مصيبة الأمة في التفريق بين الخلفاء وآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم

مصيبة الأمة في التفريق بين الخلفاء وآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم

حضرة مرزا مسرور أحمد (أيده الله)

حضرة مرزا مسرور أحمد (أيده الله)

الخليفة الخامس للمسيح الموعود (عليه السلام)
  • حقيقة حب المسيح الموعود لآل البيت.
  • مماثلة حضرته بالحسين، والفتح المقدر على يد الجماعة
  • مُصِيبَةُ الأُمَّةِ كائنة فِي التَّفْرِيقِ بَيْنَ الخُلَفَاءِ وَآلِ بَيْتِ النَّبِيِّ

__

خطبة  الجمعة التي ألقاها أمير المؤمنين سيدنا مرزا مسرور أحمد

– أيده الله تعالى بنصره العزيز  – الخليفة الخامس للمسيح الموعود والإمام المهدي عليه السلام

 بتاريخ 28/8/2020م في مسجد مبارك، إسلام آباد تلفورد بريطانيا

تنويه: * العنوان الرئيسي والعناوين الفرعية من إضافة أسرة «التقوى»

بعث الله تعالى في هذا الزمن بحسب وعده إمامَ هذا الزمان المسيح الموعود والمهدي المعهود حكمًا عدلًا في تبعية الرسول ، وهو ذلك الحكم العدل الذي كانت غايته أن يجعل جميع المسلمين أمة واحدة في ضوء التعليم الحقيقي للإسلام، وأن يزيل الخلافات بين المذاهب والفِرق المختلفة، ويصحح تفاسيرها الخاطئة ويوحّد المسلمين. فنرى اليوم أن من كل طائفة للمسلمين هناك مَن أمعنوا الفكر في هذا الأمر بجدية وغشيتهم الآلام بسبب هذا التشرذم الطائفيّ والمذهبيّ، فانضموا إلى جماعة المسيح الموعود مسترشدين بالعلم والعقل والدعاء، وينضم إليها مئات الآلاف كل عام. فالجماعة الإسلامية الأحمدية لم تنشأ بناء على اختلاف طائفي أو نظَري وتفسيري بل هي جماعة تأسست في آخر الزمان بواسطة الخادم الصادق للرسول وفق نبوءاته وبحسب وعد الله ، وسوف تُصبح أمة واحدة نتيجة بيعة المسيح الموعود وستُزال كل الخلافات بيْن الشيعة والسنة أو بين الطوائف والمذاهب الأخرى. وسنصبح أمة واحدة بإطْلاع الناس على التعليم الحقيقي للإسلام، ولهذا الغرض بُعث المسيح الموعود وأقام هذه الجماعة بأمر من الله تعالى. حيث أمره الله تعالى وحيًا: اجمعْ جميع المسلمين على وجه الأرض على دين واحد. («بدر» 24/11/1905، ص2) فهذه المهمة التي وكلَّه الله تعالى بها هي نفسُها مهمةُ جماعتِه بواسطة التمسك بالخلافة بعده . وهذا ما نقوم به منذ 130 عاما بفضل الله تعالى، أو منذ بدْء نظام الخلافة أي منذ 112 عامًا، فأنجزها على ما يُرام. ونحن بدورنا نخبر المسلمين بتعاليم الإسلام الصحيحة في ضوء القرآن الكريم والسنة النبوية والأحاديث الصحيحة والتفسير المليء بالمعارف لإمام الزمان الحكم العدل ، بل نسعى لضم غير المسلمين إلى دائرة الإسلام بإطلاعهم على تعاليم الإسلام الجميلة. إذنْ، أُسّست جماعة المسيح الموعود الحكم العدل لرفع الخلافات، وبالرغم من المعارضة ورفْع القضايا وإثارة المشاكل وكَيْل الشتائم ضدنا، لا يصدُر منا إلا الأمن والسلام والدعاء للجميع، ولن نتوقف عن نشر الحق، قولًا وفعلاً، وتقديم التضحيات في هذا السبيل. لم يظهر منا قتالٌ ولا سِبابٌ من قبل، ولن يظهر في المستقبل أيضًا، فلا بد للجماعات الإلهية أن تواجه المعارضة وتتحمل الإيذاء ولكن الله يجعل الفلاح من نصيبهم في نهاية المطاف.

ونحن ندعو الله ونسعى جاهدين لإيصال رسالة إمام الزمان إلى أهل جميع الأديان والبلدان، ولكنني أطالب عامة المسلمين والجادّين والباحثين عن الحق وأصحاب العلم والعقل الذين يرجون إنهاءَ الفتنة والفساد أن يفكروا في هذا الأمر. فمنذ مئات السنين بل بعد بضعة عقود من بدْء الإسلام قد وقع المسلمون في الاختلافات وأضعفوا وحدتهم. قد هَلَّ علينا هذه الأيام هلالُ شهر المحرم وهو الشهر الأول من التقويم الهجري، إننا نهنّئ بعضنا البعض في بداية السنة الميلادية ولكن للأسف في بداية السنة الهجرية يحدث الاقتتال في كثير من البلدان الإسلامية بسبب الخلافات الطائفية، والدين الذي يعطي أسمَى تعاليم الأمن والسلام يبدأ أهلُه عامَهم الجديد بالفتنة والشر والاقتتال فيما بينهم، فيجب أن نفكر في حالنا، ونغير من تصرفاتنا، وننظر كيف نستطيع أن نجعل المسلمين أمة واحدة، ونقضي على هذه الفتن وأعمال التطرف. ويجب أن نتأمل في بيان سيدنا ومطاعنا خاتم النبيين محمد المصطفى حيث أنبأ بمجيء زمن الفيج الأعوج بعد الرقي الأول للإسلام ، كذلك بشّر بقيام الخلافة على منهاج النبوة. فالأمر الذي تسبب في اختلاف المسلمين هو الذي يمكن أن يكون وسيلةً لجعل المسلمين أمةً واحدةً بعد قيام الخلافة على منهاج النبوة، وتكون علامة منيرة على رقي المسلمين ووحدتهم. فالظروف تشير إلى أن هذا هو الزمن الذي تتحقق فيه الآيات الواردة في القرآن والحديث، أو قد تحققت، فلماذا لا نبحث عن الحكم العدل وخادم النبي الصادق الذي كان سيقضي على الاختلافات بين السنة والشيعة والفرق والمذاهب الأخرى ويوحدنا كأمة واحدة؟ ولا ننساق كالعميان وراء المشايخ المزعومين الذين يُغرقون أنفسهم ويسعون لإغراق الكثير من المسلمين معهم. ونرى أنه مادامت العلامات الواردة في القرآن والحديث قد تحققت فلا بد أن ذلك الموعود قد أتى! ثمة حاجة إلى أن نبحث عنه ونرى من ذا الذي بُعث من الله تعالى ليكون وسيلة لنشأة الإسلام الثانية لأنه لا بد أن يُبعث أحد.

نقول نحن الأحمديون إنه مؤسسُ الجماعة الإسلامية الأحمدية حضرة مرزا غلام أحمد القادياني الذي وكّله الله تعالى بمهمة النشأة الثانية للإسلام وبواسطته يحقق الله تعالى نشأة الإسلام الثانية الآن وفي المستقبل، وهو الذي سيبدّل الخصومات والفتن أمنًا وسلامًا. فإذا كنا نتمتّع بالعقل فيجب ألا نحوِّل شهر المحرم إلى مناسبة للحزن، ولا نجعل منه ذريعة لإخراج ضغائننا وحقدنا وغضبنا ولا نجعله وسيلة لإظهار عواطفنا فحسب، بل علينا أن نحوِّله إلى شهر الحب والمودة فيما بيننا، وأن نتبع تعاليم الإسلام الحقيقية، ونقتدي بالإمام الذي وهب الله له مكانة الحكم العدل في هذا الزمن، حينها يمكن أن نُسمّى مسلمين حقيقيين ونجعل العالم يتبعنا.

آفة البلهاء في التفريق بين الخلفاء

قال المسيح الموعود مرة وهو ينصح أحد العلماء:

«لستُ كشيخ عادي، بل إنني جئت على سنن الأنبياء، فانظروا إليّ باعتباري رجلًا سماويًّا، فتنحلّ كل هذه الخصومات والنزاعات الموجودة بين المسلمين جملةً واحدةً. إن الذي جاء من عند الله مأمورًا وحكمًا عدلًا فإن المعنى الذي يفسر به القرآن هو الصحيح، والحديث الذي يصححه هو الحديث الصحيح، وإلا انظروا، هل هذه الخصومات بين الشيعة والسنة قد حُلَّت حتى اليوم؟ لم تنحل حتى الآن، إذا كان الشيعة يسيؤون إلى الخلفاء الثلاثة ويستخدمون كلمات بذيئة عنهم فهناك بعض الناس الآخرين الذين يقولون عن علي -كرّم الله وجهه- إن قلبه كان يرغب في الخلافة ولكن أبا بكر حال دونه، أي كان علي يتمنى الخلافة.

فإذا كنا نتمتّع بالعقل فيجب ألا نحوِّل شهر المحرم إلى مناسبة للحزن، ولا نجعل منه ذريعة لإخراج ضغائننا وحقدنا وغضبنا ولا نجعله وسيلة لإظهار عواطفنا فحسب، بل علينا أن نحوِّله إلى شهر الحب والمودة فيما بيننا، وأن نتبع تعاليم الإسلام الحقيقية، ونقتدي بالإمام الذي وهب الله له مكانة الحكم العدل في هذا الزمن، حينها يمكن أن نُسمّى مسلمين حقيقيين ونجعل العالم يتبعنا.

ولكني أقول إن هؤلاء لن يصلوا إلى الحق أبدًا ما لم يتركوا طريقهم ويروا مِن خلالي. إذا كان هؤلاء لا يوقنون بشيء فلا بد أن يوقنوا على الأقل أنْ لا مناص من الموت في النهاية، والنجاة من الرجس بعد الموت محال. فما دام كيل السباب والشتائم ليس أمرًا محبذًا للشرفاء، فكيف يكون عبادةً عند الله القدوس؟! ومن أجل ذلك أقول: تعالوا إليَّ واسمعوا قولي لكي تروا الحق. إني أسعى إلى أن أنزع عنكم عباءة أفعال الرياء والعقائد الخاطئة هذه التي تلبسونها، فتوبوا توبة صادقة وكونوا مؤمنين.ثم أقول إن الإمام الذي تنتظرونه هو أنا، فخذوا مني الدليل على ذلك.

فهذه هي الحقيقة التي تهب لكم الفهم السليم للدين، أي اتركوا نزاعاتكم وأنانيتكم ثم احضروا عند الله تعالى وادعوه وتوبوا توبة حقيقية. وهذا لن يتأتى ذلك إلا بالإنابة إلى الله تعالى مع تطهير القلب من كل الشوائب. فعندها يهدي الله تعالى إلى الحق.

قال سيدنا المسيح الموعود مُبَيِّنًا مكانة الخلفاء الراشدين العظيمة:

«…أما أنا فأعلم أن من المستحيل أن يصبح المرء مؤمنًا ومسلمًا بدون أن يتصبغ بصبغة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضوان الله عليهم أجمعين. إن هؤلاء لم يحبّوا الدنيا، بل كانوا قد نذروا حياتهم في سبيل الله تعالى».

فهذه هي مكانة هؤلاء العظماء عند المسيح الموعود ، ولا بد للمرء من أن يتخذ هؤلاء الخلفاء الأربعة أسوة له لكي يكون مؤمنًا ومسلمًا حقيقيًّا. وإذا فعل ذلك فكيف يبقى هناك مجال للفِرَق والمجادلات بناء على المذاهب والمسالك.

باختصار، إن عقيدة الجماعة الأحمدية هي أن هؤلاء الخلفاء كلهم قدوة لنا، ومادامت هذه عقيدتنا أفليس حقًا أن الجماعة الأحمدية هي الجماعة الوحيدة القادرة على توحيد المسلمين بالقضاء على ما يوجد بينهم من فُرْقة وتشتت؟!

إن للخلفاء الراشدين الأربعة مكانتهم ومراتبهم العليا، وقد بيّن سيدنا المسيح الموعود مكانة كل خليفة منهم بيانًا مفصلًا في مواضع مختلفة، وذلك لكي نعرف مكانة كل واحد منهم. وأقرأ على مسامعكم الآن مقتبسات من أقوال المسيح الموعود لكي يعرف الأحمديون الجدد والشباب ما هو موقفنا وإيماننا ومعتقدنا. يقول حضرة المسيح الموعود :

«في ذلك العصر أيضًا (أي في بداية عهد أبي بكر) كان مسيلمة الكذاب قد جمع حوله الناس كالإباحيين، (أي شرح الأمور شرحًا خاطئًا وأباح المحظورات لكي يضم الناس إليه وهكذا حشَد حوله الناس) وكان أبو بكر قد انتُخب خليفة في تلك الظروف الحرجة، وبوسع المرء أن يقدِّر المشاكل التي واجهته. ولولا أنه كان رابط الجأش ولو لا أن إيمانه كان متصبغًا بصبغة إيمان النبي ، لوقع في ورطة ولأصيب بالذعر والهلع. ولكن كان للصديق والنبي ظلٌ واحد (أي كان أبو بكر تحت ظل النبي ،) وكان تحت تأثير أخلاق النبي ، وكان قلبه عامرًا بنور اليقين، فأبدى من الشجاعة والثبات ما لا نجد نظيره إلا عند النبي . كانت حياته حياة الإسلام. وهذه قضية لا تحتاج إلى نقاش طويل. ادرسوا أحداث تلك الأيام ثم انظروا الخدمات التي أسداها أبو بكر رضي الله عنه للإسلام. أقول حقًّا وصدقًا: إن أبا بكر رضي الله عنه كان آدم الثاني للإسلام، وإنني على يقين أنه لولا أبو بكر بعد النبي لما وُجد الإسلام.

(لم يُقِمِ الله تعالى عندها إلا سيدنا أبو بكر لردِّ هجمات الأعداء عن الإسلام ولحماية الشريعة، فكان سببًا في حياة الإسلام وأفشل هجمات الأعداء بسبب ما تمتع به من تربية على يد النبي وعلاقة عظيمة معه) إن من مِنن أبي بكر الصديق العظيمة أنه أقام الإسلام من جديد، وعاقب المتمردين كلهم نتيجة قوة إيمانه، وأرسى دعائم الأمن والاستقرار، بحسب النبوءة التي قال الله فيها ووعد بأنه سيقيم الأمن على يد الخليفة الصادق. لقد تحققت هذه النبوءة في خلافة أبي بكر رضي الله عنه، وقد شهدت على ذلك السماءُ والأرض شهادة عَملية. فالصدّيق مَن يبلغ هذه الدرجة في كمال صدقه».

ثم يقول سيدنا المسيح الموعود وهو يبين محاسن سيدنا عمر رضي الله عنه ومكانته: «تعرفون كم كانت مكانة عمر رضي الله عنه عظيمة بين الصحابة! حتى إن القرآن الكريم كان ينزل وفق رأي عمر أحيانًا. ولقد ورد في حقه في الحديث الشريف أيضًا أن الشيطان يفرّ من ظل عمر، وورد أيضا: «لو كان بعدي نبي لكان عمر». وجاء في حديث ثالث:

«لَقَدْ كَانَ فِيمَا قَبْلَكُمْ مِنَ الْأُمَمِ مُحَدَّثُونَ فَإِنْ يَكُ فِي أُمَّتِي أَحَدٌ فَإِنَّهُ عُمَرُ.

وقال سيدنا المسيح الموعود وهو يذكر كلا من سيدنا أبي بكر وسيدنا عمر وسيدنا عثمان :

أظهرَ عليَّ ربّي أن الصِدّيق والفاروق وعثمان ، كانوا من أهل الصلاح والإيمان، وكانوا من الذين آثرهم الله وخُصّوا بمواهب الرحمن، وشهد على مزاياهم كثير من ذوي العرفان. تركوا الأوطان لمرضاة

حضرة الكبرياء، ودخلوا وطيس كل حرب، وما بالَوا حَرَّ ظهيرة الصيف وبرْدَ ليلِ الشتاء، بل ماسوا في سبل الدين كفِتْيةٍ مترعرعين، وما مالوا إلى قريب ولا غريب، وتركوا الكلَّ للهِ ربِّ العالمين. وإنّ لهم نَشْرًا في أعمالهم، ونفحاتٍ في أفعالهم، وكلُّها ترشد إلى روضاتِ درجاتهم وجناتِ حسناتهم، ونسيمُهم يُخبر عن سِرِّهم بفَوْحاتها، وأنوارُهم تظهر علينا بإناراتها.

هذه المقتبسات كثيرة، وأقرأ بعضها عليكم، من كتاب “سرّ الخلافة”، وهو كتاب بالعربية .

وقال سيدنا المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام وهو يبين محاسن سيدنا علي ومكانته رضي الله عنه:

«كان رضي الله عنه تقيًّا نقيًّا مِن الذين هم أحبُّ الناس إلى الرحمن، ومِن نُخَبِ الجيلِ وساداتِ الزمان. أسدُ اللهِ الغالبِ وفَتَى اللهِ الحنّان، نَدِيُّ الكَفِّ طيّبُ الجَنان. وكان شجاعًا وحيدًا لا يُزايل مركزَه في الميدان، ولو قابله فوجٌ من أهل العدوان. أنفدَ العمرَ بعيشٍ أَنْكَدَ وبلَغ النهايةَ في زهادةِ نوعِ الإنسان. وكان أوَّلَ الرجال في إعطاء النَشَبِ وإماطةِ الشَّجَبِ، وتفقُّدِ اليتامى والمساكين والجيران. وكان يجلّي أنواعَ بسالةٍ في مَعارِك، وكان مَظْهَرَ العجائب في هيجاءِ السيف والسنان. ومع ذلك كان عَذْبَ البيان فصيحَ اللسان. وكان يُدخل بيانه في جذر القلوب ويجلو به صدأ الأذهان، ويجلي مطلعه بنور البرهان. وكان قادرًا على أنواع الأسلوب، ومن ناضله فيها فاعتذر إليه اعتذار المغلوب. وكان كاملا في كل خير وفي طرق البلاغة والفصاحة، ومن أنكر كماله فقد سلك مسلك الوقاحة».

 أظهرَ عليَّ ربّي أن الصِدّيق والفاروق وعثمان ، كانوا من أهل الصلاح والإيمان، وكانوا من الذين آثرهم الله وخُصّوا بمواهب الرحمن، وشهد على مزاياهم كثير من ذوي العرفان. تركوا الأوطان لمرضاة حضرة الكبرياء، ودخلوا وطيس كل حرب، وما بالَوا حَرَّ ظهيرة الصيف وبرْدَ ليلِ الشتاء، بل ماسوا في سبل الدين كفِتْيةٍ مترعرعين، وما مالوا إلى قريب ولا غريب، وتركوا الكلَّ للهِ ربِّ العالمين.

ثم يقول عن مكانة سيدنا علي وخلافته ما نصه:

«ولا شك أن عليًّا كان نُجعةَ الرُّوَّاد وقدوة الأجواد، وحجة الله على العباد، وخيرَ الناس من أهل الزمان، ونورَ الله لإنارة البلدان، ولكن أيام خلافته ما كان زمن الأمن والأمان، بل زمان صراصر الفتن والعدوان. وكان الناس يختلفون في خلافته وخلافة ابن أبي سفيان، وكانوا ينظرون إليهما كحيران، وبعضهم حسبوهما كفَرْقَدَي سماءٍ وكزَنْدَينِ في وِعاءٍ. والحق أن الحق كان مع المرتضى، ومَن قاتَلَه في وقته فبغى وطغى».

ثم يقول سيدنا المسيح الموعود في بيان حفظ الخلفاء الراشدين الأربعة القرآنَ الكريم وأدائهم حق هذه الأمانة ما تعريبه: إن المعتقد الأهم هو أن الصديق الأكبر وعمر الفاروق وذا النورين أي عثمان وعليًّا المرتضى كانوا أمناء في الحقيقة. وأنّ أبا بكر كان آدم الثاني للإسلام. وكذلك إن لم يكُن الفاروق وعثمان رضي الله عنهما أمينَينِ صادقَين لاستحال علينا اليوم أن نقول عن أية آية من القرآن الكريم إنها من الله تعالى.

ثم قال عن هؤلاء الخلفاء الأربعة ما نصه: «ووالله إنهم رجال قاموا في مواطن الممات لنصرة خير الكائنات، وتركوا لله آباءهم وأبناءهم ومزّقوهم بالمرهفات، وحاربوا الأحبّاء فقطعوا الرؤوس، وأعطوا لله النفائس والنفوس، وكانوا مع ذلك باكين لقلة الأعمال ومتندمين. وما تمضمضت مُقلتهم بنوم الراحة، إلا قليل من حقوق النفس للاستراحة، وما كانوا متنعمين. فكيف تظنون أنهم كانوا يظلمون ويغصبون، ولا يعدلون ويجورون؟ وقد ثبت أنهم خرجوا من الأهواء، وسقطوا في حضرة الكبرياء، وكانوا قومًا فانين.»

إذًا، هذه هي المعرفة التي وهبها لنا المسيح الموعود إياها بمكانة الخلفاء الأربعة، ولو أنزل المسلم هؤلاء العظام هذه المكانة، عندها فقط سيُعدُّ مسلمًا حقيقيًّا وجزءًا من الأمة الواحدة، غاضًا الطرف عن الخلافات الداخلية التي لن تنفع الإسلام شيئًا، إلا أن العدو سيستفيد منها حتمًا في الحقيقة وهذا ما نراه في هذه الأيام.

حب المسيح الموعود لآل البيت، وإزالة سوء فهم

فإذا أمكن لأحد إسداء أية خدمة للإسلام في العصر الراهن، ورغب في حمايته فلا يمكنه ذلك إلا بالارتباط مع جريّ الله الذي بعثه الله تعالى في هذا العصر لإنجاز هذه المهمة. وكما قلتُ آنفًا إننا في هذه الأيام نعيش أجواء شهر المحرم، وفي اليوم العاشر منه غدًا أو بعد غد يشرع أهل التشيع في التعبير عن عواطفهم بمناسبة ذكرى استشهاد سيدنا الحسين ، والتي لا شك أنها كانت مظلمة عظيمة. ويُساء الظن بالمسيح الموعود بأنه وجماعته لم يُدركوا مكانة أهل بيت النبي . بينما ظلت الجماعة الإسلامية الأحمدية تسعى جاهدة دائمًا لإزالة سوء الفهم هذا. وقد قدّمتُ عن سيدنا علي ، بعض المقتبسات من كلام المسيح الموعود التي توضح مكانته في نظر المسيح الموعود ، وتبين أيضًا أننا نؤمن بأن الخلفاء الثلاثة كانوا على الحق. وسأقدم بعض المقتبسات الأخرى من كلام المسيح الموعود وملفوظاته التي تبين مكانة أهل بيت النبي في نظره ، وما نصح به جماعته بهذا الشأن. وقد كتب سيدنا المسيح الموعود في كتابه «سر الخلافة» عن سيدنا علي وأهل بيت النبي . فقال عن سيدنا علي ما نصه: «كان يندب إلى مواساة المضطرّ، ويأمر بإطعام القانع والمعترّ، وكان من عباد الله المقربين. ومع ذلك كان من السابقين في ارتضاع كأس الفرقان، وأُعطِيَ له فهمٌ عجيبٌ لإدراك دقائق القرآن. وإني رأيته وأنا يقظان لا في المنام، فأعطاني تفسير كتاب الله العلام، وقال: هذا تفسيري، والآن أُولِيتَ فَهُنّيتَ بما أُوتِيتَ. فبسطتُ يدي وأخذت التفسير، وشكرت الله المعطي القدير. ووجدتُه ذا خَلْقٍ قويم وخُلقٍ صميم، ومتواضعًا منكسرًا ومتهلِّلًا منوّرًا. وأقول حلفًا إنه لاقاني حُبًّا وأُلْفًا، وأُلقي في روعي أنه يعرفني وعقيدتي، ويعلم ما أخالف الشيعة في مسلكي ومشربي، ولكن ما شمخ بأنفه عُنفًا، وما نأى بجانبه أنفًا، بل وافاني وصافاني كالمحبين المخلصين، وأظهر المحبة كالمصافين الصادقين. وكان معه الحسين بل الحسنينِ وسيد الرسل خاتم النبيين، وكانت معهم فتاة جميلة صالحة جليلة مباركة مطهّرة معظّمة مُوَقرة باهرة السفور ظاهرة النور، ووجدتها ممتلئة من الحزن ولكن كانت كاتمة، وأُلقي في روعي أنها الزهراء فاطمة. فجاءتني وأنا مضطجع فقعدت ووضعت رأسي على فخذها وتلطفت، ورأيتُ أنها لبعض أحزاني تحزن وتضجر وتتحنن وتقلق كأمّهات عند مصائب البنين.»

يعترض المشايخ من أصحاب الذهنية القذرة على ما كتبه حضرته بأن «السيدة فاطمة وضعت رأسي على فخذها»، في حين أنه بيان لعاطفة حب الأم تجاه ولدها، ولكن ماذا عسى أن يقول أحد لأصحاب هذه الذهنية القذرة؟! والغريب أن عامة المسلمين يسمعون لأقوالهم هذه ويظنون أنه قد أسيء فعلًا إلى السيدة فاطمة الزهراء، والعياذ بالله. مع أن الأمر يتضح جليًّا في الجمل التالية التي يقول فيها حضرته بأنها تعاملني كالأم الحنون. على أية حال، يقول حضرته :

«فعُلّمتُ أني نزلتُ منها (أي من السيدة فاطمة) بمنزلة الابن في عُلَق الدين، وخطر في قلبي أن حزنها إشارة إلى ما سأرى ظلمًا من القوم وأهل الوطن المعادين. (أي أن السيدة فاطمة حزينة لأن ابنها هذا سيضطر لتحمل ذاك الظلم). ثم جاءني الحسنان، وكانا يبديان المحبة كالإخوان، ووافياني كالمواسين. وكان هذا كشفًا من كشوف اليقظة، وقد مضت عليه بُرْهة من سنين.ولي مناسبة لطيفة بعليّ والحسين، ولا يعلم سرّها إلا رب المشرقين والمغربين. وإني أحبّ عليًّا وابناه، وأعادي من عاداه، ومع ذلك لستُ من الجائرين المتعسفين. وما كان لي أن أعرض عما كشف الله عليَّ، وما كنت من المعتدين.» (سر الخلافة، ص 53 – 54)

ثم قال المسيح الموعود في موضع آخر:

«ما قلته في القصيدة في شأن الإمام الحسين ، وما بيّنته بحق عيسى ليس من صُنع الإنسان. (بل هي تعليم من الله تعالى) والخبيث مَن يطيل لسانه على الكُمَّل والصادقين مدفوعًا بأهوائه النفسانية. إنني على يقين بأن الذي يطيل اللسان على الصادقين مثل الحسين وعيسى عليهما السلام ويسيء إليهما؛ لن يعيش ليلة واحدة. وإن الوعيد المذكور في الحديث: «من عادى لي وليًّا .. « يَبطش به بالجرم المشهود. فمبارك ذلك الذي يُدرك حِكَمًا سماوية، ويتأمل في تدبير الله.»

والحديث الذي ذكره حضرته هو: «من عادى لي وليًّا فقد آذنته بالحرب». أي إنني أعلن الحرب على شخص يعادي وليًّا لي.

عندما يُعبر أحد عن حبّه في مجلس خاص له فإن مثل هذا التعبير يعدّ صوتًا يخرج من صميم قلبه. مع أن كل كلمة تخرج من لسان الشخص الطاهر الذي بوّأه الله تعالى مقامًا عظيمًا، يعدّ صوت قلبِه، غير أنه ينبغي أن يعرف المعترض أن حضرته لم يعبر عن حبّه للإمام الحسين وأهل بيت النبي في كتاباته وملفوظاته أو في مجالسه العامة فقط بل عبّر عن هذه المشاعر وهو جالس في بيته مع أولاده. ذكر ذلك مرزا بشير أحمد فقال:

«بسبب عشقه للنبيّ كان المسيح الموعود يكن حبًّا عميقًا لآله وأولاده ولصحابته أيضًا. ورد أن المسيح الموعود كان مستلقيًا ذات مرة على سرير في حديقته وكان ذلك في شهر المحرم، فنادى أختنا السيدة مباركة بيغم -سلمها الله- وأخانا المرحوم مبارك أحمد اللذَين كانا يصغران جميع الإخوة وقال: تعاليا أقص عليكما قصة المحرّم. ثم روى أحداث استشهاد الإمام الحسين بأسلوب ملؤه الألم. كان يسرد هذه الأحداث وعيناه تذرفان الدموع، فكان يمسحهما بأنامله. وعند نهاية هذه القصة المؤلمة قال بكرب شديد: لقد مارس يزيد النجس هذا الظلم على حفيد نبينا ، فأخذ الله تعالى هؤلاء الظالمين الغاشمين بعذابه عاجلًا. لقد كانت حاله في ذلك الوقت عجيبة، وكان قلبه يضطرب بتصور استشهاد فلذة كبد مولاه . وكان مردّ كل ذلك عشقُه للنبي الكريم .» (السيرة الطيبة، تأليف مرزا بشير أحمد ، ص 36-37)

وذكرت السيدة نواب مباركة بيغم أيضًا هذه الواقعة لأنها حصلت معها فقالت: كان المسيح الموعود مستلقيًا على السرير في الحديقة وجئنا أنا ومبارك بسلحفاة صغيرة لنريها حضرتَه. فصرف النظر عنها وقال لنا تعاليَا أسمعكما قصة المحرم. فجلسنا عنده. كانت تلك العشرة الأولى من شهر المحرم. بدأ حضرته سرد أحداث استشهاد الإمام الحسين ، ثم قال بأنه كان حفيد نبينا الكريم وقتله المنافقون الظالمون في ميدان كربلاء جوعانًا وظمآنًا.

ثم قال المسيح الموعود : لقد احمرّت السماء في ذلك اليوم وبطشَ غضبُ الله تعالى بالقاتلين الظالمين خلال أربعين يومًا، فمنهم من مات مجذومًا ومنهم من حل به غضب الله تعالى بشكل آخر. وكلما ذكر حضرته يزيدَ كان يصفه بالنجس. لقد سرد حضرته أحداثًا مفصلة وغلبته الرقة وذرفت من عينيه الدموع  فكان يمسحها بسبابته.

كلما سمع أحد حكاية هذا الظلم اقشعر بدنه، وورد في الروايات أنه لما غلبه العدو وجّه الإمام الحسين فرسه نحو نهر الفرات أو حاول توجيهه إلى الفرات غير أنه قد سُدَّ طريقه من قبل العدو، وأطلق أحدُهم سهمًا أصابه على ذقنه فترك جرحًا عميقًا غائرًا، ثم أجهز عليه المعتدون الآخرون حتى استُشهد. يقول الراوي: إنني سمعته يقول قبل استشهاده: أما إنكم والله لا تقتلون بعدي عبداً من عباد اللهِ الصالحين اللهُ أسخط عليكم لقتله منّي.

ثم قال الحسين: وأيمُ الله إني لأرجو أن يكرمني الله بهوانكم، ثم ينتقم لي منكم من حيث لا تشعرون.

كيف عامله هؤلاء الظالمون وكيف عاملوا عائلته، فإنهم قتلوهم، وبعد قتلهم نهبوا خيمهم وسلبوها ونزعوا خُمُرَ النساء من على رؤوسهن. وبعد أن قتلوا الحسين قال قائدهم: من ينتدب للحسين فيواطئ الخيل ظهره وصدره! فانتدب منهم عشرة، فداسوا الحسين بحوافر خيلهم حتى رضّوا صدره وظهره.

وفي رواية أنه تلقى 33 جُرحًا من طعنات الرماح، و43 من ضربات بالسيوف ورمياتٍ بالسهام. ثم حُزّ رأسه وأُرسِل إلى الحاكم الذي نصبه في الكوفة.

باختصار، إنه لمن الشقاوة القصوى والإلحاد أن يُحتقر الحسين ، والذي يسيء إلى الحسين أو إلى صالح جليل من الأئمة الأطهار أو يتفوه بكلمة الاستخفاف بحقهم فإنه يضيع إيمانه لأن الله جلّ شأنه يعادي الذي يعادي مقربيه وأحباءه.

إذًا، إنها قمة الظلم الذي لا يقوم به حتى أخبث عدو. ولقد بينت لكم بإيجاز، أما سيدنا المسيح الموعود فحين كان يسرد ذلك كانت دموعه لا تكاد تكف عن الجريان حزنًا من الحدث المؤلم. فكيف يمكن لأحد القولُ إن الأحمديين لا يحبون ذرية النبي والعياذ بالله؟ بل سيدنا المسيح الموعود حين علم ذات يوم أن أحد أفراد الجماعة قال كلامًا لا يليق بحق سيدنا الإمام الحسين نصح الجماعة بشدة فقال:

فليكن واضحًا أنني قد أطلعني أحد الأشخاص بواسطة بطاقة بريدية على أن بعض قليلي الفهم الذين ينسبون أنفسهم إلى جماعتي يقولون عن الإمام الحسين – رضي الله عنه – أنه كان متمردًا، لأنه لم يبايع الخليفة أي «يزيد» وكان يزيد على الحق، والعياذ بالله. لعنة الله على الكاذبين. إنني آمل ألا تكون مثل هذه الكلمات الخبيثة قد خرجت من لسان شخص صادق من جماعتي، ولكن إلى جانب ذلك يخطر بالبال أيضًا أنه لما كان كثير من الشيعة قد جعلوني دريئة لشتائمهم ولعنهم وطعنهم، لذا لا يُستغرب أن يكون جاهلٌ وسيئ الأدب قد رد على مثل هذا الكلام السفيه بكلام سفيه مثله، كما يقول بعض من المسلمين الجهلة كلامًا لا يليق أحيانًا بحق عيسى ردًّا على إساءة مسيحيٍّ إلى النبي . على أية حال، إنني أُخبر جماعتي عبر هذا الإعلان أننا نعتقد أن «يزيد» كان ذا طبيعة نجسة وكان دودة الدنيا وظالـمًا. ولم يتوفر فيه المعنى الذي بسببه يُعدّ أحد مؤمنًا. أن يكون المرء مؤمنًا ليس أمراً هينًا سهلًا، يقول الله تعالى عن أمثال هؤلاء:

قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا (الحجرات 15).

المؤمنون هم مَن تشهد أعمالُهم على إيمانهم، والذين يُكتب الإيمان في قلوبهم، ويؤثرون الله ورضاه على كل شيء، ويختارون سبل الله الدقيقة والضيقة لوجه الله ويفنَوْن في حبه تعالى، ويُبعدون أنفسهم عن كل ما يصدُّهم عن الله تعالى كالوثن، سواء أكانت حالة أخلاقية أو أعمالًا فاسقًة أو غفلةً أو كسلًا. ولكن أين حصل ذلك ليزيد الشقي؟ كان حب الدنيا قد أعماه. أما الحسين كان طاهرًا ومُطهرًا، وكان بلا شك من أولئك الأطهار الذين يطهّرهم الله بيده ويملؤهم بحبه. وإنه من سادات الجنة دون شك. وإن بغضًا يسيرًا تجاهه يؤدي إلى سلب الإيمان. وإن تقوى هذا الإمام وحبه لله تعالى وصبره واستقامته وزهده وعبادته أسوة حسنة لنا. ونحن نقتدي بهدْي هذا البريء الذي أعطي. لقد هلك القلب الذي يعاديه، ونجا القلب الذي يُظهر نقوش حبه بصورة عملية ويتصبغ تماما بصبغة إيمانه وأخلاقه وشجاعته وتقواه واستقامته وحبه لله تعالى، كما تعكس المرآةُ صورة إنسان جميل. إن هؤلاء الناس مستورون عن أعين الناس. مَن يعرف قدرهم إلا مَن كان منهم؟ إن عين الدنيا لا تعرفهم لأنهم بعيدون عنها. فكان سبب استشهاد الحسين أنه لم يُعرف. هل أحبت الدنيا أيَّ طاهر ومقرب مِن الله في عصره حتى تحب الحسينَ؟

باختصار، إنه لمن الشقاوة القصوى والإلحاد أن يُحتقر الحسين ، والذي يسيء إلى الحسين أو إلى صالح جليل من الأئمة الأطهار أو يتفوه بكلمة الاستخفاف بحقهم فإنه يضيع إيمانه لأن الله جلّ شأنه يعادي الذي يعادي مقربيه وأحباءه. (مجموعة الإعلانات)

مماثلة بالحسين، والفتح المقدر على يد الجماعة

فكيف يمكن القول بعد سماع هذا كله من سيدنا المسيح الموعود أنه لم يكن يحب آل محمد؟! فالإدراك الذي عنده للحب لا يمكن أن يكون عند غيره، وهذا ما قاله أيضا، فحين بلغ الشيعة الغلو، علَّمهم الحقيقة، وحين أخطأ أهلُ السنة أصلح موقفهم أيضًا، وهذه هي مهمة الحَكم العدْل، ومن أجل نشر التعليم الحقيقي للإسلام وترويجه كان قد بعثه الله . ومع ذلك تسيء  كلتا هاتين الفرقتين الكبيرتين إلى الأحمديين، ونحن حصرًا يُصبّ علينا الظلم، لكننا رغم ذلك سنواصل بالصبر والاستقامة إنجازَ مهمتنا التي عُهدت إلينا، والتي من أجلها بايعنا سيدنا المسيحَ الموعود وهي أن ننشر الإسلام الحقيقي في العالم واضعين أمامنا الأسوة التي تركها لنا سيدُنا الإمام الحسين، لقد قال سيدنا المصلح الموعود في بيت شعر له، وتعريبه:

«هم يجعلونكم  الحُسين ويصبحون هم أنفسهم يزيديين،  فما أرخص هذه الصفقة! فدعُوا العدو يطلق السهام.»

فتضحياتنا لن تضيع إن شاء الله، فقد قال سيدنا المسيح الموعود :

«صحيح أن لي مماثلةً بالحسين لكن النتائج هذه المرة ستظهر على عكس السابق، لأن الله قد قدَّر النجاح هذه المرة للذين يتصفون بصفات الحسين فهم سينالون الفتح المادي أيضًا إن شاء الله، وإن الأعداء سيخيبون ويفشلون.»

ومن أجل ذلك يجب أن نُكثر الدعاء ونهتم بالصلاة على النبي في هذه الأيام وهذا الشهر وبعده أيضًا. فمعارضتنا هذه الأيام في أوجها في باكستان خاصة وفي بعض البلاد الأخرى أيضًا. فبقدر مسارعتنا إلى الإنابة إلى الله والضراعة إليه سيجعل الله الفتح والظفر حليفنا.

في هذه الأيام اُدعوا لعامة المسلمين أيضًا بصفة خاصة، فالفرق الإسلامية تتناحر وتتقاتل، والتناحر بينهم يحتدم في العاشر من المحرم بشكل خاص، فالتاريخ يخبرنا أن مراكز الشيعة ومسيراتهم تهاجَم في شتى المناطق، ويُستشهد الكثيرون باسم الدين. نسأل الله أن يهب لهم العقل والرشد ولا نتلقى هذا العام مثل هذه الأخبار على الأقل من أي بلد أن المسلمين قتلوا المسلمين. وأن يدركوا الحقيقة عاجلًا، وهي أن الفتح الذي قد قدَّره الله للإسلام لن يُنال إلا على يد سيدنا المسيح الموعود ، ليْتَهم يدركون أن نجاحهم يتوقف على مبايعة إمام الزمان والمسيح الموعود عليه الصلاة والسلام، وفقهم الله لذلك.

Share via
تابعونا على الفايس بوك