ردود خاصة

ردود خاصة

التقوى منكم وإليكم

الصديق أ. ج. (المغرب) أهدى أسرة المجلة كتابا قيما تحت عنوان المستظرف.

–  شكرا جزيلا وبارك الله فيك على حرصك الشديد من أجل تحسين مستوى المجلة. نعدك أننا ستتنشر مقتبسات من هذا الكتاب القيم في الأعداد المقبلة إن شاء الله.

*الصديق بالو باني (ساحل العاج) خريج أحد المعاهد العربية ببلده، أبدى إعجابه بمواضيع التقوى التي استفاد منها كثيرا خلال دراسته للغة الضاد.

-إن الفرحة تغمر قلوب أسرة التقوى عند سماع مثل هذه الأخبار. فرسالة المجلة ليست التعريف بمعتقدات الجماعة فحسب ولكن عرض ومعالجة قضايا مختلفة تشغل الرأي العام في بقاع مختلفة ومد يد المساعدة للباحثين عن الحق.

*الصديق ت.د (الأردن) صادف مشاكل تقنية خلال طباعة التقوى من الشبكة العالمية (الإنترنت).

-من ضمن التسهيلات التي يوفرها برنامج متصفح الإنترنت هي أن تطبع صفحات أي موقع إلكتروني مباشرة. ولكن إذا صادفتك بعض الصعوبات خلال طباعة التقوى كما ذكرت فننصحك بنقل النص من الشبكة وإلصاقه في ملف برنامج صف النصوص واطبعه من هنالك.

*الصديق م .ع .م (تونس) اقترح تخصيص بعض المقالات على صفحات التقوى نعرف من خلالها بالحاسوب الإلكتروني (الكمبيوتر) وشبكة المعلومات الدولية (الإنترنت) لأننا نستطيع في المستقبل القريب الاستغناء عن هذه المعدات الإلكترونية. خصوصًا أن التقارير تشير إلى أن المؤسسات التعليمية والشركات وحتى المنازل ستوصل بشبكة الإنترنت كي يتمكن المرء عبرها ليس من التعلم فحسب وإرسال رسائل إلكترونية بل شراء حاجياته من أكل وملابس إلخ عن طريقها.

-فكرة جميلة وبادرة طيبة وندعو الله أن يوفقنا كي نكون عند حسن ظنك. لقد اتصلت أسرة التقوى بأحد الإخوة المسلمين الأحمديين المخلصين وهو مهندس إلكتروني وبلغته رسالتك. وبفضل الله أخبرنا أنه شرع في الكتابة حول هذا الموضوع. وكي لا نتقيد بأي موعد لا نستطيع أن نعدك بتاريخ ابتداء نشره.

 

البيت الدمشقي

تراث عربي إسلامي هام

 

دمشق أم المدن… توالت عليها حضارات وحضارات، وتركت عليها جميعها بصمات، الأمر الذي جعلها خارطة عريقة ونادرة للمسات الدهر المتعاقبة. ومن أبرز ما فيها البيت الدمشقي الموروث عن العهود العربية الإسلامية التي توالت بعد بعثة رائد المحبة سيدنا محمد المصطفى .

ودمشق اليوم قديمة وحديثة، والبيت الدمشقي المذكور نجد معالمه في إطار حدود دمشق القديمة التي تسعي قيادة قطرنا المحافظة على معالمها وإبراز مفاتنها، حيث أعمل رئيسة لدائرة التوثيق في اللجنة المكلفة بالمهمة المشار إليها.

دمشق القديمة التي أتعامل معها يميزها شيء واحد يعطيها أكثر رونقها وجمالها وبهاءها! الذي طالما تغنى به كل من زارها… إنه الطابع الإسلامي الذي تتجلى معالمه في طراز عمارتها…ومنذ فتح البطلين العربين المعروفين خالد بن الوليد وعبيده بن الجراح رضي الله عنهما دمشق قام الأمويون على تزيينها بالجامع الكبير المعروف بالجامع الأموي، الذي تشتهر به دمشق حتى انحسار ظل العثمانيين عنها وحتى يومنا هذا، فمنذ ذاك التاريخ الفارق في القدم وطابع التعاليم الإسلامية يلاحظ أنها تركت بصماتها في كل حجر من أحجارها.

ومن أجمل هذه البصمات كما ذكرت البيت الدمشقي! الذي حقق من المواصفات ما عجز عن جمعه كبار المهندسين في مكان واحد…

فقد جاء البيت الدمشقي يحقق قبل كل شيء داعي حياة الحشمة والحجاب الذي فرضته تعاليم الإسلام على المرأة المسلمة مهما كان لونها أو عرقها أو نسبها…

جاء يحققها دون أن يحرم المرأة من التعايش مع الشمس وضياءها والهواء ونقائه والطبيعة ومفاتنها.

إن البيت الدمشقي شيد عمومًا بمراعاة زاوية قدرها عشرون درجة منحرفة نحو الغرب بحيث يصبح (قبليًا) لا يُحرم ما بداخلها من أشعة الشمس الجنوبية. وبهذا يتحاشى الرياح الشمالية والغربية العاصفة.

وتلتصق البيوت الدمشقية ببعضها وتتداخل فلا يصل بينها إلا أزقة ضيقة الأمر الذي يعطي دمشق القديمة طابع التلاحم الذي يساعد على صد تيارات الرياح التي تعصف عليها شتاءً، عدا طابع التمسك والوحدة.

وكل مسكن ينفتح على فناء داخلي يسمونه الصحن ويكون كبير المساحة عمومًا. الأمر الذي يجعل المسكن أكثر تكيفًا مع ظروف المناخ، ذلك أن مستوى حرارة صحن الدار لا تتأثر على هذه الصورة بتيارات الجو الخارجية. لذلك فإن الفرق الحراري فيها يظل ضئيلاً بسبب أن غرف المسكن تحيط بهذا الصحن وتنفتح عليه. الأمر الذي يساعد أيضًا هذه الغرف على الاحتفاظ بحرارتها دون التأثر بتقلبات الطقس الخارجية. وعدا ذلك فإن الصحن يسمح بظلال على امتداد النهار، كما أنه يحتفظ بهواء نظيف غير ملوث. ويتوسط هذه الصحن عمومًا بركة ماء كبيرة متدفقة المياه وذات نوافير على أشكال مختلفة.

وتحيط بهذا الصحن أحواض ترابية تزهو بالأشجار المتحدة المغروسة فيها ما بين نارنج وليمون وبرتقال إلى جانب الأزهار بمختلف أنواعها، كالورد والياسمين والريحان والفل وما شابه ذلك مما يعطر جو البيت الدمشقي بشكل ملحوظ. وصحن الدار بما فيه وعلى هذه الصورة يجلب للمسكن ومن فيه شعورًا بالهدوء والأمان بصورة يستحيل على أي عنصر معماري آخر تحقيقه. لا أقول هذا على أسلوب الشعراء، ولا من قبيل الوهم، ولا أكتب برمزية مفتعلة، لكنها حقيقة يحس بها لأول وهلة كل من يدخل البيت الدمشقي القديم.

ويتألف المسكن الدمشقي عامة من طابقين، الطابق الأول أو الأرضي (كما يسمونه) وهو القسم الصيفي من البناء ملجأ ساكنيه في فصل الصيف. ويتميز فيه الإيوان والقاعة الكبرى وهي قاعة مفتوحة الواجهة على صحن المسكن بشكل تام وهذا الانفتاح يكون باتجاه الشمال على الدوام أي يكون ظهر الإيوان لاتجاه الشمس ويركن إلى الإيوان هذا أهل المسكن صيفًا، ويستقبلون فيه ضيوفهم من حرارة الشمس ومتمتعين بمناظر البِركة ونوافيرها والأشجار المثمرة والأزهار والرياحين المحيطة بالصحن والمواجهة للإيوان مواجهة الملعب أمام المتفرجين، مع استنشاق الهواء النظيف المعتدل وعطور الأزهار.

ويبلغ سقف الإيوان والقاعة الكبرى هذه ضعف ارتفاع مستوى الغرف الأخرى، الأمر الذي يساعد على احتفاظ الإيوان بنقاوة الهواء ولطافته المستمرتين، هذا في فصل الصيف.

أما في فصل الشتاء، ورغم أن برد الشام لا يتميز بالقساوة، فإن أهل البيت يمضون أكثر أوقاتهم في الطابق العلوي منه. يقضون أشهر الشتاء الأربعة في غرف دافئة مبنية من الطين والخشب والآجر، وجدران سميكة يتجاوز سمك الحائط نصف متر تقريبًا مما يجعل هذه الجدران تحتفظ بحرارة الشمس وذات نوافذ كثيرة مطلة على صحن الدار.

ويلاحظ أن المعمار الدمشقي كان جُل اهتمامه استعمال المياه كوسيلة لتنظيف الجو الجاف داخل البيوت، حتى وداخل الغرف أيضًا. إذ يلاحظ وضع بِركة كبيرة في صحن الدار، وفستقية، وهي بركة ماء صغيرة داخل القاعة الكبرى.

والسلسبيل وهو لوح مرمري مزين بشقوق رخامية مجزعة قائم على الجدار في القاعة ويسيل الماء من أعلاه وعلى صفحته والسلسبيل محاط بإطار وقاعدة مزخرفتين.

واشتهر المواطن الدمشقي على الدوام بالاعتناء بالنباتات التي يُملأ بها البيت الدمشقي فأغنى بيته بالأشجار المثمرة والأزهار من كل صنف. واشتهرت النساء الدمشقيات بحبهن للياسمين والورد الجوري والفل ذات الرائحة الزكية المشهورة وكانت النساء الدمشقيات في كل العصور يتباهين بجموعاتهن من هذه الأشجار والأزهار.

والأسف أن يمتد تأثير الاستعمار الغربي أو ما اصطلح على تسميته رسول الله المسيح الدجال، أن يمتد تأثيره في العالمين العربي والإسلامي على هذا الفن المعماري القائم على نظرة الحشمة والحجاب وتأمين العناصر الطبيعية الضرورية، فأخذت شمس البيت الدمشقي بالغروب لتحل محلها الأبنية ذات الطابع الغربي المعروف ولتمثل عصر الانحطاط والتراجع عن القيم في كل مكان.

ابتدأ هذا الأفول في حياة البيت الدمشقي منذ أن وطأت أرجل الاستعمار الفرنسي أرض قطرنا العربي السوري أو حسب اصطلاح سيدنا المصطفى منذ أن وصلت طلائع المسيح الدجال إلى أرض الشام وتبعا للقاعدة المعروفة من أن كل شيء يؤثر ويتأثر فقد أخذ يترك الطراز الأوروبي أثره السام رويدًا رويدًا على كل شيء داخل الدور السكينة. وأخذ المسؤولون في كل مكان يشعرون بهذا على حسب ظني وتقديري.

لقد كانت من آثار الطابع المعماري الاستعماري أن نسيت المرأة حشمتها واستقلاليتها وميزات تراثها المعماري الأصيل. وانفتحت الدور على الشوارع بضجيجها وأوساخها، وفقدت فسحاتها الداخلية، كما فقدت ماءها الجاري وخضرتها واستقلالها حتى عاد المسكن الدمشقي ما بعد عصر الاستعمار مغلقًا وجافًا يملأ أنحاءه ضجيج الشوارع وهواءها الملوّث بالغبار ودخان الحافلات والمصانع وغيرها. وخسرت المرأة حشمتها إلى جانب تعايشها مع عناصر الطبيعة الأخاذة التي تمنحها القوة والنشاط والصحة على تأدية واجباتها كصانعة للأبطال والرجال ومربية للأجيال. كما خسر الرجل معها صفاء حياته السابقة وربة داره الذي منحه إياها التراث العربي الإسلامي الرفيع، وخسر الاثنان جنتهما الصغيرة التي ذكرناها.

وكم تتوق نفس من يعايش دمشق القديمة ومساكنها إلى أن تعود حياتها من جديد وأن تسعد النفس المؤمنة بتلك الجنة المفقودة من جديد.

وليعلم كل زائر لدمشق الخالدة أنه إذا لم يدخل منزلاً دمشقيًا قديمًا واحدًا على الأقل، فلا يكون قد عرف من دمشق إلا ظواهرها وقشور أسوارها. إن كل بيت دمشقي وفي حدود دمشق القديمة، يستصرخ كل زائر لدمشق أن يمّن عليه بزيارته ليطلع على حضارة مفقودة هي عصارة تراث عربي إسلامي أصيل.

مساهمة الأخت لبنى أمة الخبير الجابي

(سوريا)

Share via
تابعونا على الفايس بوك