
رُوَيدَك لا تَهْجُ الصحابةَ واحْذَرِ
ولا تَقْفُ كلَّ مزوِّرٍ وتَبَصَّرِ
.
ولا تتخيَّـرْ سبلَ غيٍّ وشقـوةٍ
ولا تلعَنَنْ قومًا أناروا كَنيِّرِ
.
أولئك أهلُ الله فَاخْشَ فِناءَهم
ولا تقدَحَنْ في عِرضهم بتهوُّرِ
.
أولئك حزب الله حُـفَّاظُ دينهِ
وإيذاؤهم إيذاءُ مولًى مُؤثِّرِ
.
تَصدَّوا لدين الله صدقًا وطاعـةً
لكلّ عذابٍ محرِق أو مدمِّرِ
.
وطهَّر وادي العشق بحر قلوبهم
فما الزبدُ والغُـثاء بعدَ التطهُّرِ
.
وجاءوا نبيَّ الله صدقا فنوّروا
ولم يبقَ أثرٌ مِن ظلامِ مُكدِّرِ
.
بأجنحة الأشـواق طاروا إطاعةً
وصاروا جوارحَ للنبيّ الموقَّرِ
.
ونحن وأنتم في البساتين نرتَـعُ
وهمْ حضروا ميدانَ قتلٍ كمَحشَرِ
.
وتركوا هوى الأوطان لله خالصًا
وجاءوا الرسولَ كعاشق متخَيِّرِ
.
على الضعف صوّالون مِن قوة الهدى
على الجرح سلّالون سيفَ التشذُّرِ
.
أتكـفر خلفاءَ النـبيّ تجاسرًا
أتلعَنُ مَن هو مثـلُ بدرٍ منوَّرِ
.
وإن كنتَ قد ساءتْك أمرُ خلافةٍ
فحارِبْ مَلِيكًا اجتباهم كمُشتري
.
فبإذنه قد وَقَعَ ما كان وَاقـعًا
فلا تَبْكِ بعد ظهور قَدَرٍ مقدَّرِ
.
وما استخلفَ اللهُ العليمُ كذاهلٍ
وما كان ربُّ الكائناتِ كمُهْتَرِ
.
وقُضِيتْ أمورُ خلافةٍ موعـودةٍ
وفي ذاك آياتٌ لقـلبٍ مفكِّرِ
.
وإني أرى الصدّيقَ كالشمس في الضحى
مـآثرُه مقبولةٌ عنـدَ هوجرِ
.
وكان لذات المصطفى مثلَ ظلِّهِ
ومهما أشار المصطفى قام كالجَرِي
.
وأَعطى لنصر الدين أموالَ بيتهِ
جميعًا سِوى الشيء الحقير المحقَّرِ
.
ولـمَّا دعـاه نبيُّـنا لرفـاقةٍ
على الموت أقبلَ شائقا غيرَ مُدبِرِ
.
وليس محـلَّ الطعن حسنُ صفاتهِ
وإن كنتَ قد أزمعتَ جَورًا فعَيِّرِ
.
أبادَ هوى الدنيا لإحـياء دينهِ
وجاء رسولَ الله مِن كلّ مَعبَرِ
.
عليك بصُحف الله يا طالبَ الهدى
لتنظُرَ أوصاف العتيـق المطهَّرِ
.
وما إِنْ أرى واللهِ في الصحب كلهمْ
كمثل أبي بكرٍ بقلبٍ معطَّـرِ
.
تخيّرَه الأصحاب طوعًا لفضلهِ
وللبحر سلطانٌ على كلّ جعفرِ
.
ويثني على الصـدّيق ربٌّ مهيمنٌ
فما أنت يا مسكين إن كنتَ تزدري
.
له باقيـات صالحات كشارقٍ
له عـينُ آياتٍ لهذا التطـهُّرِ
.
تَصدَّى لنصر الدين في وقت عسرهِ
تَبـدَّى بغارٍ بالرسول المؤزَّرِ
.
مَكيـنٌ أمين زاهـد عند ربّهِ
مخلِّصُ دينِ الحقّ مِن كلِّ مُهجِرِ
.
ومِن فتن يُخشى على الدين شرُّها
ومِن محنٍ كانت كصخرٍ مكسِّرِ
.
ولو كان هذا الرجل رجلا منافقا
فمَن للنبي المصطفى مِن معزِّرِ
.
أتحسب صدّيقَ المهيـمنِ كافرًا
لقولِ غريقٍ في الضلالة أَكْفَرِ
.
وكان كقـلب الأنبياء جَنانُهُ
وهمّـتُهُ صوّالة كالغضنفرِ
.
أرى نورَ وجه الله في عاداتـهِ
وجلواتِـه كأنه قِـطعُ نَـيِّرِ
.
وإنّ له في حضرة القدس درجةً
فويـلٌ لألسنةٍ حِدادٍ كخنجرِ
.
وخدماتُـه مثلُ البدور منـيرةٌ
وثمراته مثل الجنـا المستكـثَرِ
(سر الخلافة)