أرى ظلماتٍ ليتني مِتُّ قبلها
وذقتُ كؤوس الموت لولا أُنوَّرُ
>
فساد كـطوفان مبـيد وإنني
أراه كموج البحر أو هو أكثَرُ
.
أرى كلَّ مفتون على الموت
مُشرِفًا وكل ضعيف لا محالة يعـثُرُ
.
فيا ربِّ أَصْلِحْ حالَ أُمّةَ سيدي
وعندك هَيِّـنٌ عندنا متـعسِّرُ
.
إلهي أَغِثْنا واسْقِنا واحْمِ عِرْضَنا
بسلطانك الأجلى وإنك أقدَرُ
.
تعاليتَ يا مَن لا تُحاطُ كمالُهُ
لك الحمد حمدًا ليس يُحصى ويُحصَرُ
.
تَصدَّقْ بألطاف كما أنت أهلُها
وأَدْرِكْ عبادًا لك كما أنت أقدَرُ
.
أتيتُك مسكينًا وعونُك أعـظَمُ
وجئتُك عطشانًا وبحرُك أَزخَرُ
.
قد اندرستْ آثارُ دينِ مـحمدٍ
فأشكو إليك وأنتَ تبني وتَعمُرُ
.
أرى كل محجوب لدنياه باكيا
فمن ذا الذي يبكي لدينٍ يُحقَّرُ
.
فيا ناصِرَ الإسلام يا ربَّ أحمدا
أَغِـثْـني بتأييد فإني مُـدْخَرُ
.
وأنت المهيمنُ مرجعُ الخَلق كلِّهم
وأنتَ الحفيظ تعينني وتُعـزِّرُ
.
وما غيرُ بابِ الرب إلا مذلّـة
وما غيرُ نورِ الرب إلا تكَـدُّرُ
.
وعُلِّمتُ منك حقائق الدين والهدى
وتهدي بفضلك من ترى وتُنوِّرُ
.
فسلَّمتُ بعد الاهتداء بفـضله
سلامَ الوداع على الذي يستنكِرُ
.
وإن إمامـي سيد الرسل أحمدُ
رضيناه متـبوعا وربّيَ ينـظُرُ
.
ولا شك أن محمدا شمس الهدى
إلـيه رغِبْـنا مؤمنين فنشكُرُ
.
له درجات فوق كـل مدارجٍ
له لـمعـاتٌ لا يليـها تصوُّرُ
.
أَبَعْدَ نبيِّ الله شـيءٌ يـرُوقني
أبعـدَ رسول الله وجـهٌ مُنوَّرُ
.
عليك سلامُ الله يا مَرْجَعَ الورى
لكل ظـلامٍ نورُ وجهـك نيِّرُ
.
ويـحمدك الله الوحيد وجندُه
ويُثني عليك الصبحُ إذ هو يَجشُرُ
.
مدحتُ إمـامَ الأنبيـاء وإنـه
لأرفَعُ مِن مدحي وأعلى وأكبرُ
.
دَعُوا كلَّ فخر للنبي مـحـمد
أمامَ جلالةِ شأنه الشمسُ أحقَرُ
.
وصلُّوا عليه وسلِّموا أيها الورى
وذَرُوا له طُرقَ التشاجر تُؤْجَروا
.
ووالله إنـي قد تبِعتُ محمدًا
وفي كـل آن مِن سناه أُنوَّرُ
.
وفَوَّضَني ربي إلى روضِ فيضه
وإني به أجـنِي الجَنى وأُنَضَّرُ
.
ورثتُ علوم المصطفى فأخذتُها
وكيـف أردّ عطاء ربي وأفجُرُ
.
وكيف وللإسلام قمتُ صبابةً
وأبـكي لـه ليلا نهارا وأضجَرُ
.
وعندي دموع قد طلَعْنَ المآقِيا
وعنـدي صراخٌ مثلُ نارٍ مُسَعَّرُ
.
تضوّعَ إيماني كـمسكٍ خالصٍ
وقلبي من التوحيد بيتٌ مُعطَّرُ
(حمامة البشرى، الخزائن الروحانية، ج7 ص 328-332)