سيرة المهدي - الجزء 2 الحلقة 22
  • إذا لجأ المعلم في تعليم الطلاب إلى ضربهم دل ذلك على عدم كفاءته هو
  • دعا المسيح الموعود عليه السلام أن ينشأ لدى الجماعة حب الدعاء
  • كان المسيح الموعود عليه السلام يعمل حتى في الحر الشديد

__

نفور حضرته من ضرب الأطفال  في التعليم.

398 – بسم الله الرحمن الرحيم. حدثني المولوي شير علي أن المسيح الموعود كان يعارض جدًّا فكرة ضرب الأطفال ومعاقبتهم. وإذا عرف أن أحد المعلمين ضرب طالبًا في مدرسة تعليم الإسلام سخط عليه كثيرًا، وكان يقول: إذا لجأ المعلم في تعليم الطلاب إلى ضربهم دل ذلك على عدم كفاءته هو. وكان حضرته يقول: يريد المعلم الجاهل والفاشل أن يدرك بالضرب والعقاب ما يدركه المعلم الحكيم بالحكمة. ضرب مرة أحد  المعلمين طالبًا في المدرسة الأحمدية، فأثار هذا الأمر غضب حضرته، حتى انه قال بصرامة: إذا تكرر الأمر فسنفصل هذا المعلم عن المدرسة. مع أن المعلم المذكور كان مخلصًا جدًّا في الأمور الأخرى وكان حضرته يحبّه.

كان حضرته يقول أحيانًا: إن المعلمين يضربون الطلاب عمومًا مدفوعين بثورة غضبهم.

أقول: ضرب الطلاب ممنوع منعًا باتًّا وفق ما جاء في اللائحة التنظيمية الحكومية للتعليم، ولم يعط هذا الحق إلا لمدير المدرسة أن يعاقب معاقبة بدنية مناسبة عند الحاجة القصوى لذلك.

وأضيف: لا يعني قول حضرته بعدم معاقبة الأطفال، أن المعاقبة البدنية غير جائزة نهائيًا، ولا تجوز بحال من الأحوال، بل كان الهدف منه وضع الحد بشكل صارم دون بعض الأساتذة الذين كانوا لا يتورعون عن إيقاع العقوبة البدنية على أتفه الأمور، كما كان الهدف ألا يسمح بها إلا في ظروف خاصة وبمراعاة شروط خاصة، وإلا فالشريعة أيضا أكّدت على العقوبات الجسدية في قسم التعزيرات، وإن المسيح الموعود بنفسه عاقب الأطفال عقوبة بدنية، ولكن ما كرهه المسيح الموعود هو ضربهم تحت تأثير الغضب، أو على كل صغيرة وكبيرة مرة بعد أخرى، أو ضربهم ضربًا شديدًا جدًّا وغير ذلك، ولكن للأسف! لقد رأيت بأم عيني أن معظم الأساتذة يعاقبون مندفعين بثورة الغضب سواء أشعروا بذلك أم لا، يعني تتولد في الأساتذة حالة من الغضب الشديد حالَ صدور أي تقصير أو خطأ من الطفل ويعاقبون مدفوعين بهذه الحالة، ويتلاشى بذلك الاهتمام بإصلاحهم، ويتخذون ضربهم ذريعة لانتقامهم ولإفراغ شحنة غضبهم. وهذا الأمر يضرّ أكثر مما ينفع. ولعل الأصل المناسب لإصلاح هذا العيب ألا يلجأ أي من الأساتذة إلى العقاب، بل إذا شعر بضرورة معاقبة أحد الطلاب فليرسله إلى مدير المدرسة، ثم إذا رأى المدير مناسبًا معاقبته فعل، وإلا فلا. فبالإضافة إلى كون مدير المدرسة عمومًا أكثر حنكةً وخبرةً وأجدرهم وأفهمهم لن تكون بينه وبين الطالب أية ضغينة شخصية، لذلك فإن عقوبته ستكون بغية الإصلاح فحسب، ولن تُخلِّف آثارًا سلبية ضارة. أما إذا قرر مدير المدرسة بنفسه معاقبة أحد الطلاب (دون أن يكون مرسلا من أي من الأساتذة) فأرى أن يكون هناك شرط يتقيد به وهو أن تكون هناك فترة معقولة بين إصداره قراره بالعقوبة وبين إيقاعها بحقه، وذلك لأنه إذا كان قرار العقاب نابعًا عن ضغينة خفية غير ملحوظة أو تحت تأثير الغضب أو الغيظ فيغير قراره خلال تلك الفترة بعد أن يسكت عنه الغضب. والله أعلم.

عن ضرورة الاهتمام بالدعاء

399- بسم الله الرحمن الرحيم. حدثني المولوي شير علي أن المسيح الموعود كان يقول: يلتمس أحيانًا طلاب من جماعتنا الدعاء لنجاحهم في الامتحانات، فمع أنه أمر عادي، إلا أنني أدعو لهم بكل تركيز أن ينشأ لديهم حب الدعاء ويهتموا به.

عن عكوف حضرته على التأليف حتى في أقسى الظروف

400- بسم الله الرحمن الرحيم. حدثني الدكتور مير محمد إسماعيل أنه قد أقبل بعض الإخوة إلى المسيح الموعود في ظهيرة يوم شديد القيظ، وكان في غرفته عاكفا على تأليف الكتب، ولم تكن فيها ثمة أية مروحة، فاقترح أحدهم تركيب مروحة هناك ليرتاح حضرته قليلا فقال: ستكون النتيجة أن المرء ينعس وينام ولن يستطيع إنجاز أي عمل. إننا نريد أن نعمل حتى في مكان يتصبب فيه الناس عرقا من شدة الحر. ولقد سمعت هذا الكلام من الذين كانوا موجودين في مجلس حضرته في ذلك الوقت.

أقول: كانت في المسيح الموعود هذه المزية، إذ كان يستطيع أن يقوم بأعمال التأليف حتى في الحر الشديد وبدون حاجة إلى أية مروحة، مع أن من الصعب جدًّا في هذا الوضع مواصلة تأليف الكتب. أما من يتعرقون كثيرًا في الحر تتحول أعمال التأليف بالنسبة إليهم في الحرّ إلى معاناة ولا سيما إن لم تكن هناك أية مروحة. وأعاني شخصيا من هذه الحالة نفسها.

إضافة إلى ذلك، هناك حقيقة أخرى، وإن ظنها بعض الجهال وهمًا، مفادها أنه كان فضل خاصٌّ من الله في عصر المسيح الموعود ، إذ كلما اشتد الحر لبعض الأيام نزلت الأمطار ملطفة الجو. ولقد عبّر لي كثير من الإخوة المتفهّمين عن هذا الأمر، ولا أرى أن رأي عدد لا بأس به من العقلاء والمتفهمين مبني في هذا الصدد على الوَهْمِ كما يستبعد العقل اتفاقهم على الكذب. وإنه مما لا يخالف أصول علم الجغرافيا، إذ ثبت من الملاحظة  أن وقت هطول الأمطار وهبوب الرياح الباردة يتغير بتأثير بعض العوامل، ولا تستقر هذه الأمور، بحيث تحدث سنويًا على نمطٍ واحد. فليس عجيبًا لو تهيأت في زمن المسيح الموعود بمشيئة الله تعالى أسباب أدت إلى هطول الأمطار وهبوب الرياح الباردة عمومًا.

Share via
تابعونا على الفايس بوك