عنترة ليس الوحيد.. "فيليس ويتلي"، من ذل العبودية إلى عزة الشعراء!

عنترة ليس الوحيد.. “فيليس ويتلي”، من ذل العبودية إلى عزة الشعراء!

نفيس أحمد قمر

داعية إسلامي أحمدي
  • من هي فيليس ويتلي؟
  • ما وجه المشابهة بين فيليس ويتلي وبين شخصية عنترة بن شداد العبسي؟

___

إذا كنا في الثقافة العربية نفتخر بالنموذج الأسطوري لشخصية شاعر كعنترة بن شداد العبسي، كشاعر ذي طبيعة فذة وظروف خاصة، حيث ذاق مرارة العبودية شطرا من حياته، غير أنه انتزع حريته واعتراف الأكابر بفضله لاحقا، فعلينا أن ندرك أن نموذج عنترة بن شداد ليس النموذج الإنساني الوحيد من نوعه، بل هناك نماذج أخرى حديثة، عاشت قريبا من هذا العصر.

معاناة في سن السابعة!: فيليس ويتلي Phillis Wheatley وهي شاعرة وكاتبة أمريكية ولدت في سنة 1753 في غرب أفريقيا وهي أول امرأة أفريقية أمريكية تكتب الشعر على الرغم من مقاساتها قيد العبودية، ولدت في غرب أفريقيا في حوالي 1753 وفي عمر السابعة بدأت مأساتها، والتي كانت مأساة شعبها وكافة الشعوب الأفريقية المستعمرة، ونقلها نخاسوها إلى أمريكا، في ذلك الوقت كان يُطلق على تجار الرقيق ومختطفيهم اسم «مهربو اللحم الحي»، وقد أتى هؤلاء اللصوص بالطفلة البريئة إلى بوسطن على متن سفينة تهريب، وطُرحت في سوق النخاسة للبيع بمزاد علني، حيث نودي عليها كما يُفعل مع البضائع والحيوانات، كان يُقال: «… عمرها سبع سنوات فقط! ستكون فرسا نشيطة و جيدة”!

استقرت في مدينة بوسطن لدى إحدى العائلات، والتي أطلقت عليها اسم «فيليس ويتلي»، حيث فيليس كان اسم السفينة التي أتت بها من موطنها الأصلي، وويتلي هو اسم تاجر الرقيق الذي باعها. وهناك في بوسطن لدى العائلة المذكورة، تعلمت فيليس القراة والكتابة، وأطلقت مواهبها في الشعر.

وقد كتبت قصائد عديدة تدور في فلك مشاعرها عن الوطن والأخلاق والدين، كما كتبت أيضاً عن بعض الشخصيات المؤثرة في تلك المرحلة الزمنية من تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، فكتبت عن جورج واشنطن، كما تعرفت أيضاً على الشاعر الأفريقي جوبيتر هامون.

موهبة فذة: في سن الثالثة عشرة، تفتَّق لسانها وقلمها عن موهبة فذة، إذ بدأت تقرض الشعر بلغة أجنبية غير لغتها الأم. وفي بداية الأمر، ما كان أحد ليصدق أنها من كتبت تلك القصائد، لم يصدقها أحد أنها هي من كتبت تلك النصوص الشعريه.

رب محنة تبرز شهرة!: في سن العشرين، تم استجواب «فيليس» من قبل محكمة مكونة من ثمانية عشر قاضيًا يرتدون الملابس التقليدية للقضاة ويضعون الشعر المستعار. كان عليها أن تقرأ نصوصًا بحضرة المحكمة، نصوصا لكل من «فيرجيل» و«ميلتون» وبعض عظات الكتاب المقدس، غيبا عن ظهر قلب،  كما توجب عليها أيضًا أن تقسم قسماً مغلظا على أن القصائد التي كتبتها لم تكن مقتبسة من دواوين شعرية منسوبة لآخرين غيرها.

خضعت الفتاة الشاعرة لاستجواب وامتحان طويل وعسير من محبسها في قفص الاتهام، حتى لم تجد هيئة المحكمة بدا من تبرئتها، بل والاعتذار العلني لها، مما أسهم في ذيوع شهرتها كأديبة شاعرة لا يشق لها غبار.

لنا أن نتصور حجم المعوقات في طريق “فيليس”، فقد كانت امرأة، في مجتمع يقمع حق المرأة البيضاء، فكيف بها وهي امرأة من أصل أفريقي، كانت تعاني مرارة العبودية، ولكن من رحم معاناتها ولدت ترقياتها، فكانت شاعرة مبارزة. كانت «فيليس ويتلي 1753 – 1784» أول كاتبه أمريكيه، سمراء البشرة، من أصل أفريقي، تنشر كتابًا باسمها في الولايات المتحدة الأمريكية، ليظل اسمها ذكرى تتردد، ودرسا يُلقَّنه كل إنسان مر بمعاناة أو ضائقة ما فظن أن معاناته هذه هي آخر المطاف.

Share via
تابعونا على الفايس بوك