عن صفة مجلس النبيين، والتباس الأمر على البعض في التمييز بين المسيح الموعود وصحابته
401- بسم الله الرحمن الرحيم. حدثني الدكتور مير محمد إسماعيل أنه لما ذهب المسيح الموعود لرؤية جبّة «بابا نانك»، جلس هناك في فيء شجرة مع أصحابه على ثوب مبسوط، كان المولوي محمد أحسن الأمروهوي أيضا مع حضرته. لما سمع القرويون عن قدوم حضرته أخذوا يجتمعون هناك فحدث أن بعضهم الذين جاؤوا أولا صافحوا الصحابي سيد محمد أحسن ظنًا منهم أنه هو المسيح الموعود وجلسوا جانبًا. وبعد أن صافحه ثلاثة أو أربعة منهم شعر الجميع أن هؤلاء أخطأوا في التعرف على شخصية المسيح الموعود ، فقام المولوي سيد محمد أحسن وأخذ يشير إلى المسيح الموعود لكل من تقدّم لمصافحته.
أقول: لقد التبس الأمر على بعض الناس في مجلس النبي أيضا على النحو نفسه، والسبب في ذلك أن مجلس الأنبياء يكون بسيطًا ومنـزّها عن جميع أنواع التكلف، يجلس فيه الجميع متآلفين برابط المحبة دون أن يكون للنبي أية علامة تميزه عن الآخرين، فلا توضع له مصطبة أو متكأٌ وغيره، وهكذا يجعل الأمر ملتبسا على الغرباء للوهلة الأولى، وإن كان ذلك مؤقتًا.
تأثر مجلس المسيح الموعود بحالة حضرته القلبية من البشاشة والسرور
402- بسم الله الرحمن الرحيم. حدثني الدكتور مير محمد إسماعيل أن المولوي عبد الكريم كان جالسًا مع بعض الأحباب على سطح المسجد المبارك حيث قال: ثَمَّة فرق واضح بين مجلس المسيح الموعود ومجلس حضرة المولوي نور الدين، وهو أن مجلس حضرته كان يتميز بالسرور والبشاشة دومًا، مهما كان الإنسان يعاني من الهموم إلا أنها كانت تزول فور وصوله إلى مجلس حضرته، وعلى عكس ذلك، تنتاب القلب حالة من الغم والألم في مجلس المولوي نور الدين (1).
أقول: تتصاعد من القلوب البشرية تيارات كثيرة تتأثر بها الأشياء الموجودة حولها، وتتصبغ هذه التيارات بصبغة المشاعر والأحاسيس التي تغلب قلب الإنسان. وبما أن الأنبياء يأتون في العالم برسالة الأمل والمسرة والبشاشة والنشاط، ولا تقربهم أفكار اليأس والقنوط وغيره وكانت قلوبهم مهبطًا لأفضال الله وبركاته ورحمته الخاصة لذلك فإن مجلسهم وصحبتهم تتسم بهذه المزيَّة الفريدة، فالجالسون بقربهم يشعرون بالمشاعر والأحاسيس نفسها التي تحملها هذه التيارات اللطيفة المتصاعدة من قلوبهم. وهناك بعض الناس تغلب قلوبهم مخافة الله وخشيته ويساورهم الخوف من غضب الله، فالجلوس في مجلسهم يجلب أفكار الغم والألم بشكل خفي. باختصار، هذا التأثير في المجلس نتيجة للحالة القلبية لصاحبه. والله أعلم.
وأضيف: كان هذا التأثير لصحبة المسيح الموعود بارزًا جدًّا بحيث كان القلب يفيض بأفكار المسرة والأمل والاستغناء، ويبدو وكأن العالم كله أصبح لنا وتتضاءل أمامنا جميع قواه.
المرء على دين خليله
403- بسم الله الرحمن الرحيم. كان الخليفة الأول يقول: جاءني أحد الطلاب الدارسين في الكلية وقال لي: لقد بدأت تتولد في قلبي وساوس إلحادية منذ فترة، أقاومها كثيرًا إلا أنها لا تتركني.
كان المولوي نور الدين يقول: قدمت إليه نصيحة مناسبة، ثم طلبت إليه أن يطلعني باستمرار على حالته، فأخبرني أنه لم يبرأ من وساوسه هذه بعد، بل أخذت هذه الوساوس تتزايد وتكثر. فلما جاء إلى قاديان جئت به إلى حضرته فسمع منه عن ظروفه ثم قال: عليك أن تغيّر مجلسك في صفك في الكلية. فلما جاء ثانية إلى قاديان بعد فترة قال: لقد زالت وساوسي تلقائيا، ثم قال: علمت السبب، وهو أن زميلي الذي كنت أجلس بجواره كان ملحدًا.
أقول: يصدر من قلب الإنسان بشكل خفي تيارٌ من أفكاره، وهو يؤثر في الجالسين حوله. يبدو أن هذا الطالب كان ضعيف الطبع إذ رغم إيمانه بالله تعالى تأثر قلبه بالتيار الخفي الصادر من قلب جليسه، وبما أن حضرته قد أدرك بفراسته أن هذا تأثير جلوسه بجوار ملحدٍ ما، لذلك نصحه بتغيير مجلسه، فكانت هذه النصيحة ناجعة وأدت إلى إصلاحه. التنويم الإيحائي الذي يسمّى بالإنجليزية Hypnotism عبارة عن نتيجة لمثل هذا التيار القلبي، والفرق بينهما هو أن الذي يلقي تركيزه في التنويم الإيحائي إنما يفعل ذلك عن إرادة وقصد ووعي بعد تحديد مركز له، أما الحالة المذكورة في الرواية فتحدث نتيجة تأتير التيار القلبي الذي يتصاعد من قلب كل شخص، لذلك إن هذا التيار يكون أضعف أثرًا وأبطأ تأثيرًأ من التنويم الإيحائي.
*علمًا أن هذا الحديث قد جرى في حياة المسيح الموعود حيث كان الصحابة يحضرون مجلس المسيح الموعود ودروس القرآن للمولوي نور الدين أيضا. لقد توفي المولوي عبد الكريم في حياة المسيح الموعود ولم يُدرك عصر الخليفة الأول . (المترجم)
عن مصافحة النسوة الأجنبيات
404- بسم الله الرحمن الرحيم. حدثني المولوي شير علي أن الدكتور محمد إسماعيل خان قال للمسيح الموعود u مرة: تعمل معي في العيادة سيدة إنجليزية. هي امرأة متقدمة في السن وتصافحي أحيانًا، فما حكم الشريعة في ذلك؟ قال حضرته: لا يجوز ذلك، ينبغي أن تعتذر من المصافحة وتقول لها أنها لا تجوز في ديانتنا.
كلما أصدر حضرته أمرا أو نهيا كان أول الملتزمين به
405- بسم الله الرحمن الرحيم. حدثني المولوي شير علي عن المولوي سيد سرور شاه أنه حدث مرة أن جزّاري قاديان قاموا ببعض الأعمال الشريرة فأمر حضرته بالامتناع عن شراء اللحم منهم. استمرّ ذلك لعدة أيام وظل الناس يأكلون العدس وغيره. ذكرتُ (أي المولوي سرور شاه) في هذه الأيام لحضرته: لدي معز أقدّمه لحضرتكم لتنحروه وتأكلوا لحمه. قال حضرته: لا يروق لي أن يُطبخ اللحم في بيتنا بينما يقتات أصحابنا على العدس.
أقول: هذا لا يعني أن حضرته كان يتبنّى موقف توحد طريق العيش وأسلوب الحياة بين كل المؤمنين، بأن يُطبخ الطعام نفسه في بيوتهم جميعًا، بل يعني ذلك أن أخلاقه لم تقبل -في وقت مُنع فيه الجميع شراء اللحم- أن يدبّر حضرته لنفسه ما يشتهي من اللحم بينما يظل الآخرون يأكلون العدس رغم مقدرتهم على شراء اللحم ولم يمتنعوا عن شرائه إلا بسبب منعه إياهم، وفي الظروف العادية لكل أن يختار للأكل في بيته بحسب مقدرته وسعته مراعيًا الاعتدال.
عادة حضرته فيما يتعلق بغض البصر
406- بسم الله الرحمن الرحيم. حدثني المولوي شير علي قال: كان المولوي عبد الكريم يقول: أقيم في الطابق العلوي من بيت حضرته وسمعت مرارًا نساء البيت يتحدثن فيما بينهن قائلات: ليس لحضرته عينان، إذ لا يعلم إطلاقًا بمرور إحداهن من أمامه. ويقلن ذلك عندما كانت إحداهن لدى مرورها من أمام حضرته تهتم بتسوية حجابها وترتيبه، وقصدهن من هذا القول بأن حضرته يرخي جفنيه دومًا بحيث تظل عيناه شبه مطبقتين، وهكذا يظل حضرته مستغرقًا في عمله فلم تكن نسوة البيت ترين حاجة خاصة إلى الاهتمام بالحجاب لدى الذهاب أمامه.
وأضاف المولوي شير علي هكذا كانت عادة حضرته أثناء جلوسه بين الرجال أيضا خارج البيت، فكانت عيناه شبه مغمضتين ولم يكن يعتاد على التلفت والنظر إلى هنا وهناك. وكثيرا ما كان يحدث أثناء تنـزّهه أنه كان يذكر أحد الإخوة بصيغة الغائب في حين أنه كان ماشيًا معه، ثم بعد إخبار أحد كان ينتبه حضرته إلى أن هذا الشخص يرافقه.