- كيف يتكون العسل
- الاستطباب بالعسل
- تركيب العسل
- مواصفات العسل القياسية وخصاصه الحيوية
- العسل والتغذية
- العسل في طب الأطفال
- العسل كطب وقائي
- مراجع موضوع العسل “خصائصه وأهميته في التغذية والتداوي”
العسل Honey
العسل منتج حشري مصدره نباتي، طورته نحلة العسل، بدءًا من رحيق تمتصه من الأزهار الرحيقية، أو من نُسْغ النبات المفرز من غدد خاصة على أجزائه، ويسمى الناتج: عسل الأزهار(Floral Honey)، أو من مفرزات سكرية تطرحها بعض الحشرات (بعض أنواع المن والحشرات القشرية الخ..…) كفائض عن حاجتها، ويُسمى الناتج عسل الندوة العسلية (Honey Dew)، تأخذ النحلة هذه المواد السكرية الطبيعية وتخزنها في العيون السداسية في أقراص من شمع النحل، وتعمل عليها لتصبح ناضجة، يأتي النحال بعد ذلك ليقطفها عسلاً ناضجًا.
العسل غذاء طبيعي مثالي، لم يدخل في متاهات الماكينات العمياء، ولم يخضع لمعاملات صناعية، تُحوِّل من خواصه الطبيعية، أو تُجري عليه تعديلات مضرة بتركيبه، كإضافة مواد حافظة أو ملوّنة أو منكَّهة، كما يجري أثناء تصنيع الأغذية في معامل التصنيع الغذائي الحديثة، والتي تكون- أو أنه يُخشى أن تكون – أو أنْ تُصبح بعد فترة خطرة على صحة الإنسان أو سامة.
ولذلك فلقد قال المهتمون بالغذاء من القدماء: إن الإنسان كائن حي يتوجب أن يتغذى بمواد حية (أي حيوية Bio)، كما اعتبروا العسل هبة السماء، وكثيرًا من الحكماء ممن عُمِّروا كان يدخل العسل في راتبهم الغذائي بصورة منتظمة، فأبو قراط (500 ق.م) أبو الطب، الذي عُمِّر نحو 107 عامًا، كان يأكل العسل باستمرار ويستعمله في علاج كثير من الأمراض، وكذلك كان ديموقريطس يأكل العسل وقد عُمِّر إلى ما بعد المئة، وجالينوس الطبيب والفيلسوف الإغريقي الذي عاش قبل نحو 2000 عام كان يصفه في علاج حالات التسمم، وفي أمراض القناة الهضمية، أما ابن سينا الذي توفي عام 952 م، فقد كان ينصح بأكل العسل لإطالة العمر والاحتفاظ بالقوة والشباب، وكان يقول: إذا أردت الاحتفاظ بشبابك فاطْعَمْ العسل. فهل ينتبه أطباؤنا اليوم بعد أكثر من ألف عام إلى مقولة ابن سينا التي عاد إليها الأطباء في عالم الغرب مع نهاية القرن العشرين، حيث تؤكد نتائج تجاربهم وبحوثهم صحة مقولته، وتفتح الباب بشكل أوسع لتطبيقات شاملة لما يسمى الاستطباب بالعسل بل بكل منتجات خلية النحل بما يسمى بالـ Apitherapy.
اهتمت الـ Apimondia مبكرًّا بالبحوث المختصة بالمعالجة بمنتجات النحل وقامت بنشر كتاب بعدة لغات منها النسخة الفرنسية في عام 1976 تحت اسم L’apithérapie aujourd’hui أي “التداوي بالنحل اليوم” ويحتوي الكتاب عدداً كبيراً من أسماء المستحضرات الصيدلانية الطبية من منتجات خلية النحل ونسب تركيبها، وقد أنشأت قسمًا طبياً مختصاً في المعهد الدولي للتقانات والاقتصاد النحلي التابع لها أسمته Médical d’apithérapie أي قسم الاستطباب بالنحل.
المطلوب من النحال المتميِّز أو النحال المعاصر، ليس إنتاج العسل فحسب، بل إنتاج ما يمكن أن نسميه بالعسل الطبي “العسل الحيوي”، بتوخي الحذر أثناء سير عمليات الإنتاج ومراحله، وإتباع أفضل السبل في التوضيب والحفظ والتخزين، كي يُحافظ على حيوية العسل لأطول مدة ممكنة، أي إبقاء العسل، أقصد العسل البلدي حياً أو غذاءً حيوياً أي طازجاً لأطول مدة ممكنة. وقد يُشاهد في كل أنحاء العالم اليوم عبوات عسل أنيقة عليها لصاقات أكثر أناقة وأكثر جاذبية، لكن – للأسف- ما تحتويه ليس عسلاً، بل هي في غالبيتها عسل صناعي، وإطلاق اسم العسل عليه لا يجوز أبداً، لكنه من باب التجاوزات الكثيرة في هذا العصر.
إن المحافظة على طبيعة العسل وتركيبه، وإبقائه طازجاً لمدة طويلة يتطلب، أن يجنى بعد تمام نضجه في ظروف من النظافة وأن يتم توضيبه في أوعية من الزجاج أو الستانلس أو الفخار المطلي، ومن ثم حفظه في ظروف تخزين بعيداً عن الحرارة (في حرارة التبريد نحو 5 ْم) والضوء والرطوبة.
إن أي معاملة يتعرض لها العسل ستسيء إلى خصائصه، وستتلف جزءاً من مكوناته، ولا يصح تعريض العسل لأي معاملة من ذلك، كالبسترة أو فك بللوراته وإعادته سائلاً بالحرارة أو الأشعة أو بالموجات فوق الصوتية أو بالتعريض لأشعة الشمس المباشرة، لأن مكوناته الحية التي قد تكون عنصراً مهماً في التفاعلات الحيوية، ستُقتل وسيصبح العسل مجرد طعم حلو ليس إلا، وبمراعاة ذلك يبقى العسل طبيعياً ويصلح لأن يكون غذاءً وشفاءً، ولقد أشير إلى أن مجرد تسخين العسل على 37 ْم يفقده الكثير من خصائصه الحيوية، فماذا يقول من يبستر بل من يغلي العسل ليُرضي الزبون، المستهلك المسكين !!؟.
إن غياب فيتامين B1 من العسل جراء تسخيـنه مثلاً -وللأسف فإن غالبية العسل الموجود في الأسواق مسخّن-، سيعطل حدوث تفاعلات الأكسدة في عملية الهضم، مما يؤدي إلى تراكم حامض البيروفيك الذي يتشكل من جراء عمليات الأكسدة تلك، وبالتالي سيتراكم هذا الحامض في بعض الأنسجة خاصة في الدماغ مما يؤدي إلى اضطرابات عصبية خطيرة، ويَعُدُّ المختصون في علوم التغذية أن معدل استهلاك الفرد من العسل في دولة ما دليل على وعي شعبها وتطوره.
إن السكر الأبيض لا يدخل مباشرة إلى العضوية الحية، بل لا بد من خضوعه لعمليات معقدة وطويلة من التفاعلات حتى يختزل إلى سكريات بسيطة (غلوكوز وفركتوز) التي تتطلب طاقة، ينتج عنها تراكم مخلفات أكسدة وما يسمى بالجذور الحرة، وهذا وذاك ينهك العضوية، بينما نرى أن العسل مشكَّلٌ أصلاً من سكريات بسيطة لا تحتاج إلى تحوُّ ل في العصارة الهضمية بل إن امتصاصها يتم مباشرة إلى الدم لتبدأ بدخولها مباشرة في دورات أكسدة لتحرير الطاقة والحرارة.
العسل لا يُشترى من الأرصفة وقارعة الطرقات، فالمعروض على الأرصفة أو مع الباعة المتجولين إن صدّقنا أنه عسلاً فهو سيكون قد تخرَّب من جراء تعرضه لعوامل الطبيعة التي ذكرناها سابقًا…، ونحن لم نرَ نحالاً واحدًا في العالم يقبل عرض عسله وبيعه على الأرصفة أو بطريقة رخيصة تسيء أولاً لسمعته كنحال، كما تسيء لأبناء مهنته ثانيًا، فالنحال الحقيقي منتج أولاً وصفته كتاجر لا تأتي إلا ثانيًا.
ولقد سمعنا بحوادث تسمم من جراء تغذي أطفال بأنواع من العسل -المغشوش- التي تباع في مواسم خاصة على قارعة الطريق، وحتى في “السوبر ماركات” الشهيرة، ونحن نحذِّر من استهلاك هذه الأعسال. وعلى الجهات المسؤولة عن صحة الناس أينما وجدت في العالم منع بيع هذه الأعسال ومصادرتها مهما كانت الجهة التي تساند نشرها، وذلك حماية للمستهلك من الغش ومن الضرر الصحي الذي قد ينجم جراء استهلاكها….، قَطرٌ صناعي به ملونات -أحياناً صناعية، ومن غير المقبول إدخالها في غذاء الإنسان أو الحيوان- وتحتوي مواد مسرطنة، وكذلك أحماضًا معدنية من تلك التي تستعمل أثناء تصنيع هذا القطر الصناعي (الغلوكوز التجاري) الذي يسمونه ظلماً وعدوانًا بالعسل.
المركبات والمواد الغذائية الطبيعية تسمى بالمواد الحيوية، وهذه قابلة للتمثل في العضوية بسلام ودون إنهاك لها، أي دون أن تسممها أو تُربك عملها بإنتاج مخلفات أكسدة لا يتمكن الجسم من التخلص منها، فتسرع شيخوخته، وإنما هي تغذيها وتمر بها بأمان لأن العضوية الأولى (النبات) الذي مرت به قد قام بتركيبها وتصفيتها (فلتر حيوي أول) والفلتر هو المصفاة، ولذلك فهي أمينة على عضوية الإنسان لأنها مرت بفلتر سابق وهو ليس فلتراً خاملاً كفلتر السيجارة، أوفلتر السيارة، وإنما هو فلتر حيوي وقد مرت بفلتر ثانٍ هو نحلة العسل.
تركيب العسل Honey composition
أوضح التحليل الفيزيو-كيميائي المفصّل للعسل وجود غالبية العناصر المعروفة في الكيمياء العضوية وغير العضوية والبيولوجية التي تحتاجها العضوية، وأنه يتركب من: الماء، الغلوسيدات، الأحماض العضوية، البروتينات، الأملاح المعدنية، الفيتامينات، الأنزيمات، الزيوت العطرية (أكثر من 50 مادة عطرية)، الصباغات الطبيعية، الصادات الحيوية الطبيعية، المواد الأخرى غير المحددة ….
العسل مصدر غني بالطاقة 360 حريرة/100 غرام، نظراً لغناه بالسكريات، وهو أغنى مادة بالطاقة في وحدة الوزن بعد التمور، ويمُد الجسم بها بسرعة نظراً لوجود السكريات الأحادية (الغلوكوز والفركتوز) أساساً، ويحتوي العسل على العناصر المعدنية: البوتاسيوم، الكالسيوم، الصوديوم، الفوسفور، والمنغنيز، الحديد، الكلور، الكبريت، اليود، وكميات قليلة من المنغنيز، السيليكون، الألمنيوم، البورون، الكروم، النحاس، الليثيوم، النيكل، التوتياء والرصاص، وذلك في تراكيب حيوية قابلة للتمثل في العضوية الحيوانية، وهذا أمر في غاية الأهمية، ويوجد في العسل عدد من الفيتامينات والأملاح المعدنية، ولهذه الفيتامينات والأملاح المعدنية فوائد في إنجاز كثير من التفاعلات الحيوية في الجسم وتغذيته والمحافظة على سلامته. ويحتوي العسل 12 نوعًا من المواد الدهنية بكميات ضئيلة: الغليسرول، الفوسفوليبيد، البالمونيل، الأولينيك، الأسيتيل كولين، البروستاجلانيدين، كما يحتوي العسل على البروتينات بكميات ضئيلة وعدد من الأنزيمات.
وقد أثبتت البحوث أن العسل الناتج من مصدر نباتي ما، يرث إلى حد كبير خواص ذلك المصدر الغذائية والعلاجية، حتى أن تأثير عناصر علاجية متعددة في العسل يعمل بتآزر ليزيد من فاعلية وتأثير العناصر، وإلى ذلك يُعزى التأثير الفعال للعسل في تحسين العمليات البيولوجية وانتظام عمل العضوية، وهذا ما دفع بعض الدول إلى إقامة مصحات Sanatorium خاصة بالمعالجة بالعسل ومنتجات النحل.
مواصفة العسل لدى منظمة الأغذية والزراعة الـ FAO
المادة النسبة المئوية المتوسطة
سكر الفواكه Fructose 38.19
سكر العنب Glucose 31.19
سكر الشعير Maltose 07.31
سكر القصب Sucrose 01.31
سكريات معقدة 01.50
رطوبة 17.20
رماد (أملاح معدنية) 00.17
نيتروجين 00.04
مواد غير مقدرة 03.10
الخصائص الحيوية للعسل Biologic Characteristics of Honey
لقد استخدم الإنسان العسل أولاً كغذاء، لكنه ما لبث طويلاً حتى استخدمه كدواء، بشكل منفرد أو مضافاً إليه شمع النحل أو غير ذلك من منتجات الخلية أو غيرها من الأغذية والأدوية. لا يُؤخذ العسل كغذاء أو دواء من أجل حلاوته فقط، بل من أجل أهمية محتوياته الحيوية العديدة والمهمة للعضوية وإن كانت كمياتها قليلة أو على شكل آثار، فقد أشارت البحوث إلى أن العسل يحتوي على معادن بكميات تتقارب كثيرا مع محتوى الدم البشري منها، وللمعادن كبير الأهمية في التفاعلات الحيوية في الخلية بالرغم من كمياتها الضئيلة فيه، كما أن العسل يحتوي مواد لم تتمكن أحدث أجهزة التحليل الكيميائي المعاصرة من تحديدها، فالعسل يحتوي فيتامينات مهمة كمجموعة فيتامين B منها : الثيامين B1، ريبوفلافين B2، حامض البانتوتينيك B5، البيرودوكسين B6، حامض الفوليك B9 ، فمثلاً يلعب فيتامين B1 دوراً مهماً في استقلاب السكريات، وبغيابه لا تحدث عملية استقلاب الغلوكوز وينتج عنها حامض البيروفيك الذي يتحول في الظروف الطبيعية إلى حامض اللبن في العضوية، كما يحتوي العسل فيتامين C و E و A وفيتامين الـ Biotine…، وعلى عدد مهم من الأنزيمات: Invertase, Amylase, Catalase, Phosphatase Lipase, Peroxidase, …. ويحتل العسل الصدارة من بين الأغذية في محتواه الأنزيمي، ولا أحد من المهتمين في تغذية الإنسان يجهل دور الأنزيمات كوسائط أساسية في التفاعلات الحيوية في الخلية.
وفي دراسة إحصائية على إصابة أصحاب المهن بالسرطان تبين أن النحالين أقل من يصابون بهذا المرض الخبيث: 2 بالمليون في حين يُصاب من الأطباء نسبة 20 بالمليون، ومن الخبازين 30 بالمليون (فوستر 1974).
العسل وتغذية البالغين والأطفال Honey in Adults and Children Nutrition
العسل غذاء آمن للإنسان، يمنح الشباب والجمال، ويؤخر الشيخوخة، ومن يتناوله يقاوم التعب، ويحتفظ بذاكرة نشطة، وحيوية لعمر مديد، ولقد استُعمِل العسل بنجاح في تغذية الأطفال، وقد أوضحت الوصفات الشعبية التي أفادت منها وأكدتها البحوث العلمية الحديثة، أنه قد كان للعسل دور مهم في تصحيح العوز وسوء النمو عند الأطفال واليافعين.
لقد كان طبيب الأطفال(Luttinger P. ، 1922) ينصح بتغذية الأطفال على العسل لأنه لا ينتج عنه حموضة Acidosis، ولا يحدث التخمر الكحولي بسبب الامتصاص السريع لسكرياته، كما أن الأحماض العضوية الحرة في العسل تشِّجع على امتصاص الدهون، بالإضافة إلى كون العسل مكملاً لنقص الحديد في حليب الأم وحليب الأبقار، كما أنه يزيد الشهية والتحَّوي(حركة الأمعاء) peristalsis وبذلك تنتظم عملية الهضم.
يُعّد العسل في الولايات المتحدة الأمريكية متمم أساسي لحليب الأم أو للحليب البقري الذي تُغذى به الأطفال الرضّع والأطفال الأكبر سناً، نظراً لخصائصه التي ينفرد بها والتي من أهمها:
– سهولة هضمه، بل هو غذاء مهضوم ومعَّد مسبقاً من قبل النحلة.
– سرعة امتصاصه وتمثله نظراً لبساطة مركباته.
– طعمه الحلو المستساغ ورائحته الطيبة العطرة.
– عدم وجود أعراض جانبية من استهلاكه بالكمية المرغوبة لأنه مادة طبيعية.
وفي جمهوريات الاتحاد السوفياتي سابقاً كان الأطباء يؤكدون دائماً على استخدام العسل في النظام الغذائي للأطفال، ويُعد السوفيتيون ودول أوروبا الشرقية رواد التداوي بالمنتجات الطبيعية، من بينها العسل ومنتجات خلية النحل الأخرى، ولهم يعود الفضل في الاستخدام المستمر للعسل في المستشفيات والعيادات، وقد ثبت في طب الأسنان أفضلية استخدام العسل على السكريات الأخرى التي تتخمر بين الأسنان مشكِّلة حامض اللبن، الذي يؤدي إلى نقص الكلس في الأسنان، بينما يعمل العسل القلوي التأثير على تعقيم الفم ويدعم تأثيره هذا كونه يحتوي ما يشبه الصادات الحيوية والمانعة لنمو الأحياء الدقيقة.
العسل في طب الأطفال Honey in Pediatric
كان طبيب الأطفال (Luttinger P. ، 1922) في نيويورك ينصح باستخدام العسل في أي ظرف من الاضطرابات المعوية، وكان يُفضِّل العسل على الكحول في حالات الـ Pronchopneumonia وكان يستخدمه في حالات الإسهالات الصيفية عند الأطفال بمقدار ملعقة صغيرة في 250 مل من ماء مغلي الشعير، وقد وجد Schlutz)، 1938) من جامعة شيكاغو في اختبار على عدد من الأطفال، أن العسل كان أسرع امتصاصاً من أنواع السكريات الأخرى، حيث كان في الدم خلال 15 دقيقة من تناوله.
تناول العسل يحسِّن الشهية وينشط عملية الهضم، لأنه يزيد إفراز هرمون الجاسترين (وهو مادة مساعدة على الهضم) (محمود وآخرون 1998) إذ أثبتوا أن وزن الطفل الذي تناول العسل ازداد في خمسة أيام 47غ مقابل 14غ فقط للطفل المحروم منه. وفي الطب الشعبي استخدم محلول العسل كغسول وغرغرة للفم، كما حُضِّر حديثاً على شكل رذاذ Spray للاستنشاق، ويستعمل العسل فيما يسمى اليوم بالطب الوقائي على نطاق واسع وبمستحضرات كثيرة يصعب حصرها.
لقد تناولت البحوث الطبية العسل منذ عشرات عديدة من السنين، وقد ثبتت فاعلية العسل في علاج حالات كثيرة من اهمها:
– فقر الدم (Animia)، وفي زيادة نسبة الهيموغلوبين في دم الأطفال الذين يستهلكون العسل بشكل منتظم مقارنة بالأطفال المحرومين من تناول العسل في غذائهم، وما أكثر هؤلاء في العالم اليوم، ومن المعلوم أن حامض الفوليك (فيتامين B9 ) الذي يساهم في تكوين الدم ويزيد الكريات الحمراء ويرفع نسبة الهيموغلوبين متوفر في العسل مع وسائط ومواد حيوية أخرى لازمة لذلك كعنصر الحديد وغيره… (Vignec and Julia ، 1954).
– زيادة وزن الأطفال العاديين والخُدَّج، واستمرار النمو السليم لديهم، وهذا ناتج عن تحسُّن خصائص الدم، وانتظام عمل العضوية (محمود، 1998)، (Vignec and Julia ، 1954). أدى استهلاك العسل إلى وقف الإسهالات وزيادة وزن الأطفال بمعدل مرتين ونصف تقريبًا عن معدل زيادة أطفال لا يستهلكون العسل، ويخفف من أعراض الدوسنطاريا المزمنة ويسرع شفاءها.
– تحسُّن في حيوية ونشاط الأطفال بعد نحو شهر من الاستهلاك اليومي المنتظم للعسل.
– تحسُّن في الحالة النفسية والمعنوية للأطفال الذين يعانون من أمراض عقلية أو نفسية عصبية.
– شفاء الأطفال من حالات التبول في الفراش، لأن العسل يريح الكلى ويهدئ الأعصاب.
– النوم الهادئ للطفل وللكبار والحد من الأرق، ويُنصح بتناوله مع منقوع بعض النباتات الطبية كالبابونج والنعناع أو بذور الأنيسون.
– يوقف التقيؤ، ويقي من الحموضة المعدية العالية، كما يُعطى في حالات نقص الحموضة المعدية أيضاً، وبهذا يُعَّد العسل من العقاقير التي تُعطى في حالات متضادة.
– مطهِّر وملطف وملين للأمعاء وللمجاري الهضمية والتنفسية. وللعسل فاعلية في علاج السعال الديكي وأنواع السعال عموماً، لذا فقد أُدخل في شرابات السعال وغيرها، وقد عُولج به التهاب الرئه المرافق أحيانًا لمرض الحصبة عند الأطفال (خوتوفا، 1940)، كما أنه مفيد في حالات التسلُّخات الجلدية بسبب فعله كمطهر ومغذي ومطري ومرمِّم.
– تراجُع اليرقان وإزالة احتقانات الكبد، لأن العسل يزيد من احتياطي الغليكوجين في الكبد مما يرفع كفاءته في تعديل السموم الناتجة عن الالتهابات.
– تحسين نمو العظام، وجبر الكسور، وتسهيل نمو الأسنان، وتخفيف الآلام التي ترافق نموها، وتحسُّن عند الأطفال المصابين بالكساح والمتعرضين لسوء التغذية، لأن العسل يساعد على امتصاص الكلس وتثبيته وينظِّم تمثُّل العناصر في الجسم (Knott ، 1941).
إننا في معرض حديثنا عن أهمية العسل ومنتجات خلية النحل نرغب بتوجيه شكر ورجاء، شكرٌ للزملاء الذين كان لهم فضل السبق في البحوث الطبية والصيدلانية والبيولوجية على ما قدموا من جهود في العمل على منتجات النحل، ونأمل منهم المزيد، ورجاءٌ للنحالين لإنتاج أنواع من الأعسال وحيدة الزهرة ذات نوعية عالية، بالتزام دقيق بشروط إنتاج عسل يمكن أن ندعوه بالعسل الطبي، إنتاجًا وتوضيبًا وتخزينًا، كما نرجو الصيادلة من أصحاب معامل الأدوية أن يُدخلوا العسل الطبيعي-لا العسل المغشوش- في صناعتهم الدوائية، ومستحضراتهم الطبية (الشرابات، المراهم، السيرومات والحقن….) لتكون جاهزة للاستعمال وفي متناول الأطباء، وفي ذلك فوائد من كل النواحي تعود على الجميع.
كما نرجو الجهات الطبية الخاصة والعامة أن تسارع الخُطى باتجاه سن القوانين والتشريعات الخاصة باستخدام المنتجات الطبيعية وعلى رأسها منتجات خلية النحل في التداوي، مستفيدة مما وصلت إليه أحدث البحوث العلمية العالمية في هذا المجال.
المراجع
-
البراقي، علي 1996: الغذاء الملكي، أهميته، استخداماته داخل الخلية وتركيبه الكيميائي وفوائده الصحية. الدورة التدريبية حول تربية ملكات نحل العسل وإنتاج الغذاء الملكي. المنظمة العربية للتنمية الزراعية. دمشق، 19-30 أيار 1996. -
البراقي، علي 2001 : العسل في تغذية وطب الأطفال. الملتقى العلمي الأول للنحالين في بلاد الشام، دمشق (المركز الثقافي العربي-أبو رمانة) 9-10 نيسان 2001. -
البراقي، علي 2002 : العسل في التغذية والتداوي، ندوة منتجات نحل العسل، إدلب : 23 تموز 2002 -
حيدر فواز 2002 : بعض التطبيقات العلاجية لعسل النحل. الندوة العلمية الثالثة حول منتجات نحل العسل(غذاء ودواء)، جامعة تشرين-كلية الزراعة، أيار 2002. -
الدقر محمد نزار 1996 : العسل علاج لا يقدر بثمن. ندوة النحل وإنتاج العسل أبحاث ودراسات، الاتحاد العام للفلاحين-سوريا. ص. 242-247. -
البراقي، علي 1999 : منتجات نحل العسل. ص. 10-49 . منشورات جامعة دمشق. -
عطار ظافر 1996 : العسل كعلاج في طب الفم. ندوة النحل وإنتاج العسل أبحاث ودراسات، الاتحاد العام للفلاحين-سوريا. ص. 250-257. -
فتيح عادل، الرز هشام وعلي البراقي 1996: تربية النحل ودودة القز. منشورات جامعة دمشق. ص 98-105. -
فوستر 1974 : التحريات الإحصائية عن الأثر المانع لحدوث التسرطن عند النحالين. مجلة الأنباء عدد 13. -
محمود، سناء عبد الرحمن، محمد علي البنبي، حنان الشقنقيري، خالد عبد الحميد ومنال حسب النبي 1998 : تأثير تدعيم الوجبة الغذائية بالعسل أو بالغذاء الملكي على الأطفال المبتسرين. مؤتمر اتحاد النحالين العرب الثاني، عمان – الأردن 1998، ص.102-105. -
يوريش 1977 : العلاج بعسل النحل. ترجمة محمد الحلوجي، دار المعارف، ص. 141-149. -
Apimondia 1976- L’apithérapie aujourd’hui, notions pratiques sur la composition et l’emploi des produits et des préparations apicoles en nutrition et en thérapeutique, en rapport avec leur valeur biologique. Bucarest 1976. 105 p.