عدو شرس يهدد الأمة

عدو شرس يهدد الأمة

التحرير

  • الموبقات.. المخدرات
  • غثاء السيل في مواجهة التحديات
  • المؤسسات الدينية، متهمة
  • الإعلام.. جُناة
  • طوق النجاة للحياة

__

عزيزي القارئ في هذا العدد أنت على موعد لكشف الستار عن موضوع خطير من مواضيع الساعة.. إنه مرض اجتماعي فتاك يهدد الأمة من المحيط إلى الخليج. وبدون أدنى شك فإنه عدو شرس يقتل الروح قبل أن يقتل الجسد.. ويدمر التفكير قبل أن يدمر العقل.. ويسلب الدين قبل أن يسلب الدنيا..

لقد استوقفني خبران في وسائل الإعلام العربية يكاد القلم يقف أمامهما عاجزًا مشلولا من الخجل والحياء.. فهذا شاب انهال على أمه طعنًا بالسكين ومزق جسدها بخمس وعشرين طعنة.

والله إن القلب ليرتعد وإن الكلمات لتعجز أمام هذه المأساة المروعة.. ابن يقتل أمه؟!

وما أن دفنت هذه الأم الحنون طالعتنا مصادر إعلامية أخرى بأبشع حادث اغتصاب.. أرملة عجوز في الستين من عمرها كانت في طريقها لزيارة أبنائها، وفجأة ظهر أمامها ذئب بشري في سن حفيدها فعل بها الفاحشة. استغاثت وصاحت وذكَّرته أنها في سن جدته ولكنه لم يبالِ وفعل فعلته وسرق ما معها من مال ثم تركها وانصرف.

جريمة قتل وجريمة زنا وجريمة سرقة.. تعرضت لهما أُمَّان حنونان ضحتا بكل غال ونفيس من أجل أسرتيهما ولكن المجتمع عاقبهما لا لجرم ولا لذنب اقترفتاهما. فهكذا أصبح  المحسن يـُجازَى على إحسانه في عالمنا اليوم. وهل تعرفون ما هو السبب. إنها المخدرات!

إنه عدو شرس يهددنا جميعا أيها المسلمون. إن المطلع على ما يجرى في أنفاق عالم السياسة العالمية يعلم جيدا أن الأمة الإسلامية مستهدفة من عدة جهات. وتُستغل المخدرات لإفساد مجتمعاتنا وتحويل شبابنا إلى طاقة غير منتجة.. “غثاء كغثاء السيل”. وإلى شباب ضائع لا يفكر ولا يعمل ولا ينتج. وأجد نفسي في هذا المقام مضطرا لتذكيركم بما أدلت به وسائل إعلام قوى الدجل عند هجومها على بلد إسلامي في السنين المنصرمة. صرحوا أنه لا حاجة لرش البلد بالقنابل والمفجرات ولكن عوض ذلك دعوا الطائرات تمطرهم بملابس خليعة للسيدات. فهدفهم كما لا يخفى عليكم هو نزع لباس الحياء من نساء المسلمين فتذهب ريح الأمة وينطفئ نورها. وللتذكير فإن هذا جانب واحد من مخططهم الذي أعلنوا عنه علنا وما تخفي صدورهم أكبر.

إنها كارثة كبرى، وأخشى أن نتصور أن القضية تتمثل في مجموعة من المهربين يحاولون جمع الملايين على حساب مستقبل الأمة.  أو أننا بصدد الحديث عن مجموعة مصحات نحن بصدد تقويمها لكي تستقبل المدمنين عسى أن يمن الله عليهم بالشفاء. إن المشكلة في واقع الأمر أكبر من هذا بكثير.. إذ ما نعاينه اليوم ما هو إلا مقدمات لكوارث عديدة وبالتالي إذا أردنا أن نجد لها علاجا بحق، يجب أن نفتش وبصدق عن مسببات هذا الوباء.

إن الحل الجذري لهذا الوباء الفتاك يتمثل في البحث الصادق عن الأسباب الحقيقية التي أدت إلى انتشاره السريع. كما لا يخفى على أحد يستحيل تحديد الدواء قبل أن يتم تشخيص الداء.

أصابع الاتهام تُوجه بالدرجة الأولى إلى المؤسسة الدينية التي فشلت فشلا ذريعا في استقطاب الجيل الجديد وتأمين إطار اجتماعي وديني يكفل له السعادة والطمأنينة. ويتساءل المرء حول ما نقول حيث إنه يعرف أنه لدى الأمة العربية الإسلامية آلاف المساجد إلى جانب أحدث الجمعيات كما تعقد الكثير من  الندوات والمؤتمرات وهلم جرًّا مما تتمتع به من صلاحيات وتسهيلات. ولكن الحقيقة التي تغيب عن كثير من الأذهان أن المادة الدينية المتداولة لا تتعدى “نواقض الوضوء” و”عذاب القبر” وتبدو عاجزة أمام مستجدات الوقت المعاصر حيث إنها تستقي أدبياتها ومفاهيمها من علماء عصور الظلمات. وإذا حاورتهم تجدهم متمسكين بأقوال السابقين حتى لو هدمت اللغة والعقل والدين، تمسكا أعمى باجتهادات مرت عليها قرون. إنها كارثة عظمى حيث إن الشباب المعاصر نفر من الدين الذي لم تلمس مفاهيمه العتيقة بناة أفكاره ولم تقدم تحاليله ومفاهيمه منطقا يشفي غليله. فوجد نفسه في غيابات جُبٍّ لا مخرج له منه. ومما زاد الطين بلةً أن فشل المؤسسة الدينية جعله عرضةً لمغريات ومخاطر الزمن فوجد نفسه وجهًا لوجهٍ مع المخدرات التي قدمت له سعادة كاذبة ومهربًا زائفًا من معاناة حياته.

ولا تتوقف الإدانة على المؤسسة الدينية فحسب ولكن الإعلام هو الآخر تُوجه له أصابع الاتهام حيث إنه دمر كثيرا من القيم الأخلاقية وشجع الفاحشة والإغراء والإجرام ولا حاجة هنا للخوض في ما تعرضه كثير من الفضائيات، عربية كانت أم أعجمية. هذا إلى جانب الغزو عن طريق شبكة الإنترنت التي انتشرت انتشار النار في الحطب.. مقاهي ونوادي الإنترنت  تنقل سموم العالم أجمع في لحظات.

بعد كل ما ذكرناه ماذا تنتظرون من شباب يقتله الفراغ الديني والذهني وهو يرى أن كثيرا من الفساق الفجار يرتدون ملابس العباد الزهاد.

ولتفادى هذه الكارثة يجب على الجميع أن يتكاتفوا، وليس الحل مستحيلا فكل ما يحتاجه الشارع الإسلامي هو المصداقية في التعامل. فكل واحد منا يقوم بمهامه على أحسن وجه. فعلى العلماء تبصير المسلمين إلى هذه الكارثة. كما للآباء دور كبير وهام في البيت وللمعلمين والأساتذة دور عظيم في المؤسسة التعليمية. وعلى الإعلاميين تحديد وجهتهم وضبطها حسب ما يرضي الله. ثم الضرب بشدة على أيادي المهربين والمتاجرين. كل هذه النقاط لن تثمر إلا في إطار فهم ديني معاصر يواكب تطور الإنسان فكريا واجتماعيا حيث يلمس الدين حياته فيصبح حقيقة يعيشها ويجني ثمارها لا مجرد سرد اجتهادات ابن فلان أو ابن علان. فأطلقوا عنان عقولكم واتركوها تقطف فواكه جنان القرآن الكريم التي لا تفنى والتي تُؤتي أكلها كل حين بإذن ربها. فانهلوا من عيون القرآن كما نهل من جاءوا قبلكم واقتدوا بهم وغوصوا في معاني كتاب الله ولا تكتفوا بما قيل ودُوِّن. فها نحن من منصة “التقوى” ندعوكم للتحرر من الجمود الفكري والديني. فالعلوم الدينية لجماعتنا متوفرة عبر وسائلها الإعلامية العديدة وفيها خصوصيات وأدوات التفكر الديني الحر الذي يجعلك عاشقا لخالقك عن دراية وقناعة لا مجرد مقلد ووارث لعقائد لم تسأل نفسك يوما عن مصداقيتها ومغزاها..

اللهم أصلح شبابنا واهدهم واستر نساءنا.. وصل اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

Share via
تابعونا على الفايس بوك