القرآن الكريم... أكثر الكتب قراءةً في العالم

القرآن الكريم… أكثر الكتب قراءةً في العالم

عبد السميع خان

  توجد اليوم ملايين الكتب في الدنيا، وللمرء أن يتساءل سؤالاً شيّقًا: أيُّ الكتب أكثر قراءةً. والجواب: القرآن. هذا ما يدَّعيه المؤمنون بالقرآن، ويصدّقه أيضًا الآخرون. والغريب أنَّ هذه الحقيقة لموجودة في اسم القرآن نفسه.

  إنَّ القرآن جامع الغرائب وبحر المعارف التي لا نهاية لها، وكل حرف وكلمة لمعجزة شاهدة على قدرة الله الكاملة. واسم هذا الكتاب العظيم “القرآن” أيضًا مملوءٌ بحقائق ومعارف لا حصر لها. فكلمة “القرآن” مشتقة من قرء، وهي مصدر قرأ يقرأ، ويقوم هنا مقام الاسم المفعول، ومعناه الكتاب الذي يُقرَأُ بكثرة. فكلمة “القرآن” نفسها تتضمَّن نبأً عظيمًا وهو أنَّ الكتاب سيُقرأُ في العالم أكثر من غيره.

يقول سيدنا مؤسِّس الجماعة الإسلامية الأحمدية ، مُشيرًا إلى هذا النبأ الموجود في كلمة “القرآن” ما تعريبه:

“لقد كُشِفَ عليَّ بأنَّ في هذه الكلمة المباركة نبأٌ عظيم، وهو أنَّ هذا الكتاب وحده “لقرآن”، أي جدير بالقراءة، وسيأتي زمانٌ يتَّضح فيه هذا الأمر أكثر عندما ستتواجد كتبٌ أخرى جديرة بالقراءة”. (الملفوظات -مجموعة أقوال مؤسِّس الأحمدية-، مجلد أول ص 386، الطبعة الجديدة)

ولقد أنزل ربّ العالمين هذا النبأ المدهش في الفترة المكيّة من حياة رسول الله حينما كان المؤمنون بهذا الكلام الإلهي قليلين جداً حتى كانوا يُعدُّون على الأصابع، وكانوا عُرضةً للمحن والابتلاءات، ولكن ما زال عددهم يزداد شيئًا فشيئًا.

لقد تمَّ تدوين القرآن بعد فترةٍ من نزوله، ولم يزل منذ تلك الأيام يُنشر في العالم كله، ولكن شرف كونه أكثر الكتب قراءةً كان مقدّرًا له الزمن الحاضر.

إنَّ علماء الغرب وأهل الكتاب كانوا يدَّعون لقرونٍ بأنَّ الإنجيل أو التوراة أكثر الكتب قراءةً في العالم، بحجة أنَّ عدد المسيحيين أكثر من غيرهم. وكانت منظمة يونسكو وغيرها من المنظمات تعلن بأنَّ القرآن يحتل الدرجة الثانية من هذه الناحية.

هكذا كانت خلاصة بحوثهم إلى عشر أو خمس عشرة سنة، ولكن اليوم قد اضطروا إلى الاعتراف بأنَّ القرآن، وليس الإنجيل، حائز على هذا المقام السامي.

يقول البرفسور فيليب حتّي في كتابه: “على الرغم من أنَّ القرآن هو أحدث الكتب التي غيّرت مجرى التاريخ فإنّه أوسع الكتب المدونة انتشارًا ويُقرأ أكثر من غيره”. (تاريخ العرب ص 173)

وقال المستشرق الشهير تشارلس فرانس:

“ليس في الدنيا كتابٌ يُقرأ أكثر من القرآن. يمكن أن تكون نسخ الإنجيل تُباع أكثر منه، ولكن الحقيقة أنَّ الملايين من أتباع رسول الله يبدأون بقراءة آياتٍ طويلة من القرآن خمس مراتٍ يوميًا وهم صغار يتدربون على الكلام”.

هذا القول حق لأنَّ القرآن هو الكتاب الوحيد الذي يُحفَظُ عن ظهر الغيب، ويوجد في الدنيا الملايين من حفّاظه، وبوسيلتهم أيضاً يُقرأ القرآن كثيرًا.

لقد تأكدت هذه الحقائق حينما نشرت اليونيسكو مع المنظمات الأخرى تقريرًا في أواخر سنة 1985م، واعترفت فيه بأنَّ أكثر الكتب قراءةً في العالم اليوم هو القرآن. وأضافت في بيانها بأنَّ عامة المسيحيين في الغرب قد تركوا في السنوات العشر الماضية على الخصوص قراءة الإنجيل شيئًا فشيئًا. فهم لا يهتمون بالعبادة في الكنائس، وقد رفعت الكنائس التزام الزيّ الخاص للحاضرين، والنسوة قد سُمِحَ لهنَّ بالحضور في الكنائس بأقصر لباسٍ. ومع ذلك يقلُّ عددهم يومًا فيومًا، بل إنَّ الآباء قد احتجوا بأنَّ أولادهم يُربَّون تربيةً غير علمية بسبب تعليم الإنجيل.

كما ورد في نفس التقرير أن عدد قُرَّاء القرآن قد ازداد في الدول الاشتراكية أيضًا. حيث ورد فيه: “إن جمعية مسلمة في منطقة قفقاز الشمالي قد أعلنت عن مشروع طبع مليون نسخة من القرآن بمناسبة مرور أحد عشر قرنًا على وصول رسالة الإسلام إلى بلدهم”. (جريدة جنغ، لاهور، 12 مارس 1989م).

لقد ذكر هذا التقرير التطورات التي حدثت في العشر سنوات الماضية، وهي نفس الفترة التي بدأت فيها الجماعة الإسلامية الأحمدية مشروعًا ضخمًا لإشاعة تراجم القرآن على نطاقٍ واسع، وكان ذلك بمناسبة اليوبيل المئوي لتأسيس الجماعة. فمن ناحية وفق الله الجماعة الإسلامية الأحمدية لخدمة القرآن بما لا نظير له، ومن ناحيةٍ أخرى أرسل سبحانه رياحًا من السماء تأييدًا للإسلام، فبدأ الناس ينبذون الإنجيل وراء ظهورهم.

إذاَ فتحقُّق هذا النبأ لصالح القرآن لا يؤكد على وجود الله تعالى مُنزِل القرآن، وعلى صدق القرآن وصدق حامله رسول الله فحسب، بل أيضاً يدلُّ على كون مؤسّس الأحمدية خادمًا للقرآن وكاسرًا للصليب.

غير أنَّ هناك شطرًا من هذا النبأ العظيم لم يتحقق بعد، بل سوف يتحقق في المستقبل القريب إن شاء الله، وهو أنه سيأتي زمانٌ يصبح فيه القرآن أيضًا أكثر الكتب كتابةً في العالم. وهذا هو الهدف الذي عنيته الجماعة الإسلامية الأحمدية للمرحلة القادمة.

المسيحيون يدَّعون اليوم أنَّ الإنجيل أكثر الكتب انتشارًا وترجمةً. والجماعة الإسلامية الأحمدية تعمل الآن بحسب مشاريع واسعة لكيلا يبقى للمسيحيين أي تفوّق في هذا المجال أيضًا. وقد حصلت الأحمدية على نجاح خارقٍ للعادة في هذا الشأن. حيث تمت الآن ترجمة القرآن بكامله إلى خمسين لغة عالمية، وتُرجمت آيات مختارة منه إلى أكثر من مائة وعشرين لغة عالمية. وقد قال إمام الجماعة الإسلامية الأحمدية أيّده الله تعالى، وهو يذكر هذا البرنامج:

“المسيحية تدَّعي أنّها نشرت تراجم الإنجيل في العالَم بحوالي 670 لغة. إذا كانت هذه الدعوى حقًا فإنَّ الجماعة الإسلامية الأحمدية لابدَّ أن تترجم القرآن إلى 670 لغة، حتى لا يُقال بأنَّ القرآن تخلَّف عن الإنجيل في هذا السباق. ولن نبرح حتى ترى الدنيا القرآن أكثر الكتب ترجمةً في العالَم”. (مقتبس من خطابه في الاجتماع السنوي بلندن 1988).

وجديرٌ بالذكر بأنَّ نبأ كتابة القرآن بكثرة أيضاً لموجودٌ فيه، لأنَّ من أسمائه “الكتاب”، وفيه إشارةٌ إلى كثرة كتابته. ثم إنَّ هذا الكتاب ليس بقرآنٍ فقط، بل سُمِّيَ أيضًا: قُرْآنٌ مُبِيْنٌ (الحِجر: 2)، و كِتَابٌ مُبِيْنٌ (النمل: 2)، أي أنه كتابٌ متكامل من كِلتا الناحيتين: القراءة والكتابة.

يقول سيدنا الخليفة الثاني للمسيح الموعود والمهدي المعهود عن هاتين الصفتين للقرآن في تفسيره لسورة الحِجر ما معناه: “لقد أُشير هنا إلى صفتين للقرآن المجيد. ففي كلمة (الكتاب) إشارةً إلى تدوينه، وفي كلمة (القرآن) إشارة إلى قراءته بكثرة. وكأنّهما ليستا باسمين بل هما صفتين، مثل كلمة (محمد) التي تُستعمل أحيانًا عَلَمًا، وأحيانًا صفةً لأحدٍ، أي الذي حُمِّد بكثرةٍ.

وكلتا الصفتين يتصف بهما القرآن في وقتٍ واحدٍ دون أي كتابٍ في العالَم… فالقرآن كتاب مبينٍ بصفة ((قرآن)) ومبين أيضًا بصفة ((كتاب)). (التفسير الكبير، مجلد 4 ص 3).

وليس ببعيد حينما يكون القرآن هو أكثر كتب العالم كتابةً وترجمةً وانتشارًا وقراءةً وذلك عندما تُنشر في العالَم ملايين النُسخ منه. وعندما يقوم ملايين الناس بقراءته فسوف تحدث في العالم ثورةٌ عظيمة، فتشاهد الدنيا بعون الله تعالى انتصارًا كاملاً للإسلام على الأديان كلها. ولقد نصح مؤسِّس الجماعة الإسلامية الأحمدية جماعته باستخدام نفس السلاح لنصر الإسلام حيث يقول حضرته:

“على جماعتنا أن يتعهَّدوا بتدبُّر القرآن والعمل به بكل قلب وروح.. اليوم لو حملتم سلاح القرآن بيدكم فالنصر لكم، ولن تقدر أيّةُ ظلمة أن تقف أمام هذا النور” (الملفوظات، المجلد الأول ص 386).
Share via
تابعونا على الفايس بوك