أليس تناقض الاتهامات يلغيها؟!

أليس تناقض الاتهامات يلغيها؟!

سامح مصطفى

كاتب وشاعر
  • كيف أن أعداء المبعوثين أدوا دورا فعالا في خدمة الدين، وإن كان بدون قصد!
  • ما قصة دخول الإنكليز إلى الهند؟
  • كيف خدم الوجود البريطاني في الهند انتشار الإسلام فيها؟!
  • وكيف خدم الوجود البريطاني في الهند وصول الإسلام إلى بريطانيا نفسها؟!
  • ماذا كانت طبيعة علاقة المسيح الموعود بحكومة التاج البريطاني بالهند؟
  • وهل حقا تهمة العمالة كذبة مخترعة حديثًا؟!

__

 

المسيح الموعود عليه السلام ومناهضة التاج البريطاني والعمالة له

 

 حتى الشيطان يُثاب بصورة ما!

نعم، الشيطان يُثاب بصورة ما حتمًا، أولسنا نعلم أن الله تعالى جعله لفتنة الناس ومن ثم رقيهم؟! بلى، ولذا نقرأ قول الله تعالى في محكم تنزيله: أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (1). فمن الجيد إذن أن نقر متفائلين بالدور الهام للشياطين وأعداء الدين، والذين مهما بلغت مساعيهم فإن أقصى ما يمكنهم هو تنفيذ إرادة الله تعالى. ولأنه

«لا يَشْكُرُ اللَّهَ مَنْ لا يَشْكُرُ النَّاسَ»(2)،

فإننا كمسلمين أحمديين نجد أنفسنا مضطرين إلى تقديم واجب الشكر إلى أولئك الذين سلكوا مسلك كيل الاتهامات الكاذبة في معارضتهم البغيضة للمسيح الموعود وجماعته المباركة، حين لفقوا اتهامًا خطيرًا لحضرته ولجماعته مفاده أن تلك الجماعة غراس الإنكليز، يريدون أولًا إقناع السذَّج بأن المسيح الموعود ليس من الله، وأنه مجرد مدع، والعياذ بالله، وثانيًا يبتغون إلصاق تهمة العمالة بحضرته وجماعته، فهذه السطور قراءة موجزة في ملف التحقيق في هذه القضية، والتي نختصرها في بضعة أسئلة، هي:

ما قصة وجود الإنكليز في الهند من الأساس؟

أكان ثمة علاقة خاصة تربط المسيح الموعود دون سواه من المسلمين مع الإنكليز؟

متى أُثيرت تهمة العمالة تلك أول مرة؟

الإنكليز في الهند، وتمهيدٌ بدرس تاريخ لا بد منه

الهند بلاد شاسعة، وهي كما نعرفها الآن شبه قارة مترامية الأطراف، تبلغ مساحتها قرابة 4.5 مليون كيلو متر مربع، وقد أثَّرت هذه البقعة من العالم القديم عبر التاريخ في مسيرة ركب الحضارة الإنسانية، وهي تبدو كلوحة فسيفسائية من الشعوب والقوميات واللغات واللهجات والأديان، حتى يمكن القول بأنَّ شبه القارة الهندية تجسيد حقيقي لجميع أدوار التاريخ الإنساني بشتَّى مراحله، وفيها التمثيل الكامل للفروق بين بني الإنسان وما اعتقدوه من معتقدات توحيدية وشركية.

والهند، كما لا يخفى على قارئ مطلع، كانت إلى وقت ليس ببعيد درة التاج البريطاني، وسلة غذاء وكساء الإمبراطورية التي لم تكن تغيب عنها الشمس، ولكن دوام الحال من المحال! وكان الوجود الاستعماري في الهند قد بدأ مع حركة الكشوف الجغرافية الأوربية التي أعقبت سقوط دولة الأندلس الإسلامية، حين وصل المستكشف البرتغالي «فاسكو دي جاما» إليها عبر طريق رأس الرجاء الصالح، ومن ثم تهيَّأ للبرتغاليين موطئ قدم في تلك البلاد التي كانت تضم ممالك إسلامية متناحرة فيما بينها في شمال الهند في إقليمي السند والبنجاب، ووسط الهند في دلهي، بالإضافة إلى بعض الممالك الهندوسية في الجنوب.

ذاعت شهرة الهند في البلدان الأوروبية، وسال عليها لعاب أباطرة الاستعمار وقتها، أي بريطانيا وفرنسا، وكان البرتغاليون قد احتكروا تجارة الهند ورفعوا أسعار المنتجات واحتكروا تصديرها، فتبرمت الدول الأوروبية وقرَّرت دخول ميدان المنافسة مع البرتغاليين، فدخل الهولنديون أولًا ثم الفرنسيون ثم الإنجليز. وعلى الرغم من صغر مساحة بريطانيا، وقلَّة عدد سكَّانها، وفقرها الشديد في الموارد الطبيعيَّة، إلا أن البريطانيين تمكنوا بفضل دهائهم السياسي ومثابرتهم من السيطرة على أجزاء كبيرة من العالم القديم، بل والجديد أيضًا، وذلك بعد اكتشاف الأمريكتين.

فأصبحت الهند بأسرها لأول مرة في تاريخها وحدة سياسية واحدة في يد إمبراطورية واحدة. وحتى وإن كان ذلك التوحد استعمارًا، فإننا ننظر إليه بوصفه تمهيدًا ربانيًّا لبعث المسيح الموعود الذي تُسنَد إليه مهمة مخاطبة أكبر تنويعة بشرية على الإطلاق بما اشتملت عليه من تنوع ديني ولغوي وثقافي وقومي واجتماعي، حتى إن المسيح الموعود حين أعلن دعواه على الملأ انتشر خبره بين كافة أطياف المجتمع الهندي وقتذاك

لم يبدأ الوجود البريطاني في الهند عسكريًّا، فقد دخلها البريطانيون أول مرَّة بصورة شركات تجارية لنقل البضائع من الهند إلى أوروبا. ورحَّب أهل البلاد بالتعامل التجاري مع البريطانيين في بادئ الأمر، كراهية منهم للبرتغاليين ذوي التعصب الصليبي الذين جاؤوا مستعمرين صراحة، ولم يدُر في خلد سلاطين الهند المسلمين وقتئذ أنهم بتحالفهم مع البريطانيين ضد البرتغال يكونون كالمستجير من الرمضاء بالنار، ولكن هذا ما أثبتته الأحداث لاحقًا.

كيف خدم هذا الوضع انتشار الإسلام؟!

من كل ما سبق وسيلحق، نصل إلى نتيجة مؤداها أن الهند كانت مطمعًا عظيمًا وصيدًا سمينًا للقوى الدجالية الأوربية، فإن لم تكن هذه البلاد مستعمرة إنكليزية فحتمًا كانت ستقع نهبة الاستعمار الهولندي أو الفرنسي، وما أفظع وأشنع كليهما! والمستعمرات الفرنسية والهولندية في أفريقيا خير شاهد.. نعم! الاستعمار بغيض كله، ولكن البريطانيين في ذلك الوقت كانوا أحلى المرين، إن جاز التعبير، فقد كان شاغلهم الأكبر بعد بسط نفوذهم على سائر الهند استتباب الأمور واستقرار الأحوال، فأصبحت الهند بأسرها لأول مرة في تاريخها وحدة سياسية واحدة في يد إمبراطورية واحدة. وحتى وإن كان ذلك التوحد استعمارًا، فإننا ننظر إليه بوصفه تمهيدًا ربانيًّا لبعث المسيح الموعود الذي تُسنَد إليه مهمة مخاطبة أكبر تنويعة بشرية على الإطلاق بما اشتملت عليه من تنوع ديني ولغوي وثقافي وقومي واجتماعي، حتى إن المسيح الموعود حين أعلن دعواه على الملأ انتشر خبره بين كافة أطياف المجتمع الهندي وقتذاك، الأمر الذي ما كان له أن يتحقق لولا حال الاستقرار التي أتاحها المستعمرون البريطانيون في ذلك الوقت، لمصلحتهم طبعًا أولًا وأخيرًا، ولكن هذا لا ينفي أن الخير عمَّ الجميع، بمن في ذلك مسلمي الهند الذين أذاقهم الهندوس والسيخ الأمَرَّين قبل حلول البريطانيين.

المسيح الموعود وحكومة التاج البريطاني

إرسال المبعوثين لهداية الأقوام في ظل الوجود الاستعماري هو أمر اعتدناه عبر التاريخ، فحضرة موسى مثلًا تربى وترعرع في كنف فرعون، وأُرسل إلى بني إسرائيل الذين كانوا تحت حكمه، والمسيح الناصري أُرسل إلى بني إسرائيل كذلك، وكان أحد رعايا قيصر الروماني الوثني، فهذا أمر نُقرُّه جميعًا من الناحية التاريخية. إلا أن من دواعي العجب أن يتَّهم أحد المكذبين مبعوثًا سماوِيًّا بالعمالة، غاضًا الطرف عن تلك الحقيقة التاريخية المشار إليها آنفًا، لمجرد أن مبعث ذلك المبعوث تزامن مع وضع استعماري محض لا دخل لذلك المبعوث الرباني فيه.

وهنا نرى من المناسب تعريف ذلك المكذِّب بمصطلح العمالة وماذا تكون، فالعمالة لغةً مأخوذة من التعامل أو المعاملة، أي معاملة الغير، ولكنها من حيث الاصطلاح تبلورت مؤخرًا في معنى التجسس والعمل لصالح العدو، وهنا ننقل أنظارنا تلقاء المجتمع الهندي تحت سيطرة الاستعمار البريطاني حتى أوائل القرن العشرين، ونطرح فرضية مفادها أن البريطانيين كانوا أعداء للهنود طوال 173 عامًا هي مدة ذلك الاحتلال، وبناء على تلك العداوة يُحظر على أي مسلم هندي التعامل مع ذلك المحتل.. بموجب هذه الفرضية يُحظر على المسلمين معاملة السيخ أيضًا، نظرًا إلى ما ثبت من انتهاكاتهم الوحشية دماء المسلمين وأعراضهم وأموالهم، لقد كان السيخ في الهند فصيلًا معاديًا للمسلمين بكل ما تحمله كلمة العداوة من معان، وعداوتهم لم تقل يوًما عن عداوة البريطانيين، بل كانت ألد وأشد، على الأقل كانت الخصومة بين المسلمين والبريطانيين مجرد خصومة سياسية، ولم ينتهج هؤلاء منهج الحرب الدينية والإكراه في الدين مع المسلمين، ولم يخرجوهم من ديارهم، لذا فقد حق أن يتعامل المسلمون مع مثل هذه الحكومة التي أتاحت لهم مساحة من الحرية وفق المبدأ القرآني:

الملكة فيكتوريا

الملكة فيكتوريا

لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (3)،

أما بالنسبة إلى السيخ فقد بلغ الأمر مبلغ العداء الديني أيضًا، وفظائع السيخ بحق المسلمين مشهودة ولا ينكرها إلا مغيب ساذج أو مجادل كاذب.. فظهور المستعمر البريطاني في ذلك المشهد كان بمثابة «رمانة القبَّان»(4) التي تنضبط بها الأمور وتثبت الأحوال، لا سيما وأنه فرض على جميع الهنود قانونًا يسير لهم معيشتهم ويميط خصومتهم، ونعود فنكرر أن فرض القانون لم يكن لسواد أعين الهنود مسلمين كانوا أو سيخًا أو هندوسًا، ولكن على أية حال قد استفاد الجميع.

وعلى الرغم من الطبيعة الاستعمارية للوجود البريطاني في الهند، إلا أن البريطانيين، كأفراد، كانوا يمثلون شريحة من شرائح المجتمع الهندي آنذاك، إذ كان منهم المدنيون المقيمون بالهند كموظفين في شتى المؤسسات الحكومية أو الإرساليات المسيحية لتنصير الهند. وقد تيسر بفضل هذا الاتصال بين البريطانيين والمسلمين الهنود وصول رسالة الإسلام إلى عقر دار المستعمر البريطاني، حيث أُلقِيت رسالة الدعوة إلى الإسلام بصورة كتاب كريم عنوانه «نجم القيصرة» الذي كتبه المسيح الموعود عام 1899م، ودعا فيه حضرته الملكة فيكتوريا إلى الإسلام بكلمات  صادقة مؤثرة، وتشير محصلة النتائج والملاحظات المرصودة بعد ذلك أن تلك الملكة المكرمة تلقت رسالة المسيح الموعود على محمل الجد والتوقير..

ويرى البعض أن المستعمر الانكليزي قد أتاح الحرية الدينية لا لشيء إلا لفتح المجال لحملات التنصير وإرسالياتها في الهند، وغاب عن تصوره أن الله الحي القيوم قد هيَّأ مسيحه  الموعود للدفاع عن دينه ونشره في جميع بقاع العالم. وبعد مرور ست عشرة سنة على وفاة حضرته  وُفقت الجماعة لبناء أول مسجد في عقر دار المسيحية بالعاصمة البريطانية لندن ينة 1924. وتلته مساجد عديدة في القارة الأوروبية، فالحمد لله على ذلك. والجدير بالذكر أنه في تلك الفترة  لم يكن المسلمون في سائر أصقاع العالم، بمن في ذلك العرب منهم يحلمون بهذا المكسب ولا يتصورون إمكانية تحقق ذلك المسعى، على الرغم من أن كبرى المؤسسات الدينية الإسلامية في الدول الإسلامية كانت في أوج عظمتها وشعبيتها في بلدانها، فهناك الأزهر الشريف بالقاهرة، وجامع الزيتونة بتونس، وجامعة القرويين بفاس المغرب، وكلها تقوم بدورها المعروف في التوعية الدينية، غير أن أيًّا منها لم تُقدِم على دعوة أي من المستعمرين الأوربيين إلى الدين الحنيف، ناهيك عن أن تُخرِج ترجمة لمعاني القرآن الكريم تواجه بها حملات التنصير الآتية من وراء البحار! لقد كان كل السبق من نصيب المسيح الموعود وجماعته الذين اتهموا مؤخرًا بالعمالة للإنكليز المستعمـــــرين، فما أصــــــل ذلك الاتهام ومنــشـــــــؤه يا ترى؟!

حضرة مززا غلام أحمد القادياني المسيح الموعود والإمام المهدي عليه السلام

العمالة، كذبة مخترعة حديثًا!

مما تجدر ملاحظته على مدى 132 عامًا، هي عمر الجماعة الإسلامية الأحمدية إلى الآن، أنه منذ ابتداء المعارضة للمسيح الموعود وجماعته وحتى اللحظة، فإن تلك المعارضة لم تتخذ شكلًا ولا مظهرًا واحدًا، وإنما هي في تلوّن حربائي مستمر تبعًا للظروف السائدة، فخلال فترة الاستعمار البريطاني لشبه القارة الهندية لم نكن نسمع أيًّا من قادة التكفير من هؤلاء المشايخ يطلع علينا بالتهمة المتداولة والقائلة بعمالة حضرته (وحاشاه) للإنكليز. إن هذه التهمة والفرية البغيضة في حد ذاتها دليل نفاق المشايخ الذين كانوا دائمي الوشاية بحضرته لدى الحكام الإنكليز أنفسهم في الهند، وقد اتُّهم حضرته غير مرة بمناهضة حكم التاج البريطاني، والسعي لإثارة القلاقل، أما وقد تغير الحال، وخرج الإنكليز من الهند، آن لوقاحة المشايخ أن تغير جلدها كالثعبان النامي، إن حضرته وهو المتهم بالأمس بإثارة القلاقل ضد الحكومة الإنكليزية أصبح بين عشية وضحاها متهمًا كذلك، ولكن بتهمة مختلفة، وهي العمالة للاستعمار وموالاة الإنكليز. حقًّا، إن التعصب أعمى، وغبي أيضًا(5)!

إن من يتهم المسيح الموعود وجماعته بالعمالة للإنكليز، لو كان لديه ذرة من الحياء، لما تفوه بمثل هذا الافتراء.  حيث مُني المشايخ بهزيمة نكراء في عالمنا المعاصر الذي يصل فيه أي باحث إلى المعلومة بكبسة زر. وما ينساه المغرضون والمشايخ أن شريحة كبيرة من الناس قد تخلصت من سيطرة المشايخ على تفكيرهم حتى أن بعض الصحفيين العرب المنصفين يضحكون لدى سماع مثل هذه الاتهامات قائلين: ألا ترى ما يدور حولك من تحالفات؟ لماذا تُصر على إغماض عينيك وتروج لاتهامات أكل عليها الدهر وشرب وثبت عدم جدواها؟!

غير أن أيًّا منها لم تُقدِم على دعوة أي من المستعمرين الأوربيين إلى الدين الحنيف، ناهيك عن أن تُخرِج ترجمة لمعاني القرآن الكريم تواجه بها حملات التنصير الآتية من وراء البحار! لقد كان كل السبق من نصيب المسيح الموعود وجماعته الذين اتهموا مؤخرًا بالعمالة للإنكليز المستعمـرين

تناقض الاتهامات يُلغيها

التأمل في مجريات التاريخ يرينا أن جميع الأنبياء قد تعرضوا لاتهامات باطلة من قِبَل أعدائهم، بحيث لم يكد يسلم أي من الأنبياء من تلك الاتهامات، بمن فيهم سيدنا محمد ، الذي اتهمه المكذبون من قومه تارة بأنه ساحر وتارة أخرى بأنه مسحور، وعرض القرآن الكريم هاتين التهمتين في قوله:

قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ مُبِينٌ (6)،

وقوله في موضع آخر:

نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوَى إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا * انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا (7)..

والقاعدة البديهية القانونية تقول بأنه حال تعارض اتهامين فإن أحدهما أو كليهما باطل، ويزداد البطلان تأكيدًا حين يكون المدعي هو نفسه الذي يكيل الاتهامين.

فالآن تبدو القضية أكثر وضوحًا، وإصدار الحكم فيها متيسر بعد أن اتضحت كافة الملابسات وبعد تتبع كافة الخيوط وربطها مع بعضها البعض، وها هو المَسِيحُ المَوْعُودُ بَيْنَ اتهامين اثنين كل منهما ينفي الآخر ويلغيه، فهو تارة متهم بمُنَاهَضَةِ التَّاجِ البِرِيطَانِيِّ وَمتهم بالعَمَالَةِ للجهة نفسها تارة أخرى؟! نتساءل الآن ونسأل أهل الحل والعقد عن التصرف السديد في تلك الحال، ونسأل البسطاء من الناس الذين يتبعون مشايخ التكفير اتباعًا أعمى فنقول لهم: أليس فيكم رجل رشيد؟!

الهوامش:

  1. (العنْكبوت: 3)
  2. رواه البخاري في «الأدب المفرد»
  3. (الممتحنة: 9)
  4. رمانة القبَّان: ثِقْل من الحديد ونحوه على شكل الرُّمَّانة، تُحرَّك على قضيب الميزان حتى يعتدل فيقرأ رقم الوزن (معجم اللغة العربية المعاصرة، مادة «ر م ن»)
  5. «المعَارضة المتلونة وصدق المبعوثِين»، مجلة التقوى، عدد يوليو 2017
  6. (يونس: 3)
  7. (الإسراء: 48-49)
Share via
تابعونا على الفايس بوك