توبوا  يا  عرب
  • تبديل الإيمان بالعصيان
  • مخالفات بالجملة لأوامر رسوال الله صلى الله عليه وسلم
  • كيف يصور الله التصرف النبوي تجاه فساد الحكام؟
  • فتوى علماء السوء وزيادة معيار الفساد
  • المنهج السليم في مقابل فساد التجارب

__

إلى كل من يؤمن بالثورة على الحاكم المستبد، تلك الثورة التي تتساقط فيها الدماء، ويُحسب أن من مات في سبيلها من الشهداء، ويتفرق بعدها الشعب ويتفشى بين أطيافه العداء:

قد يكون مكتوبا في هويتكم مسلمون، وقد تحسبون أنفسكم حُماة الدين وحراس العقيدة، وقد تتوهمون بأنكم مادمتم ثوار فإنكم أحرار، أصحاب كرامة وقرار، لا تقبلون الدنية.. إلى آخر كل هذه النعرات العنترية..

ولكن، هل حقا أنتم مؤمنون؟! وهل تحقق لكم الثورات الكرامة؟!

تأملوا في حالكم قبل أن تجيبوا لعلكم تتوبون، وإلا كفاكم أن تقولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم!

فماذا صنعتم من يوم الجمعة، هذا اليوم الذي قال عنه رسول الله  خير يوم طلعت عليه الشمس.. ها أنتم قد جعلتموه يوم شر على بلادكم.. هذا اليوم الذي أمرتم فيه بقول الحق عز وجل:

فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللهِ وَاذْكُرُوا الله كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ،

فإذا بكم إذا قضيتم صلاتكم تنتشرون في الأرض يضرب بعضكم رقاب بعض، وبدلا من ذكر الله ورفع أكفكم إليه بالدعاء، فإنكم ترفعون عقيرتكم بالشتائم والهتافات في مظاهرات ومليونيات!

ماذا تفعلون وقت الفتنة؟! هذا الوقت الذي لا يُؤمَن فيه العواقب وتشتعل فيه الخلافات والذي أمركم فيه رسول الله بأن تكسروا قِسِيَّكُمْ، وتقطعوا أوتاركم وتلزموا أجواف بيوتكم.. وتكونوا كَالْخَيِّرِ مِنِ ابْنَيْ آدَمَ؟!

فإذا بكم إذا قضيتم صلاتكم تنتشروا في الأرض لتضربوا رقاب بعضكم بعض، وبدلا من ذكر الله ورفع أكفكم إليه بالدعاء، فإنكم ترفعون عقيرتكم بالشتائم والهتافات في مظاهرات ومليونيات!

ها أنتم تُكسرون كلام النبي، فتخرجون من بيوتكم إلى الشوارع والميادين، وتجذبون أوتار قِسِيَّكُمْ لتنطلق منها السهام، ولا تكونوا كَالْخَيِّرِ مِنِ ابْنَيْ آدَمَ، وإنما كالذي بسط يده إليه ليقتله!

وماذا فعلتم بقول الله عز وجل:

  هو أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا ؟!

أخفضوا رؤوسكم إلى الأرض لتروا دمائكم المسفوكة عليها، وانظروا حولكم لتجدوا ما أحدثتموه فيها من خراب ودمار من جراء ثوراتكم المزعومة، لتعرفوا بأنكم لا تستحقون الاستخلاف فيها!

انظروا إلى كبراءكم وهم  يثورون حرصا على الإمارة التي نهى رسول الله عن طلبها، وقال أنها ندامة يوم القيامة، فإذا بهم يتناحرون من أجل الوصول إليها، ولا مانع عندهم من التحايل أو التخطيط لاغتيال خصومهم من أجل السيطرة عليها!

وانظروا إليهم وهم يستعينون بالثورة فيحشدونكم للتظاهر وإعلان الغضب، وقارنوا بينهم وبين حال موسى مع بني إسرائيل الذين استعانوا بالله على فرعون، الذي علا في الأرض وجعل أهلها شِيَعًا، واستضعف طائفة منهم، وذبح أبناءهم واستحيى نساءهم، وكان من المفسدين.. فلم ينصحهم موسى بالثورة على فرعون، وإنما قال لهم كما ورد في الذكر الحكيم

  اسْتَعِينُوا بِالله وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ  وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ

ولما اشتكوا من طول مكث قهر فرعون وتعذيبه قائلين

  أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا

أصر موسى على أن يلزموا الصبر ورغّبهم فيه فقال

عَسَى رَبُّكُم أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ !

وها هم سحرة فرعون، الذين كانوا في البدء من أنصاره، ولما تبين لهم ظلمه بعدما جاءهم من البينات، لم يثوروا عليه، كما لم يُشجعوه على بغيه ولم يصروا على تأييده كما يفعل الموالون للحكام بعدما يتبين استبدادهم، وإنما قالوا له حين توعدهم

لَن نُّؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَالله خَيْرٌ وَأَبْقَى إِنَّهُ مَن يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَى وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى

وهكذا، لثقتهم بالله واعتزازهم به، قالوا لفرعون افْعَلْ ما شئت! كما قالوا في وجهه – وهو السلطان الجائر- كلمة حق لا تخلوا من اللين، فيها من الترهيب من عاقبة المجرمين، ومن الترغيب في ثواب الآخرة!

وها هي نهاية كل فرعون، وبشارة كل المستضعفين، تلخصها لنا رائعة من روائع آي الذكر الحكيم، إذ يقول الله في محكم التنزيل:

وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَىٰ عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا  وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ !

فهكذا انتقم الله من فرعون وقومه الذين استكبروا، ومَنَّ على بني إسرائيل الذين استضعفوا بالاستخلاف في الأرض جزاءا بما صبروا وعملوا الصالحات، وليس جزاءا بما ثاروا، وعملوا المظاهرات! وصدق الله العظيم إذ يقول:

  نَتْلُوا عَلَيْكَ مِن نَّبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ !

فهل حقا أنتم مؤمنون وقد تركتم كلام الله ورسوله؟ فمنكم مَن انجرف وراء الأفكار التي ليست من الإسلام في شيء، ومنكم من اتبع علماء السوء الذين يسترخصون الدم ويتعَبّدون بالبغض، ويتلونون على كل لون، فقبل اندلاع الثورات كانوا يفتون بعدم جواز الخروج على الحاكم وإن كان مستبدا، أما بعد اندلاعها وبعد أن بانت بشائر سقوط بعض الحكام- أفتوا بالجهاد المزعوم ضد الحاكم إن كان مستبدا، وذلك رغبة منهم في الانقضاض على الحكم، فحاق الويل بالبلاد، ولم يُطعَم العباد من جوع، ولم يأمنوا من خوف!

وما مثل سوريا عنكم ببعيد، هذا البلد الذي كان آمنا، فخرج هؤلاء العلماء على الناس لإثراتهم على حاكمها، ليدخل في زمرة دول ما يسمى بالربيع العربي، فابتلي أهله بالشتات، وتناثرت الجثث كالذبائح، وحلّ به ما حلّ من خراب! ومن قبل سوريا كان العراق، الذي يشتعل بالفتن حتى الآن منذ أكثر من عشر سنوات، وذلك بعد أن أفتوا بالاستعانة على حاكمها بالأمريكان، في الوقت الذي يتشدقون فيه بحرمة موالاة الكافرين! وتفكّروا أنتم في المزيد من البلاد المنكوبة من جراء تلك الثورات المزعومة، التي  زاد علماء السوء في إشعالها بدلا من إخمادها، بهدف اعتلاء الحكم وفقا لأفكارهم المسمومة!

حقا إنهم من هؤلاء الذين حذر منهم رسول الله في نبوءاته بقوله: ويل لأمتي من علماء السوء، ووصفهم بأنهم شر من تحت أديم السماء من عندهم تخرج الفتنة وفيهم تعود!

فهل حققت لكم الثورات مرادكم؟! أم أنكم تحفظون ماء وجوهكم لأنها فشلت في تحقيق رغباتكم، فتقولون إنها لم تكتمل ولا زالت الثورة مستمرة؟!

فكفّوا عن عنادكم، فالحق أن تلك الثورات ليست من الإسلام في شيء، ومَن ابتغى العزة بغير الإسلام أذله الله، وها أنتم قد ابتغيتم العزة به فلم تزدكم إلا ذلا! وصدق الله العظيم إذ يقول:

  وَأَن لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا !

فإن كنتم حقاً مؤمنين، كفوا عن خداع أنفسكم بأن الثورات هى السبيل إلى الكرامة، واستقيموا على طريق الإسلام فاستلهموا الإصلاح من كتاب الله وهَدي الرسول وليس من علماء السوء.

ولا تنخدعوا بالتصفيق لثوراتكم، فعن أي ربيع عربي تتحدثون، وأي نسائم تتنسمون بعد أن تركتم هدى القرآن، فقمتم بالثورة على حكامكم وكتاب الله يخبركم بأن ثورة على فرعون لم تقم!

هذا ولم تنتهوا عما نهاكم الرسول ولم تأخذوا بما أمركم، فلقد نهاكم عن ألا تعودوا بعده كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض، ولكنكم عدتم! ولقد أمركم بأن تكونوا كَالْخَيِّرِ مِنِ ابْنَيْ آدَمَ، ولكنكم كأخيه!

هكذا انتقم الله من فرعون وقومه الذين استكبروا، ومَن على بني إسرائيل الذين استضعفوا بالاستخلاف في الأرض جزاءا بما صبروا وعملوا الصالحات، وليس جزاءا بما ثاروا، وعملوا المظاهرات!

فتوبوا يا عرب، كفاكم غباءا وعنترية جوفاء، وكونوا كَالْخَيِّرِ مِنِ ابْنَيْ آدَمَ وارفعوا الرايات البيضاء حقنا لما تبقى عندكم من دماء.. توبوا من ثوراتكم عسى الله أن يبدلها خيرات، وليكن أول التائبين منكم من اعتلوا الحكم بتلك الثورات..

واستعينوا بالله بالابتهال إليه، ولا تُبخسوا سلاح الدعاء قيمته، فلو أقبلتم حقا على الله لأعزكم، ولو دعوتموه دعاء المضطر في يوم الجمعة لكان خيرا لكم من مظاهراتكم! وبدلا من تضييع أوقاتكم في وقفات ومن التفرّغ للصراعات والنزاعات، سيروا في الأرض وانشغلوا بعمارتها، لعلكم تعودون كما كنتم في الأندلس! واتقوا الله ليجعل لكم مخرجا ولا يُسلط عليكم من لا يخافه ولا يرحمكم، وأصلحوا أنفسكم فكما تكونوا يُولى عليكم! وانصحوا حكامكم، وقولوا لهم قولا لينا، ولا تخشوا في قول الحق لومة لائم، وعبروا عن آرائكم في سياساتهم بما لا يُحدث الفتن والقلاقل..

قوموا بما عليكم، وإن لم تجدوا في حكامكم خيرا فاغسلوا أيديكم منهم، واستعينوا بالله واصبروا، عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض..

توبوا وعودوا إلى الإسلام الذي جاء به خاتم النبيين، والذي عاد به خادمه الأمين حضرة ميرزا غلام أحمد في الزمن الأخير، فهو الإمام المهدي والمسيح الموعود الذي أمر النبي بمبايعته ولو حبوا على الثلج!

تـوبـوا يـا عـرب،

وإلا ويل لكم من شر قد اقترب، أَفْلَحَ مَنْ كَـفَّ يَدَهُ!

Share via
تابعونا على الفايس بوك