سيرة المهدي - الجزء 2 الحلقة 46
  • إلهام «ينجيك من الغم » ومناسبته
  • هيبة المسيح الموعود وحفاظة الله تعالى لحضرته

__

453-  إلهام «ينجيك من الغم» ومناسبته

بسم الله الرحمن الرحيم. أنبأني المولوي رحيم بخش القاطن فی قریة «تلوندي جهنغلان» خطّيًا، فقال: كنت في قاديان عند المسيح الموعود إذ قال لي حضرته: تعالَ نتنـزه قليلا. فقد توجّه حضرته عَبْرَ السوق الكبير إلى المنطقة التي تقع فيها الآن ثانوية «تعليم الإسلام». فلما رجع إلى المدينة بعد التنـزه قال: تلقيت الوحي التالي: «ينجيك من الغم، وكان ربك قديرا.»

وقال : ليس عندنا همّ ولا غمّ بفضل الله تعالى، ولعله يصيبنا في المستقبل.

ولما وصل إلى بيته جاء شخص من «أمرتسر» يخبره أن فصّ خاتمه الذي بعث به إلى حكيم محمد شريف بأمرتسر لينقش عليه «أليس الله بكاف عبده» قد فُقِدَ. كما جاء هذا الشخص بورقة من أوراق كتاب «البراهين الأحمدية»، وكانت طباعتها رديئة وغير مقروءة. فلما علِم بذلك أصابه غمّ شديد، وقال: إن حكيم محمد شريف من أصدقائنا وهو مصاب بداء في القلب، فلربما أصابه القلق الكثير جراء فقدان هذا الفص، وأخشى أن يؤدي ذلك إلى تفاقم مرضه. وقال عن أوراق البراهين الأحمدية: إنها طباعة رديئة، وهذا يعني أن طباعة الكتاب سيئة جدًّا ولن يحفل الناس بقراءته على هذا الشكل، وليس لدينا نقود لنطلب طباعته مرة ثانية. باختصار، توجه حضرته إلى «بطاله» مشيًا على الأقدام، فرافقته أنا وشخصان آخران موجودان هناك. فلما وصلنا إلى تكية «ديوانيوال» أمر حضرته بإقامة الصلاة، وقال لي حضرته: صلّ بنا يا رحيم بخش! فصليت إماما لهم صلاة الظهر والعصر جمعًا، وبعد ذلك فارَقَنَا الشخصان اللذان رافقانا أما حضرته وأنا فركبنا القطار من «بطالة» ووصلنا إلى «أمرتسر». فلما وصلنا إلى بيت السيد حكيم قال فرِحًا مسرورًا: كان فص خاتمك قد ضاع، ولكني وجدتُه للتوّ. ثم لما ذهب إلى المطبعة ورأى الكتاب وجد أنه يُطبَع طباعة جيدة، فقال: لقد بشّرَنا الله تعالى سلفًا بأنه سينجينا من الغم، فهذا هو ذلك الغم.

ثم قال لي حضرته: تعال يا رحيم بخش نذهب للنـزهة في حديقة «رام باغ». فسألته أثناء النـزهة خارج المدينة: هل يقوم أولياء الله أيضا بالتنـزه في الحدائق؟ أفلا يقضون ليلهم ونهارهم في العبادة؟ قال حضرته: نزهة الحديقة ليست ممنوعة. ثم سرد لي حكاية أحد الصلحاء بأنه ظل منشغلا في العبادة طوال حياته، فلما بلغ آخر عمره خطر بباله أن يترك أعمالا حسنة وراءه فعزم على تأليف كتاب. ولكنه لما جلس لتأليفه لم يستطع أن يضرب مثالا للحسنة والسيئة والجزاء والعقاب وغيرها لتفهيم الناس لأنه لم ير من الدنيا شيئًا، فاضطرّ إلى التجوال في الدنيا والنظر فيها، وقد حضر المهرجانات الدنيوية أيضا. ثم قال مبتسمًا: يا سيد رحيم بخش! لقد ضربت أنا أيضا مَثَلَ الوردة في البراهين الأحمدية.

أقول: يبدو أن هذا الحدث من عام 1882 أو 1883 أو 1884، لأن هذا هو زمن طباعة البراهين الأحمدية. ولكن ما يدهشني هو أن هذه الرواية تقول أنه وقع في زمن إعداد فص خاتم «أليس الله بكاف عبده» أيضا، في حين أنه يتضح من كتابات حضرته (وإن لم يكن الأمر موضحًا بصراحة تامة) أنه وقع لما توفي جدّنا؛ إذ قبل وفاته تلقى حضرته هذا الوحي وطلب حضرته في ذلك الوقت نفسه إعداد هذا الخاتم. فإما أن ما يتعلق بإعداد فص الخاتم في هذه الرواية هو حدث منفصل، أو ربما طلب حضرته إعداد هذا الفص مرتين، أو قد يكون الإعداد الأول لهذا الفص قد تمّ في زمن طباعة البراهين الأحمدية. أي أنه كان قد تلقى هذا الوحي في 1876 عند وفاة جدنا إلا أنه طلب صنع هذا الخاتم بعد بضع سنوات. وإذا سلّمنا بصحة هذه الرواية فإن الصورة الأخيرة تبدو أصوب، والله أعلم.

454- هيبة المسيح الموعود وحفاظة الله تعالى لحضرته

بسم الله الرحمن الرحيم. روى القاضي محمد يوسف البيشاوري خطيًّا قال: سمعت الخواجه كمال الدين يقول: لقد سافر حضرته مرة إلى غورداسبور عَبْرَ بطالة خلال متابعته لقضية مرفوعة من قبل المولوي كرم دين بهين، وكان الخواجه كمال الدين والمولوي محمد أحسن يركبان معه عربته، أما الآخرون فكانوا خلفه في العربات الأخرى. اتفق أن تأخرت العربات الأخرى وبقيت عربة حضرته وحيدة، وكان الوقت ليلا والسماء غائمةً والظلام مخيمًا على المكان. فلما تقدمت العربة من منطقة «وداله» إلى ناحية «بطاله» اعترضها في الطريق بعض قطاع الطرق وهم مسلحون بالسواطير والسكاكين وأحاطوا بعربة حضرته، ثم أخذ كل واحد يحرض الآخر على المبادرة بشن الهجمة دون أن يتقدم أحدهم. لقد مضى وقت يسير في كلامهم هذا، ثم خلال ذلك وصلت العربات التي كانت قد تخلفت، فخاف قطاع الطرق ولاذوا بالفرار.

يقول القاضي: كان الخواجه كمال الدين يقول: عندما جاء قطاع الطرق رأيت شعاعًا خاصًّا يخرج من جبهة حضرته فيجعل وجهه منوّرًا.

أقول: كثيرا ما كانت تقع حوادث السرقة والنهب في الطريق ما بين قاديان وبطاله. ولكن كان هذا تصرف خاص من الله تعالى حيث رُعب قطاع الطرق فلم يجرؤْ أحد على التقدم.

يقول القاضي: لقد سمعت هذا من الخواجه كمال الدين في تلك الأيام في بيشاور.

Share via
تابعونا على الفايس بوك