ما لكم لا تستحيون ولا تتأمّلون؟
  • طلب التوبة قبل فوات الاوان.
  • إنكار الحق بسبب التكبر واالغطرسة.
  • وعد الله المسيح الموعود ع بالنصرة.

__

فقوموا أيها العباد، قبل يومٍ يسوقكم إلى المعاد، فادعوا ربّكم بصوت رقيق، وزفير وشهيق، وابرزوا بالتوبة إلى الرب الغفور، قبل أن تبرزوا إلى القبور، ولا تلقوا عصا التسيار في أرض الأشرار، ولا تقعدوا إلا مع الأبرار، وكونوا مع الصادقين، وتوبوا مع التوّابين. ولا تيأسوا من روح الله، ولا تمدّوا ظنونكم كالكافرين، ولا تُعرضوا إعراض المتكبّرين، ولا تُصرّوا على الكذب كالأرذلين. ألا ترون إن كنتُ على الحق ولا تقبلونني فكيف مآل المنكرين؟ وإني أفوّض أمري إلى الله.. هو يعلم ما في قلبي وما في قلوبكم.. وإنّا أو إيّاكم لعلى هُدًى أو في ضلال مبين.

وإني أرى أن العِدا لا ينكرونني إلا علوًّا وفسادًا، وإنهم رأوا آياتِ ربّي فما زادوا إلا عنادًا. ألا يرون الحالة الموجودة، والبركات المفقودة؟ أفلا يدعو الزمان بأيديه مصلحا يُصلِح حاله، ويدفع ما ناله؟ أما ظهرت البيّنات، وتجلّت الآيات، وحان أن يؤتى ما فات؟ بل قلوبهم مظلمة، وصدورهم ضيّقة، قوم فِظاظ غِلاظ، خُلُقُهم نار يسعر في الألفاظ، وكلِمُهم تتطاير كالشُّواظ. ما بقي فيهم أثر رقّة، وما مسَّ خدودَهم غُروبُ مسكنة. يكفّرونني وما أدري على ما يكفّرونني، وما قلتُ إلا ما قيل في القرآن، وما قرأت عليهم إلا آيات الرحمان، وما كان حديثٌ  يُفترى، بل واقعة جلاّها الله لأوانها، ويعرفها من يعرف رحمة الرب مع شأنها. وكان الله قد وعد في “البراهين”، الذي هو تأليف هذا المسكين، أن الناس يأتونني أفواجًا وعليّ يجمعون، وإليّ الهدايا يُرسلون، ولا أُترَكُ فردًا بل يسعى إليّ فوج من بعد فوج ويقبلون، وتُفتَح عليّ خزائن مِن أيدي الناس ومما لا يعلمون، وأُعصَم مِن شر الأعداء وما يمكرون، وأُعطَى عمرًا أُكمِّل فيه كلَّ ما أراد الله ولو يستنكف العدا ويكرهون، ويوضع لي قبول في الأرض ويُفديني قوم يهتدون. فتمّ كلُّ ما قال ربي كما أنتم تنظرون. أفسحرٌ هذا أم أنتم لا تبصرون؟ ولو كان هذا الأمر من عند غير الله لما تمّ هذه الأنباء ولهلكتُ كما يهلك المفترون. وترون أن جماعتي في كل عام يتزايدون. وما ترك الأعداء دقيقة في إطفاء نور الله، فتمّ نور الله وهم يفزعون. فانسابوا إلى جحورهم وما تركوا الغِلّ وهم يعلمون. أهذا مِن عند غير الله؟ ما لكم لا تستحيون ولا تتأمّلون؟ أتحاربون الله بأسلحة منكسرة وأيدٍ مغلولة؟ ويل لكم ولما تفعلون. أهذا فعلُ مفترٍ كذّاب أو مثل ذلك أُيِّدَ الكاذبون؟ أهذه الكلم مِن كذّاب؟ ما لكم لا تتقون؟ ألا تُرَدّون إلى الله أو تُتركون فيما تشتهون؟ وكلّما أوقدوا نارًا أطفأها الله ثم لا يتدبّرون.

(كتاب تذكرة الشهادتين)

Share via
تابعونا على الفايس بوك