مؤتمر ليس كالمؤتمرات

مؤتمر ليس كالمؤتمرات

التحرير

خيمة شاسعة شامخة شموخ الطود العظيم في عليائها وهيبتها.. جموع غفيرة من كل الألوان والأجناس.. رايات خفاقة لشتى الأقطار تتراص أعمدتها على جنبات المكان.. هذه صورة إجمالية مبسطة للمؤتمر الإسلامي العالمي السنوي الذي تعقده جماعتنا كل سنة حيث يقيم خليفتنا المفدى وحيث استقر به المقام في قيادة وتسيير أمور الدعوة المباركة. أخي القارئ إن لقاءات الناس و اجتماعاتهم في عصرنا لا تخلو من غايات وأهداف وأمانٍ.. وتختلف المقاصد و النوايا من مؤتمر إلى آخر وذلك لما يحمله رواده من أفكار وطموحات وما يصبو إليه مؤتمروه. ولا يختلف اثنان في أن عصرنا هذا سيطرت فيه النوازع والحوافز المادية على علاقاتنا الإنسانية حتى أصبح الحافز الأساسي للارتباط والاجتماع تحقيقاً وترسيخاً لرؤى مادية دنيوية بحتة حتى لو أضر ذلك بالإنسانية أو كان وبالا على مقدراتها وأمنها..

وبفضل الله تعالى المؤتمر السنوي الذي تعقده الجماعة الإسلامية الأحمدية العالمية ليس كباقي المؤتمرات الدنيوية ذات الحافز المادي أو السياسي لأن هذا المؤتمر المبارك له من الأبعاد الروحية والاجتماعية والثقافية ما فيه الخير للبشرية الضالة و المعذبة. حيث تجتمع فيه جموع المؤمنين من أبناء الجماعة الكرام المنتشرين على الخارطة العالمية للتعارف والتحابب والتباحث في سبل رفعة الدين الحنيف وجعل راية الإسلام خفاقة فوق كل الرايات. وحيث إن قصد دعوة الأحمدية هو إحلال سيادة سيدنا محمد المصطفى في كل الدنيا. فإن مؤتمرنا السنوي هذا لا يتقيد ببلد محدد لا بالشرق ولا بالغرب. ولا يغيبن عن بال أحد ممن لا يعرفون جماعتنا ودعوتنا أو ممن غرّر بهم الخصوم بفعل دعاية ماكرة أن يعلموا أننا لا نحمل صبغة طائفية أو عشائرية محلية، كما يُلمزون و يُشهرون في اتهاماتهم. ولعل ما يجعل هولاء في حيرة و فزعة هو تحقق تلك الوعود الربانية والنبوءات المجيدة التي أنبأ الله بها سيدنا الإمام المهدي : أنه سيُعلي ذكره في العالمين و ينشر دعوته إلى أقصى أطراف الأرض. إذ غفل هؤلاء حقيقة أن جماعة المؤمنين التي ينشئها المبعوث والمأمور الإلهي غير مقيدة بأي مكان، فأينما أراد الله أن تتواجد فيكون ذلك أمرا مفعولا. و بالفعل صدق الله وعده وخيب آمال المكذبين حينما دخلت إلى دعوة الأحمدية جموع من كل الأجناس واخضرت الأرض بفكرها التجديدي الرباني الموعود ولم يعد في أيدي خصومها غير الحسرة. وحيثما ولّوا أنظارهم في مختلف القارات رأوا وسمعوا عن أخبار رقي الجماعة والتي من أبرزها تشييد بيوت لله ومنارات عالية تصدح بالتكبير فيعمرها أبناؤها في أمن وإيمان بعدما مَنّ الله عليهم بتلبية دعوة خادم دين المصطفى سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود وتمسُّكهم بنعمة الخلافة الراشدة الثانية.

وعلى هذا الأساس يبقى المؤتمر السنوي العالمي للجماعة الإسلامية الأحمدية المنعقد كل سنة حدثا فريدا كونه يبشر بطلوع فجر الإسلام وسطوع شمسه عن قريب.

أيها القارئ الكريم إن معايشة أحداث الاجتماع السنوي العالمي تُكسبك إحساساً بنفحة روحانية تستنشق من خلالها نسيما قدسيا يفوح بين ثناياه معاني الأخوة الإسلامية الحقة وبشائر التمسك بحبل الله، حيث نلتقي بثُلة من إخوان لنا تعرّفنا عليهم منذ أمد مديد وثُلة من إخوان جُدد من كل الألوان والأجناس وهم يحملون معهم تحاربهم الإيمانية والروحية وأخبار نجاحاتهم في تبليغ وتمكين الإسلام فتزداد أواصر المحبة في الله بين جمع المؤمنين وهم كلهم وحدة وانتظام وطاعة و التزام وشغف لرؤية الخليفة نصره الله والاستفادة من خطبه وتوجيهاته النورانية.

كما أن هذا المؤتمر جوانب تثقيفية حيث يلقي فيه ثلة من أبناء الجماعة النوابغ خطابات تتناول أمور العقيدة و تبين

المعارف الإسلامية الحقة وكيفيات النهوض بالإنسانية كي تصل إلى السكينة القلبية والروحية التي تفتقدها إلى جانب موضوعات هامة لها ما يخقق ويمن صلة الإنسان بخالقه ويوصل البشرية إلى السلام الداخلي الذي هو مفتاح التخلص

من كل العلل التي يغرق فيها عالمنا المعاصر ولا يجد لها حلا.

ولا تنسي الجماعة في ثنايا هذا المؤتمر أن تعقد مجلس الشورى العالمي الذي يترأسه حضرة أمير المؤمنين – أيده الله –

في جلسة تتناول مناقشة الأساليب الناجعة لتجاوز العقبات التي تعترض سبيل الدعوة إلى الله في شتى البقاع، والخطط الهادفة لبناء المساجد، وترجمة القرآن الكريم بلغات عالمية جديدة وغيرها الكثير من المشاريع الخيرية الهادفة لإرضاء الله .

وفي واقع الأمر لا يمكن للمسلم الأحمدي الذي يدرك ماهية هذه النعمة إلا أن يطمئن باله على مستقبل غلبة الإسلام عن طريق هذا النظام الفريد من نوعه الذي تتميز به الجماعة الإسلامية الأحمدية دون سواها بفضل الله ورحمته خصوصا وأن سيدنا الإمام المهدي هو من سن بأمر من رب السماء هذا النظام الرباني مثابة للمؤمنين ترتقي فيه روحانياتهم فتتجلى عليهم قدرة الله تعالی ببشائر وأنوار قدسية فياضة ولعل السر الكامن وراء تلك النفحة الروحانية التي نستشعرها و يستشعرها حتى من يتابع أحداث هذا الاجتماع العالمي عبر الفضائية الإسلامية الأحمدية هي تلك الرعاية الإثية التي تغطي المكان الذي يضم عشرات الآلاف من المؤمنين حيث تفشي المكان السكينة والطمأنينة ، كما أن المشهد البيعة العالمية صبغة روحانية فريدة من نوعها في أحداثها و مشاهدها حيث تردد صيغة البيعة وراء أمير المؤمنين – أيده الله – بمختلف اللغات بصوت هادر صادر عن آلاف الحاضرين و المبايعين الجدد، وفي واقع الأمر لا نجد وصفا أكمل وأشمل الخيرات و مزايا هذا المؤتمر من ذلك الذي بينه خير خلق الله سيدنا محمد المصطفی :”ما جلس قوم لا يذكرون الله فيه إلا حفتهم الملائكة وتغشتهم الرحمة و تنزلت عليهم السكينة وذكرهم الله فيمن عنده”.

وعلى هذا الأساس يبقى المؤتمر السنوي العالمي للجماعة الإسلامية الأحمدية المنعقد كل سنة حدثا فريدا كونه يبشر بطلوع فجر الإسلام وسطوع شمسه عن قريب. ولعل الأجيال اللاحقة سترى دون شك هذا السطوع العظيم لشمس الأحمدية على وجه البسيطة حيث تتم تلك السيادة المجيدة للإسلام إلى الأبد.. لذلك يبقی مؤتمرنا هذا مؤتمرا مختلفا عن المؤتمرات العادية الدنيوية الأخرى، وأما بنعمة ربك فحدث، ألا إن الفضل كل الفضل لله عز وجل. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

Share via
تابعونا على الفايس بوك