عساه خيرا
  • الفأل خير
  • مشيئة الأقدار

__

يُحكى أنّ ملكاً في أحد الأزمان اعتادَ أن يذهب في رحلات صيدٍ مع وزيره. كانا يجوبان المراعي والواحات في مختلف الاتجاهات.. وكان من عادة الوزير أنّه كلّما حدث أمرٌ طارئٌ يسارعُ إلى التفاؤل بالخير فيقول.. عساهُ خيراً.. حتى لو كانت الأمور تبدو سيّئةً في الظّاهر!.

وذات مرّةٍ وعندما كانا معاً في أحد تلك المغامرات المثيرة.. سقط الملك عن ظهر حصانه فكُسِرَ أحدُ أصابع يده.. فركض رجاله لحمله وعلاجه.. فما كان من وزيره إلا أن قال وعلى الفور كعادته.. عساه خيراً..  فنظر إليه الملك وغضب منه غضباً شديداً.. وتعجّب من وزيره أشدّ العجبّ.. فما الخير الذي سيكون في كسر إصبعه؟ وأمر رجاله أن يسجنوه ويذيقوه العذاب والهوان في سجنه. فهرع الرّجال لتنفيذ الأمر فما كان من الوزير، وهو يُكبّل ويُقبضُ عليه، إلا أن قال أيضاً.. عساهُ خيراً..!.

سيقَ الوزير إلى السّجن وبدأ معاناته المريرة.. وتابع الملك حياته العادية في رحلاته المختلفة.. إلى أن  ذهب يومًا إلى منطقةٍ غريبةٍ لم يؤمَّها من قبل.. وفوجئ بوجود أناسٍ غريبـي الأطوار.. قاموا بأسره وأخذه إلى مساكنهم الموحشة. ثمّ ساقوه إلى مكانٍ غريبٍ وفهم من جلبتهم أنّهم كانوا يريدون أن يقدّموه قرباناً ويضحّوا به.. ولكن ولحسن حظّه نظر أحدهم إلى يده فرأى إصبعه المكسور.. فأخبر الآخرين بذلك فما كان منهم إلا أن تركوه.. لأنّ القربان عندهم يجب أن يكون كاملاً غير منقوص.

وعندما أدرك أنّه نجا من ميتته المحتومة تذكّر وزيره الذي نسيه في السّجن.. وفعلاً رأى أنّ في كسر أصبعه في ذاك اليوم كل الخير.. فأصبعه المكسور هو سبب نجاته.. فيا لوزيره الحكيم الذي كان يدرك أنّ بعض الأمور قد تبدو في ظاهرها سيّئةً لكن يكون فيها خيرٌ عظيم.

وعندما عاد إلى دياره أمر بإخراج وزيره على الفور من سجنه.. والترويح عنه.. وحدّثه عن الذي جرى له وعن نجاته العجيبة.. ثم سأله سؤال المتعلِّم.. لقد أدركتُ تماماً أنّ كسر أصبعي كان فيه خير.. لكن أين الخير عندما أمرتُ بإدخالِكَ السّجنَ حين قلتَ عساه خيراً؟!.. فأجابه الوزير.. لو لم تدخلني السّجن حينها لكنتُ معك في تلك الرّحلة ولكنتُ أنا القربان المناسب لأولئك الغرباء.. فضحكا معاً وعادا إلى حياتهما راضيين بالأقْدار.

Share via
تابعونا على الفايس بوك