الافتتاحية

الافتتاحية

التحرير

البوسنة تشغل اليوم بال كل إنسان تقريبا. فهي في التلفاز والمذياع والجرائد، وإنها في أفكار الناس عمومًا وفي قلوب ملايين المسلمين المعذبين خصوصًا. ولكن ربما لم يخطر إلا ببال قليل منا أن البوسنة صارت أسبانيا أخرى، ونفس تاريخ أسبانيا يُعاد في البوسنة. فالعداوة هي هي، والمؤامرة هي هي والوجوهُ هي هي، فقط تغير الزمان والمكان.

كل امرئ مُلمّ بالتاريخ يعرف أن عداوة الشعوب الأوروبية ضد الإسلام هي التي كانت وراء طرد المسلمين من أسبانيا بعد أن حكموها لقرون وبعد أن أعطوا لأوربا الغارقة في الظلمات نور العلم الذي كان أساسًا لازدهارها العلمي والتكنولوجي. وهزيمة المسلمين في أسبانيا لا ترجع إلى تجمع الحكومات المسيحية الأوربية ضدهم بقدر ما ترجع إلى خذلان بعضهم البعض واقتتالهم فيما بينهم. فالواقع أن الأروبيين استغلوا تناحر البلاد الإسلامية. كانوا يساعدون بعض هذه الدول الإسلامية المتناحرة ضد أختها، ويوقعون “اتفاقيات السلام” معها حتى لا تناصر زميلتها إذا هم هاجموها. فمروا مكرهم، ونجحت مؤامرتهم فأتوا عليها واحدة تلو أخرى.

يسجّل التاريخ أن الحكومة الإسلامية الأخيرة في أسبانيا كانت تستنجد بحكومة بغداد الإسلامية حينا، وتستغيث بحكومة دمشق الإسلامية حينا آخر وتَسْتصرخ غيرَها أحيانا، ولكن ما من مجيب ولا نصير. ذلك لأن هذه الحكومات الإسلامية كانت قد استعانت بالأوربيين ضد بعضها البعض وكانت مكبلة بأصفاد اتفاقيات معهم. فقضوا على الحكم الإسلامي في أسبانيا في حرية تامة.

واأسفاه، أننا نرى نفس التاريخ الحالك المؤلم يعاد أمام أعيننا اليوم. فالبوسنة تُباد، ولا تباد إلا لقول أهلها (لا إله إلا الله محمد رسول الله). يستغيثون بالبلاد الإسلامية، ولكن لا تتقدم أية منها لمناصرتهم. لماذا؟ لأن بعضها خائفة. ومعظمها عارية من الغيرة الإسلامية، ومكبّلة بقيود اتفاقيات مع الغرب الغاشم، بل لأنها تعتمد على أمريكا “شرطي العالم” في بقائها واستمرارها.

ألم يأنِ للمسلمين أن يفكروا ويروا أين الخطأ في تفكيرهم وعملهم؟ ألم يأن لهم أن يرجعوا إلى الله ورسوله ليجدوا عنده الحل لمشاكلهم ومصائبهم؟ ألم يأن لهم أن يتحدوا تحت راية المصطفى ؟ ألم يأن لهم أن يبحثوا عن تلك اليد التي تستطيع توحيدهم في هذا الوقت العصيب تحت هذه الراية المباركة كما أخبرهم المصطفى . (المحرر)

Share via
تابعونا على الفايس بوك