أدعية الأنبياء وخلفياتها
التاريخ: 1991-04-26

أدعية الأنبياء وخلفياتها

حضرة مرزا طاهر أحمد (رحمه الله)

حضرة مرزا طاهر أحمد (رحمه الله)

الخليفة الرابع للمسيح الموعود (عليه السلام)

مقتبس من خطبة جمعة ألقاها حضرة ميرزا طاهر أحمد (أيده الله)

الخليفة الرابع لحضرة الإمام المهدي والمسيح الموعود

بمسجد الفضل، لندن بتاريخ 26، 4، 1991.

ترجمة: الحاج محمد حلمي الشافعي

“تنشر أسرة التقوى ترجمة هذه الخطبة على مسئوليتها”

أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد فأعوذ بالله من الشيطان الرجيم. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ * إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ * اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ آمين ..

دوًّن القرآن الكريم دعاء سيدنا نوح حيث قال الله تعالى:

وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (هود: 42).

هذا دعاءٌ من تعليم الله تعالى لسيدنا نوح. قال له: اصْعَدوا إلى هذه السفينة، واستمروا في تلاوة هذا الدعاء من وحي الله تعالى باسم الله… باسم هذا الموجود القدوس نشرع في رحلتنا هذه باسم الله يكون طريقها. فربي، لا ريب، دائم المغفرة، ذو مغفرة واسعة.

هذا دعاء إلهامي، وفي كل رحلة في البحر أو النهر.. يقرأ المسلم المدرك لمعنى هذه الآية هذا الدعاء، ويجب علينا معشر الأحمديين جميعًا تلاوة هذا الدعاء. كل شخص في قاديان كان يعرف هذا الدعاء جيدًا، حتى الأطفال كانوا يعرفونه، ولكن الأجيال الحالية صارت تجهله بعض الشيء، ولهذا السبب أقرأ عليكم هذه الدعوات وأخبركم بخلفيتها حتى تعلِّموها أولادَكم وجميع أقاربكم وأصحابكم ممن  حولكم.. حتى تعلِّموهم معناها، وتساعدوهم على توطيد علاقة شخصية دائمة معها. عندما يحفظ الأطفال هذه الأدعية ثم يقولونها في الكِبر فإنها تخرج من أعماق قلوبهم، وبفهم كامل لمعناها.

بعدما ركب سيدنا نوح سفينته، وشرع في رحلته في سبيل الله تعالى، تخلف عنه أحد أبنائه. ولما بدأ الطوفان يشتد رأى ابنه يقف بجوار جبلٍ. فنادى نوح ابنَه: تَعالَ ارْكبْ معنا. قال: سألوذ بالجبل. ولست بحاجة إلى سفينتك. ثم وصف الله تعالى المشهد التالي بأنه بينما كان هذا الحوار جاريا حالت موجة بينهما واختفى ابنه عن بصره نهائيا. عندئذ ابتهل سيدنا نوح إلى ربه بقلق شديد: يا رب، لقد وعدتَني بإنقاذ أهلي، ولكني لا أفْهم أغراضَكَ وأهدافك، وأنت أعلم بها، ولكني رأيتُ أحدًا من أهلي يغرق أمام عيني.

أنت أعلم بما جرى ولِمَ جرى… ولكن عقلي في حيرة وقلق! فأجابه الله تعالى: إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ … لا يا نوح، إنه ليس من أهلك، إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ .. إنه ابن غير صالح، والأبناء الذين عملهم غير صالح لا يمكن أن يكونوا أبناء للأنبياء.. أي أنهم لا يستحقون شرف الانتساب للأنبياء. فكلمة (أهل) في قوله (أهلك) هي بمعنى الأهلية.. الاستحقاق.. الجدارة.. ولا تعني هنا صلة الدم. قال الله: إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ إنه ابن غير صالح، أعماله غير صالحة، فكيف يمكن أن يكون هذا ابنك؟

فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ ..

لا تطلُب مني أشياء لا تعلمها.. إني أنصحك حتى لا تكون من الجاهلين. إذا لم تنتبِه وتحذرْ واستمررتَ في هذا السبيل يُخشى عليك أن تكون أحد الجاهلين. عندئذ دعا سيدنا نوح متألمـًا:

رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ .

وهنا تبرز مشكلة. عادةً المرء لا يسأل عما يعرفه، وما لا يعرفه يستفسر عنه. فما معنى القول: لو سألتني بعد ذلك عن أشياء لا تعرفها ستكون من الجاهلين الخاسرين؟ ويستعيذ سيدنا نوح ويستغفر حتى لا يسأل عن أمر لا يعرفه؟ إنه لغز غريب حقًّا. إذا كنت تعرف شيئا، فما الحاجة إلى السؤال عنه؟ وإذا كنت لا تعرفه فكيف يكون السؤال عنه إثما؟ الواقع أن الله تعالى سَتَر هنا سيدنا نوحا وصَفَحَ عن خطئه .. لأن اعتراضا طفيفا طاف في قلبه .. لم يعبِّرْ عنه صراحةً في كلمات. ولما كان سيدنا نوح نبيا عظيما.. فيبدو أنه كَتَمَ هذا الاعتراض والسؤال الذى سأله يبين عن أن الإجلال لله في محله، ولكن في نفس الوقت كان هناك اضطراب وقلق.. كأنه يقول: لا أفهم ما ينبغي عمله.. قلبي يستشعر الاضطراب، وقلب أنبياء الله ذوي العزم لا ينبغي أن يعرف القلق  في مثل هذه الأمور، يتوقع الله تعالى منهم أن يدركوا أن مثل هذه الأحداث تقع وهم لا يعلمونها، ولكنها في علم الله تعالى، وحكم الله تعالى صواب، فلا حق لهم في السؤال حول حكم الله تعالى. هذا موضوع دقيق للغاية. ونتيجة لنسيان هذا الموضوع لاحظت أن كثيرًا من الإخوة الأحمديين يظلمون أنفسهم ويتعثرون بالفعل. هناك كثير من أحكام خليفة الوقت، وقد وقعت كثير من هذه الأحداث في زمن المصلح الموعود، الخليفة الثاني لسيدنا المهدي والمسيح الموعود .. وهي أحكام صدرت في ضوء حكمة دقيقة.. ولا يمكن أن يُفصحَ عنها للناس. هذه الأحداث تدخل تحت هذا الموضوع، وهي أيضًا ذات أهمية عظمى. أحيانًا يكون طرح السؤال سببا في تكدير السائل لأن الجواب يزيد من ضيقه. ها ابن شرير.. شره غير معلوم، وقد ستر الله شره، ولكن عندما عبر سيدنا نوح عن شك مستور تركه سبحانه وتعالى مستورًا كما هو ولم يشأ سبحانه أن يعرضه كَشَكٍّ، ولكن أسلوب الحوار يبين كيف كان الأمر حقيقيًّا. والاحترام والإجلال كان هنا مكفولا على الدوام. كان الاحترام العميق متوفرا أثناء الحديث المشبوب بالشك، وبسبب هذا الاحترام العميق لم يرد الله تعالى أن ينسب نوحًا إلى الجهل، بل قال: هكذا يبدأ الأمر.. إذا لم ينظر المرء بنظرة دقيقة. إن أولئك الذين يتولون السلطة والذين يجب لهم الاحترام.. إذا كان هناك طائف من الشك حول حكمهم بسبب انعدام النظر الدقيق.. فالمطلب الأول لِواجبِ الاحترام يقتضي ألا يتحدث المرء ضد أحكامهم، ويدعوا الله سائلا إياه المغفرة. ولكن إذا حدث غير هذا، وحدث مرارا.. فيُخشَى عليه من العثار. فإزاء مثل هذه الأحكام التي يكون يؤمن بها المرءُ ويكنّ لها احترام، هناك أيضا بعض الابتلاءات المكبوتة التي تكون مقدمة للأخطار المهلكة، وفي مثل هذه الحالات هذا هو التعليم العظيم الذي أُعطي لنا.. يجب ألا نعترض بل نسأل الله تعالى المغفرة.. ونصون إيماننا ونتوكل على الله.. وندعوه تعالى:

وَإِلا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنْ الْخَاسِرِينَ .

وإذا سبق اللسان وخرج السؤال فعلا.. فهو أيضا دعاء جيد:

قَالَ رَبّ إِنّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لي بِهِ عِلْمٌ ..

يارب إني لا أستطيع الإحاطة بحكمتك، ولا أعرف لماذا يحدث كثير من الأمور في هذه الدنيا، وما في حكمك من حكمة خفية. إننا نرى حكمك ولكن نظرنا لا يدركه .. لذلك نلتمس منك أن تحمينا من مثل هذه الشكوك التي قد تتولد في القلوب في مثل هذه المناسبات.

ثم هناك دعاء سيدنا يوسف الذي يوضح لنا معنى آخر لنفس الموقف. يقول الله تعالى في مستهل سورة يوسف:

نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ ..

إنها رواية رائعة.. سنقص عليك قصة جميلة لم تسمع بمثلها. لقد روى القرآن الكريم كثيرا من قصص الأنبياء وكل قصة منها هي أكثر إثارة للاهتمام من غيرها، ولكن سورة يوسف وحدها التي سميت من بينها «أحسن القصص». ولما تفكرت في ذلك شعر قلبي بأن الدعاء الذي قاله سيدنا يوسف دعاء في قمة الجمال. إنه دعاء جميل، يمثل مشهدًا عجيبًا مدهشًا لعظمة سيدنا يوسف، ولن تجد مثيلا له في التاريخ البشري. أدخلته زليخا زوجة الرئيس في ابتلاء وفتنة وحاولت إغراءه، وضمت إليها نساء المدينة الجميلات.. أَنْ إذا كُنتُ لم أفلح في إغوائه وحدي فلنجتهد معًا لإغوائه، وتحت تأثيرنا جميعًا قد أنال رغبتي. هذه هي المؤامرة التي قصها القرآن الكريم. وعندئذ كان دعاء سيدنا يوسف أن:

قَالَ رَب السّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَني إلَيْهِ (يوسف: 34).

إن هؤلاء النسوة  يدعونني إلى شهوات الجسد وملذات الحياة، ولكن يارب، إني أفضل السجنَ وأن أمضي حياتي فيه، على هذه الحرية. إنها حرية الشهوات، وليست حرية تكسبني رضاك.

ما أعظم هذا الدعاء! يمكن أن يدعو المرء: يارب، نجّني، ولكن سيدنا يوسف وضع السجنَ في اعتباره ودعا: رب، السجنُ أحبُّ إلي.

وهكذا ترون كم هو موضوع مدهش عميق ملفت للنظر. قال سيدنا يوسف: لقد أُدخِلتُ السجنَ متّهَمًا بجريمة، فكيف أغادر السجن والتهمة لا تزال فوق كتفي؟ إنها تهمة أمْقَتُها. لقد قاسيت كل هذا بسببها، فما دامت براءتي لم تظهر تماما.. فلا أريد الحرية، تعطفًا من الملك نحوي.

وهكذا ترون دقة الصلة بين الدعاء وقبول الدعاء. كنت لم أدرك، بادئ الأمر، لماذا وضع الله تعالى سيدنا يوسف في هذا السجن الطويل، ولكني  عرفت بعدئذ بأن دعاءه الذي قاله بلسانه هو الذي واجهه. وينبه هذا الموضوع المرءَ إلى الاحتياط فيما يقوله في الدعاء. فقد علّمنا سيدنا المصطفى ألا ندعو أبدا طلبا للشدائد؟.. فالله تعالى قادر على حل المسائل دون أن يرمي بنا في شدة. لماذا نضع أنفسنا في المصاعب بلا ضرورة؟ لقد صنع بنا سيدنا المصطفى جميلا عظيما بهذه النصيحة الحكيمة، ولكن من ناحية أخرى أخبرنا الله تعالى هنا أنه أحيانا يدعو عبدي دعاء يضمن ابتلاء.. وأفعل به ما سأل كي أكشف عن صدق قلبه في ذلك الطلب. إن هذا الدعاء وقبوله جعلا الأمر رائعا بحيث إنه منذ خلق السماوات والأرض لم يقع مثل هذا الحادث. فالله تعالى يحب عبده كيوسف كثيرا، ثم يستجيب دعاء هذا العبد الصالح التقي، ويحميه من الشر، ومع ذلك يضعه في السجن. لماذا وضعه في السجن؟ أرى أن السبب هو ما كان في قلب سيدنا يوسف من صدق. لقد أراد الله أن يبرز صدقه ويُميزه عن الأشخاص العاديين الذين يدعونه أيضا. في بعض الأوقات يدعو الناس بدعوات ضخمة، ويضحون بحياتهم بكلمات اللسان.. ولكن عندما يأتي وقت الابتلاء يفرون بحياتهم. لقد رأيت ذلك بنفسي. أتلقى رسالات عديدة تقول إن أموالنا وحياتنا وكل شيء رهن إشارتك.. نبذله بين يديك، ولكن إذا ما جد الجد وواجهوا امتحانا صغيرا بسبب أولادهم، أو تعرضوا لحكم قضائي من نظام الجماعة.. فلا يُقدمون لي حياتهم ولا أموالهم، بل يشرعون في الحديث علنًا ويقولون: هل هذا هو الخليفة؟ إنه عارٍ من العدل!

فالله تعالى يعلم أن كلمات اللسان غالبا ما تكون لغوًا لا صدق فيها. إن الناس يدعون كثيرا من الدعوات الحلوة، ويدعون باكين ساجدين: يا الله، لو حدث كذا.. فنحن على استعداد لتقديم كل شيء في سبيلك، لكن عندما يواجهون أي شدة فإنهم يتراجعون. لقد ذكر القرآن الكريم هذا الموضوع في موضع آخر وقال:

وَيَقُولُ الذينَ آمَنُوا لَوْلا نُزّلَتْ سُورَةٌ فَإذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فيهَا الْقتَالُ رَأَيْتَ الذين في قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنظُرُونَ إلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيّ عَلَيْهِ مِنْ الْمَوْتِ ..

ألستم القوم الذين كانوا يطلبون الإذن للقتال؟ وكنتم تقولون: ربنا، أَرِنا ميدانَ الجهاد حتى نضحي، وها أنتم بعدما فتح الميدان أمامكم تقفون وتنظرون، ولا تدرون ماذا تفعلون؟ فطَلَبُ أمرٍ ما بطريق الدعاء شيء، ولكن معاينة الشدة ومواجهتها بصبر وصدق فذلك شيء آخر.

في هذه القصة التي هي أجمل من كل قصة سواها.. أخبرنا الله تعالى أن سيدنا يوسف دعانا بدعاء فاستجبناه، ولم يكن الهدف أن يتعذب، ولكن لنُعرِّف الدنيا كلَّها عبر الأزمنة القادمة أن عبدي يوسف كان كامل الصدق والإخلاص في دعائه. كان فعلاً رأى أمامه السجن ومشقة العيش فيه، ولكنه أيضا كان حقا يبحث عن الحماية من النسوة، فقال: رب، لا أريد حياة الملذات هذه.. أرجوك أن تضعني في السجن بدلا منها. ثم تقبلها بكل سرور. لقد دخل السجن ومكث فيه، واستمتع بالحياة هناك مشتغلا بالتبليغ وبذكر الله تبارك وتعالى. لم يَدَعْ أثرًا للشك يتطرق إلى قلبه. لم يقل في نفسه: كيف أقاسي السجن وأنا أكثر الناس براءة في هذا العالم. وفي النهاية عندما تحرر من السجن.. عبر عن تواضع عجيب إذ قال لرسول الملك: قل لمولاك: ماذا عن أمر النسوة اللاتي دبّرن لي المؤامرة؟ ماذا يُعْلِنَّ الآن بشأنها؟ إذا أردتَ أن تُخرجني من السجن فليكن إطلاق سراحي كرجل بريء طاهر. وهكذا ترون كم هو موضوع مدهش عميق ملفت للنظر. قال سيدنا يوسف: لقد أُدخِلتُ السجنَ متّهَمًا بجريمة، فكيف أغادر السجن والتهمة لا تزال فوق كتفي؟ إنها تهمة أمْقَتُها. لقد قاسيت كل هذا بسببها، فما دامت براءتي لم تظهر تماما.. فلا أريد الحرية، تعطفًا من الملك نحوي.

فلما استجْوَبَ الملكُ النسوةَ شَهِدْنَ أنه بريء تماما.. إنه ملاك كريم لا ملام عليه.. نحن اللاتي قمنا بهذا الشر والفتنة. عند ذلك قال سيدنا يوسف: حتى الآن أيضا لا أحسب نفسي بريئا كاملا..

إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ ..

فالنفس البشرية تميل بالإنسان دائما نحو السيئات، وما نجّاني سوى رحمة الله تعالى.

هكذا ترون أن الدعوات القرآنية تشمل مثل هذه المعاني العميقة، وعندما تغوصون في أعماق تلك الدعوات وأحوال قبولها فما أجمَل وأبهَجَ المشاهِد التي ترونها خلف هذه الأغطية. ليس هذا فحسب، ولكن خلف كل ستار تجدون أستارًا أخرى.. وكلما مضيتم تزيحونها، وطبقتم هذه المعاني على أنفسكم رأيتم وراءها المزيد من المشاهد اللطيفة الخلابة.

دعوة سيدنا إبراهيم

ثم هناك دعوة سيدنا إبراهيم

وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ .

هذا الدعاء الإبراهيمي يشبه دعاءً له في سورة البقرة، ولكنه في الواقع مختلف عنه. ففي الدعاء الأول جاء:

وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـَذَا بَلَدًا آمِنًا ..

وبالقراءة السطحية يبدو الدعاءان متشابهين يطلب فيهما سيدنا إبراهيم الأمن لهذه البلدة، ولكن الواقع أن الدعاء الأول لم يكن لمدينة.. وإنما للمكان، فقد قال فيه: رَبِّ اجْعَلْ هَـذَا الْبَلَدَ آمِنًا : أي هذا المكان القَفْر الخالي الذي ليس به شيء حَوِّلْه، يا رب، إلى مدينة حية. أما الدعاء الحالي فلم يطلب فيه تحويل هذا المكان إلى بلد آمن، وإنما قال: هَـذَا الْبَلَدَ : أي، يارب، لقد أجبتَ دعائي وحولتَ هذا المكان إلى مدينة، وسكنها الناس الآن، فأدعوك الآن لسلام هذه البلدة. وبعد ذلك في هذا الدعاء ذُكرتْ أشياء تتصل اتصالا عميقا بالدعاء السابق، مع تغييرات بحسب ما قاله الله له إجابة لدعائه.

سأتلو الدعاء الأول لإنعاش ذاكرتكم:

وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (البقرة: 127).

فقد طلب إبراهيم إلى الله تعالى أن يحول هذا المكان إلى بلد آمن، وأن يهب لأهلِه من كافة صنوف الرزق والطعام.. أهلِه الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر. وقبل الله تعالى دعاءه وزاد عليه وقال بأن من كَفَر من أهله فسأرزقهم أيضا في هذه الحياة الدنيا، ولكنهم سيعاقبون في الحياة الأخرى. ولقد فزع سيدنا إبراهيم كثيرا لسماع نبأ العقاب الأخروي، فأدخل تعديلا على دعائه التالي. وسأوضح لكم هذا التعديل، ليتبين لكم سبب الاختلاف بين الدعاءين، والأسلوبُ الحلو الذي عدَّل به دعاءه. قال: رَبِّ اجْعَلْ هَـذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ(. لقد فَهِمَ إبراهيم أنه سيولد قوم من الأشرار.. من الوثنيين.. وقد أقيمت البلدة لوحدانية الله، ولكن الوثنيين سوف يدخلون المدينة أيضا.. لذلك قال هذا الدعاء كي ينقذه الله وذريته من عبادة الأصنام إلى الأبد. ثم قال:

رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ ..

هذه الأصنام والأرباب الباطلة كانت سببا في ضلال كثير من الناس، فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي : فالذي يسير منهم في إثري فهو ينتمي إلي، ومن انتمى إلي ظل مؤمنا بوحدانية الله تعالى.. ولذلك لن تغضب أبدا على من كانوا مني.

أنظروا كيف وَقَى سيدنا إبراهيم هؤلاء من غضب الله. كان الله قد جعل استثناءً نتيجة لهذا الدعاء من قبل، فقال: سوف أُعاملهم بالعطف في هذه الدنيا، وسأرجئ عقاب الكافر منهم إلى الحياة الآخرة. بعد ذلك زاد سيدنا إبراهيم بأن من كان مني فلن تعاقبه، لأنك تحبني كثيرًا، وتعاملني بكل حنان.. فكيف يمكن إذن أن تقسوا على من كان مني. أما فيما يتعلق بالذين يعادون إبراهيم والذين هم الآثمون الذين أُنذروا بعقابهم عقابًا شديدا. ولما كان سيدنا إبراهيم رقيق القلب شديد العطف، وقد أشار القرآن في مكان آخر إلى رقة قلبه وحلمه، فلم يرق له أن تكون معاملتهم قاسية في الحياة الأخرى، فمضى يقول: وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ .. أما من يعصونني ويرفضون طاعتي فإني على يقين من أنك غفور عظيم المغفرة، رحيم بالغ الرحمة. وبعد هذا القول فوض الأمر لله تعالى فقال: إن شئتَ عاقبتَهم. في إجابتك لدعائي الأول أخبرتني أن التعساء منهم سوف يعاقَبون في نهاية الأمر.. ولذا أعْدَلُ هكذا: من كان مني دخل تحت مظلة الحماية، ومن لم يكن مني.. فلا تنظُرْ إليه، يا رب لأنه إنسان آثم، وإنك رب غفور رحيم.. واسع المغفرة.. رحيم بلا حدود.

ما أجمل هذا الأسلوب وما أشده حرارةً وتأثيرًا؟ إذا فهمتَ حرارة هذا الدعاء وغُصتَ في عمق هذه الحرارة ثم دعوتَ الله تعالى لجنيتَ من دعائك ثمرات رائعة.

واستمر سيدنا إبراهيم في دعائه:

رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ ..

لقد تركتُ بعض ذريتي، تَركت ابني الحبيب إسماعيل.. في هذا المكان القَفْر الذي لا يُنتج زرعًا. وأسكنتهم بالقرب من بيتك الحرام كي يعبدوك. كنت سألتك من قبل أن تزوِّدهم بالثمرات وأن ترحَمَهم، كما ورد في الدعاء الأول، ولكنه غرض ثانوي، وغرضي الأول هو أن يعبدوك، فيحققوا الهدف من بناء هذا البيت. فأدْخِلْ في قلوب الناس ميلا نحوهم، لأنهم المخلصون، وفيما عدا ذلك فلا أهتم برزقهم وطعامهم. وإذا قصروا في عبادتك فهَّمِي الوحيد، إذا تفضلتَ، أن تعفو عنهم يوم الحساب. أما فيما يتعلق برزق الدنيا وثمراتها فقد سبق وعدك بذلك، ولكني مع ذلك غير مهتم به.. سواء أعطيتهم شيئًا في هذه الدنيا أم لا، ولكن أدعوا للذين اتقوا وعبدوك.. بأن تُميل القلوب إليهم، فيأتي إليهم الناس من أماكن بعيدة بشتى صنوف الهدايا، ويحملوا لهم كل أنواع الثمار. لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ .. حتى يكونوا عبادك الشاكرين. يرون هذه النعم ويشكرونك دائما أَنْ يا ربنا، ما هذا إلا آية محبتك إذ محبتك إذا أمَلْت قلوب الناس نحونا.. وإلا فلا وزن لنا ولا قيمة.

ثم يقول:

رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ .

تتضح منزلة سيدنا إبراهيم العالية أكثر وأكثر كلما تأملتَ في دعائه. يقول، يا رب، إن نيتي صالحة تقية.. وكل اهتمامي أن يعبدوك.. وليس بي اهتمام في الرزق المادي. لقد فكر سيدنا إبراهيم في أن المرء يغفل أحيانًا عن مقاصده الخفية. إنه دعاء عريض حقًّا أن تعلن أمام الله تعالى أنك تقول كذا بنية كذا وليس بقصد كذا وكذا، لذلك أقر سيدنا إبراهيم على الفور

رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ ،

معنى أنه على الرغم من حسنِ نوايانا وحسنِ كلامنا ووضعِنا في حسباننا كذا وكذا من صالح الأعمال.. فهناك احتمال بوجود أغراض خفية في النفوس يراد تحققها.. قد لا تكون متفقة مع التقوى. لذلك أُقِرُّ أمامك، يا رب، بأني لا أدعي لنفسي أي عصمة من الخطأ، وأقر بأن ما أراه هدفًا تقيًا قد يكون به شائبة غير تقية.. لذلك أطلب رحمتك ومغفرتك. أي إنه يعلن تواضعه ويقر باحتمال الخطأ من جانبه. ثم يقول: وَمَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ؛ ما أنا يا رب؟ أنت الذي لا يخفى عليه شيء في السماء والأرض.

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاء ..

الحمد لله وحده الذي وهب لي بعد أن تقدم بي العمر أولادًا طيّبين مثل إسماعيل وإسحاق.. وهما اللذان رُزق بهما سيدنا إبراهيم إستجابة لدعائه لذرية صالحة، مما دل على أن نوايا سيدنا إبراهيم كانت صالحة حتى أعمق أعماقها. ومن الظاهر أن ذلك لم يرد في اللفظ، ولكن عندما تقرأ الموضوع برمته تجد أن الله تعالى شهد وصرح بأن سيدنا إبراهيم تكلم بتواضع عندما قال أن نواياه صالحة بقدر علمه وأن الله هو الأعلم، ولكن الله تعالى في نفس الوقت عبر عما يبين أنه تعالى كان يعلم نية إبراهيم، وأنه عامله بحسب نيته الصالحة.. لأن الله تعالى رزقه الذرية الصالحة التي التمسها منه.. إذ رزقه الله إسماعيل ثم إسحاق. وبذلك دل على أن مقاصده حسنة. ثم قال: إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاء .. وهكذا اعترف سيدنا إبراهيم. ويبدو أن فكره عندما وصل إلى هنا فهم الموضوع كله. فبعد تعبيره عن تواضعه، بين الله تعالى له: يا إبراهيم، لماذا تخشى نواياك؟ انظر إلى ذريتك.. ما أتقى وأبر وجوههم! انظر إلى خلالهم.. أليسوا ثمرة دعواتك؟ إذا كانوا هكذا.. فاحمد الله، واشكره وقُل إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاء .. ألا إن ربي سميع الدعاء. لقد رزقني من الذرية الصالحة كدليل على استجابته لدعائي. وهذه هي نفس نوعية الدعاء الذي دعا به سيدنا المهدي والمسيح الموعود في بعض شعره ما معناه: أنت الذي آتيتني البشارات الحسنة، بصدد ذريتي، وأعلنت أن هذه الذرية لن تضيع، وسيكثرون كشجيرات السرو في البستان. فما أحسنها بشارات تغذي القلب حقًّا، فسبحان الذي أخزى الأعادي. فالله تعالى لا يزال يسمع دعاء عباده الصالحين بكثرة، ويثمرهم بحسب دعائهم، وعندما تنمو هذه الثمار تكون دليلاً على أن تلك الدعوات كانت صادقة وأن هذه الثمار أيضًا ثمار صادقة.

ما أجمل هذا الأسلوب وما أشده حرارةً وتأثيرًا؟ إذا فهمتَ حرارة هذا الدعاء وغُصتَ في عمق هذه الحرارة ثم دعوتَ الله تعالى لجنيتَ من دعائك ثمرات رائعة.

ثم قال سيدنا إبراهيم :

رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ * رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ (إِبراهيم: 41-42).

إن سيدنا إبراهيم قال هذا الدعاء بعد مولد أبنائه، وطلب ذرية صالحة تحافظ على الصلاة قائلاً: تركت طفلي حديث الولادة عند بيتك المحرم حيث لا ماء ولا طعام.. تركته هناك كي يعبدك.. ولو أني أردت الطعام الدنيوي والمتعة المادية ما أحضرته من بلاد العمران إلى بلد قفر جدب.  كم تتجلى المقاصد الحسنة هنا. والله تعالى استجاب هذا الدعاء، ولكنه مع ذلك استمر في هذا الدعاء بعد ولادة أبناء صالحين، مما يدل أنه ما دامت هناك فسحة من الحياة ينبغي أن يستمر الإنسان في الدعاء، لأنه عرضة للابتلاء وإن كان عابدًا لله تعالى، وتبقى حالات التعثر قائمة. ونجد ذكر ذلك في الحديث عن أولئك العابدين الذين قضوا حياتهم كلها في العبادة، ولكنهم تعثروا عند بعض المواقف وابتعدوا عن الله تعالى كلية. ولكي يتوقف العابد عن الغرور وإن كان قد حصل على بشارات من عند الله تعالى، يذكّر بالدعاء المستمر إلى الله تعالى بتواضع وتذلل.. لأننا في خطر مهما كان ما نصل إليه من العبادة.. ما دمنا لم نلفظ النفس الأخير. لا شك أنه ثروة وبركة مُنحت لنا.. ولكن البركات أيضًا تضيع. لذلك بدأ سيدنا إبراهيم بالدعاء لنفسه أولاً:

رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ .

والآن خبروني، أي نسبة بين أحد كان مقيم الصلاة في هذه الأيام وبين إقامة سيدنا إبراهيم لها؟ لا مجال للمقارنة أبدًا.. ولكن بعض العابدين يتباهون اليوم.. ويقولون: ماذا نريد غير ذلك؟ إننا نصلي ونحافظ دائمًا على صلاتنا بشدة في حين أن المحافظة على الصلاة بشدة شيء والمحافظة عليها بقلب ذائب شيء آخر. إن مثال سيدنا إبراهيم يخبرنا أن إقامة الصلاة ليست حالاً مأمونًا مُصانًا ما دام على قيد الحياة.. ولم يَدْعُهُ الله إليه. لذلك قولوا هذا الدعاء بعد فهم معناه، ولا تقدموا عبادتكم بين يدي الله تعالى بافتخار، وإنما بتواضع وتذلل وخشية.. وانظروا إلى ما يجري في العالم الذي كان ولا يزال جاريًا. فطالما لاقى الأغنياء فجأة ظروفًا لم تترك لهم شيئًا وذهبت ثرواتهم.. وضاع كل ما اكتسبوه. فإذا كانت ثروات الدنيا غير مأمونة فالثروات الروحانية أيضًا غير مصونة.. بمعنى أنه إذا كانت البلايا تواجه الناس فمن الممكن أن تدمر هذه النعم. لذلك ينبغي أن تبتغوا المعونة من خلال الدعاء لحماية هذه النعم. رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ .. هنا نجد توازنًا. لقد كنتَ دعوتَ لذريتك، والآن ينبغي الدعاء لوالديك أيضًا. وليس الدعاء هنا للاستقامة  على الصلاة، لأن الوالدين في كثير أو بعض من الأحيان يكونان من الأموات.. ولكن الدعاء هنا للمغفرة لهما.

وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ ..

وكذلك اغفر للمؤمنين يوم تسوية الحساب.

إن موضوع دعاء سيدنا إبراهيم لأبيه موضوع هام يحتاج إلى حديث مفصل مني في المستقبل، إن شاء الله تعالى.. هل هذا هو نفس الدعاء الذي قيل في القرآن إنه أُعطي إذنًا خاصًا له؟ وهل منعه الله من الدعاء لأبيه بعد ذلك، أم له معنى آخر؟ وبالمثل نجد لسيدنا نوح بنفس الكلمات:

رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ (نوح: 29).

ثم في القرآن يقول الله تعالى عن النبي محمد رسول الله وأتباعه:

مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى (التوبة: 113)..

فهم ممنوعون من الدعاء للمشركين. والأمر هنا غير قاصر على الآباء وحدهم بل وسائر أولي القربى أيضًا.. فلا تسأل المغفرة لهم من الله تعالى إذا كانوا من المشركين. أحيانًا يستفسرني بعض الأصدقاء عن هذا الموضوع قائلين: لو دخل أحد الهندوس الإسلام وكان أبواه مشركين، فهل يمتنع عن هذا الدعاء لهما أثناء الصلاة؟ ثم هل كان صحابة النبي لا يدعون بهذا الدعاء وأغلب آبائهم من المشركين؟ هذا الموضوع يتطلب مزيدًا من البحث. قد ألقيت نظرة على بعضه وفهمت بعض المعاني.. ولكنه يحتاج بحثًا أكثر، وفي المستقبل، إن شاء الله، سوف أقدم لكم شرحًا وافيًا.

Share via
تابعونا على الفايس بوك