التفسـير:
ليس المراد من الآية أن لا تدعُ الأشياءَ التي لا نفع فيها أو لا ضرر، بل الآية تؤكد على أن كل شيء ما خلا الله لا يملك في حد ذاته نفعًا ولا ضرًّا، فلا تتوكل على ما سوى الله جلّ شأنه.
و”الظالم” يعني هنا المشرك. وقد ورد في الحديث الشريف أن النبي سُئل مرةً عن الظلم فقال: الظلم يعني الشركَ أيضًا (البخاري، التفسير، الأنعام).
التفسـير:
لقد صرّح الله هنا أن القرآن الكريم ليس بمسؤول عمّا ينشأ في قلوب الكافرين من شبهات وشكوك، وإلا لوجب أن تتولد هذه الشكوك في قلبي أنا قبل أي شخص آخر، لأنني أنا الذي نزل عليه القرآن. ولكني ثابت على صخرة من اليقين، وقد جعلني هذا القرآن محبّاً كاملاً لله تعالى، وزاد عقلي فراسةً وأفكاري استنارةً، وأزال عن عيني كل غطاء لما سوى الله، وكأن كل ما دونه قد غاب عن أنظاري فيما يتعلق بنفعي وضرّي. إن تأثيره المذهل هذا يؤكد بطلان زعمكم، وأنَّ كل ما عندكم من رِجس الشكوك إنما هو وليد أفكاركم المريضة.
ثم أتبعه بقوله وهو الغفور الرحيم أي لا جرم أن قلوبكم قد فسدت، غير أنني أؤكد لكم أنكم لو تضرعتم إلى الله طالبين غفرانه فسوف يطهر قلوبكم ويزيل عنها كل رجس وفساد، ويهب لكم اليقين كما وَهَبَه لي أنا.
وكما بيّن في الآية فإن كلاً من الخير والشر نوعان؛ نوع لا يقع بقدرٍ خاص من عند الله تعالى، وإنما يقع طبقاً لقدره العام المتمثل في النواميس الطبيعية التي وضعها في الكون، وهذا النوع من الخير أو الشر يمكن حصوله أو زواله وفق مساعي الإنسان. ولكن هناك نوعًا آخر ينـزل بقدر إلهي خاص ولا دخل فيه للأسباب المادية والأعمال الإنسانية، وإنما تكون وراءه التدابيـر السماوية، ويتوقف حصوله أو زواله على المشيئة الإلهية فقط لا على التدابير البشرية.
ولقد أشار الله سبحانة وتعالى بتوجيه الخطاب هنا إلى الرسول إلى أنه تعالى سوف يعامله وفق قدر خاص غير عادي، فلا يتم نجاحُهُ ولا تظهر غلبته نتيجة تدابير البشر بل بتدابير سماوية لا يستطيع أحد الحيلولة دونها. وباستطاعة كل لبيب أن يدرك بالنظر في حياة النبي أن كافة إنجازاته تمت بفضلٍ من الله تعالى وبقدر خاص من لدُنه جلّ وعلا، ولذلك نجد أن مكائد أعدائه قد فشلت أمام تدابير الله فشلاً ذريعاً، رغم كونهم أشدَّ من النبي مكرًا وكيدًا في الظاهر.
ولقد أشار الله سبحانة وتعالى بتوجيه الخطاب هنا إلى الرسول إلى أنه تعالى سوف يعامله وفق قدر خاص غير عادي، فلا يتم نجاحُهُ ولا تظهر غلبته نتيجة تدابير البشر بل بتدابير سماوية لا يستطيع أحد الحيلولة دونها… ولذلك نجد أن مكائد أعدائه قد فشلت أمام تدابير الله فشلاً ذريعاً
شرح الكلمات:
وكيل: الوكيل: فعيلٌ بمعنى مفعول لأنه موكول إليه، وقد يكون للجمع والأنثى؛ ويكون بمعنى فاعل إذا كان بمعنى الحافظ، ووُصف به الله تعالى وقيل: الكافي الرازق (الأقرب). التفسير:أي أن هدايتكم أو ضلالكم لن يجلب علي أي نفع أو ضرر، لأنني لست مسؤولاً عنكم، ولو أنني كنت كذلك لكانت مسؤولية ضلالتكم عليّ دون شك ولعاقبني الله سبحانه وتعالى إذ لم أُجْبِرْكم على الهدى وأنتم تَضـلّون. إنما أنا رسولٌ وما على الرسـول إلا البلاغ.
شرح الكلمات:
اصبرْ: صبرَ فلانًا عن الأمر: حَبَسَه عنه. وصبرتُ نفسي على كذا: حبـستُها، يُقال: صبرتُ على ما أكره وصبرت عما أحب (الأقرب).
التفسـير:
هنا في آخر السورة وجّه الله الأنظار إلى نفس الموضوع الذي بيّنه في مستهلها، وقال: إن أمر الله مفعول لا محالة، وكما أنه حكيم فهو حاكم كذلك. فما عليك أيها الرسول إلا أن تستمر في تبليغ رسالة ربك، وأن تتحمّل في سبيل ذلك أذاهم غير مكترثٍ به إلى أن يُصدِرَ الله فيهم قضاءَه.
أما قوله تعالى: وهو خير الحاكمين فإشارة إلى أن قضاءه- جلّ شأنه- سيكون خيرًا لك. وبالفعل فقد أنزل الله قضاءه الذي وقف حيالَه العالمُ مبهورًا مبهوتًا، حيث أصبح المتعطشون لدم النبي عاشقين له، وَلِهِين به، يفدونه بالأرواح. لقد آمنتْ به مكة كلها فجأةً كما فَعَلَ قوم يونس ، وتوافد عليه القوم أفواجاً، يدخلون في دينه وينضمون تحت لوائه .