَنِ، يَجْعَلُونَ لَامَ التَّعْرِيفِ مِيمًا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ خَاطَبَ بِهَا بِهَذَا الْأَشْعَرِيَّ كَذَلِكَ لِأَنَّهَا لُغَتُهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْأَشْعَرِيُّ هَذَا نَطَقَ بِهَا عَلَى مَا أَلِفَ مِنْ لُغَتِهِ، فَحَمَلَهَا عَنْهُ الرَّاوِي عَنْهُ وَأَدَّاهَا بِاللَّفْظِ الَّذِي سَمِعَهَا بِهِ»(7)..

وسواء نطق النبي بـ «أل» أم «أَمْ» فالنتيجة واحدة، وهي أن كتب الحديث واللغة تقر بموضوع تعدد اللغات العربية بتعدد القبائل. فلقد عُلّم المسيح الموعود أربعين ألفًا من مثل هذه اللغات والكلمات والتراكيب والتعابير والأساليب، بما يشكل في مجموعة قاموسا ضخما يتفوق على شتى قواميس اللغات الأخرى ضخامةً وثراء. ومن الجدير ذكره أن لفظ الأربعين ألفًا قد لا يعني بالضرورة العدد ذاته، والراجح أن استعماله في هذا السياق قد جاء مجازا للتعبير عن الكثرة، غير أنه من الممكن أن تفوق هذه اللغات هذا العدد بحرفيته، وعلى أية حالٍ فالمجال مفتوح للبحث والتحقق لمن شاء أن يستبين.

وقد ذهب صاحب معجم اللسان إلى أن الاستعمال المتداول بين أفراد أية قبيلة عربية لكلمة أو تركيب هو لغةٌ من لغات العرب، فتحدث في معجمه عن الكسائي والشافعي، وهما من العلماء المبرزين، فالكسائي النحوي مؤسس مدرسة الكوفة، وأحد كبار القراء السبعة، والشافعي إمام المدرسة المعروفة في الفقه، قال عنهما ابن منظور: “الكسائي لا يحكي عن العرب إِلا ما حَفِظه وضَبَطه. قال وقول الشافعي نفسه حُجَّة لأَنه رضي الله عنه عربيُّ اللسان فصيح اللَّهْجة قال وقد اعترض عليه بعض المُتَحَذْلِقين فخَطَّأَه وقد عَجِل ولم يتثبت فيما قال ولا يجوز للحضَريِّ أَن يَعْجَل إِلى إِنكار ما لا يعرفه من لغات العرب»(8).. وفي الواقع إن المقتبس الذي سقناه من معجم «لسان العرب» يكفي لوحده ردًّا على الطاعنين في عربية المسيح الموعود ، فهؤلاء إذ يسلطون ما استظهروه من قواعد النحو والصرف على كتابات المسيح الموعود العربية، فاتهم أن ما قد يبدو خطأ نحويا أو صرفيا في كلام حضرته العربي بحسب ما يحفظونه من القواعد الموضوعة على لسان قريش هو صحيح فصيح مائة بالمائة في لغة قبيلة أخرى، والعبرة بالإحاطة بلغات العرب التي لا يحيط بها أصلا إلا نبي بحسب قول الشافعي، الذي يتضح منه أن موضوع لغات العرب واسع جدًّا ولا يسع أحدا الإحاطة به بجهد شخصي، لأن اللغات العربية ليست محفوظة أو مكتوبة بأكملها، وبالتالي فإن إنكار لغة أو كلمة أو استخدامٍ لعدم الإلمام به لا يلزم عدم وجوده،  وإنما ينم عن جهل من ينكره.

ومن خلال البحث الموضوعي في كتابات المسيح الموعود ، يتضح أنها تحوي الكثير من الأساليب والتراكيب واللغات التي تؤيدها لغات العرب والمراجع اللغوية والنحوية المختلفة وإن لم تكن هذه اللغات والأساليب مما كُتب له الرواج في الاستعمالات العربية المعاصرة. أما إذا بقي شيء قليل من هذه اللغات والأساليب التي يعترض عليها بعض المعترضين بحجة عدم وجودها في كتب اللغة والأدب، فإن دعوى حضرته خير دليل على صحتها

من مظاهر تعدد اللغات العربية في كلام المسيح الموعود

بالتوسع فيما ذُكر من اختلاف اللغات العربية، وبتتبع تلك اللغات في سياقات شتى من كلام المسيح الموعود والتي زعم خصومه وما زالوا يزعمون إلى الآن، أنها استعمالات خاطئة نتجت عن عجمة، ونحن نعذرهم طبعا، إذ يجهلون لغات أسلافهم، فإننا نجد من ذلك التعدد ما نجده من أمثلة تخفيف الهمزة وإبدالها ياءً.. فعلى سبيل المثال لا الحصر، كتب حضرته في بعض المواضع «بريّون» بدلا من «بريئون»، وكتب «بيرا» بدلا من «بئرًا» وغير ذلك.

* كذلك فإنّ تركَ ظاهر اللفظ وحمله على المعنى كثير أيضا في كلام المسيح الموعود ، مما يؤدي  إلى الاختلاف في التذكير والتأنيث، كما نجد في الأمثلة التالية من  كتب حضرته : «يا أهل أرض النبوة وجيرانَ بيت الله العظمى»(9) (أي الكعبة العظمى).

– «أجد قلبي مائلا إلى القرآن ودقائقها»(10) (أي إلى صحيفة القرآن ودقائقها).

وبتفحص لغة المسيح الموعود نرى ورود لغات العرب القديمة فيها بشكل ظاهر، وهذه اللغات لم تعد رائجةً اليوم في الكتابات العربية، وإليكم بعض الأمثلة:

1: لغة إلزام المثنى الألف في جميع أحواله(11). وهذه نجدها في قول حضرته التالي:

أ: منها أن الشّهب الثواقب انقضّتْ له مرّتان(12).

هذا بدلا من القول (مرتين) وفق القاعدة الرائجة. ب: ألا تعلمون أن هذان نقيضان فكيف يجتمعان في وقت واحد أيها الغافلون (13).

أي بدلا من (هذين) وفق القاعدة الرائجة.

ت: إن في هذا الاعتقاد مصيبتان عظيمتان(14) ۔ أي بدلا من (مصيبتين) حسب القاعدة المعروفة حاليا.

2: إعراب (كلا وكلتا) كالاسم المثنى عند إضافتها للاسم الظاهر، فيكون الرفع بالألف والنصب والجر بالياء، وهي لغة قبيلة كنانة، كقول المسيح الموعود :

ليدلّ لفظُ الأُنسَين على كلتي الصفتين(15).

هذا على النقيض من القاعدة الرائجة التي توجب إلزام كلا وكلتا الألف في جميع حالات الإعراب، الرفع والنصب والجر، عند إضافتها للاسم الظاهر. فوفق القاعدة الرائجة لا بد من القول: ليدلّ لفظُ الأُنسَين على كلتا الصفتين.

3: كتابة تنوين النصب دون الألف على لغة بني ربيعة، كقول حضرته :

وتتعهدها صباحً ومساءً زُمَرُ المعتقدين(16). هذا بدلا من كتابتها مع الألف (صباحًا).

وبما أن المسيح الموعود قد أعلن أنه تعلم أربعين ألفا من اللغات العربية، فلابد أن  يرِد بعضُها أو الكثير منها في كلامه. وهذا الأمر يدفعنا إلى التفكير في كل ما هو مخالف للمألوف في كتب المسيح الموعود وسنجد له في كثيرٍ من الأحيان تخريجًا يثبت أنه من صميم اللغة العربية وهذا دليل على تعلّم حضرته هذه اللغة من الله تعالى.

ومن خلال البحث الموضوعي في كتابات المسيح الموعود ، يتضح أنها تحوي الكثير من الأساليب والتراكيب واللغات التي تؤيدها لغات العرب والمراجع اللغوية والنحوية المختلفة وإن لم تكن هذه اللغات والأساليب مما كُتب له الرواج في الاستعمالات العربية المعاصرة. أما إذا بقي شيء قليل من هذه اللغات والأساليب التي يعترض عليها بعض المعترضين بحجة عدم وجودها في كتب اللغة والأدب، فإن دعوى حضرته خير دليل على صحتها، إذ يتبين بالرجوع إلى التراث العربي المحفوظ من كتب اللغة والأدب يشهد بأن لما كتب المسيح الموعود نظائر يقاس عليها في كتب الأقدمين، وهذا التناظر . يقول ابن جنّي في كتابه المحتسب: «ليس ينبغي أن يُطْلَق على شيء له وجه في العربية قائم -وإن كان غيره أقوى منه- أنه غلط» (17)

إن هذا البيان التفصيلي يتلخص في أن دعوى حضرته في تعلم اللغات العربية دليل على بسطته الكاملة في هذا اللسان المبين، وهو دليل بيّن على عظمة دعواه، فهذا المقال دعوة مخلصة من صميم القلب إلى التريث قبل إطلاق أحكام بالخطأ والعجمة على كلام المسيح الموعود لأن مثل هذه الأحكام لم تدل حتى الآن إلا على جهل مطلقيها بلسان العرب مع ادعائهم بالفصاحة والبلاغة فيه، فكيف هذا وفاقد الشيء لا يُعطيه؟!

الهوامش:

  1. “حديث أبي الحسن السكري” – مخطوط نُشر في برنامج جوامع الكلم المجاني التابع لموقع الشبكة الإسلامية الطبعة: الأولى، 2004 [الكتاب مخطوط]..
  2. ديوان شاعر النيل «حافظ إبراهيم»
  3. (مِنَنُ الرحمن، الخزائن الروحانية، مجلد 9، ص 166)
  4. (مكتوب أحمد، الخزائن الروحانية ج11 ص 234)
  5. تاج العروس، لمرتضى الزبيدي، مادة «ل غ و».
  6. (مسند أحمد، كتاب باقي مسند الأنصار)
  7. الحافظ ابن حجر في « التلخيص الحبير (2/205)
  8. (لِسانُ العَرَبِ، حَرْفُ اللّامِ، تَحْتَ كَلِمَةِ “عول”)
  9. (التبليغ ص 33)
  10. (التبليغ ص 103)
  11. (النحو الوافي 1/124 – 123)
  12. (الاستفتاء)
  13. (التبليغ)
  14. (التبليغ)
  15. (منن الرحمن)
  16. (مكتوب أحمد)
  17. (المحتسب في تبيين وجوه شواذ القراءات والإيضاح عنها ج1 ص236)
Share via
تابعونا على الفايس بوك