بين التاريخ والتأريخ حقائق ومغالطات!!

بين التاريخ والتأريخ حقائق ومغالطات!!

التحرير

التاريخ الإنساني حافل بالمعطيات والمراجع التي تشخص للبشرية ملامح ماض بعيد أو نمطا من أنماط الحضارات أو شخصية من الشخصيات أو حدثًا من الأحداث والوقائع. وثمة سؤال يطرحه كل باحث في هذا الميدان وهو ينقب عن الحقيقة بين كم كبير من الكتب والمراجع والدراسات والآراء، متسائلا عن مدى وثوق كل ما يرد في مختلف هذه المراجع والتحليلات التاريخية على اختلافها وتناقضها، ليصل به فكره إلى تخمين في إشكاليات التأريخ  ومدى أمانة المؤرخين ونزاهتهم في عملية التأريخ والتدوين؟؟

لقد ساهمت عملية التأريخ بحق في إغناء الحقل المعرفي في جزئيات تفصيلية أفادت الثقافة الإنسانية عبر أجيال وهي بمثابة شاهد على عصر أو حقبة زمنية متباعدة تناساها الزمن وأسدل عليها غبار الدهر، ولكن هل يمكننا أن نصدق كل ما خطته أقلام المؤرخين وأشباههم؟؟ وهل هم على شاكلة واحدة من حيث رجاحة الرأي والتقوى في نقل وتحليل مجريات زمانهم؟ أم علينا أن نضع في حسباننا ونصب أعيننا بالبداهة أن التاريخ لم يُكتب كله بأياد أمينة تقية بل خطته أياد تحت تأثيرات وميولات ومصالح ومواقف!!

إن غياب وازع الأمانة والنزاهة في فكر الإنسان وأخلاقياته جر على الفرد والمجتمع أضرارًا بالغة سرى مفعولها عبر الزمن ليتوارثها الخلف من السلف وكم هي دلائل شواهد التاريخ شاخصة بهذه الحقيقة الأكيدة عندما نلقي على سبيل المثال نظرة فاحصة على تاريخ الأديان السماوية قبل الإسلام، ما بين أصولها التوحيدية التي كانت عليها وما آلت إليه فيما بعد، حيث خالطها الشرك والخرافة والجهالة نتيجة انعدام وازع الأمانة في نخب رجال الدين الذين كانوا بدورهم يحرفون الكلم عن بعض مواضعه أملا في تحصيل غايات ومآرب ومطامع تتنافى وقدسية معاني الإيمان. وَمِمَّا يثير الدهشة أكثر في هذا السلوك المشين ويُصوّر فظاعة انعدام  الحس الأمين حتى تجاه أقدس المقدسات هو ما قامت به تلك الأيدي الكهنوتية الآثمة على مدى التاريخ بأقدس مقدساتها في نصوص مقدسة هي أغلى ما منحه الله لأنبيائه الأمناء على العهد فخلف من بعدهم خلف لبسوا المسوح الدينية وتربعوا على عروش الأديرة والكنائس يلبسون الحق بالباطل ويكتمون الحق وأنبائه على الناس زاعمين أنهم يهدونهم سبيل الرشاد بينما هم في الحقيقة قد أوردوهم مورد التهلكة بمسالك الظلال تلك فبدلوا مقاصد الدين عندما أخرجوا الناس من عبادة رب العباد إلى عبادة العباد! لكن إرادة الله تشاء أن يظهر الحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق حينما أُنزل القران الكريم … الكتاب الكامل، على المصطفى … الإنسان الكامل، وجعله حجة على العالمين وموردًا لطلاب الحق والفصل المبين الى يوم الدين، فكانت آياته حصنًا حصينًا وذكرًا محفوظًا بعناية الرحمان وآية إعجازية تتبين دلالاتها على مدى الزمان بما احتوته من تعاليم جامعة شاملة وعلوم ومعارف حقة تترسخ وتتأكد لكل باحث نزيه في شتى موضوعات الحياة ومفرداتها، فرسالة القرآن الكريم هي أعظم ثورة تصحيحية للفكر الإنساني الذي خالطت سجلاته التاريخية والتأريخية مغالطات الأيادي غير الأمينة والاجتهادات غير الدقيقة. ومن هنا تكمن حاجة البشرية إلى القرآن كمصدر أمين منزه من الشك، متكامل من كل النواحي الروحية والمادية والفكرية، وهذا ما أثبته القرآن دائمًا. بشهادة واعتراف العدو والصديق على حد السواء! صحيح أن القرآن الكريم ليس كتاب تاريخ أو فلسفة أو فلك لكنه مع كونه كتاب تشريع إلهي شمل موضوعات كونية وعلمية وغيبية بشكل إعجازي لم يسع المنصفين إلا أن انحنوا له إجلالاٍ وإقرارا بحقائقه التي لم يكن للفكر البشري له من سبيل أن يسبر أغوارها قبل ما يزيد على أربعة عشر قرنًا بين قوم غلبت عليهم سمة الأمية والقبلية والبداوة!! وسيزداد إشعاع هذا الكتاب المبين المنزل على قلب الرسول الأمين ليكون مرجعًا للعالمين وقبلةً للباحثين على مدى الزمان ولكل حق ويقين.

نعم أيها القارئ الكريم بين التاريخ والتأريخ حقائق ومغالطات ومهما كان حبل المغالطين ممتدًا لحاجة في أنفسهم ابتغاء تأويل الحقيقة بالافتراء، فإن مقص الزمان كفيل ببتر حبل المفترين وفضح أعمدة الدجل، لتسطع شمس الحقيقة بزهوٍّ في كبد السماء، فها هي كتابات وافتراءات القساوسة المستشرقين التي تطعن في الدين الحنيف وسيرة خير المرسلين تمويها وتضليلاً، لم تفلح رغم زخمها وتنوعها في حجب جمال الإسلام وصفات رسوله الكريم أمام ملايين البشر الذين أبهرتهم شمس محمد فصاروا ناصرين لدينه ولدعوته؟؟ وها هم بعض من يسمون أنفسهم أدعياء الاسلام من مشايخ وهيئات ومجامع ريالات البترول لم تفلح في إيقاف زحف هذه الدعوة التحديدية المباركة في الإسلام “الأحمدية “وهي تغطي الأرض بجمع إيماني روحاني عظيم آمن بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيًّا وبالإمام المهدي خادمًا موعودًا لرسالته وجامعًا لشمل أمته التي مزقها المشايخ فصارت شيعًا كل حزب بما لديهم فرحون! جعلنا الله وإياكم من الصادقين وأعاذنا من المفترين وجعل لساننا  وأقلامنا نبراسًا للحق أمناء على العهد والوعد حتى نؤرخ بصدق للأجيال القادمة تاريخنا ومسيرتنا الإيمانية المجيدة  .

Share via
تابعونا على الفايس بوك