القرآن الكريم.. رسالة الحب والسلام للجميع

القرآن الكريم.. رسالة الحب والسلام للجميع

أيمن عودة

طبيب، باحث، كاتب وشاعر
  • من موجات معاداة الإسلام في هولندا
  • ردود أفعال غير مسؤولة لأفعال منسوبة للإسلام
  • الإسلام واحد يعبر عن نفسه
  • الإسلام حرية المعتقد
  • لا قتل للمرتد في الإسلام
  • الإسلام تعاليم روحية لا دولة سياسية
  • الإسلام والعنف والمطاردة
  • القرآن وآيات القتال
  • الإسلام والمرأة
  • التعصب يدمر ولا يهدي
  • المواجهة بالحوار والجدال الأحسن
  • الدعوة بحسن جوار أصحاب الديانات

__

تهب في هولندا في الآونــة الأخيرة، موجة من العنصرية والحقد البغيض ضد الدين الإسلامي والرسول الكريم محمد المصطفى والقـرآن الكريم، يثيرها عضو البرلمان “خيرت فيلدرز”، رئيس حزب الحرية الهولندي، حيث يقوم هذا الحاقد الأعمى بين الفينة والأخرى، بالإدلاء بتصريحاته العنصرية المقيتة. فقد كان من بين ما صرح به سابقا، أنه على المسلمين في هولندا إن أرادوا استمرار العيش فيها أن يرموا نصف القرآن الكريم جانبا، ويبدو أنه لم يكتف بهذا التصريح البذىء، ليعود قبل حوالي أسبوعين بالمطالبة بحظر القرآن الكريم في هولندا كليا، سواء في البيوت أو في المساجد، بحجة أنه كتاب يدعو إلى العنف، خاصة ضد أتباع الديانات الأخرى وضد المرأة كذلك، ويدعو المسلمين إلى إقامة دولة إسلامية وتطبيق الشريعة الإسلامية فيها، كما أنه وصف القرآن الكريم بأنه يماثل كتاب “كفاحي” لهتلر، وكذا فقد كان  من مجمل ما قاله، أنه لا يقبل الحديث عن الإسلام المعتدل السلمي، فلا وجود لهذا النوع من الإسلام، إنما الإسلام واحد لا غير، وهو دين العنف والحقد والكراهية.

وتعـود خلفـية هذه التـصريحات الأخـيرة، إلى قيام  بعض المسلمين الهولنديين، من أصل مغربي، بالتعرض لشخص يدعى إحسان جامي، الذي ارتد عن الإسلام، وأقام جمعية لحماية المرتدين عن الإسلام بهدف تشجيع هذه الظاهرة، كما أنه قد تهجم على الإسلام ونبيه  ، بوصفه مجرما (والعياذ بالله)، بالإضافة إلى تصريحات حاقدة أخرى.

وعلى إثر ذلك، قمتُ بكتابة هذه الرسالة بهدف نشرها في الصحافة الهولندية باللغتين العربية والهولنـدية،  وجاءت تحت عنوان “رسالة البنود العشرة … لكل من يهمه الأمر” وهي كالتالي:

نظرا لما تناقلته الصحافة في الفترة الأخيرة، من تصريحات لعضو البرلمان “فيلدرز”، ضد الإسلام والقرآن الكريم، وبخاصة بعد الاعتداء الذي قام به بعض المسلمين على إحسان جامي، الذي ترك الإسلام وتعدى عليه بأقوال وتصريحات أخرى، لا بد من التنويه إلى الأمور التالية، أوجهها أولا إلى “فيلدرز”  نفسه وأتباعه، ثم إلى إحسان جامي ومؤيديه، وإلى كافة المسلمين والمسيحيين في هولندا وهي كما يلي:

أولا: لا نقـبل بأي تصنـيفات للإسـلام، بالجيد والسئ والمعتدل والمتطرف، إذ لا إسلام إلا واحد، ولكن ليس ما يظنه “فيلدرز”، بل هنالك فقط الإسلام الدين الذي يدعو إلى السلام والأخوة والمحبة بين جميع أهل الديانـات والطوائف، على اختلافها وتباينها في العقائد والإيمان، وهو الإسلام نفسه الذي يمنح الحرية الدينية لكافة البشر، ولا يـعترف بالإكراه والجبر الديني وهذا بنص آيات عديدة من القرآن الكريم أورد بعضها:

لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَي (البقرة: 257) لَا يَنْهَاكُمُ الله عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (الممتحنة: 9) وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ   (يونس: 100)

وَمـَا عَلَى الرَّسـُولِ إِلَّا الْبَـلَاغُ الْمُبِينُ (العنكبوت: 19)

وكثير من الآيات الأخرى التي تقـر حرية الفكر والإيمان والعقيدة لجميع بني البشر.

أما إذا كانت هناك فئات من المسلـمين لا تفقه هذه الأمور أو تسئ فهمها، فهذا خطؤهم وحدهم،  بحيث لا يمكن اتهام الإسلام بها، وأما التقـسيمات المذكـورة أعلاه من الاعتـدال والتطرف فهي ممكنة للمسلمين أنفسهم بسبب اختلاف فهمهم وتطبيقهم للإسلام، وأما الدين الإسلامي فهو منها براء.

ثانيا: بنـاء على الآيات المذكـورة أعلاه، أذكر المسلمـين خاصة، أنه لا يجوز منع إحسان جامى من ترك الإسـلام، كما لا يجوز منع أي شخص من أن يبدل دينه ويختار العقيدة التي يراها مناسبة له بما فيها الدين الإسلامي، ولا يجوز لأي مسلم أن يعتدي عليه مهما كان تطاوله على الإسلام وعلى نبي الإسلام، فالقرآن الكريم لم يذكر أية عقوبة للمرتد، ولمن يتطاول على الله أو على النبي محمد . بل كل ما صرح به في كافة الآيات التي ذكر فيها المرتدين، أن المرتد سيلقى عقـابه وجزاءه من الله تعالى وحده فقط، وكل ما يحق للمسلم فعله، هو رد اعتراضاته بالحجة والبرهان والقول الحسن، والدفـاع عن الإسلام والقرآن وسيدنا محمد ، بالقلم والجدال بالتي هي أحسن. وذلك وفق الآيات التالية:

وَمَن يَنقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ الله شَيْئًا وَسَيَجْزِي الله الشَّاكِرِينَ (آل عمران: 145) وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَـالِدُون (البقرة: 218) مَن كَفَرَ بِالله مِن بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ الله وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيم (النحل: 107 ) إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آَمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ الله لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا (النساء: 138)

وآيات عديدة أخرى.

ثالثا: إن الذين ينادون بقتل المرتد عن الإسلام، هم على خطأ في فهمهم للإسلام، إذ جل اعتمادهم على بعض الأحاديث الضعيفة والمشكوك في صحتها، من حيث السند والمتن، والتي تعارض صحيح القرآن من الآيات المذكورة أعلاه وغيرها، وهي مردودة إذا لم تفهم حسـب ما يصرح به القرآن الكريم من حرية الفكر والعقيدة والإيمان وفق مبدأ لا إكراه في الدين.

رابعا: لا يسعى الإسلام ولا يأمر بإقامة دولة إسلامية عالمية، بل على كل مسلم، أن يسعى لتطبيق الشريعة الإسلامية على نفسه، والسير حسبها في ظل أي نظام أو دولة، مع احترام قوانين الدولة التي يقطن بها، فكل ما يريده الإسلام، أن يطبق العدل والحرية الدينية لجميع أهل الديانات والطوائف المختلفة وفق الآية الكريمة:

  1. إِنَّ الله يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ الله نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ الله كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا (النساء: 59)
  2. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ للهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ الله إِنَّ الله خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُون (المائدة: 9)

وإذا تحقـقت هذه الشروط، بحيث تضمن الحرية الدينية لكافة الناس تحت أي حكم كان، ما دام هذا الحكم لا يجبرنا على عصيان أوامر الله عز وجل، فأنعِم به من حكم.

ومع هذا فإن إقامة دولة إسلامية تطبق الشريعة الإسلامية ممكن، إن اختارت الأغلبية القاطنة في الدولة هذا الأمر بصورة ديمقراطية، بشرط أن تحترم هذه الدولة حقوق وأتباع الديانات والطوائف على اختلافاتها وتبايناتها، وتقوم بمعاملتها بالعدل المطلق.

وعليه فإن على “فيلدرز” وأتباعه أن لا يخافوا من التواجد الإسلامي ومن وجود القرآن في بلادهم، وأن لا يظنوا للحظة أن القرآن يسعى لإقامة الشريعة الإسلامية في بلادهم أو في أي مكان آخر بالقوة، وإذا كان بعض المسلمين يؤمنون بهذا، ففهمهم خاطئ ولا يمكن أن يلطخ الإسلام كدين بهذا الفهم الخاطئ.

خامسا: لا يدعو الإسلام للعنف ومـطاردة غير المسلمين وقتلهم، بل على العكس من ذلك يدعو إلى البر إليهم وحسن معاملتهم وفق الآيات التالية:

لا يَنْهَاكُمُ الله عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِـبُّ الْمُقْسِـطِينَ (الممتحنة: 9) وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ الله ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ (التوبة: 7)

سادسا:

إن الآيـات القرآنيـة الحاضَّة على قتال الكفار لا تشمل قتال كل من هو غير مسلم بل تختص  بأولئك الكفار الذين يعتدون عليهم لكونهم مسلمين ولإرغامهم على ترك الاسلام، وأولئك الذين يسعون دائما للتآمر من أجل قتال المسلمين، وإثارة الفـتن بينـهم، وينقضون العهود التي تحفظ السـلم والعيش الآمن مع المسـلمين. كما أن الأمر بقتال هؤلاء، جاء ليحقق أرقـى وأسمى الحقـوق الإنسـانية، وهي حرية المعتقد والإيمان لجميع أهل الديانات، والأمثلة على هذه الآيات كثيرة، أذكر منها واحدة:

وَلَوْلَا دَفْعُ الله النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ الله مَن يَنصُرُهُ إِنَّ الله لَقَوِيٌّ عَزِيز (الحج: 41)

وهي تعني أن الله عز وجل سمح بالقتال في حالات خاصة، من أجل الحفاظ على الأماكن المقدسة لكافة الديانات، لليهود والنصـارى والمسلمين على السواء.

سابعا: لا يأمر القرآن بضرب النسـاء، إلا كعلاج أخير بعد محاولة كل الوسـائل الأخرى لإصلاحها، في حـال كونها السبب لاختلال العلاقة الزوجية، كما أن النبي محمد قد أقر، أن هذا الضرب هو فقط الخفيف الذي لا يدع أي علامة عليها، وهذا ليس إلا درجة بسيطة أعلى من التوبيخ الكلامي، والذي لا يُلجأ إليه إلا بعد نفاد كافة الوسائل والطرق الأخرى للإصلاح.

كما أنه من المهم أن أذكر – على سبيل المساواة بين الرجل والمرأة- أن الاسلام يأمر أيضا بإيذاء الرجال (ليس النساء)، وهذا الإيذاء من الممكن أن يصل إلى الضرب أيضا، في حال قيام الرجال ببعض الأعمال المشينة التي تضر بالمجتمع.

ولا بد أن أذكّر “فيلدرز” وإحسان جامي، أن الكتاب المقدس يأمر بما هو أقسى من الضرب، فهو يأمر بالموت لبعض النسـاء وفق الفـقرة التالية:

“لا تدع ساحرة تعيش”. (الخروج: 22 : 18 )

فإذا أراد “فيلدرز” أن يحظر القرآن فعليه أن يحظر الكتاب المقدس أيضا، لوجود مثل هذه العبارات فيه، فهل سيجرؤ على القيام بذلك. ومن الأجدر له أن يعالج أولا أحوال النساء الهولنديات، اللاتي يتلقين الضرب المبرح من أزواجهن أو يعانين الأمرّين من شركائهن وهنّ كثر، بدلا من الخوض في مسألة لا يفهمها، تتعلق بدين غير دينه.

ثامنا: لا شك أن فيلدرز يقوده الحقد الأعمى والتعصب الديني المقيت، ويجد في الإسـلام والتعرض له مطية يحقق بها أهدافه السـياسية، ليستقطب إليه أمثاله من الهولنديين المتعـصبين، وعلى “فيلدرز” وإحسان جامي أن يحذرا كل الحذر، من التشبيهات الخطيرة للقرآن بكتاب “كفاحي” لهتلر ووصف الإسلام بالفاشية ونعت الرسول بالمجرم، إذ إنه تطاول على أقدس المقدسـات الإسلامية، التي تمس كل مسلم غيور على دينه. وأذكّرهما أن الكتـاب المقدس يحوي فقرات خـطيرة للغاية وتعاليم تحثّ على العنف والقسـوة التي ليس لها نظير في تاريخ الأديان، وأضرب على سبيل المثال هذه الفقرة :

  1. متى أتى بك الرب إلهك إلى الأرض التي أنت داخل إليها لتمتلكها، وطرد شعوبا كثيرة من أمامك: الحثيـين والجرجـاشيين والأموريين والكنـعانيين والفـرزيين والحويـين واليبوسيين، سبع شعوب أكثر وأعظم منك.
  2. ودفعهم الرب إلهك أمامك، وضربتهم، فإنك تحرمهم* . لا تقطع لهم عهدا، ولا تشفق عليهم.
  3. ولا تصاهرهم. (التثنية :7: 1-2 )

* إن هذه العبارة تأمر بقتل جميع أفراد الطرف المنهزم أطفالا ونساء وشيوخا ورجالا مقاتلين أو غير مقاتلين، دون أي شعور بالشـفقة تجاههم ودون عقد أي معاهدة معهم. فليحاول فيلدرز أن يفكر ماذا من الممكن أن يحدث في العالم لو طبقت هذه التعاليم عند وقوع حرب بين طرفين. هل تتفق هذه التعاليم مع وثيقة حقوق الإنسان وكيفية وجوب التعامل مع الأسرى؟ هل هذه التعاليم من العهد القديم قابلة للتطبيق في عصرنا الحاضر، أم أنها تمت إلى عصور الظلمة والتخلف؟.

ومثال آخر:

وإذا كان في رجل أو امرأة جان أو تابعة فإنه يقتل. بالحجارة يرجمونه. دمه عليه (اللاويين 20: 27 )

وهذه الفقرات غنية عن التفسير.

“لا تدع ساحرة تعيش”. ( الخروج:22 : 18)

وفي الفقـرات التالية من العهد الجديد، جاء الحديث على لسان السيد المسيح ، يصف بها غير المؤمنين به بالكلاب والخنازير:

“لا تعـطوا القـدس للكلاب، ولا تطرحوا درركم قدام الخنازير، لئلا تدوسها بأرجلها وتلتفت فتمزقكم.”  (متى: 7 :6)

حيث المقصـود بالدرر والقدس، هو الوحـي الإلهي.

وفي الفقرات التالية من العهد الجديد وعلى لسان السيد المسيح أيضا، وُصف غير الإسرائيليون بالكلاب:

“ثم خرج يسوع من هناك وانصـرف إلى نواحي صور وصيداء وإذا بامرأة كنعانية خارجة من تلك التخوم صـرخت إليه قائلة: ارحمني، يا سيد، يا ابن داود ابنتي مجنونة جدا فلم يجبها بكلمة. فتقدم تلاميذه وطلبوا إليه قائلين: اصرفها، لأنها تصـيح وراءنا فأجاب وقال: لم أرسل إلا إلى خراف بيت إسرائيل الضالة فأتت وسجدت له قائلة: يا سيد، أعنّـي فأجاب وقال: ليس حسنا أن يؤخذ خبز البنين ويطرح للكلاب فقالت: نعم، يا سيد والكلاب أيضا تأكل من الفتات الذي يسقط من مائدة أربابها حينئذ أجاب يسوع وقال لها: يا امرأة، عظيم إيمانك ليكن لك كما تريدين . فشفيت ابنتها من تلك الساعة.” متى:15: 21-28

ورغم أن القرآن الكريم، يبرئ السيد المسيح ، من أن يكون قد قال هذه الأمور كلها، إلا أن هذا ما هو مكتوب بالفعل في الكتاب المقدس.

وإذا كان “فيلدرز” يريد أن يحظر القرآن الكريم، أليس من مقتضى العدل أولا أن يحظر الكتاب المقدس لاحتوائه مثل هذه العبارات؟

هل سيجرؤ على التصدي، للمقدسات اليهودية والمسيحية هذه، والموجـودة في التوراة والإنجيل، ويطالب بحظر هذه الكـتب المقدسة أيضا؟

وبما أن الجواب معروف، وهو أنه سوف يجبن عن القيام بذلك، لأنه حينها سوف تقوم الدنيا على رأسه ولن تقعد، فمن الأفضل له أن يلزم الصمت أيضا، تجاه كل ما يتعلق بالقرآن الكريم والدين الإسلامي الحنيف، لأن فكره لن يرقى إلى مستوى فهمها، ما دام بقي حاقدا على هذا الدين واتباعه، ويُكنّ لهم البغض والكراهية.

تاسعا: على المسلمين في هذه البلاد أن يعرفوا أن مقاومـة “فيلدرز” وإحسان جامي وأمثالهم، يجب أن لا تتعدى إطار الحوار والجدال بالتي هي أحسن، والتي يدعو لها القرآن الكريم، فهذه هي الأخـلاق الإسـلامية التي أقرها الله سبـحانه وتعالى في كتابه العزيز، حيـث جاء في القرآن الكـريم:

ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْـمَةِ وَالْمَوْعِـظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُـم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ (النحل: 126)

عاشرا: ندعوا جميع أهل الديانات في هولندا، إلى ترك التعـرض والتهجم على الأديان الأخرى ومقدساتها، والعمل على تشـجيع الحوار البناء الذي من شأنه، أن يوثق العلاقات الأخوية ويحفز على استـتباب الأمن، والحرية الدينية لكل فرد في هذا البلد الجميل.

هذا هو الإسلام الذي ندعـو إليه ونـعرضه في الجماعة الإسـلامية الأحمدية، إسلام المحبة والأخوة والتسامح بين أهل الديانات والطوائف المختلفـة، وهو الإسلام الذي يحفظ الحرية الدينية لجميع بني البشر، ولا يمكن لنا أن نقبل أي فهم آخر للإسلام، وندعو الجميع إلى الإطلاع عليه ودراسته والإيمان به.

Share via
تابعونا على الفايس بوك