سيرة المهدي الجزء 2 الحلقة 2

سيرة المهدي الجزء 2 الحلقة 2

مرزا بشير أحمد

  • المعجزة تتضمن جانبًا من الإخفاء.
  • المبايعين الأوائل.
  • كلمات عطرة تعطر لسان المسيح الموعود.
  • الرؤيا، والتفسير الظاهري والباطني لها.

__

308. بسم الله الرحمن الرحيم. حدثني بير سراج الحق النعماني وقال: سأل بعض الإخوة حضرتَه مرةً: ما حقيقة المقولة الشهيرة أن النبي كانت تظلّه سحابة كل حين وآن؟

أجاب حضرته: ليس ثابتًا أن السحابة كانت تظلّه دومًا، لأنه لو حدث ذلك لما بقي أي كافرٍ كافرًا بل كان سيؤمن به الجميع، إذ من يسعه الإنكار بعد رؤية مثل هذه المعجزة؟ والحقيقة أن المعجزة بحسب سنة الله هي التي تتضمن جانبًا من الإخفاء. ثم قال: إن الظل الدائم مدعاة للأذى، ثم لو كانت سحابة تظله دومًا لما بسط أبو بكر ثوبه ليظل به النبي في الحر الشديد، ولماذا كان أبو بكر أثناء الهجرة يبحث عن  شجرة وارفة الظلال ليستريح النبي تحتها.

أما إذا أظلته سحابة ما في وقت خاص بحكمة من الله تعالى فلا عجب فيه. ولقد حدثت حادثة مماثلة معي أيضا، ثم حكى حضرته تلك الواقعة التي حصلت معه أثناء قدومه من بطاله إلى قاديان.

أقول: لقد ذكرت هذه الواقعة في الجزء الأول من سيرة المهدي.

  1. بسم الله الرحمن الرحيم. حدثني بير سراج الحق النعماني وقال: عند البيعة الأولى في لدهيانه كان حضرة المولوي نور الدين أول المبايعين ثم بايع مير عباس علي وتبِعه الخواجه علي، كما بايع في ذلك اليوم ميان عبد الله السنوري وشيخ حامد علي والمولوي عبد الله من سكان “خوست” وأشخاص آخرون. كنت موجودًا هناك في ذلك اليوم إلا أنني ما بايعت في ذلك اليوم لأنني أبديت رغبتي لحضرته في المبايعة في المسجد المبارك بقاديان وقبل ذلك حضرته، كان المولوي عبد الكريم أيضا موجودًا هناك إلا أنه لم يبايع في ذلك اليوم بل بايع بعد شهور عديدة.

لقد قال لي شيخ يعقوب علي العرفاني خطّيًا: قال الصاحبزاده بير سراج الحق في الرواية رقم 309 أن المولوي عبد الله الذي بايع في اليوم الأول كان من سكان “خوست”، ولكنه ليس صحيحًا. الحقيقة أن قلة قليلة من الناس يعرفون المولوي عبد الله. لم يكن من سكان “خوست”، ولعل الصاحبزاده كتب ذلك سهوا.

المولوي عبد الله هو أول من سمح له المسيح الموعود أن يأخذ البيعة نيابة عنه . كان من سكان “تنغئي” في منطقة “جارسده” في محافظة بيشاور. ولقد نشرت في عدد خاص من جريدة “الحكم” رسالة حضرته إلى المولوي عبد الله وسماحه له بأخذ البيعة.

  1. بسم الله الرحمن الرحيم. حدثني بير سراج الحق النعماني وقال: كانت حالة نوم حضرته عليه السلام كالتالي: كان حضرته يفيق بعد فترة يسيرة مردّدًا بلسانه: سبحان الله، سبحان الله، ثم كان ينام.
  1. بسم الله الرحمن الرحيم. أقول: لقد حدثت بعض الأخطاء في سيرة المهدي الجزء الأول، ولا بد من تصحيحها.
  1. بسم الله الرحمن الرحيم. حدثني “بير سراج الحق النعماني” أنه لما أوشكَ موعد النبوءة المتعلقة بـ “آتهم” على الانتهاء رأت زوجةُ المولوي نور الدين رؤيا بأن أحدًا يقول لها يجب أخذ ألف حبة من “الماش” (يشبه العدس) ويجب قراءة سورة الفيل ألف مرة عليها، ثم يجب إلقاؤها في بئر، والعودةُ منها من دون التفات إلى الوراء. سرد الخليفة الأول هذه الرؤيا للمسيح الموعود أمام المولوي عبد الكريم وقت العصر، فقال المسيح الموعود : ينبغي تحقيق هذه الرؤيا ظاهرًا، إذ كان من عادته أنه إذا رأى هو أو أحد أحبابه رؤيا سعى جاهدًا لتحقيقها ظاهرًا أيضا، وهذا ما فعله المسيح الموعود هنا أيضا. فاقترح المولوي عبد الكريم اسمي واسمَ عبد الله السنوري (للقيام بهذا العمل) على المسيح الموعود، فاستحسن هذا الرأي، وأمرَنا نحن الاثنين بقراءة سورة الفيل ألف مرة على حبات “الماش”. فبدأْنا هذا الوِرد بعد صلاة العشاء وأنهيناه في الساعة الثانية ليلا.

لقد وردت هذه الرواية على لسان ميان عبد الله السنوري في الجزء الأول من سيرة المهدي وكنتُ قد استغربتُ بسماع رواية “ميان عبد الله” وقلتُ: لأي حكمة فعل المسيح الموعود هذا، لأن مثل هذا العمل كان خلافا لعادته عموما، ولكن بعد سماع هذه الرواية من “بير صاحب” قد انحلّ هذا الإشكال، وعلمت أنه قد فعله في الواقع بناءً على رؤيا أراد تحقيقها في الظاهر أيضا، إذ كان من عادته السعي لتحقيق الرؤى في ظاهرها أيضا شريطة ألا يكون تحقيقها الظاهري مخالفًا لحكم من أحكام الشريعة.

وتأويل هذه الرؤيا أن الله تعالى كما حمى الكعبة من هجوم أصحاب الفيل (الذين كانوا نصارى) وهزمهم وأهلكهم بأسباب من عنده تعالى، كذلك سيتمّ الهجوم من قِبل المسيحيين على الإسلام فيما يتعلق بالنبوءة المتعلقة بـ “آتهم”، وسوف تتاح لهم في الظاهر فرصة لإثارة الضجة ضد الإسلام، ولكن الله تعالى سيهيئ من عنده أسبابَ هزيمتهم في نهاية المطاف، وأن على المؤمنين أن يتوكلوا على الله ويستعينوا به وحده بهذا الشأن، وليتذكروا حين كان أهل مكة ضعفاء وحمَل عليهم أبرهة بجنوده، ولكن الله تعالى حماهم.

وأضيفُ أيضا أن هناك بعض الاختلاف في روايتيْ “بير” المحترم و”ميان عبد الله” المحترم، ويبدو أنه راجع إلى نسيان من أحدهما، فمثلا قد ذكر “ميان عبد الله” أنها كانت حبات الحمص لا حبات “الماش”. وأيا كانت هذه الحبات فإن تأويل حبات الماش أو الحمص في علم تعبير الرؤيا هو الهمّ والغمّ، مما كان إشارة إلى التعرض لبعض الغمّ والحزن في قضية “آتهم”، ولكن هذا الهم والغم سوف يُلقى في بئر مظلمة ببركة سورة الفيل في آخر الأمر. والله أعلم.

Share via
تابعونا على الفايس بوك