ما أغنى عنكم جمعكم
  • سنن اليهود والنصارى في تعاملهم مع الدين واتباع المسلمين لهم.

__

لقد تنبأ خاتم النبيين محمد بالكثير الذى تحقق في زماننا هذا. وإخبار الرسول الأعظم بهذه الأخبار المستقبلية- إنما هو من كمال الدين، فهو الذي أكمل الرسالة وأدى الأمانة، ونصح الأمة وتركها على المحجة البيضاء، لا يزيغ عنها إلا هالك!

ومن ضمن هذه الأخبار التى صاغها بعبارات بليغة – اتباع الأمة لسنن اليهود والنصارى في كل شيئ مهما كبر أو صغر وهو ما عبر عنه بـ شبرا بشبر وذراعا بذراع!

إذ يقول : “لتتبعن سنن من قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو سلكوا جحر ضب لسلكتموه. قلنا: يا رسول الله اليهود والنصـارى؟ قـال: فمن؟!”

أما اليهود والنصارى- فقد ذكرهما الرسول الأكرم وذلك لبيان اقتفاء المسلمين لأثرهم في تعاملهم مع الدين، إلى حد أنهم لن يتركوا شيئا كبر أو صغر إلا وسلكوا بشأنه نفس مسلكهم ولو كان هذا المسلك في أخبث الأشياء وأشنعها، وهو ما عبّر عنه بجحر الضب!

أما أبرز سنن اليهود والنصارى في تعاملهم مع الدين فهي ما يلي:

  1. الفهم الخاطئ للكثير مما فيه، حتى تراكمت المفاهيم الخاطئة عندهم فأصبـحت عقيـدة راسخة.
  2. التفسير الحرفي لكثير من النصوص والنبوءات، وعدم إدراك ما فيها من رموز تكتشف حقيقتها على مـر العـصور، وبما يناسـب إدراك المعاصرين.
  3. تكذيب الأنبياء والسخرية منهم. وهذه من أشنع السنن وأخبثها والتي نتجت عن الفهم الخاطئ، والتفسير الحرفي لكثير من النصوص التي يجب ألا تفهم حرفيا وإلا ما تحقق شرط الإيمان والتمحيص.

ومن ينكر أن الأمة قد حذت حذو اليهود والنصارى في الأمور الثلاثة أعلاه – إنما ينكر على الرسول الأعظم قوله عن اتباع الأمة لهم بـ شبرا بشبر وذراعا بذراع.. فيقع في الزيغ المهلك الذى يضمّه إلى غثاء السيل في آخر الزمان.

فبالفعل، لقد اتبع السواد الأعظم من المسلمين سنن اليهود والنصارى، ويتجلى ذلك الاتباع في الآتي:

  1. في فهمهم الخاطئ لكثير مما في الإسلام، ولكن لأن القرآن الكريم هو الكتاب الوحيد الذى تعهّد الله بحفظه من التحريف – فإنهم قد صدّقوا ما في كتب التراث من روايات مدسوسة ومحرّفة، كما صدق اليهود والنصارى ما في كتبهم من عقائد فاسدة!
  2. في تبنيّهـم لحرفيّة النـبوءات والأخـبار المستقبلية، ومن أهمها إيمانهم بحياة بشر بالجسد في السماء ثم نزوله آخر الزمان!
  3. في تكذيب الأنبياء، ويتضح ذلك فيما يلى:

* كذّب اليهود المسيح لأنهم كانوا ينتظرون ملكا حاكما، كما كانوا ينتظرون نزول إيليّا من السماء أولا كعلامة على صدق النبي بعده. ولكن لما جاء المسيح محكوما وليس حاكما- ولما أخبرهم بأن المقصود بنـزول إيليا هو بعثة يوحنا (يحيى )- لم يصدقوه. وكادوا له حتى أردوا صلبه ليكون ملعونا بقتله على الصليب!

وكذّب اليهود والنصارى سيدنا محمد ، وذلك لأنهم فهموا خطأ بسبب عنصريتهم واستعلائهم- أن العهد الأبدي بين الله وإبراهيم كان لنسله من إسحاق ابن سارة، بينما الحق أنه كان لنسله من إسماعيل ابن هاجر، ولما جاء خاتم الأنبياء محمد عربيا وليس إسرائيليا، وما أدراك ما العربي في ثقافة الاسرائيلي- كذّبوه لأنه ليس من بني إسرائيل، ولكنه عربي من نسل (الجارية)!

وبما أن رسولنا الكريم قد أخبر عن اتباع أمته اليهود والنصارى شبرا بشبر وذراعا بذراع – فلا بد من تحقق ذلك في هذا الشأن، فاتبعت أمته هذه السنّة الخبيثة من سنن اليهود والنصارى، فكذّبوا حضرة ميرزا غلام أحمد، خادم خاتم الأنبياء محمد الذي أعلن بأنه نبي من فيض النبوّة المحمدية التي ختم بها الوحي التشريعي ولم يبق منها إلا وحي المبشرات. فأعلن أنه المسيح الموعود والإمام المهدي الذي بشّر بقدومه خاتَمُ الأنبياء سيدُنا محمد . فكذّبوه مرتين ليحذوا بذلك حذو الاثنين، فالأولى: كذّبوه لأنه أعلن بأنه المسيح الموعود، وذلك لأنهم فسروا رفع المسيح في القرآن الكريم على أنه رفع بالجسد المادي، كما فسروا النـزول في الأحاديث على أنه نزول بذات الجسد. بينما الحق أن المقصود بالرفع هو رفع مكانته بإنقاذه من الصلب لنفي اللعنة التي أراد اليهود إلحاقها به، أما النـزول فهو بعثة مسيح من أمة خاتم النبيين ليكون حكما عدلا وليس حاكما بالسيف. فحذوا بتفسيرهم الحرفي للرفع والنـزول حذو اليهود الذين كذّبوا المسيح لأنهم ينتظرون إيليا أن ينـزل من السماء، وكذلك حذوا النصارى الذين يقولون بحياة المسيح في السماء!

أما الثانية: فقد كذّبوه لأنه أعلن أنه الإمام المهدي، فاتبعوا بذلك اليهود والنصارى في عنصريّتهم واستعلائهم. فقالوا أن المهدي لابد أن يكون عربيا وليس أعجميًّا، فلما جاء هنديّ من أصل فارسي، وما أدراك ما الهندي في ثقافة العربى- كذّبوه لأنه ليس عربيا.

* اتبع المسلمون اليهود والنصارى في التكذيب والتشكيك بأدلة صدق الأنبياء، فرغم أدلّة صدق حضرة ميرزا غلام أحمد – ولا مجال في هذا المقال لذكرها ومن أراد فليرجع الى موقع الجماعة الاسلامية الأحمدية بعد أن ينقي قلبه من أدران الكبر وسوء الظن- فإن الأمة قد عمت عنها وسخرت منها كما فعل اليهود بتكذيب بيّنات المسيح وكما فعل اليهود والنصارى بتـكذيب آيات صدق خاتم النبيين سيدنا محمد ، إلى حد أن عموا تماما عن معجزة القرآن الخالدة إلى أبد الدهر، فلم يروا ما فيه من إعجاز لا يغفل عنه إلا الهالكون.

* أيّد الله سبحانه وتعالى سيدنا محمدًا بالقرآن الكريم الذى صحح الكثير من المفاهيم الخاطئة، ومنها العقائد الفاسدة عن صلب المسيح وألوهيته.. فقالت اليهود والنصارى كيف يأتي أحد وينفي صلب المسيح بعد حادثة الصلب بكل تلك القرون- وقال النصارى كيف نصدق من أتى بعد موت المسيح ليثنينا عن عقائدنا التي وجدنا عليها آباءنا- واتباعا لليهود والنصارى- تقول الأمة الآن كيف يأتى أحد بعد سيدنا محمد بهذه القرون، ليقول بأن ما وجدنا عليه آباءنا من ناسخ ومنسوخ في القرآن، ومن حياة المسيح في السماء ونزوله آخر الزمان.. هي عقائد فاسدة ما أنزل الله بها من سلطان؟!

* طعن اليهود في سيرة المسيح فقالوا بأنه ملعون ومجدف على الله، فكان هذا الطعن من أدلة صدقه، إذ ما حمله على التعرض للتسمير والتعذيب على الصليب لو كان قد اختار أن يجدف على الله؟!

وطعن اليهود والنصارى في سيرة سيدنا محمد وقالو أنه إرهابي وسفاك للدماء، فكان هذا الطعن من أدلة صدقه، إذ لو كان إرهابيا- فلماذا يدخل الناس الآن في دين الله أفواجا عن طواعية وحب لهذا الدين العظيم.

وعليه، اتبعت الأمة اليهـود والنـصارى، فطعنوا في سيرة الإمام المهدي وقالوا بأنه صنيعة الاستعمار وأداته لالغاء الجهاد، فكان أيضا هذا الطعن من أدلة صدقه، إذ هل يصنع الاستعمار المسيحي من يقول لهم إن ربكم قد مات وها هو قبره؟! وهل يلغي الإمام المهدى الجهاد وهو من يقول بأنه لا ناسخ ولا منسوخ في القرآن؟!

فلم يجدف المسيح على الله كما قالت اليهود، ولم يكن خير البشر وسيد الرسل إرهابيا كما قالت النصارى، ولم يكن الإمام المهدى والمسيح والموعود صنيعة الاستعمار كما يشيع باقي المسلمون.

* مثلما تم الطعن في سيرة حياة الأنبياء- تم الطعن في ميتتهم، فقال اليهود إن المسيح  مات على الصليب لأنه ملعون حسبما ورد في شريعتهم (ملعون كل من علق على خشبة) فقالوا لو كان من عند الله لخلّصه الله من هذه الميته التي تلحق اللعنة بصاحبها. وكان حرّي بالنصارى ألا يصدقوا موته على الصليب لأنه من عند الله، واعتبار نجاته التي أخبر بها محمد – آية من آيات صدقه!

وبالمثل طعن النصارى في موت سيدنا محمد ، فقالو أنه مات مسموما بالشاة المسمومة، لأنه نبي كاذب فكانت نهايته القتل! فكان في طعنهم هذا دليلا على صدقه لا يخفى على أولي الألباب، فمن ذا الذي يمكن أن يعيش بالسم القاتل في حينه- أربع سنوات إلا من عصمه الله من الناس فلم يحن أجله إلا بعد أن أكمل الرسالة وأدى الأمانة، فكان زعمهم أنه مات بالسم هراء وغباء!

واستكـمالا لاتباع المسلمين لسنن اليهود والنصـارى – طـعن المسلمون أيضا في ميتة الإمام المهدي وقلبوا ضده حادثة الطاعون فقالوا أنه مات شر ميتة بالطاعون، رغم أن من آيات صدقه أنه قد تنبأ به قبل حدوثه وعصمه الله وأتباعه من الموت بسببه، بينما مات به الآخرون!

فلم يمت المسيح بالصلب كما قالت اليهود، ولم يمت خير البشر وسيد الرسل بالسم كما قالت النصارى، ولم يمت خادمه بالطاعون كما قال عامة السنة، الذين اتبعوا اليهود والنصارى شبرا بشبر وذراعا بذراع، وصدق نبيّنا الكريم الذى لا ينطق عن الهوى!

وليس ذلك بعجيب، فسـمة الأكـثرين التكذيب” وما كان أكثرهم بمؤمنين”، حيث يجد الشيطان فيهم مرتعا للغواية، فيحثهم على اتباع إبليس أول من سنّ الكبر ورفض الأنبياء حين استكبر وأبى الخضوع لأول خليفة لله في الأرض!

والحق أن أكمل النبيين وخاتمهم سيدنا محمد – حجة على كل الأمم، فهو حجة على اليهود الذين آمنوا بموسى وكذّبوا من بعده، وحجة على النصارى الذين كذبوا بمحمد ولم يعترفوا بنبوءات كتابهم المقدس عنه،  فكان تكذيبهم له كتكذيب اليهود للمسيح ، فلو اعترف اليهود بنبوءات التوراة عن المسيح لآمنوا به، ولو اعترف اليهود والنصارى بنبوءات التوراة والإنجيل عن محمد لآمنوا به، وكذلك لو تدبر المسلمون في آيات القرآن الكريم وفي نبوءات خاتم النبيين عن آخر الزمان- لآمنوا بحضرة ميرزا غلام أحمد إماما مهديا ومسيحا موعودًا. أما وأنهم قد اتبعوا سنن اليهود والنصارى شبرا بشبر وذراعا بذراع- فقد وصلوا مثلهم الى جحر الضب!

فصدق نبيّنا الكريم، وكذبت الأمة إلا من رحم الله- خادمه الإمام المهدى والمسيح الموعود، واتبعت الرعية سادتهم وكبراءهم من علماء آخر الزمان الذين أجمعوا على تكفير من آمنوا به، وأقسموا ألا ينالهم الله برحمة. وتواصل بذلك تحقق نبوءات الرسول الأعظم عن آخر الزمان، فأصبح المسلمون غثاء كغثاء السيل، ومساجدهـم عـامرة وهى خراب من الهدى، وعلماؤهم شر من تحت أديم السماء من عندهم تخرج الفتنة وفيهم تعود.

فطوبى للأحمديين غرباء آخر الزمان. أما الذين أجمعوا على تكفيرهم وأقسموا ألا ينالهم الله برحمة- (ما أغنى عنكم جمعكم وما كنتم تستكبرون)!

Share via
تابعونا على الفايس بوك